التأمين الصحي الشامل يبهر العالم

السبت، 25 يونيو 2022 10:30 م
التأمين الصحي الشامل يبهر العالم
أحمد سامي

 
 
"صحة المصريين علي رأس اولويتنا".. لم تكن مجرد مقولة ترددها الحكومة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإنما تحولت إلي حقيقة واقعة، غيرت الماضي ومحت آثاره السيئة في اذهان المصريين عن مستوي التردي داخل المستشفيات الحكومية، التي تغير حالها لتقديم خدمات صحية حقيقة، ونجحت الدولة من خلال المبادرات الرئاسية في القضاء علي فيروس سي وعلاج كافة المصابين بالمرض في فترة وجيزة، وأيضا القضاء علي قوائم الانتظار في المستشفيات واجراء العمليات العاجلة وزادت تكلفة العلاج علي نفقة الدولة.
 
وجاءت جائحة كورونا لتبقى خير شاهد علي التطور الهائل في المنظومة الصحية وقدرتها علي الصمود في وجه الفيروس اللعين الذي أدي لانهيار المنظومة الصحية بكثير من الدول الأوربية، لكن بفضل خطة سياسية محكمة نجحت مصر في التصدي وتجاوز المحنة وتحويلها إلي منحة دفعت العالم إلي الانبهار بمدي قدرة المنظومة الصحية المصرية علي التصدي واستلهام التجربة المصرية في سرعة التطوير، لاسيما منظومة التأمين الصحي الشامل التي تمثل التغطية الصحية الشاملة لكل المصريين مع نهاية 2030 وفقا لأعلى معايير الجودة العالمية، والتي تعتمد علي  النهوض بالمستشفيات وإعادة تأهيل البنية التحتية، رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يمر بها العالم.
 
وقبل أبام ترأس الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، مساعد وزير الصحة والسكان، المشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، المائدة المستديرة حول الخطوات القادمة لاستكمال طريق إصلاح المنظومة الصحية وتحقيق التغطية الصحية الشاملة في مصر، في ختام جولته للولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة بأعمال منتدى التمويل الصحي السنوي السادس للبنك الدولي، والمنعقد بمقر البنك الدولي في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، بمشاركة مجموعة من الخبراء الدوليين بالبنك الدولي، وعلى رأسهم الدكتور كريستوف كوراوسكى، كبير خبراء البنك الدولي في التمويل الصحي، والدكتور صامويل جاكان، أحد خبراء البنك الدولي، إضافة إلى عدد من الخبراء الدوليين بالبنك الدولي.
 
وتحدث السبكي عما اسماه حلول خارج الصندوق يتم مناقشتها مع البنك الدولي لاستدامة التغطية الصحية الشاملة في مصر، وقال "نتطلع لمشاركة أكبر للقطاع الخاص لتسريع وتيرة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد"، لافتًا إلى أن مصر تحتاج لأكثر من 25 ألف طبيب أسرة، وأنه لابد من إيجاد حلول غير تقليدية لتحفيز الأطباء لهذا التخصص، خاصة وأنه العمود الفقري للخدمات بمنظومة التأمين الصحي الشامل.
 
وأكد السبكى أن نظام التأمين الصحى الشامل يمثل التزام الحكومة المصرية نحو توفير تغطية صحية شاملة لكافة المصريين وضمان حقوقهم في الرعاية الصحية المتكاملة، وكذلك جهودها لتخفيف عبء المرض من على كاهل المرضى وذويهم، وتحمل الدولة لنفقات علاج غير القادرين، واستعادة الهرم الصحي على الوضع السليم، بحيث يكون الاهتمام بشكل أكبر بالرعاية الصحية الأولية، والتي تمثل بوابة الفرد الأولى للحصول على الخدمات الطبية بمنظومة التأمين الصحي الشامل، وتشجيع مناخ الاستثمار في مجال الرعاية الصحية بمصر بما أحدثته المنظومة من نقلة نوعية في نظام الرعاية الصحية بمصر أتاحت فرص استثمارية واعدة بهذا المجال.
 
من جانبه، قال الدكتور كريستوف كوراوسكى، كبير خبراء البنك الدولي في التمويل الصحي، أنه رأى خلال زيارتة للأقصر، إحدى محافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بمصر، حجم إنجاز وتجربة فريدة للتغطية الصحية الشاملة، ومستوى راقي من الخدمات العلاجية، مشيرًا إلى أن التحديات الإقتصادية وموجة التضخم العالمية فرضت مزيد من التحديات لإصلاح النظم الصحية، وتابع: سندعم الخبراء المصريين لوضع خطة شاملة للحفاظ على تقدم مصر في هذا الملف.
 
خدمات منظومة التأمين الصحي الجديدة
 
عملت منظومة التأمين الصحي الجديدة خلال الفترة الماضية علي تقديم جميع الخدمات الطبية للمنتفعين بالمرحلة الأولي بجودة عالية، وبل والعمل علي تطويرها بشكل مستمر، مع قياس رضا المنتفعين عن مستوي الخدمة المقدمة إليهم والتي وصلت لـ98%.
 
وجاءت المبادرات الصحية الرئاسية بمثابة تمهيد الطريق لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، ووفقًا لآخر التقديرات التي تشير إلى انخفاض معدلات الإنفاق الشخصي من جيب المواطن على الصحة من 62,3% لتصل إلى 59%، إضافة إلى زيادة نسبة الإنفاق على الرعاية الصحية الأساسية من 46% إلى أكثر من 55% من إنفاق الدولة على القطاع الصحي.
 
وقدمت هيئة الرعاية الصحية لمنتفعي منظومة التأمين الصحي الجديدة، أكثر من 11 مليون خدمة طبية وعلاجية بمحافظات تشغيل المنظومة "بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية" بجودة عالمية، منها أكثر من 3 مليون خدمة طبيب أسرة، والذي يعد انتصارًا كبيرًا لمنظومة طب الأسرة في مصر باعتبارها العمود الفقري لنظام التأمين الصحي الشامل.
 
وتقدم الخدمات الطبية من خلال 21 مستشفى، وعدد 134 مركز ووحدة طب أسرة، بإجمالي 155 منشأة صحية، بمحافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة فيما بلغ عدد منشآت هيئة الرعاية المسجلة لدى الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية 102منشأة طبية منهم 36 منشأة حاصلة على درجة الاعتماد القومية المعترف بها دوليًا. 
 
 ووضعت هيئة الرعاية الصحية 5 نماذج نمطية لمعايير رفع كفاءة وتطوير وإنشاء تلك المراكز والوحدات لتوحيد كود البناء الخاص بمراكز ووحدات طب الأسرة، إضافة إلى تحديد برنامج وظيفي موحد يغطي كل خدمات الرعاية الصحية الأولية، يطابق معايير ونماذج التأمين الصحي الشامل الجديد، بهدف تسريع وتيرة تطبيق التأمين الصحي الشامل، وامتداده إلى كافة محافظات الجمهورية. 
 
المبادرات الصحية الرئاسية
 
وتبنت الهيئة العامة للرعاية الصحية العديد من المبادرات بجانب المشاركة بالمبادرات الصحية الرئاسية لتوفير مزيد من الرعاية الصحية لمنتفعي التأمين الصحي الشامل الجديد، والتي وصلت إلى تنفيذ أكثر من 35 مبادرة توعوية وصحية، منها "انتي السند للكشف المبكر عن هشاشة العظام، انزل واطمن للفحوصات الطبية الشاملة الدورية، اطمن على ابنك للفحص الطبي الشامل لطلاب المدارس، رمضانك صحة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة بمحافظات التأمين الصحي الشامل".
 
وحرصت الهيئة العامة للرعاية الصحية على تقديم الخدمات الصحية في إطار الحوكمة الإكلينيكية من خلال وضع وتطبيق السياسات والبروتوكولات الطبية وأدلة العمل الإكلينيكية لجميع التخصصات الطبية وتدريب أعضاء المهن الطبية، بما يضمن تأكيد الجودة وسلامة المرضى وضمان الممارسات الطبية المقدمة إليهم ومن بينها خدمات نقل الدم من أجل سد الفجوة بين المتبرعين والمتلقين وضمان السلامة والكفاءة من خلال دليل السياسات والإجراءات الخاص ببنوك الدم من حيث توفير مكان وبيئة ومعدات مناسبة وآمنة، وأن جميع أكياس الدم والأنابيب والوصلات والكواشف والمستلزمات المستخدمة في تخزين أو حفظ أو فحص الدم ومكوناته يجب أن تفي بالمتطلبات المهنية لضمان عملية نقل دم آمنة والتأكيد على أنه لا يقبل الدم إلا من متبرع متطوع بلا مقابل مادي وسليم الجسم ويتمتع بصحة جيدة ومعدل تعرضه للمخاطر منخفض.
 
من جانبها قالت الدكتورة مي فريد معاون وزير المالية للعدالة الاقتصادية ومستشار الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل للشئون الاستراتيجية، أن نظام التأمين الصحي الشامل يمثل التزام الحكومة المصرية نحو توفير تغطية صحية شاملة لكافة المصريين وجهودها لتقليل المدفوعات الصحية من الجيب والإنفاق الصحي الكارثي مع التأكيد على أهمية الرعاية الصحية الأولية، موضحة أن نظام التأمين الصحي الشامل يتم تطبيقه رسميًا في محافظتين وهما بورسعيد والأقصر مع التطبيق التجريبي في محافظة الإسماعيلية حيث يتبع النظام نهجًا تدريجيًا في التنفيذ لما يستلزمه النظام من استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية الصحية.
 
وأضافت فريد أنه تم تخصيص 1.46 مليار جنيه في الخطة الاستثمارية للعام المالي 2021/2022 لرفع كفاءة وحدات الرعاية الأولية وفقًا لمعايير نظام التأمين الصحي الشامل ومن المقرر زيادة تلك المخصصات بحوالي 60% في العام المالي 2022/2023. ولضمان وجود الحيز المالي لتنفيذ تلك الاستثمارات، كما أن نظام التأمين الصحي الشامل ينص على تخصيص بعض الضرائب والرسوم على المنتجات الضارة بالصحة لصالح تمويل النظام والذى يقوم تمويله على طرق تمويل مبتكرة؛ تدمج بين الاشتراكات والموارد الأخرى بصورة تضمن الاستدامة المالية للنظام وقدرته على الوفاء بالتزامات علاج المرضى خاصةً في ضوء حزمة الخدمات الصحية الشاملة التي يغطيها النظام، ومن ثم نجد أن الرسوم والضرائب على السجائر والتبغ بمشتقاته من ضمن موارد النظام حيث شكلت الحصيلة من تلك الضرائب حوالى 35% من موارد النظام في العام المالي 2020/2021.
 
وأكدت الدكتورة مي فريد أن نظام التامين الصحي الشامل جاء ليعالج التفتت في النظام الصحي الذى أعاق دون تحقيق أعلى كفاءة للإنفاق، خاصةً في ضوء ارتفاع المدفوعات الصحية من الجيب وعدم وجود آلية للدعم بين الفئات المختلفة مما أخّل بتوفير حماية مالية للمواطنين ضد الإنفاق الصحي، لافتة أن النظام يستهدف توفير التغطية الصحية الشاملة لكافة المواطنين مع وجود حزمة من الخدمات الصحية شاملة ومنهجية تضمن تقاسم التكاليف وعدم تحمل المريض أية نفقات مرتفعة مع التأكيد على المبدأ التكافلي وتحمل الخزانة العامة للدولة الاشتراكات عن الفئات غير القادرة وإعفائهم من دفع المساهمات مع إعفاء أصحاب الأمراض المزمنة والأورام من دفع المساهمات. 
 
وفصل نظام التأمين الصحى الشامل تمويل الخدمة عن تقديمها وذلك من خلال إنشاء ثلاث هيئات مسؤولة عن النظام وهم: الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل المنوطة بإدارة وتمويل النظام وضمان استدامته المالية وتوفير التغطية الصحية التأمينية للمنتفعين، الهيئة العامة للرعاية الصحية والتى تقدم خدمات الرعاية الصحية والعلاجية بالمنشآت التابعة للدولة، الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية التى تهدف إلى ضمان جودة الخدمات الصحية، والتحسين المستمر لها.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق