الثورة المصرية قضت على مخطط تفتيت وتقسيم الدول العربية

السبت، 02 يوليو 2022 09:00 م
الثورة المصرية قضت على مخطط تفتيت وتقسيم الدول العربية
مصطفى الجمل

الجماعة الإرهابية حاولت اعتلاء ثورات البلاد العربية وإقصاء أصحابها.. بعد فشلهم في تقسيم الجمهوريات توجهوا للبلاد ذات الطبيعة الملكية

لم تستطع جماعة الإخوان الإرهابية أن تصمد أكثر من عام واحد في حكم مصر، وسقطت على يد ثورة شعبية طافت كافة أنحاء البلاد لتلفظ الجماعة التي كادت أن تدخل بالبلاد إلى نفق مظلم لم نكن لنخرج منه إلا برحيلهم.

عمدت الجماعة منذ 25 يناير 2011 إلى تسلق جدار السلطة في مصر وغيرها من البلاد التي تبعتها في الحالة الثورية، على حساب شهداء ومصابي الثورة، وتصدروا المشهد السياسي في مصر وحاولوا إيهام الشعب والدول المتابعة للشأن المصري بأنهم الحل، معتمدين على خطاب إقصائي لكل من هو من خارج شعب الإخوان، مزجوا خلال العامين اللذين تليا ثورة يناير الدين بالسياسة ونصبوا أنفسهم وكلاء لله على عباده وأرضه، وقالوا إنهم سيحكمون باسم الدين وساروا ينشرون شعارهم الرئيسي «الإسلام هو الحل» والإسلام منهم براء.

لا يخفى على أحد أن جماعة الإخوان في مرحلة التأسيس كان اتصالها المباشر بالمخابرات البريطانية على يد حسن البنا عندما أخذ 500 جنيه من مدير شركة قناة السويس في هذا التوقيت الفرنسي المركيز لويس أنطوان ميركيلي الذي جاء إلى مصر عام 1927، وبعدها ذهب حسن البنا إلى الإسماعيلية مقر لويس أنطوان لأخذ الأموال ليبدأ في إنشاء جماعة الإخوان، فكانت المخابرات البريطانية هي التي وراء لويس أنطوان ميركيلي وتوجيهه، حتى أن الـ 500 جنيه التي أخذها حسن البنا لم يتم تصنيفها على أنها هبه من شركة قناة السويس، لأن قناة السويس ليس من اختصاصاتها أن تعطي أموال لأعمال خيرية، ولكن المبلغ كان من "جمعية التنويريين في باريس".

بعدها كون حسن البنا علاقات مع أعضاء المخابرات البريطانية في مصر، وتم استخدام تنظيم جماعة الإخوان استخدامات كثيرة تصب في مصلحة بريطانيا، كاغتيال النقراشي باشا على يد جماعة الإخوان الذي كان من طليعة الثوار في 1919 وأنشأ في وقتها تنظيم سري لمواجهة الإنجليز وتم محاكمته وصدر ضده حكم بالإعدام وترافع عنه مصطفي النحاس في الاستئناف أمام محكمة عسكرية إنجليزية في مصر وحصل على البراءة، لذلك كانت جماعة الإخوان تتخلص من خصوم الإنجليز.

وبعد أن تحالفت جماعة الإخوان مع المخابرات البريطانية، ذهبت إلى المخابرات الأمريكية من خلال سعيد رمضان الذي كان زوج ابنة حسن البنا وأقام علاقات معهم، وأصبحت وقتها الجماعة يد ممدودة إلى المخابرات البريطانية واليد الأخرى إلى المخابرات الأمريكية.

وعندما أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان الإرهابية ووضع في القلب منها قسم الاتصال بالعالم الخارجي عام 1934، كان يستهدف أن يكون هناك نواة لإنشاء تنظيم دولي لجماعة الإخوان، فبدأت الجماعة في بادئ الأمر بإقامة علاقات مع بعض الأفراد من اليمن وسوريا ثم فلسطين ثم العديد من الدول العربية الأخرى.

حاول حسن البنا أن يذهب إلى اليمن للعمل ونشر دعوة الجماعة هناك ولكنه فشل، ثم حاول أن يذهب إلى المملكة العربية السعودية ومقابلة الملك عبد العزيز آل سعود لكن الملك عبد العزيز رفض قدوم حسن البنا إلى السعودية.

وفي عام 1983 وبعد أن هرب مصطفى مشهور من السجن وذهب إلى اليمن ثم إلى الكويت وبعدها إلى بريطانيا ثم الولايات المتحدة، وطاف بلاد العالم حاول أن يجمع تنظيمات الإخوان المختلفة وقسم الاتصال بالعالم الخارجي، ثم وضع منظومة التنظيم الدولي للإخوان في نفس العالم، ولكن لم يتم العمل بالمنظومة في عام 1983.

العلاقات المتشعبة والمتشابكة بين جماعة الإخوان الإرهابية وعدد من أجهزة المخابرات الغربية، أرسى عليها مزاد تخريب المنطقة العربية وتفتيت الدول المستقرة وتقسيمها إلى دويلات وجز متصارعة متعاركة.

كانت مصر على رأس الدول المستهدفة بالتقسيم، وكانت الخطة الموضوعة تتجه إلى خلق صراع بين عدد من الطوائف المصرية، فيصبح للمسيحيين منطقة وقانون يحكمون به وكذلك المسلمون وكذلك النوبيون، ويتم نزع منطقة سيناء من مصر وإعطائها إلى من يدفع حفنة من الدولارات.

لم تقض 30 يونيو على هذا المخطط وحده، بل وجود قيادات سياسية حكيمة تلت اندلاع ثورة 30 يونيو أجهض تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول، والمملكة العربية السعودية إلى مملكتين مملكة تحت الحكم السني والمملكة الأخرى يكون لها الحكم الشيعي، كما كان مستهدف عودة الإمارات العربية المتحدة إلى إمارات منفصلة كما كانت في السابق قبل توحيدها على يد الشيخ زايد في دولة واحدة.

عملت الجماعة على إلغاء الجنسيات العربية كلها مقابل جنسية واحدة، وهي الجنسية الإخوانية، كما كانوا يدعون لأنفسهم اللهم أمتنا إخواناً مسلمين، لم تكن فكرة الوطن مطروحة على أجندتهم ولم يكن يوماً يشغلهم استقراره، ولما لا وكبيرهم سيد قطب كان يقول: «الوطن ما هو إلا حفنة من التراب».

من الأدوات التي حاولت الجماعة الإرهابية استخدامها لتنفيذ مخطط التقسيم والتفتيت، ما أثير من جانبهم من قانون إقليم قناة السويس، وقيل وقتها عن هذا المشروع إنه مشروع تقسيم مصر، فمن صدر المشروع تقابل كلمة إقليم، التي لا تستعمل إلا للدلالة على أن هذا الإقليم مستقل في كل شيء، في سلطاته وقوانينه وحتي ثقافته وكأنه دولة منفصلة داخل الدولة، فالإقليم هو جزء من الأَرض تجتمع فيه صفات طبيعية أو اجتماعية تجعله وَحدة خاصَة مستقلة.

وقتها كان التركيز منصباً من قبل الجماعة الإرهابية على منطقة الخليج التي لا يضاهيها منطقة من ناحية المميزات في أعين المتربصين بمصر، ولا يخفى على أحد أن مصر في عيون الغرب هي قناة السويس، ذلك الممر الملاحي العالمي، والذي يعد جزءاً مهماً وحساساً جدًا من أرض مصر دفع فيه الكثيرون من ارواحهم ودمائهم على مر التاريخ، والتي بسبب تأميمها انطلق عدوان ثلاثي استطاعت مصر صده وإفشاله.

هذا القانون تضمنت معظم نصوصه ما يشكل خطراً على أمن مصر القومي.

لم يتعلم الإخوان من الدرس المصري وساروا يحاولون استكمال تنفيذ مخططهم في عدد آخر من الدول العربية، بثورات مزعومة، وتسلقوا بعض الثورات الأخرى التي التي خرج أهلها إلى الشوارع حاملين مطالب محقة، كان يمكن تحقيقها، لولا قفز الإخوان على ظهرهم.

مارس الإخوان سياسة الإقصاء التي مارسوها في مصر ضد معارضيهم في كل البلاد العربية، نظراً لأن هذه هي عقيدتهم المتأصلة الراسخة.

يأس الإخوان من الوصول إلى السلطة في الدول العربية ذات نظام الحكم الجمهوري، جعلهم يتجهون بمؤامراتهم إلى الأنظمة التقليدية والملكية، خصوصًا الغنية منها، مثل السعودية والإمارات والبحرين، دون دراسة عقلانية لمجتمعات تلك الدول، المبنية على التماسك القبلي، والولاء للاستقرار، وبما فرضه عليهم الواقع الاقتصادي المرتفع، من جنوح نحو الاعتدال والاستقرار، ونفورهم من أي مغامرات قد تؤدي ببلادهم وثرواتهم إلى المجهول الذي أصاب باقي دول الربيع العربي.

حاولوا فرض حصار سياسي على السعودية، بعدما صدّهم المجتمع السعودي عن التدخل في شؤونه، واستطاعت الدولة محاصرة من حاول التغلغل داخل المجتمع مبكرًا، فالتجأ الإخوان كعادتهم إلى الخارج، ومن تركيا أخذوا يحرّضون الدول الغربية على فرض عقوبات ضد السعودية، مستخدمين قوة إعلامية لم يستخدموها من قبل سوى في خلق الفتن في كلٍ من ليبيا وسوريا، التي تجاوز عدد ضحايا ربيعه العربي أكثر من نصف مليون مواطن، إضافة إلى ملايين اللاجئين.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة