انخفاض الدرجات يكشف التقييم الحقيقى للكفاءات

السبت، 13 أغسطس 2022 11:30 م
انخفاض الدرجات يكشف التقييم الحقيقى للكفاءات

صفرية الـ100% واقعية وتقضى على أسطورة الحفظ لا الفهم

نقابة المعلمين: انخفاض مجاميع الثانوية مؤشر لنجاح نظام الامتحانات الجديد.. ونسب النجاح عادت لمعدلاتها الطبيعية

 

 

ما جدوى أن يحصل 100 طالب على 100% في مرحلة الثانوية، وهم لا يمثلون حقا كفاءة جديرة بالحصول على هذا الكمال في مرحلة مهمة من مراحل التعليم، ويتباهون بها على طلاب قد يكون لهم ملكات أقل في الحفظ لكنهم يمتلكون ملكات في مجالات أخرى أقوى بكثير.

انخفاض الدرجات هذا الموسم يرد الثانوية إلى مسارها الصحيح، وأساسها الذي يرجع لعهد محمد علي، الذي عمد عند بناء الدولة الحديثة، إلى إنشاء المدارس الخصوصية أو العالية، ثم إنشاء المدارس التجهيزية «الثانوية»، التي كانت مهمتها الأساسية والرئيسية أن «تجهز» الطلاب لتلك المدارس العالية، وقد كانت تجهيزية القصر العينى التى أنشئت سنة 1825 أولى تلك المدارس، تضم 500 طالب من أبناء المماليك وموظفى الدولة، مدة الدراسة بها أربع أو خمس سنوات، وكانت تدار وفق النظام العسكرى، يدرس فيها الطلاب اللغات الفارسية والتركية والعربية والحساب والجبر والهندسة والتاريخ، والجغرافيا والعلوم والخط وغيرها، وتعد طلابها لمدارس الطب والمهندسخانة والفرسان والمشاة، وتتبع ديوان الجهادية، حتى سنة 1837 حيث أنشئ ديوان المدارس.

أي أنه كان الغرض الرئيسي من هذه المدارس هو تجهيز الطلاب للمدارس العليا، وهو ما افتقدناه حتى تطبيق النظام الحديث بعد ثورة يونيو، واستهداف أن تكون المناهج وطرق الاختبارات مؤهلة بحق لما بعد مرحلة الثانوية، وهذا ما ترجم في الدرجات المنخفضة هذا العام والعام السابق، ومتوقع أن تقل الدرجات أكثر فيما هو قادم من الأعوام، وهذا لا يعيب الطلاب المتفوقين ولا يجب أن يحزن الأهالي، ولكن يجب أن يكونوا على دراية بأن هذا لمصلحتهم، وقياس دقيق لكفاءاتهم، وقدرتهم على دراسة أي من المجالات المطروحة أمامهم في الكليات والمعاهد.

نتائج هذا العام عبرت خير تعبير عن حقيقة المستويات التعليمية للطلاب، خاصة مع انخفاض نسبة تحقيق الطلاب للمجاميع الوهمية وبالتالي فإن من حصل على الدرجات العليا يعتبر طالبا متميزا بالفعل.

أجمع كل الخبراء التربويين على أن النظام الجديد للثانوية العامة هو بداية حل الكثير من المشكلات، وعلاج الأمراض التي توطنت في التعليم، والأهم هو إعادة ثقة المواطن في التعليم وجدواه، وقدرته على صناعة بشر وكفاءات وليس مجرد آلات للامتحانات، ولا سيما أن وزارة التربية والتعليم تحرص على إتمام العملية التعليمية بالشكل المراد والذي يتناسب مع قدرات ومهارات طلاب الثانوية العامة.

وأبدى إبراهيم شاهين، وكيل النقابة العامة للمعلمين، سعادته بانخفاض مجاميع الثانوية العامة هذا العام، قائلا: المجاميع كانت قد وصلت لحفظ وصم إجابات، وطالب يدون ما حفظه من الكتب للحصول على الدرجات النهائية، ولا يدخل كليات الطب إلا الحاصلين على 99.8%، والحاصلين على 97% لا يجدوا أماكن لهم فى الكليات، لكن الأسلوب الجديد المطبق فى الامتحانات يقيس مدى فهم الطالب وبالتالى مهما ذاكر وحفظ لن يحل بالإجابة النموذجية إلا فى حال فهمه وإلمامه الجيد واستيعابه للمنهج، مؤكداً أن هذا الأسلوب من الامتحانات هو الصحيح، وقديما كان الحاصلين على مجاميع 80% من الممكن أن يلحق بكليات الطب، وكثيرا منهم الآن من كبار الأطباء، وبالتالى انخفاض نسبة النجاح ومستوى المجاميع علامة صحة ونجاح لأسلوب التعليم، لأن المهم فى الأمر فهم واستيعاب الطالب.

واشاهد أن وزارة التربية والتعليم تصدت بكل بسالة لسرطان كاد أن يقضي على مستقبل التعليم في مصر وهو تسريب الامتحانات، فنسب النجاح هذا العام إثبات أن عملية تسريب الامتحانات لم تجنِ ثمارها بارتفاع نسبة النجاح، وأن كل طالب حصل على حقه فى التصحيح، وهو ما يؤكد وجود شفافية في العملية التعليمية.

وأرجع بعض الخبراء أسباب انخفاض المجاميع في شعبة ادبي مقارنة بشعبة علمي، إلى أن  طلاب الثانوية العامة هذا العام التحقوا بالصف الأول الثانوي في ظل أزمة كورونا وبالتالي لم يتمكنوا من الحضور إلى المدارس واستيعاب المواد الجديدة مثل الفلسفة والمنطق بشكل جيد والتي تستمر معهم حتي الصف الثالث الثانوي، فضلا عن أن الامتحانات كانت تجري لهم عن طريق التابلت في البيت مما يسهل معه الغش، فضلاً عن تطوير أسئلة الامتحانات والتي أصبحت تقيس المستويات العليا من التفكير مثل التطبيق والتحليل والتركيب والتقويم، بينما يغلب على معظم طلاب الأدبي الميل إلى الحفظ مما جعلهم يواجهون صعوبات مع تلك الأسئلة التي لا تقيس الحفظ.

أضف إلى ذلك تسرع طلاب الأدبي في اختيار الإجابة الصحيحة لبعض الأسئلة وعدم وعيهم بأن الإجابات كلها صحيحة ولكن مطلوب اختيار الإجابة الادق، كما أن الأسئلة في المواد الادبية تحتاج من الطالب إبداء وجهة نظره في موضوع ما ومن ثم لا توجد إجابة محددة قاطعة لكل سؤال على عكس الشعب العلمية التي تتضمن مسائل لها إجابة واحدة محددة وخاصة في علمي رياضة، وكذلك صياغة بعض الاسئلة بشكل قد يخدع الطلاب غير المتقنين للمادة ويوحي لهم باختيار اجابة معينة لا تكون هي المطلوبة، ووجود كثير من الأسئلة في الامتحانات تحمل أفكارا جديدة لم يسبق أن تدرب عليها الطالب من قبل.

يترجم انخفاض المجاميع هذا العام، سعي وزارة التربية والتعليم إلى خلق مناخ تعليمي يتواكب مع التطور التكنولوجي والتحول الرقمي الذي يشهده العالم، وأنه لا بد أن يكون التعليم معتمدًا على الفهم والإدراك أكثر من اعتماده على الحفظ والورق وهو سبب اسباب انخفاض المجاميع في شعبة ادبي مقارنة بشعبة علمي.

السطور السابقة كلها تتناول انخفاض المجاميع، وليس انخفاض نسب النجاح، كما يحاول البعض التصوير عبر صفحات مغرضة على مواقع التواصل الاجتماعي، فنسب النجاح هذا العام لا تقل سوى 1% عن نسب العام الماضي، مقتربة من حاجز الـ 70% وهي نسبة منطقية جداً.

وحتى لا يبقى في صدر أحد مظلمة، سارعت وزارة التربية والتعليم بفتح باب التظلمات أمام من يشكون في درجاتهم، وعلق الوزير طارق شوقي على الأمر بنفسه، قائلاً إنه "لن تلتفت الوزارة لأي ادعاء على المواقع الإعلامية أو مواقع التواصل، ومن لديه تظلم عليه التقدم رسميا وليس إعلاميا".

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة