مصطفى الجمل يكتب: كذب المشككون ولو حلفوا

السبت، 17 سبتمبر 2022 07:00 م
مصطفى الجمل يكتب: كذب المشككون ولو حلفوا

- الجدية والتفاعل الحزبى والمجتمعى مع الحوار الوطنى يوجه ضربة قوية للكاذبين ومروجى الشائعات

- الدولة تتجاوب مع مقترحات المتحاورين وتصدر قرارات استثنائية لتخفيف الأعباء عن المواطنين

 

فتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، طاقات للمشاركة المجتمعية الشاملة في تسطير مستقبل مصر بأيدي أبنائها دون استثناء لأحد، عندما وجه الأكاديمية الوطنية للتدريب للدعوة للحوار الوطني، خلال إفطار الأسرة المصرية شهر رمضان الماضي.

كانت الدعوة عامة، لمن هم على يمين السلطة ويسارها على حد سواء، ولا سيما أن الدعوة كانت في حضور من هم يمثلون رموز المعارضة كالصحافي حمدين صباحي والحقوقي خالد داوود وغيرهم الذين رحبوا بالدعوة وأشادوا بهذه الخطوة كثيراً، ولكن هل كان ذلك كافياً لسد باب التشكيك فيما يقدمه الحوار من قيمة مضافة للمجتمع في مخلف مناحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
منذ أن بسط الله الأرض وما عليها من كائنات حية، وهناك دوماً من لا يعجبهم العجب العجاب، ويشككون في كل ما هو على الجانب الآخر منهم، نافعاً كان لهم أو لا، ومن هنا خرجت ألسنة مشككة في الحوار الوطني وجدواه، وتركزت التعليقات المشككة في محاور رئيسية أبرزها، أنه يسيطر عليه قوى مؤيدة للسلطة، وأن مخرجاته لن تنفذ، وأن ممثلي المعارضة بداخله يمارس عليهم الإقصاء بشكل ملحوظ، وأنه لن يساهم في خروج المحبوسين احتياطيا.

تتبع الدولة المصرية نهجاً في الرد على المشككين والمشككات يرتكز في الأساس على التتبع والرصد كخطوة تسبق الرد بالمعلومة التي لا تقبل التأويل والتحريف.

وقبل تناول كل نقطة كانت محل تشكيك من جماعات الظلام، يجدر الإشارة بداية إلى أن الدعوة التي وجهت للأحزاب والتيارات السياسية، والقوى الفاعلة فى المجتمع للتعبير عن رؤيتها لأولويات العمل الوطنى، كان الهدف الرئيسي منها هو تعزيز فرص النقاش العام بشأن القضايا والتحديات التى تواجهها مصر فى الوقت الراهن، وفى مقدمتها الأزمة الاقتصادية فى ظل الانعكاسات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية وما سببته من ارتفاع فى أسعار الطاقة والغذاء، أي أن الرئيس السيسى كان قاصداً من هذه الدعوة تحقيق مصلحة عامة، وفتح الباب أمام الجميع للتعبير عن رؤياهم تحت مظلة واحدة، وكان ينتظر المهمومون بمستقبل هذا البلد أن تتحول جلسات الحوار الوطنى إلى ساحة لطرح كل الأفكار والآراء، وأن يركز المتحاورون على صلب التحديات، وألا ينجر البعض إلى الحديث فى قضايا هامشية، وفرعيات قد تستهلك طاقة المشاركين فى النقاش بأمور لا طائل من الإسهاب فيها، وأن يضطلع مجلس أمناء الحوار الوطنى الذى يعقد اجتماعه بالدور المهم الذى أسند إليه لانجاح هذا الحوار، الذي انطلق بدعوة الرئيس خلال إفطار الأسرة المصرية فى السادس والعشرين من أبريل الماضى.

وعلى مدار 4 أشهر عقد مجلس أمناء الحوار الوطنى، المكون من 19 عضواً، 6 جلسات تحضيرية انتهى فيها من إعداد اللائحة التنفيذية المنظمة لسير الجلسات، ومدونة السلوك الخاصة بالأعضاء، وتحديد المحاور الثلاثة الرئيسية للحوار، واختيار المقررين والمقررين المساعدين، وتشكيل اللجان النوعية.

واستقبلت الأمانة الفنية للحوار، قبل انطلاق جلسات الحوار، مقترحات وأوراق عمل من مختلف القوى المجتمعية بعد أن تم توجيه الدعوة للأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدنى والجامعات وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ، وتجاوزت نسبة الاستجابة 96٪، وأقر مجلس الأمناء فى جلساته التحضيرية مبدأ إصدار القرارات بالتوافق وليس التصويت، وإعلاء حق الرأى العام فى الاطلاع والمتابعة والمشاركة.

لجنة العفو الرئاسي تمنح الحوار قوة دفع

بطبيعة حال المشاركين في الحوار والمشكلين لمجلس الأمناء وكذلك مقرري اللجان أن يكون المحور السياسي في صدرة المشهد بما يتضمنه من حديث عن قضايا حقوق الإنسان، والحبس الاحتياطى، ومناخ عمل الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدنى، وسقف الحرية المتاح لوسائل الإعلام، وأن يحتل ملف الافراج عن جميع المحبوسين فى قضايا تتعلق بالحريات من غير المتورطين فى أعمال العنف والإرهاب، المساحة الأهم فى كل نقاش.

وهنا يجب البدء من تشكيل اللجنة المخول لها إعداد قوائم تعرض على الرئيس لاتخاذ قرار الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، تضم اللجنة كل من المحامي طارق العوضي والقيادة العمالية والوزير الأسبق كمال أبو عيطة، وهما معارضان لا يمكن أن تحسبهما على معسكر غير ذلك، وبالمرور على باقي أعضاء اللجنة ستجد فيها النائب محمد عبد العزيز، واحد من القيادات السابقة لحركة كفاية والتي كان لها دور كبير في معارضة نظام ما قبل ثورة يناير، وكذلك طارق الخولي الذي كان يقود في فترة ما قبل يناير حركة 6 أبريل.

المقصود هنا أن تشكيل اللجنة يضم كوادر سياسية أتت من قلب حركات وتيارات كانت تسيطر على الشارع في أوقات ليست هينة، وبغض النظر عن مواقفهم الآن من السلطة، لن يتوان اليميني فيهم واليساري عن تقديم العون لمن يستحق ممن يجلسون خلف القضبان على ذمة الحبس الاحتياطي، ولا سيما أن عدداً من هؤلاء زاملوا أعضاء اللجنة في ائتلاف هنا أو حركة هناك، أو حتى وقفة احتجاجية من 2005 حتى 2012.

دعك من تشكيل اللجنة وانظر إلى أعداد المفرج عنهم حتى الآن، بعد تشكيل اللجنة ستجد أن العدد غير مسبوق ويتخطى الألف شخص. تخيل أن هناك من يشكك في بند موضح فيه رقم لا يقبل التأويل حتى، لا لشيء سوى أن يكدر صفو أجواء من البهجة دخلت على أسر عاشت ليال وأيام أطول مما يتخيل أحد، ولم يكن يمتنوا سوى أن يروا قرار مثل ذلك.

إجراءات اقتصادية وحمائية لصالح المواطن

تزامن الدعوة للحوار الوطني مع الأزمة العالمية التي تضرب العالم كله، والتي أثرت بطبيعة الحال على الاقتصاد المصري، وبالتالي كان هناك تأثير على الشرائح الاجتماعية المختلفة وخاصة الفقيرة والوسطى، من غلاء أسعار، وآخرها رفع سعر البنزين والسولار، وضعف الرواتب فى مواجهة غول التضخم، وهنا تقدمت القوى المشاركة في الحوار الوطني باقتراح إصدار قرارات استثنائية لتخيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وأصدر الرئيس قرارات استثنائية نتيجة للتشاور بين أطراف الحوار الوطني، لتكون بداية لمخرجات من المنتظر أن تحقق تطلعات الشعب المصري نحو حياة كريمة يأملها المواطنون، وجاءت كالتالي:

-  صرف 300 جنيه دعم استثنائي على بطاقات التموين بدلا من 100 جنيه

- 600 مليون جنيه دعم إضافة لإنهاء قوائم انتظار حالات الجراحات الحرجة

- دعم مصاريف الدراسة الخاصة بالطلاب الملتحقين بالجامعات الأهلية والحكومية

- ضخ 32 مليار جنيه لمنظومة دعم الخبز

- زيادة أعداد الأسر المغطاة بالدعم النقدي ليشمل 22 مليون مواطن

- ضم أكثر من 900 ألف أسرة جديدة للاستفادة من برنامج تكافل وكرامة

-  زيادة المنتفعين من برنامج تكافل وكرامة من 4.1 مليون أسرة لـ 5 مليون أسرة

- يبدأ التنفيذ من غدا الخميس ويستفيد منها قرابة ربع الشعب المصري

- تقديم حزم تحفيزية للأطباء للارتقاء بدخلهم

- تعديل منظومة تكليف الأطباء بالكامل

قطعاً لن يكون الحوار الوطنى عصا سحرية لحل مشكلات ومواجهة تحديات بالجملة، لكنه يفتح الأبواب والنوافذ لسماع أكثر من صوت للتعامل مع أزمات تراكمت عبر سنوات، وألقت بظلالها السلبية على المجتمع المصرى الذى يجتهد فى البحث عن مخرج آمن من عثرات أصابته بتشوهات لعلنا نلمس نتائجها ليل نهار، ويجب عدم الاستسلام لها على كل حال.

كل الأحزاب مشاركين

أصوات الحاقدين مروجى الأكاذيب والشائعات امتدت للقول بإن الحوار الوطنى انتهى قبل أن يبدأ وهناك من رفض تحدث عدد من القوى السياسية والأحزاب المشاركة فى الحوار، لكن كان المنسق العام للحوار الوطنى الكاتب الصحفى ضياء رشوان لهم بالمرصاد ورد على كل هذه الأكاذيب، وقال رشوان إن الحوار الوطنى يشمل كل قوى وأطراف الحالة السياسية والمجتمعية المصرية، مشيراً إلى أنه لا يوجد حزب واحد من الأحزاب الشرعية والرسمية فى مصر- وعددها تقريباً 84 حزبا- لم يشارك فى الحوار.

وأضاف، أن كل التحالفات ذات الصفة الحزبية سواء المؤيدة أو المعارضة تشارك بقوة فى الحوار الوطني، موضحا أن هناك قوى سياسية غير حزبية مشاركة فى الحوار الوطني، وجرى خلال الفترة الماضية عقد حوارات مع رموز عامة فى مصر يمثلون حالات مهمة فى السياسة والعمل العام، لكى ينخرطوا فى الحوار الوطني، وأشار إلى أن قطار الحوار الوطنى فى كل محطة يلحق به أطياف جديدة فى مصر، ومن حق أى أحد أن يشارك فى الحوار بنفس الحق لأى أحد أن يعارض الحوار، وهو ليس إجباريا فهو شيء إرادي.

وتابع: «الكثير من الأقاويل والأحاديث التى تتردد هنا وهناك، البعض بحسن نية، والبعض قطعا بغير حسن نية، وهناك بعض المحطات والمنصات الإعلامية تتحدث عن أن الحوار الوطنى قد انتهى، لكن حقيقة الأمر أن كل ذلك لا أساس له من الصحة»، وأوضح أن الحوار الوطنى ليس مجرد منصة لإطلاق التصريحات وتبادل المديح أو تبادل النقد، بل هو موضوع جاد أكثر من هذا بكثير.

ولفت إلى أنه إذا كان البعض حاول تشويه هذه المبادرة «الحوار الوطني»؛ فمن الواضح أن الإخفاق والفشل الذريع، يكون فقط فى أى نوع من الحوارات غير الجادة، على عكس الحوار الوطنى الذى نحن بصدده الآن، فهو حوار جاد للغاية.

وقال المنسق العام للحوار الوطنى إن مجلس أمناء الحوار الوطنى تم تشكيله من 19 زميلا وزميلة، بالإضافة إلى منسق عام الحوار ورئيس الأمانة الفنية، وهو يعكس كل ألوان الطيف المصرى السياسى والاجتماعي، وكل أشكال تكوين المجتمع المصري، وكان لا يوجد هناك اعتراض من قوى سياسية واحدة على تشكيل المجلس، وأضاف أن المجلس هو ماكينة إدارة الحوار، ويحدد آليات عمله ومواعيده ولجانه، ثم يستقبل مخرجاته من كل لجنة من اللجان، ويتناقش حول هذه المخرجات، ليقوم بالتوافق حول مخرج واحد فى كل موضوع، ويرفعه إلى رئيس الجمهورية أو يتوافق على أكثر من مخرج ويرفع الجميع إلى رئيس الجمهورية، وتابع أنه لا يوجد تصويت على الأفكار فى الحوار الوطني؛ لأن التصويت يكون فى المسائل الإجرائية، لافتا إلى أن كل المقترحات الخاصة بالحوار الوطنى سترفع لرئيس الجمهورية، كما أشار إلى أن مجلس الأمناء عقد 4 اجتماعات فى خلال شهرين تناولت المناقشة شديدة العمق حول كيفية سير الحوار، لافتا إلى أنه تم الاستقرار على أن أولوية العمل الوطنى هى ثلاثة محاور «السياسى الاجتماعى الاقتصادي».
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق