كنا فين وبقينا فين.. دولة 30 يونيو أنقذت الاقتصاد من دمار 2013 (ملف خاص)

السبت، 15 أكتوبر 2022 06:01 م
كنا فين وبقينا فين.. دولة 30 يونيو أنقذت الاقتصاد من دمار 2013 (ملف خاص)
طلال رسلان

«كنا فين وبقينا فين».. أبلغ رد على التشكيك في جهود الدولة المصرية، والتي من أبرزها إنقاذ الاقتصاد المهلهل بعد كارثة 2013 وعام مأساوي في ظل جماعة الإخوان

منذ 2014 حتى 2022، شهدت خروج الاقتصاد المصري من فترة عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الأمنية، وانتهت بالتبعات الاقتصادية لأزمة جائحة كورونا والصراع الروسي الأوكراني. كما تضّمنت الفترة ذاتها تطبيق الدولة البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والذي كان له الفضل الأكبر في تحسن المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد المصري من جهة، وتمكين الاقتصاد المصري من الصمود أمام الأزمات التي شهدتها الساحة العالمية من جهة أخرى، وتحسن الوضع النسبي للاقتصاد المصري بالمقارنة بالاقتصادات الناشئة خلال فترة الجائحة من جهة ثالثة. 

أبرز المؤشرات الكليةGraphical user interface, application, timelineDescription automatically generated

تستهدف السياسات الاقتصادية بصفة عامة تعظيم معدلات النمو الاقتصادي، وخفض معدلات البطالة والتضخم، وقد شهدت بداية الفترة محل الدراسة معدل نمو يبلغ 2.9% نتيجة تأثير الاضطرابات الأمنية والسياسات التي شهدتها البلاد خلال الفترة السابقة، ومع بدء الاستقرار السياسي وإعادة إرساء قواعد الدولة، تجاوز معدل النمو الاقتصادي حاجز 4% حتى عام 2016/ 2017 والذي شهد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تضمن إصلاحات مالية ونقدية وهيكلية والتي كان من شأنها إصلاح الاختلالات المتوارثة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال عملية البناء والتطوير واسعة النطاق التي قادتها الدولة لتمهيد الطريق أمام القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية.

وكان من نتاج تلك السياسات رفع معدلات النمو الاقتصادي متجاوزة نسبة 5.5% عام 2018/2019 قبل أن يجتاح العالم فيرس كورونا والذي أدى إلى توقف حركة التشغيل والإنتاج والتجارة، مما أدى إلى تراجع معدلات النمو العالمية إلى 2.8%، ونمو الاقتصادات الصاعدة والناشئة بنسبة 3.7% خلال عام 2019 في حين بلغ نمو الاقتصاد المصري 3.6% خلال عام 2019/2020. 

معدل النمو الاقتصادي

أما بالنسبة لمعدلات البطالة فيلاحظ أنها تسير في الاتجاه العكسي لمعدلات النمو الاقتصادي؛ ففي فترات اتخاذ معدل النمو الاقتصادي اتجاهًا تصاعديًا تتراجع معدلات البطالة نتيجة ارتفاع معدلات التوظف والتشغيل، ومع تراجع معدل النمو الاقتصادي خلال عامي الجائحة توقف الاتجاه النزولي لمعدل البطالة لتشهد ثباتًا نسبيًا نتيجة الإجراءات المصاحبة بجائحة كورونا من إغلاق جزئي، وتخفيف ساعات العمل وتناوب العاملين.

معدل البطالة

وفيما يتعلق بمعدل التضخم، فعلى الرغم من أن عام 2012/2013 شهد وصول معدل التضخم المحقق للمعدل المستهدف، إلا أن ظروف عدم الاستقرار الأمني والسياسي أدت إلى تراجع كافة مصادر النقد الأجنبي من صادرات وسياحه واستثمار أجنبي، الأمر الذي هدد استقرار قيمة العملة المحلية وظهور السوق السوداء، خاصة في ظل اتّباع سياسة تثبيت سعر الصرف، فجاء قرار تحرير سعر الصرف ليرتفع على إثره معدل التضخم خلال عام التعويم 2016/2016 ثم تراجع تدريجيًا حتى وصل إلى 5% عام 2019/ 2020، وقد شهد ذلك العام تراجع معدلات التضخم العالمية نتيجة جائحة كورونا بما ساهم في تراجع معدل التضخم المحلي. وخلال مرحلة التعافي من الجائحة ظهر مفهوم الطلب المكبوت والذي ترتب عليه ارتفاع معدلات الطلب بدرجات تفوق قدرة جانب العرض على الوفاء بالكميات المطلوبة بما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية، ودخول الاقتصاد العالمي مرحلة الدورة الفائقة، وقد ساعد على ارتفاع معدل التضخم العالمي التداعيات الاقتصادية للصراع الروسي الأوكراني. ومع ارتفاع معدل التضخم العالمي ارتفع بالمثل التضخم المحلي من خلال عملية الاستيراد فيما يُعرف باسم التضخم المستورد.

معدل التضخمA picture containing logoDescription automatically generated

وفي سياق الحديث عن السياسات النقدية المتبعة خلال فترة الدراسة وما آلت إليه معدلات التضخم ينبغي الإشارة إلى فعالية تلك السياسة في التأثير على حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال فترة الدراسة؛ ففي نوفمبر 2014 سجل احتياطي النقد الأجنبي 15.9 مليار دولار بما يغطي الواردات السلعية لمدة 2.9 شهر، وفي يوليو 2022 سجل احتياطي النقد الأجنبي 33.1 مليار دولار ليغطي نحو 4.6 شهر من الواردات السلعية.

ويلاحَظ تراجع حصيلة النقد الأجنبي عام 2022 بالمقارنة بالعام السابق له، ويرجع ذلك إلى سداد مديونيات أجنبية حل أجل استحقاقها من بينها استحقاق كوبونات لسندات حكومية صادرة عن وزارة المالية، بالإضافة إلى مستحقات لصندوق النقد الدولي والتزامات أخرى.

مدى فعالية السياسة المالية وأبرز مؤشراتهاTimelineDescription automatically generated

تضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي في شقه المتعلق بالسياسة المالية سياسات ترشيد الإنفاق وتعظيم الإيرادات، ومن أبرز تلك السياسات إصلاح منظومة الدعم، وتحرير تدريجي لأسعار الطاقة، واستبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة، وميكنة منظومة الضرائب والجمارك. وقد ساهمت تلك السياسات في تحويل العجز الأوّلي المقدر بما يقرب من 4% إلى فائض أولي يُقدر بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020/2021. وفي السياق ذاته، تراجع العجز الكلي من 12% عام 2013/2014 إلى النصف تقريبًا عام 2021/2022 مسجلًا 6.1%. وقد تضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي سياسات اجتماعية لتخفيف الأعباء المالية عن محدودي الدخل، وقد ارتفعت المصروفات العامة الموجهة لبند الحماية الاجتماعية خلال فترة جائحة كورونا، واستمرت خلال العام الجاري متخذة أشكالًا مختلفة.

دين أجهزة الموازنة

انعكست سياسات الدولة خلال تلك الفترة على معدلات الدين الحكومي؛ إذ تولت الدولة القيام بعدد كبير من المشروعات القومية الكبرى، وتطوير البنية الأساسية للبلاد وإنشاء عدد من المدن والجامعات الجديدة، فضلًا عن تطوير شبكة الطرق والكباري لتسهيل الوصول إلى تلك المدن وتوفير الحياة بها، بما يساعد على جذب الاستثمارات الخاصة. وكان من تداعيات تلك السياسات رفع معدلات الدين العام خاصة في ظل توالي الأحداث الدولية غير المواتية التي دفعت مصر لمزيد من الاستدانة. وقد اتخذ معدل الدين الحكومي اتجاهًا تصاعديًا حتى عام 2016/2017 ثم تراجع تدريجيًا حتى سجل 87.2% عام 2021/2022 وفقًا للبيانات الأولية لوزارة المالية. وتستهدف الدولة تحقيق مسار تنازلي لنسبة المديونية الحكومية إلى الناتج المحلي مع استهداف خفض المديونية إلى نحو 82.5% من الناتج المحلي بنهاية يونيو 2025. كما تستهدف موازنة العام المالي الجاري تنويع مصادر التمويل لخفض تكلفة التنمية، وإطالة عمر الدين، من خلال استمرار التوسع في إصدار السندات الحكومية متوسطة وطويلة الأجل، واستهداف أدوات دين جديدة لتوسعة قاعدة المستثمرين وجذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية الحكومية.

ويلاحظ بصفة عامة انخفاض نسب الدين الخارجي (الأعلى خطورة) مقارنة بالدين الداخلي؛ إذ يقدر إجمالي الدين الخارجي في مصر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 34.6% وهو وما زال في حدوده الآمنة وفقًا لتصنيف صندوق النقد الدولي، كما يوضح الشكل التالي وضع مصر النسبي بين مجموعة من الدول النامية والأسواق الناشئة، والذي يعكس أن الدين الخارجي لمصر ضمن الأفضل مقارنة بأبرز الأسواق الناشئة. ومع تقسيم الديون السيادية وفقًا لأجل استحقاقها يلاحظ أن الديون السيادية قصيرة الأجل (الأعلى خطورة) تتراوح نسبتها بين 26% و30%. 

A picture containing applicationDescription automatically generated

وختامًا، فإنه يُلاحظ تطور كافة مؤشرات الاقتصاد المصري خلال الثماني سنوات الماضية متجاوزًا عددًا من الأزمات العالمية الكبرى، بما أدى إلى تحسن الرؤية الدولية للاقتصاد المصري وإشادة عدد من المؤسسات الدولية الكبرى بقدرة وصلابة الاقتصاد المصري.

TimelineDescription automatically generatedTimelineDescription automatically generated
 

 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق