هذا البلد الأمين أبدا لن يسقط.. الشائعات: القاتل الصامت

السبت، 15 أكتوبر 2022 08:00 م
هذا البلد الأمين أبدا لن يسقط.. الشائعات: القاتل الصامت
أحمد سامي

- الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى: مصر تتعرض لأكبر حرب نفسية منذ 2013.. والوعى سلاح الردع

- وسائل التواصل الاجتماعي أحد مصادر التهديد للأمن القومى للدول.. ونشر الأكاذيب على هدفها بث الأحباط



لم تعد الحرب بين الدول بمفهومها السابق من تجهيز الأسلحة وتجهيز الجيوش ووضعها علي اهبة الاستعداد، لكن تحولت الأمور مع التطور التكنولوجي وأصبحت حروب الجيل الخامس المسيطرة من خلال استخدام التكنولوجيا وصناعة الشائعات واتباع اسلوب الحرب النفسية، فمن خلال بث معلومات مغلوطة والترويج لشائعات تتضمن بعضها معلومات صحيحة وترويجها بأساليب مدروسة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن هدم اقتصاد الدول وتخريبها عن بعد دون الحاجة لتحريك الطائرات وتوجيه المدافع، فالشائعة أصبحت المدفع الذي تطلقه دولة أو جماعة ضد أخرى للوصول إلي نتائج اقوى من الحرب دون خسائر مادية وبشرية، وواجهت مصر في السنوات الاخيرة الآلاف من الشائعات من قبل الجماعات الارهابية المعادية والدول الغير صديقة تستهدف ضرب أمن واستقرار البلاد وهز ثقة الشعب في قيادته، لكن الدولة نجحت في التصدي لها ومواجهتها.

في هذا الحوار يكشف لنا الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، تفاصيل الأدوار المدمرة التي يسعى مروجوا الشائعات إلى تحقيقها، وكيف يكن مواجهة هذه الشائعات.


وإلى نص الحوار..

شهد العالم أزمات كبيرة خلال الآونة الأخيرة.. ما الدور الذي لعبته الشائعات في تلك الأزمات؟

الشائعات اصبحت الملعب واللاعب الرئيسي المحرك للأحداث في العالم كله وليس على المنطقة العربية فقط، فإذا تحدثنا عن الحرب الروسية الاوكرانية ودور الشائعات فيها سنجدها تلعب دور كبير جدا في تفاقم الأزمة بين الولايات المتحدة الامريكية ومنطقة الخليج او بين الحلفاء الأوروبيين مع واشنطن، فلعبة الشائعات تعمل على تأجيج الازمات او لتهديد طرف على حساب آخر والضغط على أحد الاطراف للحصول على مكاسب من وراءه.

هل الشائعات وسيلة جديدة لهدم الدول من خلال الحرب النفسية ؟

بالطبع، الشائعات وسيلة لهدم الدول وهي الجيل الخامس من الحروب التي لم ينتبه لها الشعب  المصري مع بدء استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي وانه سيتعرض لحرب من نظام جديد، وهو التطور الحقيقي للحرب النفسية التقليدية، والتي كانت تتم عن طريق نشر الاكاذيب عبر وسائل الإعلام، أو عن طريق الطابور الخامس في بعض الدول، حيث يبثون الإحباط ونشر الأخبار الكاذبة في أماكن التجمعات، فالحرب النفسية تتعرض لها مصر  بضراوة منذ ثورة 30 يونيو ويجب عدم التهوين منها والوعي بآثارها الضارة على المجتمع، والتعامل معها بالشكل الأمثل بصورة عقلية وتحليلية، ومساعدة الغير على إدراك المخاطر وحسن التعامل معها، لأن الحرب النفسية تؤثر على مشاعر وميول الناس بهدف تحطيم معنويات الدولة وأفرادها وجعلهم يشعرون بالعجز وعدم القدرة على العمل والوصول إلى درجة الإحباط.

هل تؤثر الشائعات في المجتمع المصري وتؤدي إلى انقسامه؟

الشائعات منتشرة من قديم الزمان سواء في  المجتمع المصري أو غيره من البلاد، وهناك العديد من انواع الشائعات منها الغائصة والسريعة والملتهبة والمنفجرة مثل شائعات غلاء الاسعار أو تأجيج الفتنة بين المسلمين والاقباط، أو محاولة تشويه صورة الشرطة المصرية من خلال شائعات انتهاكات الضباط للمساجين وغيرها من الشائعات التي تثير الرأي العام وتبث السموم  لضرب استقرار الوطن، وهي التي تخلق المشاكل داخل المجتمع المصري وتعمل على ايقاع الفتنة بين النظام والشعب من خلال المنصات الاعلامية الممولة أو نشر فيديوهات واخبار كاذبة لتأجيج الرأي العام.

هل لمواقع التواصل الاجتماعي دور في نشر تلك الشائعات؟

وسائل التواصل الاجتماعي هي إحدى الأدوات المهمة فيما يطلق عليه الإعلام البديل بالنظر لما تقوم به من دور متعدد الأبعاد، سياسي واجتماعي وثقافي واجتماعي، فإنها تظل في الوقت ذاته حاملة أو مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول والمجتمعات، في ظل لجوء البعض إلى توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات والأكاذيب المغرضة، بل إن الأمر اللافت للنظر أن الشائعة استفادت أكثر من أي وقت مضى من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة مثلما يحدث في تداول الشائعات داخل أسواق المال وغير ذلك عبر الرسائل الإلكترونية والهاتف المحمول، حيث يمكن لشائعة أن تهدد الأمن القومي ونثير الرأي العام ضد الدولة.

كيف تواجه الدولة المصرية تلك الشائعات.. وماذا تحتاج لإحباط تأثيرها؟

تعتمد الدولة على مجموعة من الآليات التي  تستخدمها في مواجهة الشائعات تتلخص في عمليتي "السبق والاحباط" من خلال تعزيز التواصل المباشر مع المواطنين والرد على كافة تساؤلاتهم واستفساراتهم بشأن أي شائعة على مدار 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع ،كما يجب على مؤسَّسات الدولة المختلفة التطوير من منظومة التحدث لديها التى تساعد على القضاء على انتشار الشائعات والأكاذيب بصورة جذرية وسريعة، وأيضًا يقع على عاتق الإعلام والصحافة جزءٌ كبيرٌ جدًا من مواجهة تلك الحرب النفسية على الدولة المصرية عن طريق اتباع المهنية فى نشر الأخبار بعد التأكد من صحتها عبر القنوات الشرعية وعدم اتباع الأكاذيب والشائعات، كما أنه لابد من إصدار قانون يضمن وينظم الحق فى تداوُل المعلومات حتى لا تجد الشائعات أرضًا خصبة تنمو وتنتشر فيها؛ حيث إن هذا القانون سوف ينظم القنوات الرسمية التى تتيح للإعلام الحصول على المعلومات المؤكدة والصحيحة، وبالتالى إيصالها للمجتمع وقطع كل السُّبُل التى تساعد على انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات.

وهناك العديد من وسائل الإعلام التي انجرّت إلى المشاركة فى نشر الشائعات بهدف الانتشار والوصول الأسرع إلى المواطن دون النظر إلى حقيقة ما يتم نشره ومدَى تأثير ذلك على السِّلم والأمن العام للدولة، وذلك ناتج عن عدم وجود محاسبة لتلك المنصات الإعلامية بشكل منتظم وأيضًا عدم تفاعُل بعض المسئولين مع المنصات الإعلامية المختلفة، مما يجعل هناك فراغًا معلوماتيًا يساعد على نشر الشائعات والأكاذيب بصورة كبيرة، ولذلك يجب أن يكون هناك تدفق سريع للمعلومات الحقيقية الذى من شأنه القضاء تمامًا ونهائيًا على انتشار الشائعات والأكاذيب داخل المجتمع المصرى.

هل مروجي الشائعات يعانون من أمراض نفسية؟

مروجي الشائعات هم شخصيات سيكوباتية يسمون بمرضى اضطرابات الشخصية الحدية، ويعانون من السلبية واللامبالاة وكراهية الاوطان وكراهية الشعوب، وتدمير الدول هو غايتهم ولا يهتموا بتوابع تصرفاتهم، يريدون نشر الفوضى والدعوات للتخريب ويتم توزيع الادوار عليهم من داخل وخارج البلاد، وغرضهم اسقاط مصر، يقومون بخداعا كبيرا وتغييبا للعقول من خلال استخدام الحسابات الوهمية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيس بوك" لنشر شائعات الغرض منها بث البلبلة، فهناك 40 مليون مواطن مصري متابع لمواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا بأشكالها المختلفة، وفي حالة نشر شائعة على السوشيال ميديا في خلال ساعات معدودة سوف تكون وصلت لمعظم أطياف الشعب المصري وسيكون المواطنون معرضين للانجراف خلف هذه الشائعات الوهمية.

ما هي أثار الشائعات على المجتمع؟

الشائعات خطيرة ومدمرة للأفراد والشعوب، فالشائعة قضية قابلة للتصديق ويتم تناقلها من شخص لآخر بالكلمة المنطوقة، فالفرد فى هذه الأيام يحصل على المعلومات التى يريدها من الأفراد الآخرين المحيطين به أو من المواقع الإلكترونية المختلفة او من وسائل التواصل الاجتماعي مما يشكل خطرًا واضحًا على المجتمع ككل إذا كانت تلك المعلومات المكتسبة من تلك المواقع الإلكترونية يشوبها بعض الخطأ أو تستهدف ترويج الشائعات التى تهدد أمن الوطن واستقراره، ناصحًا مروجوها بتجنب هذه الخصلة لأنها تؤثر نفسيًا على المصريين وتساعد على ارتفاع معدلات الاكتئاب بل وتؤدي في بعض الأحيان على إصابتهم بالسكتات القلبية.

ما دور الإعلام في توعية المواطنين؟

الإشاعات تجد بيئتها الخصبة فى المجتمعات التى تفتقد الوعى ويسودها الجهل وتنتشر فيها البطالة، ولأن الإشاعات أشد خطرًا على المجتمع من حرب الإرهاب ومواجهة الأعداء فهناك مسئولية كبيرة تقع على عاتق الإعلام، ويجب عليه فحص للأخبار قبل نشرها والتأكد من صحتها لأن بعض الأفراد يفضلون الأخبار الكاذبة عن الصحيحة ليشبعوا رغباتهم في التميز وإمكانية حصولهم على المعلومات الجديد، فالاعلام يجب أن يكون دوره إيجابي في نقل المعلومات، محذرا من متابعة المواقع مجهولة الهوية التي يتلخص دورها في نشر وترويج الشائعات وبلبلة الرأي العام، وأن بناء وعي هذه الشعوب ضرورة حتمية لمواجهة الواقع والتخطيط للمستقبل البعيد الذي سيكون فيه البقاء للأقوى والأكثر علما ووعيا، وعلينا العمل على التصدي بقدر الإمكان للشائعات التي تضربنا من طرف تيارات متعددة اشاعات في اي مجتمع.

كما يجب على المؤسسات المختلفة أن تتضافر جهودها لتهذيب النفوس وغرس القيم والمبادئ الأخلاقية السوية، وتهيئة المجتمع وتوعيته بألا يصدق أو يردد ما يتلقفه من أخبار دون التأكد من مصداقيتها، وبث روح الثقة بين الحاكم والمحكوم والقضاء على كل ما من شأنه أن يضيع هذه الثقة، إلى جانب ضرورة تكذيب الإشاعات إعلاميًّا وتفنيدها وبيان خطورة الانجراف وراءها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق