المُعلم حسن شحاتة.. صانع الدوائر المُغلقة

الأحد، 04 ديسمبر 2022 12:00 ص
المُعلم حسن شحاتة.. صانع الدوائر المُغلقة
محمد طعيمه

قطاع وازن من النجوم التي تزين قميص منتخبنا الوطني، قطفته يديه من سماء القارة السمراء بالأرقام، هو الأكثر إنجازا في تاريخ الكرة المصرية؛ وجغرافيا.. وإمتدادا، ضمن ذراعنا الكروي الناعم، خارج الحدود؛ يكاد توصيف «أول.. وأخر» يقتصر عليه.
 
البداية.. هاتريك
 
ولد حسن حسن شحاتة في كفر الدوار، بحيرة، 19 يونية 1914؛ كان أخر عنقود تسعة أخوة ذكور، تبلور عشقه للكرة «الشراب» في شوارع الحي. وفي العاشرة، تلميذا بالابتدائية، انضم لنادي المدينة، 1959.
 
كان عمره 16 عاما، طالبا بصلاح سالم الثانوية التجارية، حين التقطه الراحل حسن حلمي «زامورا»، في لقاء ودي جمع الفراعنة مع منتخب شباب بحري، وخلال أشهر كان على قائمة الفريق الأول للزمالك، وفي أول مباراة له، نوفمبر 1966، أحرز ثلاثة أهداف ليفوز الأبيض 4-0.
 
ثمانية أشهر عمر مرحلته الأولى في ميت عقبة، لتوقف الأنشطة الرياضية عقب هزيمة يونية 67؛ كانت خريطة المصري مختلفة؛ الدرع تتداوله فرق: الأهلي، الزمالك، الأوليمبي، الترسانة، الإسماعيلي، غزل المحلة؛ خمسة أندية رفعته خلال أقل من عشرة مواسم، «تنافسية» لم تتكرر.
 
كان للزمالك والإسماعيلي، خاصة، سمعة داخلية وخارجية كمُنتجين للمتعة الكروية، ولقب الأول بـ «قاهر فرق أوروبا»، خصوصا بعد سحقه وستهام الإنجليزي، 5 - 1، بطل إنجلترا وقارته، وضمنه خمسة من لاعبي إنجلترا الفانزة بمونديال 1966 قبلها بثلاثة شهور، درتهم بوبي مور.
 
لم يكن شحاتة بين تشكيل الأبيض الذي استقبله جمال عبدالناصر، الأهلاوي، في قصر عابدين ومنحه وسام الجمهورية للرياضة من الدرجة الأولى؛ لكن نجمه الصاعد رشحه لمرافقة ثلاثة من المكرمين: طه بصري وسمير محمد علي وعمر النور، في رحلة إحتراف للخليج، لتوقف المسابقات المحلية.
 
قبلها، كان عبد الرحمن فوزي، محرز أول هدفين مصريين وعربيين وإفريقيين في تاريخ كأس العالم، لاعب ثم مدرب الزمالك، ومدرب الأبيض والفراعنة معا في واقعة فريدة، هو من كون أول منتخب للسعودية عام 1957.
 
وشعبية الزمالك والإسماعيلي، كانت وراء تنظيم الدولة رحلات لهما للعب مباريات ودية من المحيط للخليج، لصالح المجهود الحربي؛ وكانت دبي قد عرفت تأسيس فريق الزمالك 1960، الذي ظل يحمل الاسم حتى دمجه مع نظيره العروبة بمسمى الوصل 1974؛ ولبنان زمالك بيروت عام 1970، الناشط الآن في دوري الدرجة الثالثة.
 
ذهب حسن إلى كاظمة الكويتي، أرتدى قميص رقم 12، وهناك راكم شعبية مشرقية له ولميت عقبة، حقق لكاظمة أول بطولة في تاريخه في أول موسم للنادي بالدوري الممتاز، 1969 - 1968؛ ومعه كان، الموسم التالي، هداف الدوري الكويتي، ومنه استعاره مواطنه نادي العربي ليلعب معه فى بطولة الأندية الأسيوية موسم 1970.
 
مع العربي، نال أفضل لاعب في أسيا، رغم أن الفريق لم يصل للمربع الذهبي؛ ليكون الوحيد حينها، عالميا، الذى نال لقب الأفضل خارج قارته. تجند، ورقيا، في الجيش الكويتي، بموافقة مباشرة من عبدالناصر، ليشارك مع منتخبها العسكري فى كأس العالم العسكرية في تايلاند.
 
تجدد النشاط الرياضي في مصر وعاد شحاتة للزمالك، ولعب أول مباراة معه منذ ست سنوات؛ في الخامس من أكتوبر بالدوري الممتاز، اليوم التالي توقف النشاط الرياضي مجددا مع عبور القناة؛ استكملت المسابقة مكثفة، وفاز مع الأبيض بـ كأس اكتوبر.. بديل دوري 73 -74 ليكون أول بطولة له في ميت عقبة، وبدأ هتاف: حسن شحاتة يا معلم.. خلي الشبكة تتكلم.
 
على أهازيج التغني باسمه، حصد دوري 1977–1978، وكأس مصر ثلاث مرات. وهداف الدوري الممتاز موسمي 1977-1976، 1979-1980؛ أحرز 77 هدفا بالدورى، وخمسة فى الكأس، وستة ببطولات إفريقيا. أشهرها كان في المنافس التقليدي.. الأهلي، ألغي بداعي التسلل؛ وذهب درع 81 – 1982 للأحمر.
 
دوليا، انضم لمنتخب مصر عام 1969، وفي أول مباراة له صنع هدف فوزه على نظيره الليبي الذي أحرزه مهاجم غزل المحلة حنفي هليل. شارك المعلم في 70 مباراة دولية وأربع بطولات أفريقية، في أولاها له، 1974، أختير أفضل لاعب في القارة؛ ذات العام.. صنفته الفرانس فوتبول، المجلة الفرنسية، ثالث أفضل لاعب إفريقي.
 
فاز بأفضل لاعب بمصر عام 1976، ومنح وسام الرياضة من الطبقة الأولى عام 1980. 
 
ولا يعرف تاريخ كرة القدم لاعبا غيره.. لعب "ضمن التشيكل الرسمي" في جميع المراكز، بما فيها حارس المرمي!
 
تولى فور اعتزاله، 1983، فريق الزمالك تحت 19 سنة وفاز معه ببطولة الجمهورية؛ ثم الوصل الإماراتي عام 1986، والمريخ المصرى والشرطة العمانى والاتحاد السكندري، على التوالي؛ وقاد المنيا والشرقية ومنتخب السويس، للصعود إلى الدورى الممتاز بين 1996 و2000. ولم يكمل مسيرة مماثلة مع المقاولون العرب.. حين اختياره للمنتخب القومي. 
 
قاد منتخب الشباب لحصد كأس الأمم الأفريقية عام 2003؛ ومع "الكبار" حقق المعلم للكرة المصرية ما لم يسبقه إليه أحد؛ توج بثلاثية تاريخية لبطولة أمم السمراء أعوام 2006 و2008 و2010، وبينها دورة الألعاب العربية عام 2007، وبعدها كأس وادي النيل عام 2011. 
 
قاد منتخب مصر في 86 مباراة خلال عصره الذهبي، في 96 مباراة، فاز بـ 61 وتعادل في 17 وخسر 18، أحرز معه 190 هدفا واستقبل 81، بمشاركة 100 لاعب.
 
دوائر متتالية فتحها وأغلقها على نفسه: أول وأخر لاعب جمع بين لقبي الأفضل في أسيا وإفريقيا؛ أول وأخر مدرب عربي وإفريقي يجمع بين كأس أمم القارة للشباب والكبار.
 
أول وأخر مدرب يفوز بكأس مصر مع نادي درجة تانية، عام 2004، بعد هزيمة المقاولين للأهلي 2-1؛ وأول وأخر مدرب يقود فريق درجة ثانية للفوز بكأس السوبر، ذات العام، على حساب الزمالك، بطل الدوري، 4-2.
 
أول، وأخر، مدرب مصري ينال الأفضل في إفريقيا، عام 2008، وذات اللقب وفق الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم، 2010. وأول، وأخر، مدرب وطني أو أجنبي، يصل لكأس العالم للقارات، 2009. وأول وأخر مدرب عربي وإفريقي يهزم بطل العالم، إيطاليا، يونية 2009.
 
أول، وأخر، مدرب عربي وإفريقي يفوز بثلاث بطولات قارية متتالية. وصنفه الكاف ضمن أفضل خمسة مدربين في تاريخ إأفريقيا.
 
أول مدرب مصري يدخل الفريق الوطني قائمة أفضل 20 منتخب، الـ16 عام 2008؛ وأول وأخر مدرب عربي يصنف فريقه بين المنتخبات العشر الكبار دوليا، التاسع في ديسمبر 2010.
 
أول، وأخر، مدرب مصري يكرم بوسامي الجمهورية: 2008 و2010؛ وأول، وأخر، رياضي مصري يضم أعلى وسام من الدولة.. لاعبا، لنظيريه مدريا.
 
والمدرب الوحيد، خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية، الذي تناول خطط لعبه: 3-4-1-2 و4-2-3-1 و4-4-2، أبرز كتب التكتيك الكروي عبر التاريخ، الهرم المقلوب.. تاريخ تكتيكات كرة القدم؛ للمحلل الكروي الإنجليزي الأشهر، جوناثان ويلسون.
 
الدائرة الوحيدة التي لم يستطع دخولها.. نهائيات كأس العالم، فبعد التساوي، لجأ المنتخبان المصري والجزائري لمباراة فاصلة، 18 نوفمبر 2009 بالسودان، صاحبها توتر سياسي وشغب، وانتهت بخسارة الفراعنة. 
 
في عالم المستديرة، يندر أن تجمع بين براعة اللعب ومهارة التدريب، فعلها المُعلم حسن شحاتة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق