حوارات القاهرة تجمع شمل الأشقاء..

الحوار «السوداني السوداني» يخترق الخلافات وينجح في رسم خارطة طريق متفق عليها

السبت، 11 فبراير 2023 10:00 م
الحوار «السوداني السوداني» يخترق الخلافات وينجح في رسم خارطة طريق متفق عليها
يوسف أيوب

 

- القوى السودانية تؤسس كتلة وطنية موحدة وتبعث برسالة لكل السودانيين: آن الأوان لتشكيل الحكومة والتقدم للانتخابات

- أحزاب وحركات وشخصيات مؤثرة توقع على وثيقة للتوافق وإعلان سياسي يستكمل المرحلة الانتقالية ويلغي الأقصاء

من ليبيا إلى السودان، تبقى مصر دوماً حاضرة بسياساتها المتوازنة، التي لا تستهدف من ورائها الا تحقيق الامن والاستقرار لجيراننا واشقائنا، خاصة أذا ما استشعرت خطورة الموقف على الأرض، فتعمل على تهيئة الأجواء لحوارات داخلية، يتفق عليها أهل البلد على المسار الذى يرونه صحيحاً لقيادة بلدهم خلال الفترة المقبلة.
 
هذا ما يحث في ليبيا، التي استضافت القاهرة الأسبوع الماضى، اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، بحضور لجنة التواصل الليبية ونظيراتها من النيجر والسودان، برعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا عبد الله باتيلى، والذى انتهى إلى اعتماد آلية متكاملة للتنسيق المشترك بشأن جمع وتبادل البيانات حول المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
 
وما يؤكد التوازن المصرى الفعال في الملف الليبيى، والذى لا يبغى سوى المصلحة العامة لليبيين، أثنى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا عبد الله باتيلى على جهود الحكومة المصرية فى دعم الحوارات الليبية، وسعيها إلى مساعدة الليبيين على الخروج من الأزمة الراهنة، معتبراً أن ما حدث في القاهرة "تقدم إيجابي ضمن المساعي الرامية لتحقيق استقرار وسلام مستدامين في ليبيا، وفي دول الجوار والمنطقة عموما، كما أنه خطوة مهمة لخلق مناخ مواتٍ للعملية السياسية بما في ذلك تنظيم الانتخابات في 2023"، مشيراً إلى أجواء التعاون التي سادت الاجتماع والعمل الجاد الذي قام به المشاركون، قائلاً إنه "يعبر عن الرغبة المشتركة لدى ليبيا وجيرانها في إنهاء تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب على الأراضي الليبية، بما يضمن احترام سيادة ليبيا ووحدتها الترابية دون الإضرار بدول الجوار".
 
من ليبيا إلى السودان، التي لا خلاف على أنها تمر اليوم بمرحلة شديدة الدقة، فالتوقيع على الاتفاق الإطارى بين المكون العسكرى و"المجلس المركزى للحرية والتغيير" في الخامس من ديسمبر الماضى، لم ينهى المشكلة، بل زاد من تعميقها، خاصة في ظل وجود أطراف قوية وفاعلة في الشارع السودان جرى استبعادها لأسباب غير مفهومة، مما زاد الهوة الكبيرة بين القوى السياسية السودانية، أخذا في الاعتبار أن الموقعين على الاتفاق الإطارى من الجانب المدنى، يبدو أنهم يعتمدون بشكل كبير على الدعم الذى يتلقونه من الآلية الثلاثية الدولية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى ومنظمة الإيجاد، والآلية الرباعية المكونة من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية، وبريطانيا، لذلك فإنهم أخذوا الاتفاق إلى جانبهم، رافضين دخول أطراف أخرى فاعلة في الشارع، وأيضاً لا يريدون الحديث عن فتح النقاش حول بعض من بنود الاتفاق المثيرة للجدل السودانى.
 
كل ذلك يشير إلى أن الوضع السياسي في السودان حاليا وضع معقد، فالاتفاق الإطارى بات ملفوظاً من قوى كثيرة، وتحول من عملية في الطريق الصحيح إلى لغم قابل للانفجار في وجه السودانيين في أي لحظة، اذا لم يتخلى موقعيه وداعميه عن النظرة الاستعلائية التي تحكم تصرفاتهم، وجعلتهم ينظرون للأمر على أنه خاص بهم فقط ولا وجود لمن يعارضونهم، وأشير هنا لما قاله يوسف محمد زين، رئيس الحزب الوطنى الاتحادى السودانى، بإن "المجلس المركزى الآن يمثل 15% فقط من هذا المكون.. وهذا من وقع الاتفاق الإطارى وأكثر من 80% خارج المشهد"!
 
ولان الوضع السياسى في السودان يسم بالخطورة، فقد دعت مصر القوى السودانية المختلفة للمشاركة في ورشة عمل قاصرة على السودانيين فقط، يتناقشون فيما بينهم، للتوصل إلى الحلول التى يرونها صالحة للوصول إلى أرضية مشتركة، ولاقت الدعوة المصرية ترحيباً كبيراً من قوى سودانية مؤثرة، نظرت للتحرك المصرى على أنه " توجه طيب يسعى لتوافق سودانى سودانى"، يستهدف توفير الأجواء لنقاش سودانى سودانى، دون تدخل أو ضغوط من أحد، وهو ما يفتقده السودانيين طيلة الأشهر الماضية.
 
وجاءت الدعوة المصرية في ظل تجاذبات سودانية داخلية، أخرها ما أكد عليه الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الانتقالي بأن المكون العسكري لن يوقع على اتفاق غير متوافق عليه من القوى السياسية، مشيراً إلى أن بعض القوى السياسية التي وقعت على الاتفاق الاطاري ليست كافية ولابد من توفر حد أدنى لتحقيق الاستقرار السياسي بالبلاد، داعياً القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري للتحلي بسعة الصدور وقبول الآخر، مبينا أن الاتفاق الإطاري الذي تم بين المكون العسكري وبعض القوى السياسية لا يجد قبولاً من غالبية القوى السياسية، وبالتالي غير كاف لحل المشكلة السياسية بالبلاد.
 
ما قاله "كباشى" يعبر عن الحالة السائدة في السودان، وهى الخلاف على الاتفاق الإطارى والحاجة إلى مخرج جديد.
 
من هنا جاءت أهمية ورشة القاهرة للحوار السوداني/ السوداني التي وعقدت تحت شعار "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، بحضور عدد كبير من ممثلي القوى السياسية والإقليمية السودانية، التي انتهت إلى بيان مهم وقرارات غاية في الأهمية، منها الإعلان عن تشكيل كتلة وطنية، وإعداد إعلان سياسي يكون بمثابة خارطة طريق لاستكمال المرحلة الانتقالية يتضمن تشكيل هيئة سياسية من كافة شرائح المجتمع السوداني تكلف باختيار رئيس الوزراء التوافقي، ومجلسي الوزراء والسيادة والبرلمان الانتقالي.
 
ووقع ممثلون أبرز القوى السودانية على وثيقة للتوافق التوافق السياسي تتضمن إعلانيا سياسياً بشأن استكمال المرحلة الانتقالية في السودان دون إقصاء أي طرف أو مكون من مكونات الشعب السوداني، وكان من أبرز الموقعين على الوثيقة، حركة جيش تجرير السودان، حركة العدل والمساواة، حزب الاتحاد الديمقراطي، المجلس الأعلى لنظارات البجة والعموديات المستقلة، التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، الحزب الوطني الاتحادي، الحزب الجمهوري، حزب اللواء الأبيض، إضافة لعدد من الشخصيات الوطنية السودانية الوطنية.
 
وقال مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد في أن مصر عبر استضافتها لهذا الاجتماع حققت نقلة نوعية في الساحة السودانية، لأنه قبل ذلك كان هناك مجموعة من التكتلات ليس بينها اتفاق أو إئتلاف، وكان هناك قوة واحدة هي إئتلاف الحرية والتغيير-المجلس المركزي لها تفضيل من بعض القوى التي، كانت تتعامل معها، لافتاً إلى وجود كتلة موحدة وباتفاق واحد في كل القضايا تمثل جزءاً كبيرا من الشعب السوداني، مؤكداً على أن "مصر جاءت بهذه المبادرة متأخرة ولكنها لأنها أصيلة، أصبحت في المقدمة، وهي الآن وضعت القضية السوداني، في نهايتها وقربتها للحل".
 
الفاضل المهدى أشار إلى "أننا لسنا مختلفين مع إخواننا في إئتلاف إعلان الحرية والتغيير-  المجلس المركزي، على مهام الفترة الانتقالية وأن تكون هناك حكومة انتقالية مستقلة من الخبرات، ولكن الخلاف حول قيامهم في الاتفاق الإطار الأخير بإلغاء الوثيقة الدستورية الذين ساهموا هم في وضعها عام 2019، وأن يذهبوا لوضع دستور جديد، ولكنهم لم يصلوا إلى شيء"، مشيراً إلى إن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هو ساهموا في كتابتها وبالتالي لا يجب أن يكون هناك خلاف حولها، وأردف قائلا "الآن نحن وصلنا لمرحلة نهائية عبر هذا الحوار".
 
وفى المؤتمر الصحفى قال المهدى "آن الأوان لتشكيل الحكومة والتقدم للانتخابات"، مشدداً على أن لا أحد مفوض لكي يحكم في الفترة الانتقالية، بل يجب أن نعمل أن نوكل سلطة انتقالية من أهل الخبرة لإجراء الانتخابات.
 
وانتقد نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني الأصل جعفر الميرغني محاولات الإقصاء التي جرت منذ بداية الفترة الانتقالية، مشيرا إلى أن حكومة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك قد أقصت أطياف من المجتمع السوداني وتزايد الأمر بشكل كامل، ما أدى لانسداد سياسي تام في العملية السياسية وكان لابد من إيجاد مخرج، وبالتالي وجهت القاهرة دعوة لحوار سوداني – سوداني خالص كان يطمح إليه أبناء الشعب السوداني منذ فترة.
 
وأشار جعفر الميرغني إلى أن المجتمعين في القاهرة لا يقبلون الإقصاء أو التفرقة التي ستؤدي لانسداد سياسي، مضيفا "شارك في اجتماعات القاهرة حوالي 135 فصيل .. من الصعب أن يحدث توافق تام بينهما لكننا باجتماع القاهرة توصلنا لإنجاز بالخروج باتفاق سياسي إيجابي"، مشيداً بدور مصر على مدار تاريخها حيث استضافت اجتماعات عدة للسودانيين لتحقيق التوافق بينهما في فترات تاريخية دقيقة، فضلا عن تنظيم عددا من الحوارات السياسية والعسكرية السودانية في عدد من دول الجوار السوداني.
 
وقال عبد الرازق عشر من الكتلة الديمقراطية إن ورشة العمل انتجت أورق للترتيبات الدستورية، والإصلاح المؤسسي والسلام وقضايا شرق السودان، إزالة تمكين النظام السابق واسترداد الأموال وقضايا الشباب والثورة، والعدالة الانتقالية البرنامج الإسعافي للفترة الاتتقاية وهياكل الفترة الانتقالية، كما تدعو الوثيقة التي تم التوقيع عليها إلى تأسيس لهيئة انتقالية يكون أعضائها 60 % من المشاركين في حوار القاهرة، وتمثيل الشباب والمرأة وفئات الشعب السوداني على أن تختار هذه الهيئة رئيس الوزراء ومجلس الوزراء والسيادة والمجلس التشريعي الانتقالي.
 
وأكد مبارك أردول إن الوثيقة لم تحدد أسماء بعينها كمرشحة لمنصب رئيس الوزراء، وقال اتفقنا على تشكيل هيئة تأسيسية انتقالية تختار قيادات الدولة العليا بدءاً من رئيس الوزراء والمجلس السيادي، والبرلمان، لافتاً إلى إن الهيئة الانتقالية ستتكون من مائة فرد وعضو وعضوة، فيها نسب، 60 % للموقعين 10 % للجات المقاومة والشباب، و30 % للنساء والفئات.
 
وأشار أردول إلى أن الوثيقة اقترحت منصب أن يكون هناك منصب نائب رئيس الوزراء وأن يكون عدد الوزراء 25 وأن تكون حكومة وحدة وطنية تتكون من كفاءات دون محاصصات حزبية.
 
ووجه علي عسكوري من الكتلة الديمقراطية الشكر لمصر على استضافتها لهذا الحوار، وقال إن البعثة الأممية، انحرفت عن مجراها، وتخلت عن دورها تسهيلي، لتصبح منحازة لجزء من القوى السياسية، مؤكداً: "نرحب بدور مصر ودول الجوار لأنها أكثر إلماماَ بأوضاع السودان، وتاريخياً العلاقات بين مصر والسودان ضاربة الجذور، ونحن نرى أن دول الجوار لها دور في مساعدة السودانيين، أن يجلسوا مع بعضهم البعض".
 
ووجه ميرغني موسى وزير النقل السوداني السابق عضو الكتلة الديمقراطية الشكر لمصر، وقال إن قضية شرق السودان منذ أيام الاستقلال لم يتم استيعابها، رغم أهمية موقعه الجغرافي، وقال "حاولنا نشرح تعقيدات العملية وكيف نننتشل هذا الإقليم، من مشاكل التهميش، والتخلف، المتوارثة خاصة في قضايا التعليم والموارد"، لافتا إلى أن القاهرة حققت لشرق السودان، ما لم تحققه كل نضالات الحركة المدنية السياسية، مشيراً إلى أن هذا الحوار ثبت مفوضية التنمية بالتعليم لشرق السودان تحديداً ،وأن يكون هناك منبر تفاوضي لشرق السودان مفتوح لكل الأحزاب في شرق السودان دون استثناء.
 
وقال الصادق الهادي المهدي إن الإخوة في مصر وفروا ظروفاً لإجراء حوار سوداني سوداني دون أي تدخل، بل لم يدخل أحد منهم هذه القاعة، في إشارة إلى القاعة التي استضافت الورشة.
 
وقال مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان الكتلة الديمقراطية وحاكم دارفور: "ركزنا على الدعوة للحوار السوداني السوداني، لأن هذا المخرج الوحيد للسودان، ولا ندعي أن هذه المخرجات سيلتف كل الشعب السوداني حولها، كما أن الطرف الآخر سيعجز عن القول إن الشعب السوداني ملتف حوله"، مجدداً الدعوة لحوار سياسي مدني لتكوين حكومة ديمقراطية.
 
وقال الناظر ترك رئيس النظارات المستقلة لشرق السودان عضو الكتلة الديمقراطية إنه خلال لقاءت جماهيرية بشرق السودان في السابق، طلبنا من مصر التدخل، وعندما جاء المبعوث المصري طلبنا نفس الطلب، مضيفاً: "عندما أزحنا النظام السابق، أردنا ان نعيش بسلام وحرية وديمقراطية، ولكن انقلب السحر على الساحر، فهناك مجموعة انقلبت علينا، بدعم ممن يسمون أنفسهم آلية ثلاثية أو رباعية، وجئنا لمصر بعد أن ضاقت بنا الأرض في السودان، لأن هناك مجموعة تتمسك بالسلطة بدعم  من دول معينة، مشدداَ على رفضهم للاتفاق الإطاري الأخير".
 
النص الكامل للبيان الختامى لورشة الحوار السوداني/ السوداني  
 
وجاء نص البيان الختامي لورشة الحوار السودانى السودانى الذى صدر الثلاثاء 7 فبراير كالأتى:
 
بدعوة من جمهورية مصر العربية لكافة القوى السياسية والمجتمعية السودانية، بهدف اتاحة الفرصة لها لحوار سوداني/سوداني خلال الفترة 2-7/2/2023، فقد انتظمت القوي السياسية التي لبت الدعوة في ورشة عمل عنوان "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، حول سبل تجاوز الأزمة السياسية التي تطاول امدها، وقد شارك في الورشة عدد 85 شخصية يمثلون 35 حزباً وحركة تمثل طيف عريض من القوي السياسية والمجتمعية وقوى النضال المسلح  في السودان.
 
لقد نتج عن الخلافات بين المكونات المختلفة المشاركة في السلطة الانتقالية خلال الفترات الماضية أزمة كبرى انتهت بإجراءات 25 أكتوبر التى أوقفت العملية الانتقالية تماماً. 
 
توزع ممثلو الكتل السياسية المشاركة فى ورشة العمل – والتى شملت الحرية والتغيير الكتلة  الديمقراطية، كتلة التراضي الوطني، كتلة الحراك الوطني، كتلة القوى الوطنية، الجبهة الثورية، بجانب شخصيات قومية ومهنية وممثلين من قوي المجتمع المدني، وأكاديميين، والشابات والشباب وممثلين لبعض لجان المقاومة – الي عشرة لجان وهى (الترتيبات الدستورية، السلام، قضايا شرق السودان، هياكل السلطة الانتقالية وأجهزة الحكم، العدالة الانتقالية، تفكيك نظام  الثلاثين من يونيو، برنامج الفترة الانتقالية، الاصلاح المؤسسي، قضايا الشباب، الإعلام)
 
وقد توصلت اللجان المذكورة إلى توافق سياسى حول ما تم بحثه، وقد وافق المشاركين على ما تقدمت به تلك اللجان، وفيما يلى نستعرض أهمها:
أولاً: الترتيبات الدستورية:
 
إعتمدت الورشة الوثيقة الدستورية الموقعة فى أغسطس 2019 المعدلة عام 2020 مع إجراء بعض التعديلات التي تتوافق مع مقتضيات المرحلة الراهنة لتحكم ما تبقى من الفترة الإنتقالية، خاصة وأنه لا توجد سلطة تأسيسية تجيز أى دستور جديد.
 
ثانياً: أجهزة الحكم: 
 
هناك متغيرات كبيرة فى الواقع السياسى السودانى أهمها إعلان المكون العسكرى إنسحابه من العملية السياسية فى شهر يوليو 2022 والتشظى الذى أصاب القوى السياسية، لذا فإن ورشة العمل توصلت إلى إقتراحات يتم بموجبها عمل تعديلات فى تكوين السلطة التنفيذية لتقديمها للقوى السياسية لتجيزها القوى الداعمة للتحول الديموقراطى، وهى فى مجملها تهدف لتكوين سلطة مدنية كاملة تستأنف عملية الإنتقال للوصول إلى الإنتخابات، وتكوين حكومة منتخبة.
 
وللوصول إلى ذلك فإن ورشة العمل قد إقترحت معايير عضوية مجلس الوزراء ليتكون من مهنيين ذوى كفاءة ومقدرة من المنحازين إلى الثورة دون أن يكونوا ضالعين بالعمل السياسى الحزبى.
 
وقد توصلت الورشة إلى إقتراحات فيما يتعلق بالآلية التى تتولى إختيار أعضاء السلطة التنفيذية والسيادية مع إصدار التشريعات اللازمة لتقنين سلطة قضائية مستقلة ومحايدة.
 
وفيما يتعلق بالقوات النظامية يجب أن تكون تلك القوات على مسافة واحدة من كافة القوى السياسية والمجتمعية ولا تتدخل في الشأن السياسي، بما فى ذلك تكوين المؤسسات الخاصة بها مثل مجلس الأمن والدفاع الوطني.
 
وبالنسبة لمهام الحكومة الإنتقالية فقد تم التوافق على برنامج واقعي تنفذه الحكومة الانتقالية بعد إجازته من القوى الداعمة للتحول الديموقراطي.
 
ثالثاً: السلام والمصالحة: 
 
وفيما يتعلق بترتيبات السلام فقد أكد المشاركون على الإلتزام بتنفيذ إتفاق سلام جوبا الموقع في أكتوبر 2020م، مع العمل على مواجهة الظروف التى أنتجت الحروب الأهلية المختلفة بما يؤدى إلى منع نشوب النزاعات المسلحة مستقبلاً وتهيئة الظروف للسلام من خلال تحسين الأوضاع الإقتصادية والمعيشية لمناطق الهامش، مع الوضع فى الإعتبار أهمية معالجة الأوضاع فى شرق السودان وحلحلة المشاكل بواسطة منبر تفاوضى متفق عليه ومقبول لأهل الشرق.
 
رابعاً: الترتيبات العسكرية والأمنية:
 
ضرورة الإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية وفق خطة إصلاح أمني وعسكري تقود إلى جيش وطني واحد وما يتطلبه ذلك من دمج قوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح في القوات المُسلحة، طبقاً لجداول زمنية محددة ومتفق عليها.
 
كما توجد أهمية لوضع الأنشطة الاستثمارية والتجارية لكافة القوات النظامية (الجيش، الدعم السريع، المخابرات العامة، الشرطة) تحت ولاية وزارة المالية، ما عدا تلك المتعلقة بالصناعات الدفاعية والمهمات العسكرية والصندوق الخاص للتأمين الاجتماعي للقوات المسلحة.
 
خامساً: العدالة والإصلاح المؤسسي: 
 
إعتمدت ورشة العمل مبدأى المسئولية والمحاسبة بحيث تتم محاسبة المسئولين سياسياً وقانونياً وفق القوانين السائدة، وذلك عن طريق العدالة التقليدية التى تطبقها المحاكم وبواسطة العدالة الإنتقالية القائمة على مبدأى الحقيقة والمصالحة.
 
كما أكد المشاركون ضرورة تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو 1989م وذلك ضمن عملية التأسيس لحكم القانون، مما يستلزم التقيد بالقانون والسلطات الدستورية.
 
كما أن إصلاح أجهزة ومُؤسسات الدّولة المختلفة يحتاج إلى قيام المُفوضيّات المُتخصصة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية. 
 
سادساً: قضايا الشباب: 
 
إنشاء مفوضية للشباب تهتم بقضاياهم ويكون من مهامها تمويل مشاريع استقرار الشباب، وتخفيف معدلات البطالة، والإهتمام برفع وبناء القدرات، وتشجيع التعليم المهني والتقني، ورعاية المواهب الرياضية والثقافية.
 
سابعاً: الانتخابات:
 
يتطلب إجراء إنتخابات حُرة ونزيهة تكوين مُفوضيّة مُستقلة على أن تُجرى الانتخابات في فترة أقصاها عامين من تاريخ تعيين رئيس الوزراء. وتُعيّن الحكومة مفوضية مستقلة للانتخابات تقوم بكافة المهام الفنية والتنفيذية المتعلقة بموضوع الانتخابات. بدءً من إجراء مشاورات حول قانون الانتخابات ونظام إجرائها، ثم اجازته والإشراف على عملية الانتخابات من إعداد السجل الانتخابي إلى إعلان نتيجة الانتخابات. 
 
وترتيباً على ما تقدم قد أصدر المشاركون بالورشة وثيقة التوافق السياسى والوثيقة الحاكمة للفترة الإنتقالية، وتشكيل "تنسيقية القوى الوطنية الديموقراطية" كجسم جامع لكل الكتل والمكونات والشخصيات المشاركة فى هذه الورشة بمهمة التواصل مع كل الأطراف الداعمة للتحول الديموقراطى.
 
وختاماً، أكدت الورشة أن فصيلاً واحداً أو كتلةً واحدةً من الجسم السياسي السودانى لا يمكنها أن تقود الفترة الإنتقالية بمفردها، فالفترة الإنتقالية تتطلب بطبيعتها تكاتف جميع القوي الداعمة للتحول الديموقراطى، ومن هنا فإن المجتمعين يدعون جميع القوي الداعمة للتحول الديموقراطى إلى الإجتماع و مناقشة القضايا الوطنية المطروحة للتوصل إلى توافق وطنى حولها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق