تخدم أكثر من 100 مليون مصري.. هل المشروعات القومية ذات جدوى؟

السبت، 18 فبراير 2023 07:00 م
تخدم أكثر من 100 مليون مصري.. هل المشروعات القومية ذات جدوى؟
أرشيفية
محمد فزاع

- تخدم أكثر من 100 مليون مصري وليس فئة بعينها وتأخرت لعقود من الزمن 

- لم تكلف الشعب جنيها واحدا ويعمل بها 5 ملايين شخص.. والقطاع الخاص ينفذ أكثر من 90% منها

- العاصمة الإدارية الجديدة وفرت بمفردها 2 مليون فرصة عمل واعتمدت على مستثمري ومطورين

- حل أزمة الطرق أزاح 8 مليارات دولار من كاهل الدولة.. والمدن الجديدة قضت على المناطق غير الأمنة

- محطة الضبعة لمنع انقطاع الظلام الذي شاهدناه قبل 2014.. وبنبان تعادل 90% من قوة السد العالي
 
منذ أكثر من 8 سنوات تدشن مصر مشروعات عملاقة وقومية، تنقل البلاد بخطوات متسارعة نحو التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعيةً الشاملة في غاية أساسية هدفها تأمين حياة كريمة للمصريين، لكن كالعادة يقف المتربصون لإطلاق الشائعات وينخرون بمحاولات التشويه والتشكيك المستمرة بالهجوم والنقد غير الموضوعي للحظة طرح المشروعات منذ بداية الفكرة وأثناء تنفيذها والانتهاء منها وحتى بعد تحقيق عوائد.
 
المشروعات التي تنفذها القيادة السياسية بخطط مرسومة لإنشاء الجمهورية الجديدة، مقدر لها أن تتحول إلى أيقونات قومية وتصبح تاريخاً يؤمن مستقبل أجيالا لاحقة، لما تتركه من تأثير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خاصة والحضارية عامة.
 
تسير الحكومة المصرية في خططها دون التفات للأصوات الهدامة والتي تنتقد دون دلائل أو براهين، والشاهد على الأمر إذا عدنا بآلة الزمن لنرصد المشروعات الكبرى في تاريخ مصر منذ القرن 19 وحتى يومنا، لوجدنا نفس الحجج والشائعات التي لا تتغير رغم تغير الظروف والأوضاع، ويرد الزمن دائما على المشككين بأن المشروعات العملاقة كقناة السويس وسكك حديد مصر والترام وكورنيش الإسكندرية والسد العالي، باتت أيقونات حضارية في التاريخ الحديث.
 
حكومة وقطاع خاص وجهاز الخدمة الوطنية
 
اهتمت الدولة بسلسلة من المشروعات القومية العملاقة بمشاركة القطاع الخاص وجهاز الخدمة الوطنية في عمليات التنفيذ، والتي أسهمت في دخول اقتصاد البلاد طور التعافي، وزيادة الدخل القومي وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومنها قناة السويس الجديدة، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وأنفاق السويس لربط سيناء بالوطن، والاستصلاح الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومشروعات الثروة السمكية، وبناء جيل جديد من المدن، ومدينة العلمين الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة دمياط للأثاث، والشبكة القومية للطرق، والمشروع القومي للإسكان الاجتماعي، والمشروع القومي للكهرباء، وأكبر محطة طاقة شمسية في العالم.
 
اهتمام القيادة بمثل هذه المشروعات الخدمية والقومية جاء كأولوية تخدم أكثر من 100 مليون مصري وليس فئة بعينها، ولم تكن ترفا بل واجب تأخر لعقود من الزمن أهمل لسنوات، وكانت سببا في عدم إقبال المستثمرين العرب والأجانب على العمل في مصر.
 
يستغل بعض المشككين الأمر لأغراض انتهازية مدمرة، تثير البلبلة بتصدير أن الدولة تعمل مشروعات فقط لصالح رجال الأعمال والمستثمرين، دون توضيح الحقيقة الكاملة، بكون تلك الاستثمارات في مشروعات البنية الأساسية لن تشهد مصر أي تدفق للاستثمار المباشر الذي تستهدفه وتحتاجه بشدة، لتعزيز فرص النمو الاقتصادي القوي وتوفير فرص العمل التي تمتص البطالة وتسهم في تحسين مستوى معيشة قطاع أوسع من المصريين.
 
قواعد منافسة عادلة
 
الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد مرارا أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ملتزم بقواعد المنافسة العادلة، وتعمل الشركات التابعة له على تسديد كافة مستحقات الدولة فيما يتعلق بتكاليف المياه والكهرباء والضرائب وغيرها، موضحا أن الحكومة طرحت عدد من الشركات الحكومية من بينها شركتان تابعتان لجهاز الخدمة الوطنية بالبورصة، ومستعدة لطرح المزيد بالبورصة أو للشراكة مع القطاع الخاص الذي يمكن أن يسهم بشكل إيجابي في ذلك الإطار بعد أن تحقق الهدف الرئيسي من هذه الشركات في توفير الإنتاج.
 
وضرب الرئيس السيسى مثالا بجهود جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالتعاون مع وزارة التموين لإعادة تأهيل وتطوير مصنعي «قها» و«إدفينا»، وعودتها إلى السوق مرة ثانية بعد إجراء عمليات التطوير والتحديث، مؤكدا أن عمل القطاع الخاص سيضيف حوكمة أكثر وأداء أفضل.
 
وقال الرئيس السيسي إن قدرة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للنفاذ لتنفيذ القرار ممكن يكون أسرع ولكن ليس على حساب المنافسة الحقيقية في تكلفة الإنتاج والتشغيل، مؤكدا إن الدولة خلال الأربعين عاما الماضية زاد تعداد سكانها بشكل كبير دون أن تنفيذ ما يلزم من مشروعات بالحجم الذي يتناسب مع حجم الزيادة السكانية.
 
وحث القطاع الخاص على المساهمة في زيادة السعة التخزينية لأكثر من 6 ملايين طن للقمح والأرز والذرة، لتكون مصر منصة لوجيستية للتخزين بما يخدم مصر والمنطقة، مشيرا إلى أنه يجري تشجيع المستثمرين على عمل مناطق لوجيستية بالموانىء الرئيسية أو الهيئة الاقتصادية لقناة السويس والدولة مستعدة لذلك، والهدف من ذلك أن تستفيد مصر بموقعها لأن تكون منطقة لوجيستية للمنطقة كلها والعالم لو أمكن.
 
وأضاف أن الدولة تسعى لتقليل الفجوة التي نجمت عن الزيادة السكانية في السنوات الماضية، وتعمل على كافة المحاور، مشيرا إلى أن كثيرا من النقاش الذي يدور حول أن أولويات الدولة كانت من المفروض أن تتغير للصناعة فقط، وهذا كلام صحيح، لكن الأمور كلها محتاجة لجهود كبيرة في كل المحاور، موضحا أن قطاع الري على سبيل المثال كانت له أيضا أهميته وإن كان لا يصب بصورة مباشرة في تطوير قطاع الصناعة ولكن الدولة كان لا بد أن تتحرك في كل القطاعات في نفس التوقيت، لافتاً إلى إننا نحتاج 100 مليار دولار على مدى سبع سنوات لسد الفجوة الاستيرادية والتي تصل إلى نحو 30 مليار دولار سنويا، لافتا إلى استعداد الدولة لتقديم كافة التسهيلات اللازمة في هذا الشأن.
 
مشروعات حتمية
 
جاءت المشروعات لترد على ضعاف النفوس ممكن يقللون من أهميتها أو ممن يريدون شرا بمصر، عبر أبواق لا تكف عن إطلاق شائعات، ورغم ذلك تؤكد الدولة المصرية دائما بأن المشروعات القومية الضخمة لم تكلف المصريين جنيها واحدا، وأقسم الرئيس السيسي مرارا ومنها خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة 2019، بالقول: «طيب والله والله والله كل المدن الجديدة مش معمولة من موازنة الدولة.. طيب تقولولي بتعملوا إيه.. بتحفروا وتجيبوا فلوس من الأرض؟.. لا إحنا بنحول الأراضي اللي بلا قيمة إلى أراضي ذات قيمة بتطويرها، والفلوس بنعمل بيها بنية أساسية».
 
وخلال أيام في القمة العالمية للحكومات المقامة في دبي بالإمارات، أكد على أهمية المشروعات أوضح فائدتها بالقول «فيه شركات شغالة فيه 5 ملايين إنسان في المشروعات القومية، شهدنا أيضا عودة ناس في دولة زي ليبيا أو دول أخري بالملايين، لكن نفذنا بنية أساسية ومشاريع قومية تشغل 5 ملايين في 5 ألاف شركة في كل القطاعات وفي كل شيء، تنقل الدولة المصرية من حالة موجودة فيها إلى دولة حاجة تانية خالصة».
 
صدمات 2011 إلى 2013
 
يسأل الجميع لماذا جاءت المشروعات القومية؟، والإجابة بكل بساطة بعد أحداث الاضطرابات التي شهدتها مصر من 2011 وحتى 2013، هرب القطاع الخاص كون الأزمات لا تفيده في شيء ويتعرض لخسائر دائمة، فكان لزاما تدخل الحكومة لتحريك عجلة النشاط الاقتصادي، والحد من الصدمات الكارثية التي قد تؤثر على الأفراد والشركات.
 
جاءت خطة الجمهورية الجديدة، لتوجه معظم الاستثمارات لتحسين البنية التحتية كبداية لتشجيع المستثمرين على البدء في مشاريعهم، ورفع مستوى الخدمات، واستحوذت "صرف والكهرباء والمياه" على نسبة 21% من المصروفات، وأعقبها النقل والتخزين بنسبة 16%، يليه قطاع الاستخراجات بنسبة 15%، ثم الصحة والتعليم 8%، والصناعات التحويلية 7%.
 
كانت وتيرة تنفيذ المشروعات القومية الكبرى متسارعة بتوجيهات من القيادة السياسية باستثمارات تجاوزت 7 تريليون جنيه لتعزيز التنمية الاقتصادية، ودخلت شركات القطاع الخاص لتنفذ أكثر من 90% من الأعمال لتحريك عجلة البلاد.
 
بعدها كان لزاما الاتفاق إلى تحسين جودة الطرق لتكتمل التنمية، خاصة وأن تكلفة الازدحام المروري في القاهرة الكبرى تكلف 8 مليارات دولار، وكان يتوقع أن تصل 18 مليارا بحلول 2030، ولذا جرى إنشاء شبكة قومية للطرق لتحقيق التنمية المتكاملة والمساهمة في زيادة نسبة المساحة المأهولة مما أدى إلى تحسن تصنيف مصر في المؤشرات الدولية، لتصل إلى المركز الـ28 عالميًا في مؤشر جودة الطرق.
 
وعملت الجمهورية الجديدة، على تحقيق التنمية العمرانية المتكاملة بإنشاء مدن جديدة، لاستيعاب الكثافات السكانية المتزايدة، ووقف الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، والتدخل الفوري للقضاء على المناطق غير الأمنة وتحقيق حياة آدمية لقاطنيها، وفي سبيل ذلك جرى استثمار 425 مليار جنيه.
 
الرد بالأرقام
 
لن نتحدث كثيرا، لكن سنرد بالأرقام، فبدءا من مشروع قناة السويس الجديدة كان ضروريا لتلافي المشكلات التي تتعرض لها السفن حيث توقف قوافل الشمال فترات زمنية طويلة تمتد إلى 11 ساعة في البحيرات المرة، والسماح للسفن العملاقة بغاطس 65 قدم بالمرور بالقناة، وبالتالي زيادة دخل قناة السويس من خلال السماح لفئة جديدة من السفن بالمرور، ومنع تحولها لمسارات أخرى، كما تساهم بتنمية المنطقة الجديدة على ضفاف القناة الناشئة من خلال مشروع "تنمية محور قناة السويس"، الذي تضمن مشروعات عمرانية وصناعية وسياحية متكاملة مما يؤدي لخلق فرص جديدة. 
 
مشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة كان الهدف منه إنتاج طاقة كهربائية من الجيل الثالث المطور بطاقة 4800 ميجاوات، ودعم الشبكة القومية كأحد أهم الخطط المصرية لمنع انقطاع الكهرباء المتكرر الذي شاهدناه قبل 2014، وتكامل المشروع بإنشاء محطة بنبان للطاقة الشمسية كأكبر وأضخم مشروع في مصر لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، على أرض أسوان لينتج ما يعادل 90% من الطاقة المنتجة من السد العالي للوفاء بالاحتياجات الجماهيرية المتزايدة.
 
أما سلسلة المدن الجديدة الكبرى كانت خطة متكاملة تنفذ بأهداف ذات أبعاد عمرانية واقتصادية كبيرة، بحيث تقلل الأزمة السكانية والتكدس السكاني بالمحافظات الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية والقليوبية وغيرها من ناحية، ومن ناحية أخرى توفير فرص عمل للمساهمة في حل أزمة البطالة التي تضرب مصر منذ سنوات، وعبر إنشاء مدن صناعية بها تخلق فرص جديدة للاستثمار، بما لذلك من عوائد اقتصادية هامة على الدولة.
 
وعبر منظومة الإسكان الجديدة استطاعت الدولة أن تنشئ منظومة سكنية عملاقة، حيث أنشأت الدولة 7 مدن جديدة، مئات آلاف من الوحدات السكنية، التي توزع للشباب والفئات الأولى بالسكن، في إنجاز لم تشهد مصر بتلك المنظومة على مر التاريخ.
 
مشروع العاصمة الإدارية الجديدة اعتمدت في الأساس على بيع الأراضي لمستثمرين ومطورين عقاريين مصريين وأجانب، ومن خلالها يجري إنشاء بنية تحتية قوية، وتهدف في المقام الأول لتخفيف العبء عن مدينة القاهرة التي تعاني التكدس السكاني، بما له من آثار سلبية على الخدمات والبنية الأساسية فضلاً عن تأثر الأماكن الأثرية.
 
جاء المشروع الضخم ليستوعب 6.5 مليون نسمة، وتوفير ما يعادل 2 مليون فرصة عمل، ومع أعمال الإنشاءات فتح الباب أمام مئات شركات المقاولات للعمل، وضم أيادٍ عاملة ضخمة، وبالفعل جرى الانتهاء من معظم المشروع، وبدأت ملامح العاصمة في الظهور بشكل كبير.
 
ومثلها كانت فكرة إنشاء مدينة العلمين الجديدة، كمدينة شاطئية سكنية وسياحية، لتكون نواة قوية تستهدف إنشاء مدن سياحية بالساحل الشمالي بمنطقة العلمين على أعلى مستوى بهدف جذب السياسة الداخلية والخارجية، مع تحقيق أهداف سكنية وتوفير حوالي 500 ألف فرصة عمل على الأقل.
 
مع اتجاه دول المنطقة لإنشاء مدن ذكية، كان على الدولة تنفيذ مدينة بطراز خاص، لتضم السائحين من كافة أنحاء العالم، ويجعلها من أهم المدن السياحية في الشرق الأوسط، بالتوازي ما يعادل 22 مدينة كبرى أخرى تحقق أهداف عمرانية وصناعية وسياحية وزراعية.
 
وكون كل دولة علينا تأكل ما تزرع، جاء مشروع المليون ونصف المليون فدان، لإحياء الريف المصرى بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل وتوفير فرص عمل ووحدات سكنية للعاملين بهذا المشروع، ويضم 500 ألف فدان في 9 مناطق من بينها الفرافرة القديمة والفرافرة الجديدة ومنطقتا الدخيلة والمغرة.
 
وبعيدا عن المدن أنشأ مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص العمل المؤقتة والدائمة للشباب المصري، ومثلها مدينة دمياط للأثاث كقلعة صناعية جديدة، تضم الورش الخاصة بإنشاء الأثاث المنتشرة في محافظة دمياط، والتى تضم مجموعة من أمهر صانعي الأثاث في العالم، بهدف دعم الصناعات والحرف القديمة، وتوفير100 ألف فرصة عمل بشكل مؤقت و30 ألف فرصة بشكل دائم.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق