«يوم التأسيس».. شاهد على تحول السعودية إلى دولة المستقبل

السبت، 25 فبراير 2023 10:00 م
«يوم التأسيس».. شاهد على تحول السعودية إلى دولة المستقبل
محمد الشرقاوي

- الأمير محمد بن سلمان: لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل بالقدم ويتلاقى مع الكثير من الحضارات
 
الأربعاء الماضى، احتفلت المملكة العربية السعودية، بذكرى يوم التأسيس، الذى يوافق 22 فبراير 1727 على يدي الإمام محمد بن سعود، والصادر بحقه أمر ملكي في 27 يناير 2022، بأن يكون في نفس اليوم من كل عام.
 
ويرمز هذا اليوم إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ / 1727م، يقول عنه ولي العهد؛ الأمير محمد بن سلمان: «لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل بالقدم، ويتلاقى مع الكثير من الحضارات.. الكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جداً، والعكس أننا أمة موغلة في القدم».
 
وأعرب مجلس الوزراء السعودي في جلسته، الثلاثاء الماضى، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عن الاعتزاز بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة الممتدة لثلاثة قرون، وما أرسته من الاستقرار وتحقيق العدل وتلاحم مواطنيها والصمود أمام التحديات، والتطلع لمستقبل مشرق بالنماء والتقدم، وتعزيز الريادة بين أمم وشعوب العالم في شتى مناحي الحياة.
 
وأجمع باحثون ومؤرخون وراصدون للتاريخ السعودي على ركائز قامت عليها الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعيا وثقافياً، كما أن وثائق المرحلة والأشعار المكتوبة، أكدت قوة الدولة الوليدة، وأن طموح حكامها ليست له حدود، عَادِّينَ البعد الأمني، وتحقيق العدل والمساواة، والقضاء على الفوضى والتشرذم، وإقرار القانون، الخصائص والركائز التي قامت عليها الدولة، مستفيدة من تجربة ثرية في دولة المدينة التي قامت في الدرعية منذ 600 عام، وانطلقت منها ملحمة التأسيس قبل ثلاثة قرون لأول دولة مركزية في شبه الجزيرة العربية، بعد أن تمكن الإمام محمد بن سعود عام 1727م، بتأسيس دولة ذات اعتبار وقوة، بسطت نفوذها على معظم أقطار شبه الجزيرة العربية، كما خضعت لها وتحت إمرتها دول خارجية، بل إن طموح حكامها تجاوز المحيط المحلي إلى التطلع إلى الهند.
 
وانطلقت الذكرى التاريخية من دولة مدينة «الدرعية»، التي لاحظ المؤرخون أنها تتوسع وتضيق حسب الاستقرار السياسي فيها، من خلال أمور ودروس وتجارب متراكمة وطويلة كانت حاضرة عند الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، الذي وُلد في الدرعية عام 1090هـ - 1679م، وتوفي فيها عام 1179هـ - 1765م، وظل يعمل في رحلة كفاح في ميدان القيادة والتأسيس، والذي بفضل عبقريته نقل (دولة المدينة في الدرعية)، إلى مرحلة الدولة التي تعارف المؤرخون على تسميتها «الدولة السعودية الأولى»، التي شكّل قيامها حدثاً كبيراً على منطقة نجد.
 
وشهدت مدن السعودية إقامة عدد من الفعاليات الثقافية والفنية والشعبية التي تحلّق في سماء الإبداع والحب والولاء، عبر لوحات معبِّرة عن فصول من الزمن مرَّت بها السعودية في أوقات الرخاء والشدة، وظلَّت خلالها راسخة ومحافظة على هويتها العربية الأصيلة، مجددةً مفهوم الوحدة الوطنية في كل مرحلة من مراحل بناء الدولة.
 
ومع احتفال السعودية بيوم التأسيس، تظهر على السطح العلاقات المصرية السعودية باعتبارها موغلة في القدم، حيث تلعب الدولتان دوراً محورياً في منطقة الشرق الأوسط وعلى الصعيد الدولي، انتصرت فيها كلا الدولتين للأخرى، فوقفا صفاً واحداً في القضايا العربية في كافة الجهات.
 
وعلى مدار سنوات حملت العلاقات المصرية السعودية على عاتقها هموم الأمتين العربية والإسلامية، فواجها التطرف وكافحا الإرهاب، ووقفا في أحلك اللحظات يشد بعضهما بعضاً، من حرب أكتوبر المجيدة، وخلال ثورة 30 يونيو.
 
ولمصر في قلب الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مكانة خاصة، ففي 2015، وخلال مباحثات هاتفية مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، رسم طبيعة العلاقات بين البلدين، بقوله: "موقف المملكة تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير، وما يربط البلدين نموذج يحتذى به في العلاقات الاستراتيجية والمصير المشترك، والعلاقات المميزة والراسخة بين المملكة ومصر أكبر من أي محاولة لتعكيرها".
 
وخلال أول زيارة رسمية للملك سلمان لمصر منذ توليه، في عام 2016، قال عبر حسابه على تويتر: "لمصر في نفسي مكانة خاصة، ونحن في المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربي والإسلامي، حفظ الله مصر وحفظ شعبها".
 
وتمثل العلاقات المصرية السعودية بعدًا استراتيجيًا وركيزة هامة للاستقرار في العمل العربي المشترك، وفي حماية قواعد وأسس الأمن القومي العربي، مدفوعة بأمال وطموحات قائدا البلدين، وهو ما يتأكد من التنسيق المستمر بين الرئيس السيسي، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.
 
ومرراً أكد الرئيس السيسي دعم المملكة العربية السعودية لمصر خلال مراحل شديدة الخطورة والأهمية خلال الأعوام الماضية، عبر ما قدمته من إسهامات لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، فيما تبقى مصر سندًا لدول الخليج في مواجهة المخاطر المحدقة بها من قبل قوى إقليمية ودولية، ناهيك عن احتواء العديد من التهديدات، وفي القلب منها الارهاب.
 
ويرى مساعد وزير الخارجية السابق، السفير حسين هريدي أن الدولتان يمكنهما بحكم تأثيرهما الاقليمي الممتد القيام بدور بارز فيما يتعلق بتحقيق الدبلوماسية الوقائية، عبر التنسيق والتعاون لتحقيق أكبر قدر من التكامل على مختلف المستويات، واصفًا قوة العلاقات بين مصر والسعودية بـ"رافعة" العمل العربي المشترك، موضحاً أنهما يعملان كـ"يد واحدة"، ويسعيان دائمًا للوصول إلى أرضية مشتركة تجاه كافة القضايا الدولية، لتحقيق أكبر قدر من التوافق تجاهها، فى ظل الأزمات المتواترة التي تعصف بالعالم فى المرحلة الراهنة، حيث يبقى التنسيق المستمر بينهما ضمانة للتماسك الإقليمي، وداعمًا لدول المنطقة حتى تتمكن من مجابهة ما يعتريها من أزمات.
 
وأشار هريدى إلى أن قوة العلاقة بين البلدين، ربما لا تروق للبعض، ممن ينتمون لجماعات الظلام، وبالتالي يسعون لإثارة الفتن فيما بينهما بين الحين والأخر، بهدف إضعافهما، حيث يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق هذا الهدف، وهو ما يدركه قادة البلدين، وبالتالي لا يسمحون لهم بتحقيق ذلك، بينما يقف أمامهم شعبي البلدين، لصد أى محاولة لإثارة الفتنة بينهما، فى ظل إدراك متبادل بأهمية تماسك العلاقة.
 
وعلى مدار 9 سنوات، انعقد 20 لقاءً مهماً تعكس جميعها عُمق العلاقات المصرية السعودية، بدأت في 8 يونيو 2014، بزيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز حين كان نائبًا بخادم الحرمين الشريفين، لحضور حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، تلاها في 20 يونيو 2014، زيارة ملكية من الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله إلى مصر، وفي 10 أغسطس 2014، زار الرئيس السيسي السعودية، والتقي الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، وعُقدت بينهما جلسة مباحثات تناولت مجمل الأحداث التي تشهدها الساحات الإسلامية والعربية والدولية، وتلاها  في 24 يناير 2015، زار الرئيس السيسي الرياض على رأس وفد رفيع المستوى لتقديم واجب العزاء في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
 
واستمر التنسيق المتبادل وتعزيز التعاون بين البلدين، ويعتبر مراقبون أنه منذ تولى الرئيس السيسي لمقاليد الحكم وتشهد العلاقات زخماً كبيراً على كافة الاتجاهات، وفي 28 فبراير 2015 زار الرئيس السيسي السعودية، والتقي الملك سلمان للتباحث حول آخر تطورات الأوضاع في المنطقة العربية.
 
وفي 1 مارس 2015، عقب تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، عقد مع الرئيس السيسي جلسة مباحثات رسمية، جري خلالها التأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والحرص على تعزيزها، لتتبعها زيارة أخرى في 2 مايو 2015، التقى خلالها الرئيس السيسي الملك سلمان بن عبد العزيز وبحثا أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لعدم السماح بالمساس بأمن البحر الأحمر.
 
وشهد عام 2022، 4 زيارات متبادلة، آخرها في 9 ديسمبر، زار الرئيس السيسي السعودية للمشاركة فى القمة العربية الصينية، وفي 16 يوليو زار السيسي المملكة للمشاركة في "قمة جدة للأمن والتنمية"، وقبلها في 20 يونيو زار الأمير محمد بن سلمان مصر، في إطار الشراكة الاستراتيجية العميقة والتاريخية بين القاهرة والرياض، وفي 8 مارس كانت زيارة الرئيس التي أعرب خلالها الملك سلمان عن ترحيب المملكة قيادة وشعبًا مشيدًا بدور مصر المحوري فى المنطقة.
 
التاريخ شاهد على مكانة مصر لدى المملكة، وهو ما أكده ملوكها على طول التاريخ، بداية من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، خلال زيارته التاريخية لمصر في يناير 1946م: «لا غنى عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب»، وكذلك كلمة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، خلال مخاطبة الرئيس جمال عبدالناصر في المؤتمر الذي عقد بالخرطوم بعد أيام من نهاية حرب 67: «يا جمال، مصر لا تطلُب وإنما تأمُر».
 
وفي عام 1975 حين زار الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، أشار لبطولات وتضحيات الشعب المصري: «إن هذه البطولات والتضحيات لم تكن من أجل مصر العزيزة وحدها بل من أجل الأمة العربية والإسلامية بأسرها».
 
وفي عام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، خلال لقاء بعثة مصر الاقتصادية في 1954م: «إن مصر عزيزة على قلوبنا، وكل ما يصيبها من سوء يصيبنا»، وحين التقى الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، لقاءه برؤساء تحرير الصحف المصرية 1989، خلال زيارته لمصر: «شيء لا يصدق هذا الذي قوبلت به من شعب مصر منذ اللحظة الأولى وحتى هذه اللحظة التي أجلس فيها معكم الآن، نفس الترحيب نفس المشاعر نفس كرم الضيافة المصرية الأصيلة لاحقني في الطرقات».
 
وفي عام 2013 رد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، على محاولات تشويه العلاقات السعودية المصرية: «نحن مع ما يريده الشعب المصري، ولن نخذله وسنقف معه ضد الإرهاب ولن نسمح لأحد بالتدخل في شؤونه الداخلية».
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق