المحليات في قلب الجمهورية الجديدة

الجمعة، 26 مايو 2023 04:08 م
المحليات في قلب الجمهورية الجديدة
عصام الشريف يكتب:

منذ أن أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي شعار «الجمهورية الجديدة»، وهو يعمل على وضع دعائمها، من بنية تحتية وقوانين جاذبة ومشجعة للأعمال والاستثمارات وغيرها، لكن حتى الآن لم يصل مفهوم «الجمهورية الجديدة» كاملا إلى المواطن البسيط، وأقصد به ذلك المواطن القابع في المناطق الشعبية، الذي لا تقوده ظروفه البسيطة للخروج نحو المدن والطرق الجديدة، ومعرفة كم القوانين التي جرى سنها لتلائم مفهوم الجمهورية الجديدة التي حلم بها، فهو لم يرَ في منطقته إلا «أنقاض» الجمهورية القديمة، التي شوهها البناء المخالف والفوضى والعشوائية المنتشرة في كل مكان، وهنا يقع الدور على منظومة المحليات لسد هذا الفراغ الذي يشعر به المواطن ولا يدري معه بحجم الإنجاز الذي تحقق طوال السنوات الماضية.
 
تابعت باهتمام مناقشات الحوار الوطني حول قانون المحليات وتنظيم انتخاباتها، والنقاش حول نظام القائمة (النسبية أو المطلقة) والنظام الفردي، وهي لا ريب بادرة طيبة من منظومة الحوار الوطني، لكن يجب أن يتوازى مع هذا توسع القائمين على «الحوار الوطني» في إجراء حوار مجتمعي، لمعرفة آراء المواطنين في الشكل المناسب الذي يريدون من خلاله إدارة منظومة المحليات، القريبة جدا منهم والمتعلقة بحياتهم بشكل أكثر صلة من أي مؤسسة أخرى في الدولة، فعلى سبيل المثال البعض يؤكد أن التعيينات في بعض المناطق، التي تسيطر عليها العصبيات، قد تكون هي الملائمة لظروف سكان هذه المناطق، في حين أن هذه السياسة لا تناسب الحضر والمدن، وبالتالي يجب حل المشكلات التي قد تؤدي لفشل جديد في إدارة هذا الملف الشائك.
 
وهنا أؤكد أننا لا نريد قانون إدارة محلية يرسخ للمركزية، كما حدث في نسخة 2014، وهو مشروع القانون الذي أعدته وزارة التنمية المحلية وأرسلته لمجلس الوزراء، ومن ثم رفضه قسم التشريع بمجلس الدولة، ووجه بإعادة صياغته بما يتفق مع الدستور، ووصفه بأنه يرسخ للمركزية، بل نطالب قبل إجراء الانتخابات بأن يعيد القانون الجديد تقسيم عادل للمناطق والقرى، بما يشمله ذلك من تخصيص مبالغ عادلة تكفي للمناطق المزدحمة أكثر من غيرها بالسكان، أو المناطق المترامية الأطراف، والدستور نص على ذلك في مادته الـ175. 
 
كما نطالب بدور أكبر للشباب في الانتخابات، فهم أساس المحليات، وليس الاكتفاء بالتمثيل الدستوري لهم فقط وفق نسبة الربع، كما نطالب بإطلاق حملات إعلامية وتثقيفية، قبل إجراء الاتنخابات تظهر أهمية المجالس المحلية في دفع عجلة التنمية بما يتفق مع أسس الجمهورية الجديدة. والأهم من كل هذا هو الاتفاق على دور أعضاء المجالس المحلية، بما يكفل تفعيل الدور الرقابي لهم، وصولا إلى «سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية» في حالة تقصيرهم وهو ما نصت عليه المادة 180 من الدستور. 
 
أخيرا، نحن لا نحتاج فقط إلى تغيير القوانين المنظمة لانتخابات وعمل المحليات، بل يجب تغيير النظرة العامة لعضو المحليات، فهو لم يُنتخب ليجلس في مكتبه أو يناقش الميزانيات في الاجتماعات المغلقة، بل يجب عليه أن يكون عين الشارع ولسان المواطن، ودوره الرئيسي أن يتجول كل يوم لمعرفة المخالفات في حيه أو قريته، من قمامة أو بناء مخالف.. الخ، والتعامل معها بما يتماشى مع الجمهورية الجديدة التي نحلم بها جميعا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق