الكنوز المخفية.. الدولة تستغل ثروات أرضها

السبت، 03 يونيو 2023 06:00 م
الكنوز المخفية.. الدولة تستغل ثروات أرضها
طلال رسلان

لأول مرة.. مصر تصنع مواردها الطبيعية بدلا من تصديرها واستيرادها فى شكل سلع وصناعات

توطين جديد للصناعات المصرية بإنشاء وافتتاح أول مجمع مصانع للرمال السوداء بالبرلس ومصنع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة 
 
على مدار سنوات ظلت مصر تصدر موارد طبيعية مهمة من باطن أرضها وتستوردها فى شكل سلع وصناعات، وتفقد بذلك أرباحا طائلة، حتى جاءت استراتيجية الصناعة الجديدة والاستفادة من ثروات الأرض بإنشاء عدد من المصانع، ومن ثم خلق قيمة مضافة بشكل أكبر بدلا من تصدير المنتجات كمواد خام أولية، بما يحقق عوائد للاقتصاد المصرى.
 
وتتميز مصر بوجود الكثير من الخامات ذات احتياطيات كبيرة توجد فى أماكن ومواقع مناسبة ولا تحتاج عمليات الاستخراج إلى تكنولوجيا معقدة بل يتم استخراجها بطريقة المنجم المكشوف قليل التكلفة، ويسهل تجهيزها وتصنيعها لأى عدد من المنتجات ولكل منها استخداماته الصناعية على المستوى المحلى والعالمى.
 
وأرض مصر تحتوى على الكثير من المعادن، وتحتوى الصحراء المصرية سواء الشرقية والغربية على نحو 31 نوعا من المعادن والخامات ذات الجودة العالية، جزء منها معادن نفيسة، مثل الذهب والفضة والبلاتين، وآخر متعلق بالمعادن عالية القيمة لقطاع الطاقة.

الرمال السوداء.. اقتصاد موازٍ
 
الرمال السوداء مثلا من أهم المجالات التى اهتمت بها الدولة مؤخرا، ويستخرج منها العديد من المواد التى تخدم صناعات كثيرة مثل هياكل الطائرات وإطارات السيارات والدهان والسيراميك والهواتف الذكية.
 
وفى ظل ما يشهده العالم مؤخرا من قفزات أسعار المواد الخام المستخدمة فى العديد من الصناعات، تدفع إقامة مشروع مثل مصنع الرمال السوداء فى مصر، إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة ويخفض فاتورة الاستيراد، ويحقق خفضا لأسعار المنتجات على المستهلكين.
 
ويعد مصنع الرمال السوداء خطوة إيجابية فى ملف توطين الصناعة، عبر زيادة الصادرات الصناعية وتوفير فرص عمل وزيادة فى حجم المعروض من المنتجات فى السوق المحلية.
 
فى أكتوبر 2022 أعلنت الرئاسة المصرية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يفتتح مصنع الرمال السوداء بمدينة البرلس التابعة لمحافظة كفرالشيخ، وقالت إن مصنع الرمال السوداء هو الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة، وإضافة جديدة لسلسلة المشروعات القومية الكبرى التى تهدف إلى تعظيم الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية، وتحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة من الرمال السوداء، التى تستخدم فى العديد من الصناعات الدقيقة، ما يفتح الآفاق لاستثمارات جديدة تدعم الاقتصاد الوطنى وعملية التنمية الشاملة.
 
وداخل المجمع التابع لـ«الشركة المصرية للرمال السوداء»، يجرى استخلاص الركائز المعدنية الاقتصادية من الرمال السوداء سواء من سطح الأرض أو من المياه وفصلها وتسويق منتجاتها محليا وعالميا.
 
وتمتلك مصر، 11 موقعا غنيا بالرمال السوداء، ويتم فصل تلك الرمال فى أماكنها بأجهزة خاصة، وتتحول بعدها لمنتجات استراتيجية و41 صناعة مهمة، وجاء افتتاح المشروع البارز استجابة لتكليفات الرئيس السيسى بتعظيم القيمة المضافة للمعادن الاقتصادية المستخلصة من الرمال السوداء فى مصر، والذى اعتبر فى حديثه نهاية العام الماضى أنّ المعادن المستخرجة ستحقق للبلاد أكبر فائدة اقتصادية واستثمارية.
 
وتحقق الدولة المصرية استفادة كبرى من مشروع الرمال السوداء، بتعظيم القيمة المضافة للمعادن المستخلصة منها، ثم تحويلها إلى منتجات لمختلِف الصناعات، الأمر الذى يساهم فى دفع عجلة الاقتصاد.
 
وتدخل مستخلصات الرمال السوداء فى صناعة هياكل الطائرات والصواريخ والغواصات ومركبات الفضاء والأصباغ والورق والجلود والدهان والسيراميك وسبائك المحركات وتركيبات الأسنان والأسرة المعدنية والخرسانة التى تتحمل الحرارة العالية والحديد الإسفنجى وأحجار الجلخ والصنفرة وفلاتر المياه والهواتف الذكية والسيارات العاملة بالكهرباء.
 
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للرمال السوداء اللواء مجدى الطويل، إن أهم المعادن المستخلصة من الرمال السوداء تتمثل فى الإلمنيت، والزيركون، والجارنت، والروتايل، والمونازيت، والماجنتايت.
 
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع «الإلمنيت» نحو 298 ألف طن فى العام، ولمصنع «الزيركون» نحو 25 ألف طن فى العام ولمصنع «الجارنت» نحو 12 ألف طن فى العام، ولمصنع «الروتايل» نحو 11 ألف طن فى العام ولمصنع «المونازيت» نحو 145 طنا فى العام.

الكوارتز.. حصان رابح فى الاقتصاد
 
يعد افتتاح مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة خطوة مهمة باعتباره دفعة قوية من الدولة لتشجيع وتوطين الصناعة، واستغلال الموارد الطبيعية الوفيرة فى مصر، ويزيد المشروع من ثقة المستهلكين والمنتجين فى المنتجات المحلية، بالإضافة الى توفير فرص العمل للشباب، بالإضافة إلى مساهمته فى الاعتماد على المنتج المحلى فى الصناعة بدلا من الاستيراد وكذلك تصدير منتجاته إلى الخارج بما يسهم فى تعزيز الصادرات وإضافة مصادر للعملة الصعبة.
 
ويعد الهدف الأساسى لمشروع مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة هو استغلال الخامات الطبيعية المتوافرة فى مصر، بما يزيد القيمة المضافة لخام الكوارتز وزيادة الدخل القومى، وتلبية لاحتياجات السوق وبما يوفر العملة الصعبة، وتتمثل القيمة الاقتصادية لمشروع الكوارتز، فى احتياجات السوق، لأن معدن الكوارتز يدخل فى الكثير من الصناعات والاستخدامات، عند توافر ألواح الكوارتز اللازمة ستكون عملية تجهيز المستشفيات والفنادق وغيرها أسهل وأوفر. إذ سيُستخدم الإنتاج المحلى بدلا من استيرادها من الخارج. ذلك بالإضافة إلى تنفيذ الأنشطة التصنيعية للخامات التعدينية بمراحلها المختلفة، ومنها خام الكوارتز للخامات التعدينية لتعظيم العائد منها وتحقيق القيمة المضافة لها، ما يدعم الاقتصاد الوطنى بتنفيذ مشروعات قومية واستراتيجية لخلق فرص عمل للشباب. 
 
كما يسهم مشروع مجمع المصانع فى توفير 600 فرصة عمل مباشرة و2000 فرصة عمل غير مباشرة، ذلك علاوة على أن إنشاء هذا المجمع يمثل خطوة مهمة لدفع عجلة الصناعة فى مصر، ما يبشر بافتتاح مصانع جديدة وتوفير فرص عمل أكثر. 
ويعد إنتاج معدن الكوارتز خطوة مهمة لتوفير العملة الصعبة لما يتمتع به من خصائص تجعل له استخدامات كثيرة، وتجعل المنتجين وأصحاب المصانع يعتمدون على المنتج المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ما يسهم فى توفير العملة الصعبة عن طريق تقليل الاستيراد، بالإضافة الى فتح أسواق خارجية وتصدير المنتجات إلى الخارج. 

الفوسفات.. عملة صعبة فى باطن مصر
 
تحتل مصر المركز السابع على مستوى العالم فى احتياطى خام الفوسفات، والمركز السادس فى إنتاج الخام، وتنتج شركة فوسفات مصر التابعة لوزارة البترول 70% من ناتج خام الفوسفات على مستوى مصر وإنتاج حوالى 8.5 مليون طن سنويا من خلال رؤية وزارة البترول وشركة فوسفات مصر، لتنمية الأعمال فى العمل فى مواقع استخراج الخام فى أكثر من موقع، سواء فى الوادى الجديد أو حتى فى محافظتى البحر الأحمر وأسوان، وهو ما جعل شركة فوسفات مصر بوزارة البترول الداعم الأساسى والمنتج الرئيسى للخام على مستوى الجمهورية.
 
وكان المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية أعلن فى شهر يونيو 2022 نجاح الوزارة فى الكشف عن مناجم لإنتاج الفوسفات فى نطاق محافظة الوادى الجديد. 
 
وأصدر وزير البترول والثروة المعدنية، توجيهاته ببدء العمل وتدشين موقع كشف منجمى جديد لخام الفوسفات فى محافظة الوادى الجديد لينضم إلى منظومة العمل التعدينى التى تنفذه الوزارة لاستغلال ثروات الوطن التعدينية. 
 
وأعلن «الملا» أن الوزارة نجحت فى تحقيق كشف تعدينى ضخم فى محافظة الوادى الجديد فى منطقتين فى هضبة «أبوطرطور» لإنتاج خام الفوسفات تكفى لتشغيل مصنع لإنتاج حامض الفوسفوريك ٢٥ عاما مقبلة وأكثر من ذلك من خلال تحقيق اكتشافات جديدة فى الهضبة التى يقدر الخام بها بحوالى مليار طن فى إجمالى مساحتها الذى يصل لـ١٢٠٠ كم٢. 
 
وأضاف أن الكشف المنجمى فى منطقة «قلوع الصبايا» و«الزيات»، يشكل طفرة نوعية ونقلة هائلة فى مجال إنتاج خام الفوسفات، والذى يأتى تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية بتكثيف الأبحاث الخاصة بالكشف عن الثروات المعدنية بربوع مصر، وتنفيذا لتكليفات للدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بتحقيق أعلى معدلات استفادة من ثروت الخامات التعدينية لدعم الاقتصاد الوطنى للبلاد. 
 
ومن هنا تكمن أهمية الفوسفات كثروة من أهم ثروات مصر التعدينية والاقتصادية، وذلك بسبب الانتشار الواسع لوجود الفوسفات فى مصر، إذ إنه يوجد على هيئة حزام من رواسب الفوسفات يمتد إلى مسافة نحو 750 كم طولا من ساحل البحر الأحمر شرقا إلى الواحات الداخلة غربا، أما أهميته الاقتصادية فتتلخص فى أنه يصدر إلى الخارج بكميات كبيرة كما يتم تصنيع جزء منه إلى أسمدة كيميائية من النوع السوبر فوسفات ويقدر إنتاج مصر من الفوسفات سنويّا بـ8 مليارات طن.
 
يستخدم الفوسفات فى صناعة المنظفات كعنصر مساعد على تخفيف عسر الماء، فى الزراعة يكون الفوسفات أحد ثلاثة عناصر لتغذية النباتات يستخدم فى صناعة الأسمدة من الاستخدامات الصناعية للفوسفات الصخرى إنتاج حامض الفوسفوريك، وإنتاج المركبات الفوسفاتية الكيمائية، ويتم تصديره إلى بعض الدول الصناعية الكبرى مثل اليابان للعديد من الأغراض الصناعية المتقدمة.
 
وتوجد مواقع الفوسفات التى لها أهمية اقتصادية بمصر فى ثلاث مناطق رئيسية هى:
 
وادى النيل بين أدفو، وقنا: ومن أهم مناطقها المحاميد والسباعية، وتقدر احتياطيات خام الفوسفات فى منطقة المحاميد وحدها بنحو
200 مليون طن، كما تصل نسبة خامس أكسيد الفوسفور إلى نحو 22 %. وقد أسفرت الدراسات الجيولوجية عن احيتاطى يقدر بنحو 1000 مليون طن بالمناطق المجاورة لمنطقة المحاميد.
 
ساحل البحر الأحمر بين سفاجة والقصير: يوجد خام الفوسفات بين مينائى سفاجة والقصير بمناطق أهمها جبل ضوى ومنطقة العطشان والحمراوين، وتقدر الاحتياطيات من 200 إلى 250 مليون طن من خام الفوسفات.
 
الصحراء الغربية: تمثل هضبة أبو طرطور الواقعة بين الواحات الداخلة أضخم راسب من الفوسفات فى مصر حيث يقدر الاحتياطى من الخام بنحو 1000 مليون طن، غير أنه توجد بعض العقبات التى تحول دون استغلاله الاستغلال الأمثل وذلك لوجود نسبة ملحوظة من الشوائب، ما يزيد من تكلفة إنتاجه.
 
منطقة مصر العليا: توجد تكوينات الفوسفات فى وادى النيل فى مصر العليا على ضفتى نهر النيل، حيث يوجد على الضفة الشرقية للنيل فى المنطقة الممتدة بين إدفو وقنا، ويوجد فى كل من السباعية والمحاميد على كل من الضفتين الشرقية والغربية، ويعدن خام الفوسفات فى هذه المنطقة بطريقة المناجم المكشوفة، حيث توجد طبقات الفوسفات فى هذه المنطقة قريبة جدا من سطح الأرض، بل تظهر مكشوفة على السطح مباشرة، ومن ثم يسهل تعدينها واستخراج خامات الفوسفات، ويعيب خامات الفوسفات المستخرجة من منطقة الوادى فى مصر العليا انخفاض نسبة الفوسفات فى الخام وارتفاع نسبة الشوائب، ومن ثم تنقل كميات كبيرة من الخامات إلى مواقع التصنيع مما يرفع من نفقات الإنتاج.

التنتالوم.. مليارات فى أرض مصر
 
بحث رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، دراسة تعظيم الاستفادة من خام التنتالوم، الذى يعد أحد العناصر الأرضية النادرة والمتواجد فى صخور الأبوجرانيت.
 
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن الدولة تعمل على إدارة واستغلال الثروة المعدنية على الوجه الأمثل، من خلال استخراج المواد الخام وتصنيعها، فى إطار استراتيجية الدولة للاستفادة من الخامات الطبيعية المتوافرة فى مصر، فى إطار التوجيه الرئاسى بتعظيم القيمة المضافة لهذه المواد لصالح الاقتصاد الوطنى والدخل القومى وبما يعزز من الخطة الصناعية الشاملة للدولة.
 
واستعرض عددا من النقاط المتعلقة بدراسات الاستفادة من مختلف أنواع الخامات، من خلال تفعيل أساليب الإدارة الحديثة والحوكمة والاستخدام الأمثل بالشركة المصرية للتعدين وإدارة المحاجر والملاحات، وعن طريق اتباع أحدث التقنيات.
 
وجرى استعراض دراسة تعظيم الاستفادة من خام التنتالوم، الذى يعد أحد العناصر الأرضية النادرة والمتواجد فى صخور الأبوجرانيت، ويتميز بدرجة الانصهار العالية والمقاومة العالية للتآكل والإجهاد، كما تم التنويه إلى أن هذا الخام لا يوجد منفردا فى الطبيعة، حيث يصاحبه بعض المعادن الأخرى مثل «القصدير» و«الفلسبار».
 
ووجه رئيس الوزراء باستكمال المفاوضات مع الشركات المحلية والعالمية المهتمة بالعمل فى استخراج خام التنتالوم، تمهيدا للاتفاق على أفضل سبل استغلاله.
 
ويوجد أكبر احتياطيات التنتالوم فى مصر بمنجم أبو دباب، الذى يقع فى الجزء الشرقى وتحديدا فى محافظة البحر الأحمر، وتقدر احتياطياته بنحو 39.9 مليون طن من الدرجات الخام 0.025٪ التنتالوم.
 
ويعتبر منجم التنتالم بمنطقة أبو دباب الثالث على مستوى العالم من حيث الاحتياطى، ويستخدم 50% من إنتاج التنتالوم فى صناعة 25% من مكونات الطائرات النفاثة، بالإضافة لإنعاش وتعزيز صناعة الدوائر الإلكترونية والكهربائية الدقيقة وأجهزة المحمول واللاب توب، وتصنيع الشرائح التعويضية التى يتم تركيبها فى عظام الإنسان نظرا لعدم تفاعله مع الجسم، كما أن استخدامه فى المكونات الطبية الدقيقة والمفاصل الصناعية المتطورة، وصناعة شفرات الحفر وأجهزة قطع الجرانيت.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة