لماذا اختارت الدولة مؤسسة التمويل الدولية مستشارا فنيا لبرنامج الأطروحات الحكومية؟

السبت، 24 يونيو 2023 07:00 م
لماذا اختارت الدولة مؤسسة التمويل الدولية مستشارا فنيا لبرنامج الأطروحات الحكومية؟
هبة جعفر

 

- المؤسسة عضو مجموعة البنك الدولي وهدفها تشجيع نمو القطاع الخاص بالبلدان النامية.. ووجودها رسالة للعالم بقوة وقدرة الاقتصاد المصري

- خبراء: طمأنة للمستثمرين الأجانب بعزم مصر تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد

 
تعمل الدولة بشكل دؤوب علي ملف الاطروحات الحكومية من أجل اسراع وتيرة انضمام القطاع الخاص لقطار التنمية والإنتاج والاستثمار، لذا اختارت الحكومة المصرية، مؤسسة التمويل الدولية، لتكن بمثابة المستشار الفني لمساعدة الدولة في انجاز هذا الملف وتحقيق الاستقرار وزيادة النمو بعد توقف البرنامج بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، وتعد مؤسسة التمويل الدولية هي أكبر مؤسسة إنمائية عالمية يركز عملها على القطاع الخاص في البلدان النامية.
 
وتعمل مؤسسة التمويل الدولية، عضو مجموعة البنك الدولي، على دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام وتحسين حياة الأشخاص من خلال تشجيع نمو القطاع الخاص في البلدان النامية، وتحقق مؤسسة التمويل الدولية هذا من خلال خلق أسواق جديدة، وتعبئة مستثمرين آخرين، وتبادل الخبرات. وفي سبيل ذلك، فإنها تخلق فرص العمل وترفع مستويات المعيشة، لا سيما للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً. ويساند عملها تحقيق هدفي مجموعة البنك الدولي التوأمين المتمثلين في إنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك.
 
والأسبوع الماضى، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا، مع مختر ديوب، العضو المنتدب لمؤسسة التمويل الدولية، لاستعراض خطة التعاون بين مصر ومؤسسة التمويل الدولية في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وسبل تعزيز مشاركة القطاع الخاص في القطاعات الاقتصادية، وذلك مع التوقيع على اتفاقية الخدمات الاستشارية لطروحات القطاع الخاص مع المؤسسة، وأكد مدبولى أن الاتفاقية تعزز شراكات مصر الدولية وتساعد في تعظيم دور القطاع الخاص في عملية التنمية في مصر.
 
وشدد مدبولى على أن الشراكة بين مصر ومؤسسة التمويل الدولية تدعم تنفيذ إصلاحات قطاعية من شأنها تشجيع المنافسة، كما تضمن تكافؤ الفرص بين الجميع بما فيها الشركات المملوكة للدولة، موضحاً أن الحكومة المصرية تؤمن أن تعزيز الحياد التنافسي مُهم للغاية في إطار جهودنا لزيادة استثمارات القطاع الخاص، وتعزيز الإنتاجية، وهو ما ينعكس على القدرة التنافسية للصادرات وخلق فرص العمل، ومن أجل هذا، تم تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما تم اعتماد وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي جاءت نتيجة اجتماعات مُكثّفة ومشاورات مُعمّقة، شاركت فيها الوزارات والاقتصاديون من ذوي الخبرة، وممثلو القطاع الخاص.
 
من جانبه، أعرب مَختر ديوب، عن تقديره بالتزام الحكومة المصرية ببناء اقتصاد مُستدام ومرِن وشامل؛ من خلال تمكين القطاع الخاص، وقال إنه فخورٌ بأن مؤسسة التمويل الدولية هي "المستشار الاستراتيجي الموثوق" للدولة المصرية في إيجاد سُبل وآليات زيادة مشاركة القطاع الخاص لدعم أهداف التنمية الطموحة للبلاد، مؤكداً أن الاقتصاد العالمي يشهد وضعًا غير مستقر حاليًا؛ حيث لا تزال البلدان في جميع أنحاء العالم تواجه صدمات شديدة ومُعقّدة خلّفتها تبعات جائحة "كورونا"، فضلًا عن تحديات الاقتصاد الكلي والتحديات الجيوسياسية العالمية، وكذا أزمات الغذاء والطاقة، وزيادة معدلات التضخم وارتفاع الديون.
 
وتابع: في مواجهة تلك الأزمة متعددة الأبعاد، يتعرض التقدم الإنمائي للخطر، بيد أنه لا تزال هناك احتياجات مُلِّحة، في مقدمتها معالجة التغير المناخي، وكذا بناء بنية تحتية مرنة، أو خلق وظائف ضرورية في الوقت الراهن، لذا، لن يكون التمويل العام وحده كافيًا لتمويل هذه الاحتياجات التنموية المتزايدة، ومعالجة الأزمات الحالية.
 
وقال العضو المنتدب لمؤسسة التمويل الدولية: يُظهر إطلاق برنامج الطروحات التزام الحكومة المصرية بتوسيع دور القطاع الخاص؛ حيث يوفر ذلك البرنامج، الذي يتم تنفيذه على نحوٍ جيد، فرصة لتعبئة موارد إضافية كبيرة من القطاع الخاص، فضلًا عن الاستفادة منها لتلبية احتياجات التنمية وتسريع النمو الاقتصادي، مؤكدًا أن إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة وضع إطارًا واضحًا لمزيد من مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
 
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي، إن مؤسسة التمويل الدولية، أحد أعضاء مجموعة البنك الدولي، هي أكبر مؤسسة إنمائية عالمية يتركَّز عملها على القطاع الخاص في الأسواق الناشئة وتنفذ مجموعة من أكبر برامجها في مصر. وتعتبر اتفاقية الخدمات الاستشارية لبرنامج الطروحات هي الأولى التي يتم توقيعها بموجب إطار الشراكة الاستراتيجية مع مجموعة البنك الدولي 2023-2027 الذي تم إطلاقه مؤخرًا، لتدعيم أجندة الحكومة لتمكين القطاع الخاص وإصلاح وهيكلة الشركات المملوكة للدولة وجذب الاستثمارات، لافتة إلى أنه بموجب الاتفاقية تُقدم مؤسسة التمويل الدولية الخدمات الاستشارية والدعم الفني لتحديد آليات ونماذج الطروحات الحكومية للشركات المملوكة للدولة، وتحديد المستثمرين المستهدفين ومسار عملية الطرح لكل شركة من الشركات في إطار البرنامج".
 
ويستهدف التعاقد الذي اجرته الدولة مع المؤسسة لمدة خمس سنوات تقديم الدعم والمشورة الفنية لبرنامج الطروحات الحكومية والمساعدة في هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص وتحسين حوكمة الشركات بما يعزز التدفقات الرأسمالية ويدعم جهود تحقيق التعافي الاقتصادي.
 
وتبلغ قيمة المخصصات المتاحة من مجموعة البنك الدولي لتنفيذ إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر ومجموعة البنك الدولي الذي تم الاتفاق عليه في وقت سابق من العام الجاري سبعة مليارات دولار بواقع مليار دولار سنويا من البنك الدولي للإنشاء والتعمير خلال السنوات الخمس المقبلة، بالإضافة إلى ملياري دولار استثمارات مع القطاع الخاص خلال نفس الفترة من مؤسسة التمويل الدولية.
 
وأعلنت الدولة عزمها طرح 32 شركة في 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً مختلفاً، سواء بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي، وتُقدّر الحكومة قيمة الأصول بنحو 40 مليار دولار، وسيتم طرحها خلال 4 سنوات بحصيلة سنوية متوقعة 10 مليارات دولار.
وتسعى الحكومة من خلال البرنامج لتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، لتصل نسبة مشاركته إلى 36% خلال العام المالي المقبل و50% خلال العام المالي 2024-2025 وصولاً إلى 65% خلال عام 2025-2026 من إجمالي الاستثمارات المنفذة خلال ثلاث سنوات.
 
ومنذ فترة واجه برنامج الطروحات صعوبات، أبرزها عدم الاستقرار في الأسواق العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية منذ نهاية فبراير 2022، إذ جمعت الحكومة نحو 175 مليون دولار عبر برنامج الطروحات من بيع شركة باكين للبويات بـ25 مليون دولار، وبيع 10% من مساهمتها في المصرية للاتصالات بقيمة 150 مليون دولار، وتستهدف الحكومة جمع ملياري دولار قبل نهاية العام المالي الحالي عبر التخارج من بعض الأصول المملوكة لها، وعلى رأسها التخارج من فودافون أو بيع محطة بني سويف لتوليد الكهرباء.
 
الاتفاقية الموقعة مع مؤسسة التمويل الدولية تعد الأولى ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر ومجموعة البنك الدولي، والتي تم تطويرها بالاشتراك مع الحكومة المصرية وإطلاقها في مارس 2023 ،سيركّز التعاون على تحفيز جهود جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الفني والمعرفة لإدارة الأصول المملوكة للدولة وتوفير الدعم والمشورة الفنية لبرنامج الطروحات الحكومية.
 
من جانبها وصفت عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة المستقبل، الدكتورة شيرين الشواربي، التعاون بأنه يستهدف "طمأنة للمستثمرين الأجانب خاصة في الخليج العربي بشأن عزم مصر تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد"، قائلة: "إن التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية يأتي في إطار ترسيخ تطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة خلال الفترة المقبلة، واستهداف التوسع في جذب الصناديق العالمية، للاستثمار في مصر عبر الاستعانة بمؤسسة تعكس الثقة والجدارة في عمليات التقييم والدعم الفني بشأن طرح الأصول المختلفة خلال الفترة المقبلة"، مشيرة إلى أن المراجعات الخاصة التي ستجريها المؤسسة بشأن عمليات الطرح لبعض الشركات تمثل مصدراً كبيراً للثقة لدى الشركات العالمية كافة الراغبة في الاستثمار في مصر.
 
وأضافت الدكتورة شيرين الشواربي: "نلمس توسعاً في رؤية صانع القرار الاقتصادي باستهداف جذب رؤوس الأموال الأجنبية ليس فقط من الخليج، وإنما من المناطق المختلفة على مستوى العالم". من جانبه علق أحمد معطي، الخبير الاقتصادي واستاذ التمويل، علي التعاقد مع مؤسسة التمويل الدولية بإنها خطوة ايجابية ويؤكد عزم الدولة علي استكمال برنامج الاطروحات الحكومية وأن الحكومة استعانت بشركة قوية عالمية لها خبرة كبيرة في مجال الترويج للقطاع الخاص، كما أن التعاقد يعد شهادة من البنك الدولي بقوة الاقتصاد المصري واننا نسير في الاتجاه الصحيح، فالبنك لا يقبل دعم أي دولة تسير بشكل غير سليم.
 
وتابع الخبير الاقتصادي، أن المؤسسة ستعمل علي تقديم الاستشارات الفنية والدعم المالي وأيضا ستساهم في الترويج للشركات المدرجة ضمن خطة الحكومة في برنامج الاطروحات الحكومية وتسارع الوقت من أجل تنفيذه علي الوجه الأمثل وتحقيق الفائدة القصوي منه واشراك القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة وزيادة النمو وفقا للخطة المطروحة. 
 
وأوضح الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية و الاستراتيجية، ان القرار الحكومى خطوة صائبة لتسويق هذه الاطروحات واعطاء ثقة أكبر للمستثمرين والمؤسسات المالية الدولية والعربية لما يتم اصداره من خلال مؤسسة التمويل بأنها قادرة علي تقييم الشركات بشكل أفضل وبالتالي الدخول للاستثمار في مصر والمساعدة في هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص، وتحسين حوكمة الشركات، بما يعزز التدفقات الرأسمالية ويدعم رؤية الدولة ويعزز الجهود المشتركة الجارية لجذب المزيد من استثمارات القطاع الخاص في مصر. 
 
وأشار الشافعى إلى أن برنامج الطروحات الحكومية يعد جزءاً من وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تمت الموافقة عليها في ديسمبر 2022، لتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتوفير فرص متنوعة لتواجد القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية.
 
وسجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر خلال النصف الأول من العام المالي الجاري نمواً بنحو 75% لتصل إلى 5.7 مليار دولار، خصصت مؤسسة التمويل الدولية 32.8 مليار دولار للشركات الخاصة والمؤسسات المالية في البلدان النامية ، مستفيدة من قوة القطاع الخاص في إنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك حيث تكافح الاقتصادات مع آثار الأزمات العالمية المتفاقمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق