مهرجان العلمين.. عبقرية اختيار المكان والزمان

السبت، 29 يوليو 2023 05:29 م
مهرجان العلمين.. عبقرية اختيار المكان والزمان
عصام الشريف يكتب:

لا يمكن لمصري شاهد أي لقطات من مدينة العلمين الجديدة، سواء على الفضائيات أو عبر المواقع الإلكترونية العديدة أو حتى زارها بنفسه، إلا ويفخر بما تقدمه الدولة المصرية، التي صنعت من رمال وصحراء قاحلة وألغام مدمرة، موقعا سياحيا فريدا ينافس أفضل المدن العالمية، بل يتفوق على العديد من المدن المماثلة.
 
والجدير بالذكر هنا، أن مدينة العلمين تم افتتاحها قبل أعوام قليلة، لكن ما جعلها تتصدر محركات البحث العالمية مؤخرا، هو مهرجان العلمين الجديد، الذي يقام في الفترة من 13 يوليو حتى 26 أغسطس، ويشهد حضورا عالميا بارزا، سواء من مطربين ورياضيين أجانب، أو سياح من كل دول العالم قدموا إلى مصر بعد سماعهم عن هذا المهرجان الفريد.
 
غير أن ما يهمنا هنا في هذا الحدث العالمي، هو عبقرية اختيار المكان والوقت المخصص لتنظيمه، فالمكان الذي خططت له الدولة، المعروف قديما بالعلمين، له دلالة سياسية على مستوى العالم، إذ شهد واحدة من أكبر المعارك العالمية، بين قوات المحور والحلفاء أبان الحرب العالمية الثانية، وحتى بعد انتهاء الحرب، ظل هذا المكان يستقبل على استحياء بعض الزائرين الذين يريدون أن يعرفوا ماذا حدث قبل عقود طويلة على أرض هذا المكان الملغم، وبالتالي فالمكان رغم ألغامه ورماله وصحرائه الجافة، ظل لعقود طويلة له أهمية وذكرى عالمية، وبالتالي فالتخطيط لاستغلال هذا الاسم في إقامة مدينة ذكية جديدة، لهو العبقرية في أبهى صورها.
 
تخيل أن العالم الذي كان يعرف اسم العلمين بالألغام والحرب، أصبح اليوم ينظر إليها بعين الإعجاب والانبهار والشغف، بل ويستخدم المكان نفسه في الترفيه والسياحة، فبعد أن كانت الحركة السياحية لهذا المكان لا تمثل إلا عشرات السائحين طوال العالم، ممن هدفهم زيارة مقابر العلمين، أصبح اليوم جاذبا لمئات الآلاف من السياح عبر العالم كله، لدرجة أن القائمين على المهرجان يستهدفون فيه مليون سائح حتى انتهاء فعالياته في 26 أغسطس، وهذه مجرد بداية فقط.
 
أيضا، وبالنظر إلى قرب المدينة من الحزام السكاني في الدلتا والإسكندرية، فهذا يرشحه بقوة ليكون مكان الأسر المصرية الأول، التي مع مرور السنوات ستصبح العلمين وجهتها، مثل الإسكندرية والمدن الساحلية الأخرى. فصحيح أن مصر بها العديد من المنتجعات الساحلية، مثل شرم الشيخ والغردقة، لكنهما بالنسبة للعلمين بعيدين نسبيا، بينما العلمين مدينة في قلب الكتلة السكانية، وهذا هو مربط الفرس من أجل تحولها لمدينة يعيش فيها السكان ولا يأتون إليها زائرين فقط.  
 
أما الأمر الآخر المتعلق بتوقيت انطلاق المهرجان، فهو الآخر لا يقل عبقرية عن اختيار المكان، فالمهرجان بدأ مبكرا جدا، مع بداية الصيف تقريبا وبعد انتهاء امتحانات الثانوية العامة والجامعات، ليستحوذ على أكبر عدد من المشاركين، كما أن هناك فرصة اقتصادية كبرى لتحقيق عوائد دولارية في وقت يشهد فيه العالم كله أزمة اقتصادية كبرى، وبحسبة بسيطة لو افترضنا أن كل سائح من المليون سائح المستهدفين لحضور المهرجان سينفق 1000 دولار فقط طوال مدة إقامته في مصر، فسنجد أنفسنا أمام مبلغ كبير من العملة الصعبة، والميزة الأكبر لها هنا، أنها ستصب في السوق المصرية مباشرة، وليس عبر وسطاء.
 
وبعيدا عن هذا وذاك، فالمهرجان نفسه والمدينة نفسها، يمثلان فخرا حقيقيا لكل مواطن مصري يحب بلده ويريد أن يراها في أبهى حلة، وهذا بالفعل ما تحقق عقب نقل أولى مشاهد المدينة الجديدة، إذ شعرنا أخيرا بأن لدينا أماكن لسنا بحاجة معها للذهاب لأوروبا أو غيرها من المدن السياحية، فلماذا نسافر ولدينا العلمين الجديدة؟.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق