للفقراء نصيب أيضا في مهرجان العلمين

السبت، 05 أغسطس 2023 03:05 م
للفقراء نصيب أيضا في مهرجان العلمين
عصام الشريف يكتب:

 
تطرقت في الحوار السابق إلى مهرجان العلمين الجديدة، وفور نشره جاءتني تعليقات عديدة من أصدقاء وزملاء محترمين، عبروا عن رفضهم لإقامة مهرجان لا يتمكن من حضور فعالياته المختلفة إلا نسبة قليلة جدا من الشعب المصري، وبعضهم قال إن الأولى هو الاهتمام أكثر ببرامج الحماية الاجتماعية والتوسع فيها لتشمل فئات أكثر من الفقراء، لاسيما وأننا نعيش ظروفا اقتصادية صعبة، بينما ذهب آخرون بعيدا مؤكدين أن المهرجان يكشف عن توجه الدولة بشكل عام، من ناحية عملها لصالح الأغنياء دون اهتمام حقيقي بمعاناة الفقراء، بالنظر إلى أن المهرجان يكاد يكون مخصصا للأغنياء فقط.
 
وفي الحقيقة تعاملت بهدوء مع كل هذه الآراء، وكعادتي لم أنكر على أحد رأيه، بل واحترمت بعض الآراء الناقدة ومضى الأمر واستمر المهرجان في عروضه المشرفة، لكن بعد أيام قليلة، فوجئت كما فوجئ الجميع بقرار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، منظمة المهرجان الكبير، بتخصيص عوائد مهرجان العلمين الجديدة إلى مبادرة "حياة كريمة" وهنا كان لابد من وقفة.
 
جاءت خطوة المتحدة لترد على الجميع، لكن في الحقيقة لم أسعى للربط بين الانتقادات وبين تبرع المتحدة لحياة كريمة، ففي النهاية لكل رأيه وهو حر فيه، ولكن ما لفت انتباهي هو روعة الخطوة نفسها غير المسبوقة. نعم هناك بعض الفنانين يخصصون عوائد حفلاتهم لدعم المستشفيات على سبيل المثال، لكن أن يكون التبرع بكل عوائد مهرجان هو الأكبر في الشرق الأوسط، الذي يضم العديد من الحفلات والفعاليات الفنية والرياضية، فهذا هو غير المسبوق.
 
نعم هذه الخطوة المحترمة، كشفت عن التوجه الحقيقي للدولة في دعم الفقراء بنقود الأغنياء، وهنا يتحقق ذروة سنام العدالة الاجتماعية، إذ إن المصطلح الأخير لا يتحقق بمبادرات الدولة وحدها، ولكن بتضافر الجهود المجتمعية مع جهود الدولة، وهو ما حدث بشكل غير مباشر في مهرجان العلمين.
 
أيضا ما لفت انتباهي وتوقفت عنده، هو ماذا لو كانت الدولة لم تنظم مثل هذا المهرجان الكبير؟ الإجابة ببساطة جميعنا يعرفها، وهي أن ما شهدناه في العلمين، كان سيذهب مباشرة إلى القطاع الخاص ومنظمو الحفلات وأصحاب القرى السياحية في الساحل الشمالي، ولم تكن الدولة ستستفيد إلا بالضرائب فقط، لكن ومع تنظيم المهرجان في العلمين الجديدة، وبعيدا عن المغزى السياسي للمكان الذي أشرت له في المقال السابق، فإن جميع عوائده ستذهب إلى خزينة الدولة ومنها إلى حياة كريمة، لخدمة أهالينا في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات، وهكذا تتحقق العدالة الاجتماعية في أبهى صورها.
 
إذن الجميع فرحون، الأغنياء استمتعوا بأجواء أوروبية لم يعرفوها سابقا في مصر، والفقراء في المقابل سيستفيدون هم الآخرين، ربما أكثر بكثير من الأغنياء من ناحية دعم قراهم ووصول الخدمات الأساسية إليهم من صحة وتعليم وطرق وغيرها من الخدمات التي تقدمها المبادرة الرئاسية.
 
وحدهم أعداء الوطن- ولا أقصد هنا على الإطلاق الأصوات الناقدة، ولكن أقصد من سلموا أنفسهم للخارج وينتظرون سقوط مصر- فهؤلاء وحدهم هم الذين لم يفرحوا، بل ولم يعد لهم صوتا للحديث عن انجازات الدولة المصرية في العقد الأخير.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق