هل نزل الدولار الأمريكي من على عرش العملات أمام اليوان الصيني والروبل الروسي؟ خبراء يجيبون

السبت، 26 أغسطس 2023 08:00 م
هل نزل الدولار الأمريكي من على عرش العملات أمام اليوان الصيني والروبل الروسي؟ خبراء يجيبون

يواجه"الدولار" في الفترة الأخيرة عدة أزمات تسببت في اهتزاز عرشه ما بين ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة وتخفيض وكالة فيتش التصنيف الائتماني الأمريكي، وسياسيات جون بايدن المالية والتي تسببت في انتقاد وحالة من عدم الرضا عند الأمريكيين، وما زاد الوضع سوءاً هو ما كشفه موقع ‏ياهو فاينانس عن انخفاض 8% في حصة الدولار من الاحتياطات العالمية فى عام 2022 وهو ما أثار تساؤلات ‏عما إذا كانت أيام هيمنة الدولار تقترب من نهايتها، وأن العملات الأخري من اليوان الصيني والروبل الروسي أصبحت تستحوذ مكانه اكبر في الاقتصاد العالمي.
 
وبدأت دول كبيرة مثل الهند والإمارات رسميًا التداول مع بعضهما البعض بعملاتهما المحلية، كما أعلنت ‏الحكومة الهندية يوم الاثنين أن شركة النفط الهندية الرائدة في مجال تكرير البترول استخدمت الروبية ‏المحلية لشراء مليون برميل من النفط من شركة بترول أبوظبى الوطنية وليس الدولار.‏
 
وخلال قمة البريكس الرابعة عشرة العام الماضى، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تدابير لإنشاء ‏‏"معيار عملة دولي" جديدة فى غضون ذلك، تحث الصين منتجى النفط والمصدرين الرئيسيين على ‏قبول مدفوعات اليوان، فيما قالت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط، إنها "منفتحة" على ‏فكرة تداول عملات أخرى وحتى الحلفاء القدامى، مثل فرنسا، أجروا معاملات بغير الدولار منذ أن شددت الولايات المتحدة ‏عقوباتها وفى أبريل، قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن على أوروبا أن تقلل اعتمادها على الدولار ‏الأمريكى من أجل الحفاظ على "استقلاليتها الاستراتيجية" وتجنب أن تصبح تابعة لأمريكا.‏
 
وانتهز الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب الفرصة، وهاجم سياسات إدارة بايدن الاقتصادية معتبرا، أن فقدان الدولار لهيمنته عالميا سيكون أكبر من خسارة أى حرب، محذرا من فقدان هذه ‏الهيمنة وقال: "بلادنا ستذهب إلى الجحيم" أن قوة الولايات المتحدة تقل بخصوص عملتها الدولار، وتابع: "أنا لا أتحدث ‏فقط عن قيمة عملتنا، أنا أتحدث عن حجم تداول عملتنا فى جميع أنحاء العالم".‏
 
وتابع قائلاً "عندما تنظرون إلى مطاراتنا، وإلى بوابات المحطات، وإلى طرقاتنا القذرة وشوارعنا المعطلة ‏وكل شيء آخر، فنحن نبدو وكأننا دولة من دول العالم الثالث".‏
 
وأضاف: "لدينا شيء قوى للغاية وهو دولارنا.. لكن ألقِ نظرة على ما يحدث الآن مع الدول الأخرى التى ‏لا تتعامل به، وأنت تعلم أن الصين تريد استبداله بعملة اليوان، وكان هذا أمرا لا يمكن تصوره، بينما فى ‏الوقت الحالى تفكر الناس فى هذا الأمر".‏
وقال ترامب أن التضخم الذى يعانى منه الأمريكيين الآن يرجع إلى قطاع الطاقة، وتحدث الرئيس السابق ‏عن قرار إدارة بايدن حول وقف التنقيب على النفط ووصف وقف التنقيب البرى والبحرى بالأمر ‏المحزن للغاية.‏
 
وفى إبريل الماضى أطلق ترامب نفس التحذير من فلوريدا حيث قال فى خطاب أمام أنصاره: "عملتنا تنهار ‏وقريبا لن يكون الدولار هو العملة العالمية، إنها هزيمة غير مسبوقة فى 200 عام، وهذا سيبعدنا عن ‏مكانتنا كقوة عظمى"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة فى حالة فوضى. اقتصادنا ينهار، والتضخم خارج عن السيطرة".‏
 
وتعود هيمنة الدولار على التجارة العالمية وتدفقات رأس المال إلى ما لا يقل عن 80 عامًا وذلك يرجع لعدة أسباب أبرزها أن ‏الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في العالم، كما أن النفط والسلع الأساسية الأخرى مسعرة ‏بالدولار، ورغم ذلك، فإن الأحداث الآخيرة والزيادات الكبيرة فى أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطى ‏الفيدرالى لوقف التضخم المحلى، والحرب التجارية مع الصين، والعقوبات الأمريكية التى تم فرضها بعد ‏الحرب الأوكرانية تسببت فى مطالبة المزيد من الدول بتنفيذ التجارة بعملات أخرى إلى جانب ‏الدولار.‏
 
ووفقًا لبيانات من تكوين احتياطى العملات الأجنبية التابع لصندوق النقد الدولى (‏COFER‏)، شكل ‏الدولار الأمريكى 58.36% من احتياطيات النقد الأجنبى العالمية فى الربع الاخير من العام الماضى وجاء ‏اليورو فى المرتبة الثانية، حيث يمثل حوالى 20.5% من الاحتياطيات.
 
وفى الوقت نفسه، فإن اليوان الصينى، الذى يعتقد البعض أنه أكبر تهديد للدولار - شكل 2.7% فقط ‏من الاحتياطيات فى الفترة نفسها وما يقرب من ثلث ذلك تحتفظ به روسيا، وفقًا لورقة صندوق النقد ‏الدولى لعام 2022.‏
 
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عز حسانين، إن مستوى الاحتياطي النقدي في العالم انخفض لـ60%، بدلاً من تقييمه بالدولار بنسبة 90%، وأن أغلب دول العالم تسعى جاهدة الآن لتوسيع الاحتياطي النقدي الأجنبي لها ما بين الذهب وتداول العملات الأجنبية بعيدًا عن الدولار، لافتا إلى أن الدول الآن تبحث عن عملات منافسة للدولار في التعاملات الدولية، وهو أمر ليس بجديد بل تحاول دول العالم التوصل لعملات جديدة منافسة للدولار منذ 10 سنوات، متابعاً أن مجموعة البريكس قد تختار مجموعة من العملات  للقضاء على الدولار، أو قد تلجأ مرة أخرى لاستخدام الذهب.
 
وأشار حسانين إلى أن الدولار يشهد حاليا حربا شديده من قبل قوي عالمية كبري مثل الصين وروسيا وبعض دول اسيا وافريقيا والتي بدات البحث عن بدائل الدولار كملاذات آمنه لاقتصاداتها، ومن هذه الملاذات اليورو والذهب واليوان الصيني والين اليابانى، ولعل الأسباب التي جعلت الدولار في مهب هذه الحرب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها علي الاقتصاد الامريكي بعدما اصابته بالتضخم المرتفع ولجوء البنك الفيدرالي الامريكي الي رفع الفائده من 0.25 % ( ربع) % في مارس 2022 الي مستويات 5.5 % حتي نهايه يوليو 2023 الامر الذي ساهم في تباطؤ النشاط الاقتصادي الامريكي لفترات كبيره وانخفض معدل النمو والتشغيل حتي نهايه 2022 وتحسن الاقتصاد تدريجيا ولكن مازال يعاني، وكذلك سقف الدين الامريكي الذي وصل الي حده الاقصي منذ رفع سقف الدين في بداية عهد الرئيس بايدن 31.4 تريليون دولار، وترغب الإدارة الأمريكية حاليا في رفع سقف الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار.
 
وتابع حسانين، قائلا :"ثالث الاسباب وهو استمرار التوترات الجيوسياسي في منطقه الصراع بين الصين وتايوان، وبين اوزبكستان وجيرانها وظهور تكتل البريكس بقوه من جديد لينضم اليه العديد من البلدان ذات الاقتصادات القويه والمصدره للنفط والتفكير في عمله موحدة للتجمع مضمونه بالذهب، السبب الرابع وهو ظهور العملات الرقمية والتي اصبح لها دور فاعل في الاقتصاد العالمي.
 
من جانبه، قال الدكتور أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن الدولار مازال يتمتع بقوته خلال الفترة الحالية وهجوم ترامب مجرد محاولة للتشكيك في سياسات بايدن الاقتصادية، لافتا الى أن الدولار ارتفع فوق 102 نقطة بعد أن كان 100 نقطة فقط مما يؤكد استمرار الدولار في عرشه رغم أن التصنيف الائتماني للولايات المتحدة تراجع ولكن هناك إقبال كبير علي السندات الخزانة الأمريكية، كما أن البورصة الأمريكية مازالت قوية و التداول فيها بالدولار.
 
وأضاف الخبير الاقتصادي، أننا أمام ضعف هيمنة ولكن ليس أزمة كبيرة يعني المعاملات المالية العالمية التي تتم بالدولار  ممكن تقل من 57% الي 52%  مثلا ولكن ليس انتهاء هيمنة وفقد سيطرة، فنجد أن الاتحاد الأوروبي رغم قوته ولكن اليورو ليس بالقوة التي تجعله تحل محل الدولار وطالما الذهب والنفط والسلاح مسعر بالدولار سيظل محافظ علي قوته وسيطرته.
 
وعلق الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، قائلاً:" إذا نظرنا إلي حديث الرئيس الأمريكي ترامب عن الدولار فهي مجرد دعاية انتخابية للنيل من بايدن ولكن الدولار مازال يتمتع بقوته فإذا نظرنا إلي اليوان والربل هل استطاعوا التفوق علي الدولار؟ بالطبع لا فالمعاملات التجارية العالمية 85% منها تتم بالدولار الامريكي والربل الروسي  اصلا خارج نظام سويفت المالي بسبب العقوبات المفروضة علي روسيا.
 
وتابع الإدريسي، أن الروبل واليوان الصيني أصبحا منافسين بقوة للدولار الامريكي ولكنهم لم ينتصرا عليه فالدولار تعرض لأزمات كبيرة جزء منها خاص بالديون الأمريكية وارتفاع معدلات التضخم مما دفع لرفع الفائدة الأمريكية بشكل غير قياسي ولكنه رغم ذلك مازال مسيطر ومهيمن علي السياسات الاقتصادية العالمية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق