التقاعد بعد الأربعين

السبت، 16 سبتمبر 2023 11:09 م
التقاعد بعد الأربعين
عصام الشريف

 
مشكلة حقيقية يتعرض لها العاملون بالقطاع الخاص بعد الوصول لسن الأربعين، ليس في مصر وحدها ولكن في ظاهرة عالمية، وهي تنحيتهم من الوظائف القيادية لصالح الأجيال الجديدة، خصوصا لمن هم تحت الثلاثين، في إهدار صريح لخبراتهم، بعد سنوات طويلة من الخبرة المكتسبة في العمل بالمؤسسات المختلفة.
 
ويلجأ القطاع الخاص إلى هذا الحل كنوع من توفير الرواتب الكبيرة التي يطالب بها العاملون وفق خبراتهم وكفاءتهم، ليمنح أنصاف رواتبهم إلى عاملين أقل في السن والخبرة، ونظرا لهذين العاملين، فهم يرحبون بأي رواتب باعتبار أنهم ما زالوا في بداية حياتهم المهنية.
 
بالطبع هذا الحديث لا يعني نقد فكرة تمكين الشباب في سوق العمل وفي الوظائف القيادية، إذ إن فئة الشباب قد تمتد حتى الخامسة والخمسين، ومن ناحية أخرى فإن سوق العمل يحتاج الخبرات في الوظائف القيادية والمواقع الحساسة في المؤسسات المختلفة، بجانب الدماء الجديدة من فئة العشرينيات، إذ تكون فرصة لهم ليتعلموا من الأجيال الأكبر منهم سنا ليصقلوا مهاراتهم المختلفة، ليكون المنتج النهائي للمؤسسة أو الشركة مختوما بعنصري الخبرة والشباب في الوقت نفسه.
 
هذا الأمر يدفع عدد كبير ممن هم فوق الأربعين إلى تغيير وظائفهم أكثر من مرة، الأمر الذي قد يربك حساباتهم ويكون له أثر سيئ على رحلتهم العملية، بل وعلى نفسيتهم أيضا مع شعورهم بعدم التقدير، في الوقت الذي يكونون فيه ذوي مسؤوليات أكبر من الأجيال الجديدة التي لا ينكر أحد حقها في التعبير عن نفسها واغتنام الفرصة، لكن ليس على حساب من يسبقهم في الخبرة والعمر.
 
وعلى النقيض من القطاع الخاص، يبدو القطاع العام أكثر عدالة في تنظيم العمل داخل المؤسسة أو الشركة، أو حتى الوزارات المختلفة، إذ نشهد في مصر تمكين الشباب في عدد من الوظائف والمواقع القيادية، لكن بالتوازي مع الاعتماد على خبرات الكبار وليس الاستغناء تماما عنهم كما يحدث في القطاع الخاص، الذي قد يشهد غياب تام لمن هم فوق الأربعين، إذ يضطرون للرحيل من أعمالهم سواء بشكل إجباري من أصحاب الأعمال، أو بشكل اختياري مع شعورهم بإهمال خبراتهم وبالتالي يبحثون عن أماكن أخرى وكثير منهم يلجأ لإقامة مشروع خاص بعيدا عن مفهوم الوظيفة، لكن في النهاية الشركة أو المؤسسة هي من تخسر جهودهم وخبرتهم الطويلة.
 
الاهتمام بالشباب والأجيال الصغيرة بالطبع شيء أساسي في خطط التنمية للدول المختلفة، لكن يجب أن تدار هذه العملية بشكل أكثر تنظيما وبما لا يأتي على حقوق الكفاءات الوظيفية من ذوي الخبرات وحتى لا نصل إلى مفهوم التقاعد بعد الأربعين، فالقانون حدد سن التقاعد عند الستين، بل كانت المؤسسات تستعين بمن تجاوزا الستين للاستفادة من خبراتهم الطويلة، لكن لا يجب أن نجبر موظفا على التقاعد "الطوعي" بعد الأربعين فهذا يؤدي لخلل في سوق العمل ويؤثر تباعا على المنتج النهائي المقدم للمستهلك سواء كان خدمة أو سلعة ما.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق