يوسف أيوب يكتب: لن ننسى جرائمهم

السبت، 21 أكتوبر 2023 10:00 م
يوسف أيوب يكتب: لن ننسى جرائمهم

75 عاماً مرت على نكبة فلسطين فى 1948، واليوم تريد الحكومة الإسرائيلية أن يعيش قطاع غزة نفس النكبة، لكن معطياتها وأسبابها مختلفة عن النكبة «الأم»، فالفلسطينيين هذه المرة متمسكين بأرضهم، رافضين أن يبرحوها حتى لو كان الثمن دمائهم وأرواحهم. كل ساعة يضربون بالتحذيرات الإسرائيلية عرض الحائط، لأنهم يدركون أن هدف تل أبيب الرئيسى هو نسف القضية الفلسطينية، وليس كما يدعى الإسرائيليين أنهم يريدون حماية المدنيين، فأى حماية تتشدق بها إسرائيل، واليوم يسقط مئات الشهداء الأبرياء نتيجة القصف المتواصل على مدار اللحظة، فهل هؤلاء ليسوا مدنيين؟!

هذه الأيام يعيش قطاع غزة نكبة من نوع أخر، نكبة المسئول عنها المحتل الإسرائيلي المتغطرس، لكن لا جديد في ذلك، فمنذ متى والمحتل لا تحكمه الغطرسة؟!

لكن المسئولية المضاعفة عما يحدث في القطاع من عمليات قتل وتدمير ممنهجة ليس فقط الإسرائيليين، وإنما من شجعوهم على ارتكاب جرائمهم ليل نهار، ومنحوهم مبررات واهية، في تحدى واضح وصارخ لكل القواعد الدولية.

ولننظر لما قاله ويقوله الرئيس الأمريكي جو بايدن لنعرف من المسئول عن النكبة التي يعيشها الفلسطينيين اليوم.

بايدن، قال إن دعم بلاده لإسرائيل "صلب كالصخر" و"راسخ"، وأضاف: "اليوم يتعرض شعب إسرائيل لهجوم من منظمة إرهابية هي حماس. في هذه اللحظة المأساوية أود أن أقول له وللعالم وللإرهابيين في كل مكان إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل. لن نخفق أبدا في دعمهم"، معطياً في الوقت نفسه المبرر والشرعية الزائفة لإسرائيل لكى تمارس هوايتها في قتل الفلسطينيين حينما قال إن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها"، بل أنه خرج عن كل القواعد الدبلوماسية، بقوله: "دعوني أقول ذلك بكل وضوح: هذا ليس الوقت المناسب لأي جهة معادية لإسرائيل للسعي إلى استغلال هذه الهجمات لمصلحتها الخاصة. العالم كله يراقب".

ولم يكتف بايدن بذلك، فالاربعاء الماضى، وفى أعقاب المجزرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال بحق أبرياء في مستشفى المعمدانية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من الف فلسطيني، خرج بايدن من تل أبيب ليعيد كلامه السابق بتأييده لإسرائيل، بل أنه حاول تبرأة تل أبيب من المجزرة، بقوله أن طرفاً فلسطينيا هو من نفذها، وكأن الرئيس الأمريكي أغشاها العمى الكامل.

هذا جزء من المسئولية الواقعة على عاتق من زينوا لإسرائيل الطريق لكى تواصل ألة القتل عملها دون هوادة في حق الفلسطينيين الإبرياء.

واشنطن لم تكن وحدها، بل رأينا وتابعنا تصريحات لمسئوليين أوربيين ساروا على نفس الخيط الأمريكي، وأعلنوا وقوفهم خلف الجانى، وترك المجنى عليه، الجميع تعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية بمنطق شاهد شاف كل حاجة، لكن أيد ودعم كل ما شاهده، بل وتعهد بمزيد من الدعم لصالح الجانى والمعتدى.

وهنا لا فارق بين دولة أوربية وأخرى، فالجميع وقع في هذا الوحل، حتى أن أوكرانيا التي تمارس منذ أكثر من عام خطاباً إعلاميا ودبلوماسياً رافضا لأى سياسة احتلالية، وتحشد العالم كله في مواجهة روسيا باعتبارها محتلة لجزء من الاراضى الأوكرانية، ها هي اليوم تتخلى عن منطقها، وتعلن وقوفها خلف المحتل الإسرائيلي، وتؤكد دعمها له.

هل رأيتم عجباً أكثر من ذلك!

الجميع يتسابق لإعلان دعم المحتل والمعتدى، وكأنهم موعودين بالحصول على جائزة.

الجميع تناسى أو تجاهل عن عمد، الأبرياء الذين يقتلون كل دقيقة بالألة العسكرية الإسرائيلية التي يجرى تحديثها وتزويدها يومياً من المصانع الأمريكية والأوربية، وكأن الجميع في الولايات المتحدة وأوربا لا يرون في هذه الأحداث سوى إسرائيل، أما الفلسطينيين فأنهم كالشفاف لا يراهم الأوربيين ولا الأمريكيين.

الغريب في الأمر أن كل داعمى إسرائيل طالما أعلنوا تشدقهم وتمسكهم بمبادئ حقوق الإنسان، لكنهم اليوم تناسوا عن عمد هذه الحقوق، لأنها تمس الفلسطينيين، وهؤلاء غير مرئين للمتمسكين بهذه المبادئ.

الا ترون ان ما نرصده اليوم هو انتهاك واضح لحقوق الانسان وازدواجية في المعايير، ليس فقط في القتل الإسرائيلي الممنهج ضد الفلسطينيين، وإنما في الدعوة الإسرائيلية الواضح إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع، وهى دعوة تتنافى مطلقاً مع أبرز حقوق الإنسان.

وللعلم فإن هذه الدعوة لا يجب أن تمر مرور الكرام، حتى وإن افشلها الفلسطينيين في الوقت الراهن، لانها تعبر عن فكرة لم ولن تموت في العقلية الإسرائيلية.

نحن أمام ليس فقط تجاوزات وإنما جريمة متمكلة الأركان مسئول عنها الاحتلال وكل داعميه، ممن يستحقون أن يحاكموا على هذه الجرائم التي أبداً لن تتقادم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق