"غزة ستكون سجن لإسرائيل".. تحذيرات دولية لتل أبيب من تنفيذ الاجتياح البرى للقطاع

الخميس، 26 أكتوبر 2023 03:47 م
"غزة ستكون سجن لإسرائيل".. تحذيرات دولية لتل أبيب من تنفيذ الاجتياح البرى للقطاع
المدنيين أول ضحايا الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة
كتب سامى سعيد

توماس فريدمان جدد مطالبته لبايدن بالضغط على "إسرائيل" لعدم الوقوع في فخ العزو البري للقطاع

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد أن أي عملية برية إسرائيلية واسعة النطاق في غزة ستكون خطأ

المتحدث باسم جيش الإحتلال دانيال هاجارى: إسرائيل تبحث في مخاطر العملية البرية

 
"بهذه الطريقة سيضع كل إسرائيل في سجن غزة ما لم ينفصل عن هؤلاء المتعصبين اليهود"، تحذير أطلقه قبل أيام الكاتب الأمريكي المعروف، توماس فريدمان، في مقاله نشره بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وجهه إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنايمين نتانياهو، حال إقدامه عل تنفيذ تهديده بالهجوم البرى على قطاع غزة.
 
ما قاله فريدمان، المقرب من البيت الأبيض، لا يمثل فقط رأيه الشخصى، وإنما يعبر عن قطاع كبير من السياسيين الدوليين الذين حذروا إسرائيل من مخاطر الوقوع في فخ الهجوم البرى على القطاع، حيث أكد أمس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن أي عملية برية إسرائيلية واسعة النطاق في غزة ستكون خطأ، مؤكداً في الوقت نفسه أن فرنسا لا تريد أي تصعيد في المنطقة.
 
وتزامن ذلك مع حالة من الخوف تنتاب الحكومة الإسرائيلية من مخاطر التدخل البرى فى قطاع غزة، وهو ما اختبره الجيش الإسرائيلى قبل أيام من تدخل جرافة تابعة للجيش الإسرائيلى وعبورها السياج الحدودى مع قطاع غزة، لتتم مواجهتها من قبل عناصر الفصائل الفلسطينية مما أدى إلى سقوط قتيل فى صفوف الجيش الإسرائيلي، لذلك خرج المتحدث باسم جيش الأحتلال الإسرائيلى، دانيال هاجارى، قبل يومان ليؤكد أن إسرائيل تبحث في مخاطر العملية البرية في غزة، مشيراً إلى أن الجيش يوسع نطاق هجماته على القطاع استعدادا للتدخل البرى.
 
وتحشد إسرائيل قواتها لشن العملية البرية التي قد تبدأ خلال ساعات، ولم يعلن الجيش الإسرائيلي رسميا نيته اجتياح غزة، لكنه أكد القيام باستعدادات موسعة لحرب برية، ووضع مئات الآلاف من عناصر وحدات الاحتياط في محيط غزة، كما نقلت شبكة "سي إن إن" CNN الأمريكية عن مصادر بالجيش الإسرائيلي عن بدء عمليات عسكرية كبيرة بمجرد التأكد من مغادرة المدنيين.
 
وبالعودة إلى تحذيرات الكاتب الامريكى المعروف، توماس فريدمان، فقد سبق وجدد بمقاله تحت عنوان: إسرائيل على وشك ارتكاب خطأ فادح"، تحذيره للرئيس الأمريكي جو بايدن في مقالين سابقين من السماح لـ "إسرائيل" بشن هجوم بري على غزة، حيث جدد فريدمان مطالبته لبايدن بالضغط على "إسرائيل" بشأن عدم الوقوع في فخ العزو البري للقطاع.
 
وقال فريدمان في مقاله أنه "معجب بشدة بالطريقة التي استخدم بها الرئيس بايدن تعاطفه وحضوره الفعلي في إسرائيل لإقناع الإسرائيليين بأنهم ليسوا وحدهم في حربهم ضد حماس الهمجية، في حين يحاولون التواصل مع الفلسطينيين المعتدلين"، لافتاً إلى أن بايدن حاول جاهداً إقناع القادة الإسرائيليين بالتوقف عن غضبهم والتفكير في ثلاث خطوات للأمام، ليس فقط حول كيفية الدخول إلى غزة للقضاء على حماس، لكن أيضًا حول كيفية الخروج وكيفية القيام بذلك مع مراعاة وقوع أقل عدد ممكن من الضحايا المدنيين".
 
وأضاف فريدمان: "بينما أعرب الرئيس عن فهمه العميق للمعضلة الأخلاقية والاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل، فقد ناشد القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين أن يتعلموا من اندفاع أمريكا إلى الحرب بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي أخذت قواتنا إلى عمق الطرق المسدودة والأزقة المظلمة لمدن وبلدات غير مألوفة في العراق وأفغانستان، ومع ذلك، فمن خلال كل ما استقيته من كبار المسؤولين الأمريكيين فشل بايدن في إقناع إسرائيل بالتراجع والتفكير في جميع الآثار المترتبة على غزو غزة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. لذا اسمحوا لي أن أضع هذا في لغة صارخة وواضحة قدر الإمكان، لأن الساعة متأخرة".
 
وأكد فريدمان أنه "إذا اندفعت إسرائيل الآن إلى غزة لتدمير حماس، وفعلت ذلك دون التعبير عن التزام واضح بالسعى إلى حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية وإنهاء المستوطنات اليهودية في عمق الضفة الغربية، فسوف ترتكب خطأ فادحاً وسيكون ذلك مدمراً للمصالح الإسرائيلية والمصالح الأمريكية، فقد يؤدي ذلك إلى إشعال حريق عالمى وتفجير هيكل التحالف المؤيد لأمريكا بالكامل والذي بنته الولايات المتحدة في المنطقة منذ أن هندس هنري كيسنجر نهاية حرب 1973"، لافتاً إلى أنه يتحدث تحديداً عن معاهدة كامب ديفيد للسلام واتفاقيات أوسلو للسلام والاتفاقية الابراهيمية والتطبيع المحتمل للعلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مؤكداً أن "الأمر برمته قد يشتعل".
 
وأشار فريدمان في مقاله إلى أن حديثه لا يتعلق بما إذا كان لإسرائيل الحق في الانتقام من حماس بسبب الهمجية الوحشية التي ألحقتها بالرجال والنساء والأطفال والأجداد الإسرائيليين، لكن يتعلق الأمر بكيفية القيام بذلك بالطريقة الصحيحة، الطريقة التي لا تصب في مصلحة حماس وإيران وروسيا، موضحاً أنه "إذا ذهبت إسرائيل إلى غزة واستغرقت شهوراً لقتل أو أسر كل قادة وجنود حماس، وفعلت ذلك في الوقت الذي توسع فيه المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية - مما يجعل أي حل على أساس الدولتين هناك مع السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالا مستحيلا، فلن يكون هناك أي مشروع شرعي يقنع فلسطين أو الجامعة العربية أو التحالف الأوروبي أو الأمم المتحدة أو حتى حلف شمال الأطلسي الذي سيكون حينها على استعداد للذهاب إلى غزة وانتزاعها من أيدي إسرائيل، وحينها لن يكون هناك من يستطيع انتشال إسرائيل، ولن يكون هناك من يساعدها على دفع تكاليف رعاية أكثر من مليوني من سكان غزة، خاصة أن إسرائيل تدار من قبل حكومة تتصرف كما لو كان بإمكانها الانتقام من حماس بشكل مبرر، بينما في نفس الوقت تعمل بشكل غير مبرر على بناء مجتمع يشبه الفصل العنصري يديره العنصريون اليهود في الضفة الغربية، وهذه بالتأكيد سياسة غير متماسكة تماما".
 
وأكمل توماس فريدمان مقاله بقوله: "للأسف أخبرني مسؤول أمريكي كبير أن فريق بايدن غادر القدس وهو يشعر أنه في حين يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التجاوز في غزة يمكن أن يؤدي إلى إشعال النار في المنطقة بأكملها، الا ان شركائه في الائتلاف اليميني حريصون على تأجيج النيران في غزة والضفة الغربية، وقد قتل المستوطنون الاسرائيليين هناك ما لا يقل عن سبعة مدنيين فلسطينيين في أعمال انتقامية خلال الأسبوع الماضي فقط. وفي الوقت نفسه، أخبرني مسؤولون أمريكيون أن ممثلي هؤلاء المستوطنين في مجلس الوزراء يحتجزون أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، مما يزيد من صعوبة إبقاء الضفة الغربية تحت السيطرة كما كانت منذ بداية حرب حماس".
 
وأكد فريدمان أنه لا ينبغي لنتانياهو أن يسمح بذلك، لكنه حاصر نفسه، لانه يحتاج إلى هؤلاء المتطرفين اليمينيين في ائتلافه لإبقاء نفسه خارج السجن بتهم الفساد، لكنه بهذه الطريقة سيضع كل إسرائيل في سجن غزة ما لم ينفصل عن هؤلاء المتعصبين اليهود.
 
وقال فريدمان: "ولسوء الحظ أخبرني مسؤول أمريكي كبير أن القادة العسكريين الإسرائيليين هم في الواقع أكثر تشدداً من رئيس الوزراء الآن، إنهم ممتلئون من الغضب ومصممون على توجيه ضربة لحماس لن ينساها الجميع لتكون عبرة، بالطبع انا افهم لماذا كل هذا الغضب لكن عادة الأصدقاء لا يسمحون لاصدقائهم بالقيادة وهم غاضبون. وبالتالي يتعين على بايدن أن يقول لهذه الحكومة الإسرائيلية إن الاستيلاء على غزة دون ربطها بنهج جديد تمامًا فيما يتعلق بالمستوطنات والضفة الغربية وحل الدولتين سيكون بمثابة كارثة لإسرائيل وكارثة لأمريكا، وبوسعنا أن نساعد بل ويمكننا أن نصر على أن يعمل حلفاءنا العرب والأوروبيون على إنشاء سلطة فلسطينية أكثر فعالية وأقل فساداً وأكثر شرعية في الضفة الغربية، والتي تستطيع بعد فترة انتقالية في غزة أن تساعد في الحكم هناك أيضاً، لكن ليس من دون تغيير جوهري في السياسة الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية والمستوطنين اليهود، وبخلاف ذلك، فإن ما بدأ كهجوم لحماس ضد إسرائيل في السابع من اكتوبر من شأنه أن يؤدى إلى إشعال حرب في الشرق الأوسط، حيث يكون لكل قوة عظمى وقوة إقليمية يد فيها - الأمر الذي سيجعل من الصعب للغاية إيقافها بمجرد أن تبدأ".
 
وعبر توماس فريدمان عن قلقه بشأن كيفية خروج هذا الوضع عن نطاق السيطرة بطرق يمكن أن تلحق الضرر بإسرائيل بشكل لا يمكن إصلاحه، وتضر بمصالح الولايات المتحدة بشكل لا يمكن إصلاحه، وتلحق الضرر بالفلسطينيين بشكل لا يمكن إصلاحه، وتهدد اليهود في كل مكان بالعالم وزعزعة استقرار العالم كله".
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق