حتى لا ننسى..

التهجير من غزة.. حلم لم تتنازل عنه إسرائيل أبدا

السبت، 09 ديسمبر 2023 07:00 م
التهجير من غزة.. حلم لم تتنازل عنه إسرائيل أبدا
محمد فزاع

- تهجير الفلسطينيين إلى سيناء مخطط إسرائيلى قديم وضعته الحركات الصهيونية وحاولت تنفيذه عام 1970 فيما عرف بـ«مشروع العريش» 

- الاحتلال قسم القطاع لمربعات لإفراغ شمال غزة من المدنيين والدفع بهم نحو الجنوب لإنشاء منطقة عازلة ودفهم لعبور حدود مصر

- الدولة المصرية تصدقت بقوة لمخطط التهجير ورفضت خطة "الوطن البديل".. وتل أبيب تناور لتحقيق حلمها بتصفية القضية الفلسطينية 
 
بينما يستأنف جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، بعد انتهاء الهدنة الإنسانية، التي دامت 7 أيام، استهدف القصف الإسرائيلي مناطق في جنوب القطاع المزدحم، الذي ينتظر هجومًا بريًا واسعًا، رغم التحذيرات الدولية من أن العدوان على المنطقة المكدسة بسكانها والنازحين إليها من شمال ووسط القطاع، سيؤدي لعواقب وخيمة.
 
ويصر الجيش الإسرائيلي على ضرورة التوغل في جنوب غزة، ما ينذر بكارثة جديدة، ويدفع نحو موجة تهجير جديدة من المنطقة، خاصة مع بقاء نحو 80% من سكان قطاع غزة بلا مأوى، بعد 7 أكتوبر، ليبقى السؤال الأهم لماذا يصر الاحتلال على محاصرة سكان غزة ومحاولات تهجيرهم؟..
 
للإجابة على السؤال دعنا نشير أولا إلى نزوح 1.8 مليون شخص فعليًا من شمال القطاع إلى جنوبه، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، وفور وصول النازحين لمناطق الإيواء وسط غزة، شرع سلاح الجو الإسرائيلي بطائرات F-16 بإنشاء حزام ناري امتد على مساحة 10 كيلومترات، ومع تواصل عمليات القصف سيؤدي ذلك إلى نزوح أعداد أكبر داخل القطاع، والمخاوف تكمن هنا من استمرار القصف، ثم العمليات البرية بما سيدفع أبناء غزة نحو الحدود مع مصر والأردن بشكل إجباري، وهو ما يخطط له الاحتلال منذ عقود طويلة.
 
منظقة عازلة
 
شرع جيش الاحتلال في تفعيل مخطط جديد يسمى «منطقة عازلة» على الحدود مع قطاع غزة، وقال مارك ريغيف، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل لن تسمح بوضع يكون فيه عناصر حركة حماس على الحدود في قطاع غزة.
 
وتريد إسرائيل إقامة منطقة عازلة لكن لم يتضح عمقها بعد، فيما نشرت مصادر إسرائيلية إنه يجري إعداد خطة تفصيلية لإقامة منطقة عازلة بعد تدمير «حماس» ونزع السلاح من غزة، وليس واضحاً عمق المنطقة العازلة، وقد تصل إلى كيلومتر أو كيلومترين أو مئات الأمتار داخل غزة.
 
وتستهدف المنطقة العازلة التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، بتقسيم القطاع إلى مربعات سكنية بهدف تهجيرها بشكل منظم خلال العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال.
 
ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلي خريطة تقسيم قطاع غزة إلى مئات المربعات السكنية يبلغ عددها 2300 بلوك سكني، زاعما أن الهدف من ذلك هو تمكن الفلسطينيين من التعرف على أماكن الإخلاء بموجب هذا التقسيم، وجاء هذا التقسيم بعد طلب الولايات المتحدة من إسرائيل اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين العزل خلال عملياتها العسكرية في غزة.
 
وأكد مراقبون أن تقسيم قطاع غزة لمربعات سكنية يأتي ضمن المخطط الذي يعمل على إفراغ شمال غزة من السكان المدنيين، والدفع بهم نحو جنوب غزة من خلال المنشورات والتحديثات التي ينشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدار الساعة، موضحين أن المخطط يهدف أيضا لقضم إسرائيل لجزء من شمال غزة لإنشاء ما تسميه المنطقة العازلة، شرقي البلاد وقد تمتد بعمق 1 كم.
 
وأوضح المراقبون أن المخطط الذي تقوم به حكومة الاحتلال هو مخطط قديم يتم استنساخه وفق آليات جديدة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، مؤكدين أن تل أبيب تعمل وفق الاستراتيجية التي وضعتها الحركات الصهيونية منذ عقود طويلة لإخلاء مناطق سكنية فلسطينية واستبدال سكانها بالمهاجرين اليهود الذين نقلوا إلى فلسطين المحتلة بإشراف وإدارة الحكومة البريطانية مطلع القرن العشرين، مشيرين إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيكثف من عملياته العسكرية البرية على جنوب قطاع غزة بالتوازي مع قصف عنيف لشمال القطاع، وأن هدف جيش الاحتلال من عملياته جنوبا مع قصف عنيف لمدن الشمال هدفها الأساسي هو إفراغ قطاع غزة من سكانه، في ظل سياسة الحصار والتجويع والتعطيش التي تمارسها إسرائيل مع حرب نفسية شرسة هدفها في النهاية دفع الفلسطينيين للتخلي عن منازلهم والنزوح قسريا خارج القطاع.
 
ويعني الحديث عن منطقة عازلة إفراغ مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في غزة، برغم أن مساحة القطاع كاملة لا تستوعب عدد السكان فيها، في بقعة جغرافية تعد الأكثر كثافة سكانية بالعالم، ما يدفع يعمليات تهجير لأكثر من نصف مليون مواطن فلسطيني على الأقل من مناطقهم ومنازلهم وتدميرها، وهو ما يهدف الاحتلال لتنفيذه من خطته الخفية.
 
ضغط لتمرير حلول بديلة
 
وسبق أن أكدت مصادر مصرية أن هناك مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية من سكانها، لافتة إلى أن حكومة الاحتلال تجبر الفلسطينيين على الاختيار بين الموت تحت القصف أو النزوح خارج أراضيهم، وحذرت من المخاطر المحيطة بتداعيات الأزمة الراهنة على ثوابت القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني.
 
وجاء موقف مصر واضحا أمام العالم لمن يروجون لحلول بديلة ويضغطون لتمريرها، عنوانها «لن نقبل بغير الحل العادل، والعالم لا يجب أن يقبل استخدام الضغط الإنساني، للإجبار على التهجير"، كما أكدت مصر، وتجدد التشديد، على الرفض التام، للتهجير القسري للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء.
 
السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر بالأمم المتحدة، أكد أمام ممثلي دول العالم، أنه «لا للتهجير القسري للفلسطينيين في غزة سواء داخليا أو خارجيا، ونطالب بضرورة تفعيل الحماية الدولية للفلسطينيين، فسياسات الحصار والتجويع لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين، وأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني يتعين مجابهتها بالحزم والتأكيد على رفضنا القاطع لها».
 
رسالة مصر كانت واضحة «لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية»، ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن، للتأكيد بأن الولايات المتحدة ترفض نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم، معرباً عن التقدير البالغ للدور الإيجابي الذي تؤديه مصر والقيادة المصرية بهذه الأزمة، وخرج قبلها المتحدث باسم جيش الاحتلال، في تصريح مقتضب، يؤكد أنه لا توجد أي دعوة إسرائيلية رسمية لتوجيه سكان قطاع غزة نحو مصر.
 
وحرصت مصر على إجهاض المروجين بأن تكون سيناء هي «الوطن البديل» للفلسطينيين، بتأكيد رفض تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أية محاولات للتهجير قسريًا من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب دول المنطقة، ووجهت القيادة السياسية رسالة للعالم ناصحة أمينة للعالم بأن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله لمناطق أخرى، بل أن حلها الوحيد، هو العدل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، في دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل باقي شعوب الأرض.

التهجير حلم لم تتركه إسرائيل 
 
التاريخ خير شاهد على النوايا والخطط السابقة للاحتلال في تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ونجدها تنكشف يوما بعد يوم، ومؤخرا ظهرت وثائق بريطانية تؤكد محاولات إسرائيل لتمرير سيناريو التهجير للأراضي المصرية منذ 1971، قبل حرب 6 أكتوبر بعامين.
 
وضعت الخطة قبل 52 عامًا لترحيل آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شمال سيناء، بزعم أن القطاع مصدر إزعاج أمني لإسرائيل وباتت مخيمات اللاجئين ‏بؤر مقاومة قوية للاحتلال في تلك الفترة.
 
 وعندما احتلت إسرائيل غزة، كان بالقطاع 200 ألف لاجىء، من ‏مناطق فلسطين الأخرى، ترعاهم وكالة الأمم المتحدة "الأونروا" و150 ألفا آخرين هم سكان القطاع ‏الأصليين الفلسطينيين، ورأت أن غزة لم تكن قابلة للحياة اقتصاديا بسبب مشكلات أمنية واجتماعية خلقتها حياة ‏المخيمات.‏
 
ورصدت السفارة البريطانية في تل أبيب وقتها تحركات إسرائيلية لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى ‏العريش التي تبعد قرابة 54 كليومترا عن حدود غزة مع مصر، وحسب تقارير السفارة، فإن الخطة شملت "النقل القسري" للفلسطينيين إلى مصر أو أراض إسرائيلية ‏أخرى، وفى أوائل سبتمبر عام 1971، اعترفت الحكومة الإسرائيلية للبريطانيين بوجود خطة سرية لترحيل ‏الفلسطينيين من غزة إلى مناطق أخرى منها العريش.‏
 
وخلال احتلال إسرائيل لسيناء (1967 - 1973) حاولت إسرائيل استغلال سيطرتها على الأرض، في تهجير آلاف الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية المحتلة آنذاك، في ما عُرف بـ«مشروع العريش» عام 1970، كما تكرر الطرح الإسرائيلي المدعوم أمريكياً مرات عدة عقب توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، إذ تراجعت إسرائيل عن مقترح لتبادل الأراضي بين مناطق في سيناء تخصص لسكان غزة مقابل حصول مصر على أراضٍ في صحراء النقب بعدما اشترط الرئيس المصري الراحل أنور السادات الحصول على المنطقة التي يقع بها ميناء إيلات، المنفذ الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر.
 
وتكرر طرح فكرة التهجير أكثر من مرة على الرئيس الأسبق حسني مبارك، والذي رفضها جميعاً، سواء تلك التي اقترحتها دول وسيطة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، أو جاء من إسرائيل مباشرة.
 
وبعدها تسربت عام 2000 خطة للجنرال الاحتياط الإسرائيلي الشهير غيورا آيلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط بجيش الاحتلال الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي بين عامي 2004 و2006، وافترضت خطته، بأن مستقبل حل الدولتين يقوم على إقامة دولة فلسطينية في سيناء.
 
واقترح وقتها "إذا جعلنا غزة ضعف حجمها الحالي أو ثلاثة أضعافه بإضافة 600 كيلومتر مربع إضافية من الأراضي من سيناء المصرية، وهذا يمكن أن يمنح غزة المساحة التي تحتاجها، وفجأة، أصبح لدى غزة المساحة اللازمة لبناء مدينة جديدة تضم مليون نسمة، بجانب ميناء بحري ومطار حقيقيين، ولخلق الظروف التي من شأنها أن تجعل التوسع الاقتصادي ممكنا، وفي الوقت نفسه، تحتاج إسرائيل إلى 600 كيلومتر مربع في الضفة الغربية لأن خط 1967 غير مقبول من الناحية الأمنية، وفي المقابل، يمكن لإسرائيل أن تعطي لمصر 600 كيلومتر مربع في النقب بجنوب إسرائيل، ولن يخسر أحد الأرض".
 
ولتجميل خطته زعم أنه يمكن لمصر أن تجني فوائد كبيرة، ويصبح الميناء البحري والمطار الجديد المجاور لمصر بمثابة روابط اقتصادية رئيسية بين الخليج وأوروبا، وتحصل مصر على ممر بري لتمكين الحركة من مصر إلى بقية دول الشرق الأوسط دون الحاجة لعبور إسرائيل، مقترحا أن تطرح أوروبا المشروع وتتبناه الولايات المتحدة ومصر والأردن.
 
ومع حرب غزة 7 أكتوبر الماضي، كانت النية واضحة بعد تصريحات نقلتها وكالة "رويترز" نقلا عن اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيخت، كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين والذي قال لصحفيين أجانب: "أعلم أن معبر رفح على الحدود بين غزة ومصر لا يزال مفتوحا، وأنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك". 
 
ومؤخرا نشرت في صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيلية، أن خطة إسرائيلية عُرضت على مسؤولين كبار من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، و«نالت مباركتهم»، وفق زعمها، وتشمل الخطة 4 مبادرات اقتصادية لـ4 دول في المنطقة، هي مصر والعراق واليمن وتركيا، بحيث تقبل «هجرة طوعية» للفلسطينيين إلى أراضيها.
 
من النيل إلى الفرات
 
ورصد فيلم الفيلم وثائقي إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بعنوان "المخطط.. من النيل إلى الفرات"، مزاعم إسرائيل ومخططاتهم من قديم الأزال، حيث يزعم أصحاب مشروع إسرائيل الكبرى في مغالطة دينية بأنهم فازوا بوعد الله ليمتد سلطانهم بالمنطقة إلى حدود مترامية داخل الدول العربية، ويعتمدوا على يظهرونها تارة ويخفونها تارات كثيرة لأرض بين نهر مصر وبين نهر الفرات التي أعدوا لها مخططًا يبين حدود دولتهم التي يطمحون، وتضم مقاطع كبيرة الآن من دول مصر والسعودية والأردن وسوريا ولبنان وأجزاء من العراق.
 
ويشير الفيلم إلى أنه من النيل إلى الفرات هو مشروع إسرائيل المزعوم وهو ليس مجرد مشروع فقط بل هو رؤية يتعاقبها زعماء إسرائيل ويضعون أساستها على مراحل قبل تحويلها إلى واقع على الأرض في اللحظة المناسبة، وعرض شهادات من قلب الاحتلال لمخططاتهم.
 
تقول دانيلا فايس رئيس إحدى المنظمات الاستيطانية: "أرض إسرائيل تابعة للشعب الإسرائيلي وكذلك غزة كلها هى جزء من أرض إسرائيل من نهر الفرات وحتى العريش.. أنا لست أدعو لشن حرب لكن نصل إلى نهر الفرات أو نهر النيل".
 
واستعرض الفيلم ما ذكره الكاتب الأمريكي "كان رالف شونمان" أمين عام مؤسسة برتراند راسل للسلام والذى كشف عن مخطط إسرائيل ومزاعمها قائلاً: "لقد وضعوا خريطة كما ناقشنا في كثير من الأحيان حول تحديد الهدف بناء على المجلد الثاني من عمل تيودور هرتزل التاريخى حول المشروع الصهيوني.. الخريطة أعتقد أنها موجودة في الصفحة 731 من المجلد الثاني، حيث توضح بشكل لا لبس فيه وبوضوح ما يفعله هؤلاء الأشخاص ومن بينهم بنيامين نتنياهو .. ماذا يقصدون بأرض إسرائيل ؟ كل فلسطين وكل الضفة الغربية وكل لبنان وثلثى العراق ونصف سوريا والطبقة الجنوبية من تركيا  وثلث الجزيرة العربية ومصر حتى النيل بما في ذلك القاهرة بل وحتى الكويت".
 
وقال يجال ألون وزير الخارجية الإسرائيلي عام 1975: "أعتقد أنه في المنطقة ما بين البحر الأبيض المتوسط في الغرب والحدود العراقية في الشرق يجب أن تكون هناك دولتان إحدامها يهودية تعرف باسم إسرائيل بالطبع، مع إضافة أقلية عربية كبيرة كما لدينا في التلمود، ودولة عربية، يمكنك تسميتها فلسطين ـ الأردن، يمكنك تسميتها فلسطين، أي شيء يرغبون فيه وينبغي التفاوض على الحدود بين هذين الكيانين".
 
وكشف الفيلم الوثائقى "المخطط من النيل إلى الفرات" عن مقطع للرئيس ياسر عرفات رئيس السطلة الفلسطينية الراحل والذى استعرض خلاله عملة حديثة لإسرائيل على إحدى وجه العملة الشمعدان الإسرائيلي وأسفل تلك الشمعدان ما يسمى "إسرائيل الكبرى وهي "سيناء وكل لبنان والأردن وثلثى سوريا وثلاثة أرباع العراق وثلث المملكة العربية السعودية حتى المدينة وخيبر"، معلقًا: "هذه إسرائيل" متسائلا هل رأى العرب تلك الخريطة؟!.
 
وأكد الفيلم أن اليوم تتجلى الخطط التوسعية بوضوع في أعقاب عملية طوفان الأقصى لتنطلق المخططات الإسرائيلية التي كانت حبيسة الأدراج والتي تجسدت في المخطط الذى أعده الجنرال غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وطرحها للمرة الأولى عام 2004، والتي يمكن تلخيصها  في جملة واحدة صادمة وهى "تحويل سيناء إلى وطن بديل للشعب الفلسطيني".
 
خلاصة الأمر، أن الدولة المصرية أعلنتها من قبل صريحة، وأكدها الرئيس عبد الفتاح السيسي برفض «التهجير القسري» لسكان غزة، مشدداً على أن مصر «لم ولن تسمح بتصفية القضية على حساب دول الجوار»، وجاء تحذيره واضحا من خطورة المساس بالأمن القومي المصري، مؤكداً أنه «لا تهاون في حماية الأمن القومي لمصر»، وأضاف في مناسبة أخرى أن «مصر دولة قوية ولا تُمس».
 
موقف أردني صارم.. خط أحمر
 
الأردن بدوره أكد موقفه الثابت أكثر من مرة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، بأن "التهجير خط أحمر"، وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، إن "أي محاولات أو خلق ظروف لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية خط أحمر وسيعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب".
 
الأردن في تصريحاته الرسمية تدلل بأن عمان تخشى من محاولات إسرائيل إفراغ الضفة وغزة من ساكنيها، وترحيلهم لأراضيها، ما يعني في محصلة الأمر تصفية القضية الفلسطينية، وضياع حل الدولتين الذي تنادي به المملكة في كل المحافل، وسبق وأن أعلن رفضه المطلق بأن يكون "الوطن البديل" للفلسطينيين، بعدما جرى الحديث عن ذلك في إطار ما عرف بـ"صفقة القرن"، والتي عمل على ترويجها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
 
مخيم غزة بلا عودة
 
السيناريو الإسرائيلي الذي تخطط تل أبيب لتنفيذه خلال بهذه المرحلة نفذ جزئيا في أعقاب أحداث 1967 من خلال تهجير الفلسطينيين إلى الأردن وتحديدا في مخيم "غزة" بالأردن، وذلك للمرة الثانية بعد تهجير عدد من الفلسطينيين إلى المخيم في 1948، وترفض حكومة الاحتلال الإسرائيلي عودة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيم إلى منازلهم وبيوتهم التي تم الاستيلاء عليها بواسطة المستوطنين الإسرائيليين الذي يرتكبون أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين.
 
وتأسس مخيم جرش كمخيم للطوارئ في 1968 من أجل إيواء 11500 لاجئ فلسطيني ونازح غادروا قطاع غزة نتيجة الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، وهو يعرف محليا باسم مخيم غزة، وتبلغ مساحة المخيم كيلومترا مربعا، وعدد سكانه الحاليين 35 ألفا من المهجرين الذين سكنوا قطاع غزة بعد حرب 1948، إلا أنهم غادروا القطاع مجددا عام 1967، لتتجدد المعاناة مع التهجير.
 
وبين الأعوام 1968-1971، تم بناء 2000 مسكن بدعم من تبرعات الطوارئ، وعلى مر السنين، استبدل العديد من سكان المخيم المساكن الجاهزة بمساكن اسمنتية أكثر متانة، ولا تزال العديد من الأسقف مبنية من ألواح الزنك والاسبست.
 
كارثة منتظرة
 
تقول "الأونروا" إنه بحلول 29 نوفمبر، كان ما يقرب من 1.1 مليون نازح يقيمون في 156 منشأة تابعة للأونروا بقطاع غزة، وكان ما يقرب من 958 ألف نازح يقيمون في 99 منشأة في المناطق الوسطى وخان يونس ورفح.
 
واستئناف الهجوم الإسرائيلي المتوقع في الجنوب، قد يجبر مئات الآلاف الذين فروا من مدينة غزة على النزوح مرة أخرى، إلى جانب سكان خان يونس، المدينة التي يسكنها أكثر من 438 ألف نسمة، مما يفاقم الأزمة الإنسانية.
 
وتقع مدينة خان يونس في النصف الجنوبي من قطاع غزة، وقد لجأ عشرات آلاف النازحين من الشمال إلى المدارس والخيام، ما تسبب في اكتظاظ شديد وسط نقص في الغذاء والماء.
 
وأصبحت منطقة مستشفى ناصر في مخيم خان يونس نقطة محورية، حيث تضم مدارس ومرافق تديرها وكالة الأونروا، ويقصدها الهاربون من القصف العنيف، ورغم أن هذه المؤسسات بُنيت في الأساس للأغراض التعليمية، أعيد توظيفها كملاجئ منذ بدء الحرب، لكنها تفتقر لأدنى مقومات السكن أو الأمان.
 
وقد أدى ارتفاع أعداد النازحين الباحثين عن الأمان إلى اكتظاظ هذه المرافق التي تحولت في كثير من الأحيان إلى بؤر خطرة صحيا، بينما يجد النازحون الجدد من المناطق الشمالية والمناطق الأخرى المتضررة من النزاع، ملاذا في مخيمات مؤقتة تقع حول المستشفيات والمدارس في الجنوب.
 
وتكمن المشكلة بأن مدارس الأمم المتحدة والأونروا والملاجئ الحكومية غير كافية لاستيعاب 234 ألف نازح داخليا، سجلهم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في خان يونس فقط، ويقيم العديد منهم في مخيمات مؤقتة، كما تستوعب ملاجئ الأمم المتحدة عددا أكبر بكثير من الأشخاص مما يفوق طاقتها الاستيعابية، وهي غير قادرة على استيعاب الوافدين الجدد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة