الانتخابات الرئاسية المصرية 2024.. إرادة نافذة في وجه التحديات وتأكيد الوعي الوطني

السبت، 23 ديسمبر 2023 09:00 م
الانتخابات الرئاسية المصرية 2024.. إرادة نافذة في وجه التحديات وتأكيد الوعي الوطني
محمد الشرقاوي

نقلا عن النسخة الورقية:
 
شهدت الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 مشاركة واسعة من المصريين، حيث بلغت نسبة المشاركة الرسمية 66.8 % من إجمالي عدد الناخبين المقيدين، وأشاد العديد من المحللين والمراقبين الدوليين بهذه المشاركة، حيث رأوا أنها تعكس وعيًا سياسيًا كبيرًا لدى المصريين، ورغبتهم في المشاركة في العملية الديمقراطية.
 
أبهرت حالة الاصطفاف الوطني التي شهدتها الانتخابات الرئاسية 2024 اصطفاف المواطنين في انتخابات الرئاسة يؤكد أن إرادة المصريين نافذة، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته بمناسبة فوزه بولاية جديدة. 
 
وأكدت الأرقام التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات، وفوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية ثالثة، بأصوات بلغت نسبتها 89.6 % من إجمالي عدد من شاركوا في الانتخابات، أن مصر دولة فرضت شخصيتها، وأن وعي المصريين صار واضحاً أمام العالم أجمع. 
 
وأرجع مراقبون أسباب اصطفاف المصريين في الانتخابات الرئاسية 2024 إلى مجموعة من العوامل، منها الاهتمام بالشأن العام، حيث صار المصريون يتمتعون بوعي سياسي كبير، ويهتمون بالشأن العام، ويرغبون في المشاركة في العملية الديمقراطية، كذلك ما شهدته شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة العديد من الإنجازات الاقتصادية والأمنية، مما أدى إلى زيادة ثقة المصريين في الدولة، كذلك شخصية الرئيس السيسي، والذي يحظى بشعبية كبيرة لدى المصريين، مما ساهم في تحفيزهم على المشاركة في الانتخابات.
 
وأشاد العديد من المحللين والمراقبين الدوليين والصحف العالمية بمشاركة المصريين في الانتخابات الرئاسية 2024، حيث رأوا أنها تعكس وعيًا سياسيًا كبيرًا لدى المصريين، ورغبتهم في المشاركة في العملية الديمقراطية.
 
العالم يحتفي بمشاركة المصريين
 
وأبرزت وسائل الإعلام الدولية، فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بولاية رئاسية جديدة، والمشاركة الكثيفة للناخبين في عملية الاقتراع، مؤكدة على الدعم الكبير الذي يحظى به الرئيس السيسي لدى جموع المصريين، وسلطت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية الضوء على إشادة المصريين بالاستقرار الذي حققه الرئيس السيسى بالفعل على مدار السنوات الأخيرة في منطقة تموج بالحروب والأزمات والصراعات، كما ذكر تقرير لوكالة (ميديا لاين) الأمريكية، أن فوز الرئيس السيسي بفترة رئاسية ثالثة جاء وسط تحديات جمة، كما أنه من شأنه أن يشكل مستقبل مصر خلال السنوات المقبلة.
 
وعلقت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بالقول: "إن ولاية الرئيس السيسي الجديدة يواجهها تحد توسع نطاق الحرب على غزة، وهو ما أبرزته أيضًا صحيفة "ذا هندو" الهندية مؤكدة أنها انتخابات جرت في وقت تواجه فيه مصر أزمة اقتصادية وتحاول إدارة مخاطر الحرب على غزة، بينما قال موقع "ريو تايمز" السويسري: "إن فوزه بأغلبية كبيرة يظهر حجم الدعم الكبير الذي يحظى به على الرغم من التحديات الاقتصادية".
 
وقال الموقع في تقريره: "إن فترة ولاية السيسي اتسمت بالاستقرار، وأن أكثر من 39 مليون مصري صوتوا لصالح السيسي الذي قاد البلاد لمدة عشر سنوات منذ صعوده للسلطة"، مشيراً إلى أن نسبة المشاركة المرتفعة بين الناخبين تشير إلى مشاركة قوية في العملية السياسية في مصر.
 
زأكدت بعثات الاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية والبرلمان العربى وجمعية برلمان البحر المتوسط حرصها على متابعة الانتخابات، وأعربت عن تقديرها لمصر وحرصها على نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها واعتمادها الإشراف القضائى كضمانة أساسية، كما أشاد مراقبو الانتخابات الدوليون بتنظيم الانتخابات الرئاسية 2024، حيث لاحظوا وجود سهولة في الوصول إلى مراكز الاقتراع، والتزامًا واضحًا من قبل السلطات المصرية بضمان حق المواطنين في التصويت.
 
مفاجآت المصريين في انتخابات 2024
 
ونشرت شبكة سكاي نيوز عربية، مقالة عاطف السعداوي خبير الشؤون الاستراتيجية والدولية، عدد فيها عدد من المفاجآت التي شهدتها الانتخابات الرئاسية، الأولى: كانت في نسبة التصويت التي تجاوزت 66.8% من مجموع الناخبين، وهي أعلى نسبة مشاركة في تاريخ مصر قديمة وحديثة، وأعلى نسبة مشاركة في كافة الاستحقاقات الانتخابية المصرية سواء كانت انتخابات محلية أو تشريعية أو رئاسية أو استفتاءات على إقرار أو تعديل دساتير منذ إقرار الإشراف القضائي على الانتخابات عام 2000.
 
وأضاف أنه لم يتوقع أي من المراقبين أو المحللين هذه النسبة من المشاركة بالنظر إلى عدة عوامل أهمها السلوك التصويتي للمصرين، والخبرة التاريخية في التصويت التي لم تتجاوز حاجز نسبة الـ51% في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأكثر تنافسية في تاريخ مصر والتي جرت عام 2012. 
 
واستطرد أن تلك الانتخابات التي كانت تجري في سياق سياسي أكثر سيولة ومجال عام أكثر انفتاحا وتأثرا بالحراك الشعبي الذي جرى قبل عام من انعقادها، لم تتجاوز نسبة المشاركة في جولتها الأولى 46% رغم كل الحشد والتعبئة الذي تم لها ورغم امتلاك الإخوان المسلمين وقتها لماكينة وإمكانيات انتخابية ودعائية وتعبوية هائلة، ورغم شدة المنافسة وكثرة عدد المتنافسين والتي بطبيعتها تؤدي تلقائيا لزيادة نسبة التصويت، وفي انتخابات 2018 والتي كانت فيها التحديات الاقتصادية أقل بكثير مما هي عليه الآن كانت نسبة المشاركة 47%.
 
بحسب السعداوي، فقد كانت انتخابات 2014 والتي كانت أول انتخابات تجري بعد ثورة 2013 والتي كان هاجس استعادة الأمن والنظام ومسار الدولة هو المسيطر على أجوائها لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 41%، أما أول انتخابات رئاسية في تاريخ مصر كله والتي نظر إليها على أنها حدثا تاريخيا نقل مصر من نظام الاستفتاء على شخص الحاكم إلى حرية انتخابه فلم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 23%، وإزاء هذه الخبرة التاريخية لسلوك المصريين التصويتي، وفي ظل انخفاض أجواء التنافسية في الانتخابات الأخيرة وفي ظل تعاظم التحديات الاقتصادية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة كان أكثر المتفائلين يمني النفس أن تشهد الانتخابات الرئاسية المنقضية نفس نسب المشاركة المعتادة في الدورات الانتخابية السابقة عليها، وأعظمهم تفاؤلا كان يحلم بأن تكسر نسبة المشاركة حاجز الـ50%، فإذا بالنتيجة تفاجئ المختصين والمتابعين قبل البقية بحجم مشاركة قارب 45 مليون ناخب من بين نحو 67 مليون مواطنا لهم حق الاقتراع.
 
وأكد أن نسبة المشاركة التاريخية تحمل هذه رسائل عدة ودلالات بالغة بالنظر إلى توقيتها وسياقها، أبرزها الوعي العميق للمصريين بطبيعة المخاطر الجيوسياسية والتحديات الأمنية المحيطة بالدولة المصرية في هذا التوقيت جراء ما يحدث في الإقليم وتحديدا في غزة وما يتم الترويج له على نطاق واسع عن مخطط لتهجير فلسطيني غزة إلى سيناء المصرية، وما يحمله ذلك من تهديد صريح ومباشر للأمن القومي المصري، وهذا ما أدركه وتحدث عنه الرئيس المصري منذ بداية الأزمة واعتبره خطا أحمر حينما قال في أكتوبر الماضي "إن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعني نقل القتال إليها وستكون قاعدة لضرب إسرائيل، مضيفا أن حصار قطاع غزة هدفه في النهاية نقل الفلسطينيين إلى مصر".
 
وأشار إلى أن اعتبارات الأمن القومي والالتفاف حول ركائز الدولة الوطنية ومسببات بقائها هي المحدد الأول للسلوك التصويتي للمصريين، متناسين التحديات والصعوبات الاقتصادية رغم قسوتها، ولعل هذا ما يفسر أيضا قلة عدد الأصوات الباطلة التي تراجعت بشكل كبير مقارنة بالدورات الانتخابية السابقة التي كانت تحوز فيها على المركز الثاني في نسب التصويت وقبل بقية المرشحين كما حدث في عامي ، 2014، وكذلك انتخابات 2018 التي شهدت أكبر نسبة من الأصوات الباطلة في أي انتخابات شهدتها البلاد بمجموع مليون و762 ألف صوتا وبنسبة تتجاوز 7% من إجمالي أصوات الحضور، فيما حصل وقتها المرشح المنافس على 2.9% فقط من الأصوات، الأمر الذي تحول لظاهرة مصاحبه للانتخابات الرئاسية.
 
وترى الكاتبة الصحفية إيريني سعيد، في مقالة لها أن مصر اجتازت بجميع مؤسساتها وقبيل الانتخابات حالة من الحراك الوطني والشعبوي، شاركت فيه معظم أجهزة الدولة بدءا من السلطات التنفيذية والتشريعية، وحتى الأحزاب، والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات وغيرها، أيضا المؤسسات الروحية بقطبيها، وربما استهدفت هذه النوعية من الحراك الوطني وليس السياسي تعزيز الولاء الوطنى، وضرورة التحرك من أجل الاستحقاق الدستوري والوطني الأهم بالبلاد، ولم يكن الحراك سياسيا من أجل الحشد لمرشح بعينه، وإلا لم يكن ليكتسب هذا الزخم وهذه التعبئة، وإن شهدنا بعض التحزبات السياسية، والتي قد تفهم في إطار المنافسة بين المترشحين على منصب رئيس الجمهورية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق