السعيد حامد يكتب: المصري يتحدث عن نفسه.. تاج العلاء في مفرق الشرق

السبت، 23 ديسمبر 2023 07:00 م
السعيد حامد يكتب: المصري يتحدث عن نفسه.. تاج العلاء في مفرق الشرق
الرئيس عبد الفتاح السيسي

نقلا عن النسخة الورقية: 
 
- المصريون وقفوا بقوة في مواجهة فوهات الإرهاب رغم التكلفة العالية.. وإرادة المواطن انتصرت على مخططات تركيع وتقزيم القاهرة

- تحمل الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية وراح يتكاتف اجتماعيا ومجتمعيا.. وتمسك بقائده الذي أفسد كل المخططات المغرضة
 
 
بصدر عار وعزيمة لا تلين وقف الشعب المصري في وجه فوهات الإرهاب الذي رعته ومولته وأشرفت على تنفيذه جماعة الإخوان الإرهابية وتابيعها، لسنوات، حصدت خلالها العمليات الإرهابية، آلاف الأرواح الطاهرة الذكية، وأقعدت وأصابت الآلاف الأخرين، قبل أن تضرب الاقتصاد في مقتل وتكبده خسائر فادحة، كان لها مردودا سلبيا وصعبا على حياة المصريين.
 
لكن رغم الحزن والألم على فراق الأحباء، ورغم صعوبات المعيشة وتكلفتها العالية، أبى المصريون إلا أن يتطهروا من رجس الإرهابية وأذنابها، ضاربين المثل والقدوة لكل شعوب العالم الحر، في كيف تنتصر الجيوب الفارغة والأفواه المفتوحة، على نيران بنادق الإرهاب وشظايا القنابل القاتلة، وكيف تنتصر الإرادة المصرية على كل مؤمرات ومخططات تركيع وتقزيم القاهرة وتنحيتها عن قيادة الشرق الأوسط.
 
اتنصر المواطن المصري لنفسه وبلده، وتحمل ما لا يمكن تحمله من إرهاب وأزمة اقتصادية وشائعات وتحديات إقليمية ودولية، وحروب نفسية وعسكرية بالوكالة، ليس لشيء سوى لإيمانه العميق الراسخ بقدراته وقدرات بلده ومؤسساتها على تخطى الصعاب والسير على الأشواك، مهما بلغ حجم التحديات وتأمر المتأمرين، والتاريخ يذخر بعديد من مواقف وبطولات وتضحيات عدة للمصرين، في سبيل رفعة وحماية وطنهم، فبناة الأهرام لا يهزمهم إرهاب أسود ولا يخفيهم رصاص غادر، ولا يلين عزيمتهم عدو أشر، ففي الأخير ينتصر المواطن على كل الصعاب، وينجو من كل الفخاخ.
 
وعبر صناديق الاقتراع تمسك المواطن المصري بقائده الذي دحر الإرهاب وأفسد كل المخططات والأجندات المغرضة، وأعاد للدولة المصرية ريادتها ومكانتها على الساحة الإقليمية والدولية، بالتزامن مع خوضه معركة التنمية والبناء في الداخل، معظما من قدرات وإمكانيات الدولة وجيشها، بل والتصدي لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية العادلة، والتكثيف من جهوده لمحاولة احتواء التصعيد العسكري في ليبيا والسودان والبحر الأحمر، الأمر الذي كان لها بالغ الأثر على تقدير المواطن لوجود رئيس ولائه الأول والأخير لوطنه ولشعبه، وليقف بالأخير المواطن في شموخ، وكأنه يقول للجميع: «أنا تاج العلاء في مفرق الشرق.. ودراته فرائد عقدي».
 
تحمل فاتورة الإرهاب العالية
 
منذ لحظة هبوب أعاصير ورياح الفوضى على أزقة وشوارع القاهرة، الأولى، في 2011، وبدا واضحا أن وجود الدولة المصرية وحاضرها ومستقبلها في خطر، إذ عمدت كل التنظيمات الإرهابية وملشياتها المسلحة في المنطقة على استهداف مفاصلها وأعمدتها الرئيسية- أي الدولة- على أمل تركيعها وفرض أمر واقع عليها، وكان قطاع السياحة أولى القطاعات المتضررة، ثم لحقت به تباعا كل القطاعات المختلفة، وكان الهدف الرئيسي هو نشر حالة الإحابط واليأس بين صفوف المجتمع وجعله فريسة سهلة لكل أفكار ورؤى متطرفة وشاذة، علاوة على اغتيال كل آماله وأحلامه وتطلعاته في غد مشرق، وتحطيم حاجز الثقة بينه وبين دولته وقياداتها ومؤساساتها، ليدفع بالأخير تكلفة باهظة بلغت- وفق تقارير دولية- نحو 340 مليار دولار.
 
يدرك الشعب المصري الآن، بعد سنوات من الفوضى والإرهاب عاشها، أن بناء الأوطان وتعميرها، لم يكن ليتحقق دون فرض الأمن؛ فالاستقرار هو الوجه الآخر لعملة الأمن، وبدون استقرار يكابد الاقتصاد المخاطر والهزات، وتهرب الاستثمارات إلى البيئات الآمنة، وهو ما حدث بالفعل عقب أحداث 2011، إذ بدأ الاحتياطي النقدي للبلاد يتآكل رويدا رويدا، ودخل المواطن المصري في صراعات مفتعلة مع كل مؤسسة وشركة ومصنع، حكومي كان أو خاص، لتتوقف عجلة الإنتاج، ويضرب الشلل المصانع، لكنه استفاق بالأخير وضرب عرض الحائط بكل الأكاذيب والشعارات الثورية الجوفاء، ونزل إلى أرض الواقع يزرع ويبني وينمي ويحمي ويصون.
 
لم تكن التكلفة الاقتصادية للإرهاب وحدها التي تحملها المواطن المصري، بل أن التكلفة السياسية والاجتماعية كانت أفدح من التكلفة الاقتصادية، بعد أن تعطل مشروع بناء الدولة الحديثة، وهُددت الوحدة الوطنية سواء الدينية أو الطبقية، وعاثت الخلافات والانشقاقات أفراد الأسرة الواحدة، وانطلقت يد الإرهاب الآثم تقتل وتذبح وتحرق وتخرب وتعطل، وفي المقابل وقف المواطن المصري شامخا صلبا، عازما على قطع تلك اليد الخبيثة، وتطهير أراضيه المقدسة من دنس الإرهاب، واستعادة مشروعه التنموي لبناء وتعمير بلده، وانتشالها من الحطام والركام، حتى لو سيعاني الأمرين، في طريق وجهته ومقصده.
 
تحمل تداعيات الأزمة الاقتصادية
 
عشر سنوات، ولا يزال المواطن المصري يسير بلا كد أو تعب في طريق تحديث دولته وتحقيق تنمية ونهضة شاملة على الأصعدة كافة، وفي سبيل ذلك تحمل تداعيات أزمة كبيرة لحقت باقتصاد العالم، جراء جائحة كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا، وخلفت ضحايا كثر من دول لم تستطع مجابهة التحديات، وتركت دول أخرى تصارع وتقاوم أعاصير اقتصادية عاتية. تحمل المواطن تبعات الأزمة من غلاء في بعض أسعار السلع والخدمات وارتفاع تكلفة الحياة المعيشية، بكل رضا واطمئنان، حتى لو تناوب الغضب والضيق والحرج صدره، حتى لو عايره البعض بظروفه وأحواله، وحتى يجف لسان أبواق الكذب وهو يحرضه على الحرق والتخريب والفوضى، لكنه- أي المواطن- رفض بكل صلابة تجسد أسمى معاني القوة والجسارة والتحمل، إلا أن تسير بلاده في طريق الاستقرار والمسار التنموي.
 
من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، كان الجميع يئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على كل دول العالم، بينما في الخلفية والكواليس والجحور كانت صياحات دعوات الفوضى والتخريب والعنف يتلاشى صداها واحدة تلو الأخرى، ومهما تعددت الألحان وتغيرت الأنغام والأصوات، بقي المواطن المصرى بجانب دولته وقيادتها، يتحسس موطأ قدمه حتى لا تزول فتسقط في فخ التنظيمات الإرهابية، أو في فخ المجهول، تحمل المواطن الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية، وراح يتكاتف اجتماعيا ومجتمعيا، يدبر أموره وأمور معيشته في صبر وتحد، يبحث عن السعادة والفرح في كل حدث أو فعالية، واثقا أن تضحياته وصبره وآناته لن تذهب سدى، وأنها ستلقى الأذان الصاغية مهما بدا الأمر صعبا أو مستحيلا.
 
لم يدخر المواطن المصري جهدا أو وقتا في مواجهة الأزمة الاقتصادية، تحمل ودعم وأيد كل القرارات الإصلاحية التي اتخذتها الدولة، والتي حاولت بدورها التخفيف والحد من الآثار السلبية للأزمة، فبين برامج الحماية الإجتماعية بكافة جوانبها ورفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات والمرتبات وغيرها من القرارات، راحت الدولة المصرية تمد يد العون للأسر المصرية، مقدمة لها الشكر بطريقة أو بأخرى على موقفها الكبير وتحملها وصبرها وجلدها، لتأتي الانتخابات الرئاسية 2024 وتحرج الحشود في مظاهرة حب ودعم تتراص أمام اللجان، لتعلن دون مواربة أنها تقف صفا واحدا خلف الدولة المصرية وخلف قيادتها، عازمة على استكمال المسار التنموي، الذي ولد من رحم الفوضى والعنف وبدأ رحلته قبل سنوات قليلة، حتى تعود مصر إلى المكانة التي تستحقها.
 
مواجهة التحديات الإقليمية والدولية
 
ظن المجتمع الدولي قبل بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، أن المصريين لا يلقون بالا بالتحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها الدولة المصرية على حدودها من الاتجاهات الأربعة كافة، وأنهم مشغلون فقط بأوضاعهم الاقتصادية ومصالحهم الضيقة، لكن كعادته هب المواطن المصري حين احتاجته دولته، ووقف شامخا خلف قيادة دولته في قراراتها الرامية إلى حامية أراضيه المقدسة ومكتسباته التاريخية وأمنه القومي، وحماية القضية الفلسطينية، من جهة أخرى، وصدحت أصوات المصريين في كل شوارع المحروسة بالحقيقة لتعلن للعالم أجمع، رفضها اقتطاع جزء غال من الأراضي المصرية، وانسلاخه عن الوطن الأم، وتصفية القضية الفلسطينية العادلة.
 
تحديات عدة تواجه الدولة المصرية؛ ففي الغرب تقف مصر وجيشها حجر عثر في طريق طموحات وأحلام وأطماع غزاة الماضي، في إشعال الجبهة الغربية للدولة المصرية، وتكوين نواة لتنظيمات إرهابية مسلحة تستوطن الأرض المصرية، على غرار ما يحدث على الحدود الشرقية، وفي الجنوب تدخل الحرب السودانية منعطف خطير وتتعقد فيها الحلول السياسية والدبلوماسية بين طرفي الأزمة، ليجد المواطن المصري بلده في خضم حرب ضروس، ووسط كتلة نيران مشتعلة، تتأهب وتتربص للإجهاز على الدولة وحددوها، ليصبح المواطن في مفترق طرق واختبار صعب، حدود مشتعلة من جانب دول الجوار، ضغط دولي غربي، وأبواق إعلامية تنفخ في نيرات الفتنة والفوضى وتحضه على التخريب وهدم كل المكاسب والمكتسبات التي حققها ولا يزال، وأوضاع  اقتصادية عالمية صعبة.
 
فطن المواطن المصري بذكائه وموهبته لخديعة الأطراف الإقليمية والدولية، المناوئة للدولة المصرية، وشاهد بأم عينيه القيم والمبادئ والشعارات والخطب الرنانة، التي يتشدقون بها ليلا ونهارا، تخور وتسقط أمام عجرفة وبلطجة وجرائم الاحتلال الإسرائيلي تجاه أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، فجدد ثقته في قيادات ومؤسسات الدولة المصرية، ومنحها الحرية الكاملة في الحفاظ على الأمن القومي المصري، والتعاطي مع الأزمات والتحديات الدولية بالطريقة المناسبة التي تراها، فاستمرار تلك الأزمات دون حل قد يفاقم من تداعياتها وتهديداتها للمصالح المصرية المباشرة، وهو ما لا يقبله المواطن المصري تحت أي ظرف، الذي لم ولن يشارك بدولته وتاريخها وحضارتها، في مغامرة محفوفة المخاطر، فكان دعمه الواضح الصريح للدولة وقياداتها برهان جديد على وعيه وإداركه لما يحاك ضد وطنه وأرض وطنه.

تحمل الأشقاء العرب
 
على مر التاريخ بالمنطقة العربية، لم يتحمل شعب دولة ما أو يعامل اللاجئين إليه والمستغثين به من الدول المجاورة، مثلما تحمل وتعامل المواطن المصري مع أشقائه من الدول التي مزقتها الصراعات المسلحة والفوضى، إذ ورغم كل ما يتكبده المواطن في سبيل العيش ومعاناته في سبيل تربية أبنائه، فتح ذراعيه على مصراعيها وحضنه لكل الأشقاء الفارين من ويلات الصراعات والحروب، وأمدهم بكل ما يملك ليحيو مثله، وفي أحيان أخرى أفضل منه، بل مهد لهم الطريق لافتتاح الشركات والمصانع والمحال التجارية والمطاعم والمقاهي، ومنحهم المنازل والأغطية والملابس، إذ لم تؤثر كل أوضاعه الاقتصادية الصعبة على إنسانيته وأخلاقه ومبادئه؛ فالمصري عند الشدة والأزمات والصعاب تجده أول الحاضرين والداعمين المساندين.
 
على الصعيد الشعبي، كان الأشقاء العرب وغير العرب الفارين من حجيم الصراعات والنزاعات، يعاملون في مصر كالمواطنين، لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم، بينما كانوا يعاملون كلاجئين غزاة محتلين في دول مجاورة وغير مجاورة أخرى، لا يستطيع أحد منهم أن يرفع صوته أو أن يطالب بحقه، أما على الصعيد الرسمي، فما تقدمه الحكومة المصرية لآلاف اللاجئين ولغيرهم من الأشخاص المجبرين على الفرار، لتمكينهم اقتصاديا واجتماعيا وتوفير الملاذ الآمن لهم، حظي بإشادة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وفق ما صرح به من قبل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو جراندي، الذي قال إن تعامل القاهرة مع اللاجئين مثال يحتذى به لحسن الضيافة والكرم والروح الإنسانية العالية. 
 
الأمر لم يقتصر على الدولة العربية وحسب، بل دفع تجدد الصراعات وانعدام الاستقرار السياسي في شرق إفريقيا والقرن الأفريقي، آلاف الأشخاص من جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا والصومال وأكثر من 50 جنسية أخرى، إلى اللجوء إلى مصر، التي كان شعارها على مدى سنوات أهلا بكل الأشقاء مهما اختلفت ثقافتهم وأعراقهم ودينهم، لتكن المحصلة هي ملايين من اللاجئين على أرض مصر، يعيشون على قدم المساواة مع المواطنين، لتتكامل تلك المعاملة مع السياسة التي يؤكدها دوما الرئيس عبدالفتاح السيسى، في خطاباته، أن مصر تعامل اللاجئين باعتبارهم ضيوفا وليسوا غرباء، وأنها- أي مصر-  تتعامل معهم بنفس الحقوق والواجبات للمواطنين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق