الانتخابات الرئاسية والحوار الوطني يعكسان التعددية السياسة وانطلاقة حزبية قوية في العام الجديد

السبت، 30 ديسمبر 2023 11:50 م
الانتخابات الرئاسية والحوار الوطني يعكسان التعددية السياسة وانطلاقة حزبية قوية في العام الجديد
أمل غريب

 

عودة مائدة الحوار تضئ الطريق الذي سار فيه الجميع على مختلف أيدولوجياتهم وأراءهم ورؤياهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية

منذ اللحظة الأولى التى دعا فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإطلاق حوار وطني جاد، خلال "إفطار الأسرة المصرية" في 26 أبريل 2022، يجمع بين كل الأطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية المصرية، لعرض كافة التحديات التي تواجهها الدولة المصرية ووضع روشتات علاج عاجلة، وسهلة التنفيذ، لم يكن أكبر المتفائلين، على ثقة بأن ذلك الحوار سينطلق، وإن تحقق، فإنه لن يسير بمثل هذه المصداقية أو الجدية التي سار بها.

كما لم يتوقع أحدا أن تضم موائد الحوار الوطني كافة الشخصيات التي حضرت وشاركت في كل الجلسات منذ حفل الإطلاق في 3 مايو 2023، على مختلف أيدولوجياتهم وأراءهم ورؤياهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى أن حفل الإطلاق ضم أسماء ووجوه معارضة بارزين، تواروا لسنوات واختفوا تماما من المشهد السياسي، مما أحيا نبضات الأمل من جديد في قلوب المعارضة الوطنية، التي حضرت تحت شعار "الطريق نحو الجمهورية الجديدة.. مساحات مشتركة"، إلا أنه كان انعقاد كل جلسة تلو الأخرى في المحاور الثلاث، تثبت عكس توقعات الجميع على حد سواء، من جانب أشد المتشائمين وحتى أكثر المتفائلين، وأضاء نور الشمس طريق الظلام الذي سار فيه جميع من حكموا على جدية الحوار الوطني قبل انطلاق أولى جلساته، بل أن النتائج التي وصل إليها وما صدر عنه من المخرجات والتوصيات، كانت ملموسة بشكل واضح وتساوي بين مصالح الشعب والوطن، مما حدى بالجميع إلى القناعة التامة بأهمية الحوار، كما أيقنوا بضرورة صنع مائدة وطنية تجمع الشمل وتستوعب الجميع، من أجل الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة، خاصة في ظل ما تحقق من خطوات هامة وتأثيرات إيجابية، جاء في مقدمتها الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات الرئاسية، التي جرت خلال شهر ديسمبر الجاري، وكذلك تكثيف جهود لجنة العفو الرئاسي، والتي نتج عنها الإفراج عن 1400 سجين من المحبوسين احتياطياً.

ولا يتوانى الرئيس السيسي، عن إطلاق المفاجأت السارة في كل المناسبات، فقد أثَر أن يدعو جميع القوى الوطنية للعودة مرة ثانية لاستكمال مسيرة مائدة الحوار الوطني، والمشاركة في رسم مستقبل الدولة تحت رعايته، خلال كلمته التي ألقاها بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية 2024، تأكيدا على مسار الحوار الذي أسست له الدولة المصرية بجدية تامة، وترسيخا للدور الإيجابي الذي لعبه في تنمية وإثراء الحياة السياسية وأفرز مساحات مشتركة وعادلة بين الأحزاب والقوى السياسية بمختلف الأيديولوجيات والاتجاهات، من أجل إنتاج المزيد من الرؤى والأفكار البناءة وآليات لحل القضايا العالقة والتصدي للتحديات التي تواجه الدولة والشعب.

وعلى الرغم من نجاح جلسات الحوار الوطني خلال مرحلته الأولى، وما لمسه من مواضع الخلل المتعلقة بالعديد من القضايا والتحديات الملحة، بلغت نحو 113 قضية موزعة على 119 لجنة لمناقشتها والوصول إلى مخرجات حقيقية يسهل تطبيقها، حيث ناقش 70 قضية بمختلف المجالات على مدار 90 جلسة بمشاركة 60 حزبا، قدموا 1500 مقترحا، لاقت اهتماماً كبيراً من الرئيس، إلا أن دعوة القيادة السياسية إلى عودة جلسات الحوار الوطني من جديد، والتي ستنطلق في 2024، تختلف كثيرا عن المرحلة الأولى، خاصة في ظل التغيرات التي حدثت للشارع السياسي بالتزامن مع  انتهاء سباق الانتخابات الرئاسية، والذي شارك فيه ثلاث أحزاب سياسية منها اليسار ويمين الوسط، فضلا عن تكاتف جميع فئات القوى السياسية والنقابية ومنظمات المجتمع الأهلى والمدني والشخصيات العامة والشعب، في مشهد أزهل الجميع في الداخل والخارج.

استكمال جلسات الحوار الوطني فى مرحلته الثانية، تعزز حالة الحراك الذي شهده المجال العام فى الشارع المصري، خاصة بعد مشهد الانتخابات الرئاسية، وأصبح قبلة الحياة لكثير من الملفات التي تم إهمالها على مدار عقود، وبات أمام نخبة المتخصصين والعلماء والسياسيين والاقتصاديين والمجتمع المدني، قائمة نقاشات هامة للعديد من التحديات والقضايا والمشكلات الملحة، فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بهدف إكساب الحياة السياسية المزيد من الإثراء، وإيجاد حلولا أشمل تناسب مختلف الأيدولوجيات المشاركة، وهو ما يعزز من خلق المساحات المشتركة بين جميع المشاركين، وكذلك تعزيز مسار البناء والتنمية الذي ترسمه الدولة تحت قيادة الرئيس السيسي، من أجل الوصول إلى الجمهورية الجديدة، حيث استطاع الحوار الوطني تغيير مفهوم العمل السياسي والحزبي المجتمعي، وأرسى قواعد التعددية الحزبية في مصر، وذلك خلال الفترة الاخيرة، فضلا عن الدور واضح الذي لعبه في الانتخابات الرئاسية، وكذلك انعكاسه المتوقع على الاستحقاقات الدستورية القادمة، حيث تمكن الحوار الوطني من خلق حالة فريدة من نوعها، أكدت أن الجميع يدعم ويساند الدولة المصرية، كما أن الأخيرة تقف على مسافة واحدة من الجميع، حتى وإن كان له رؤي مختلة ووجهة نظر مغايرة، إلا أن المصلحة العامة تظل هى المسيطرة على الجميع مع اختلاف الأيديولوجيات وطريقة العرض.

تأكيد الرئيس السيسي، على استئناف أعمال جلسات الحوار الوطني، يعد رسالة واضحة للداخل والخارج، تؤكد أن مصر، باتت تتمتع بتعددية سياسية ومناخ سليم، يسمح بحرية التعبير عن الرأي واحترام وجهات النظر المختلفة، الأمر الذي يرسى قواعد البيئة الديموقراطية الصحيحة في الجمهورية الجديدة، كما يؤكد على التزام القيادة السياسية بتعزيز قواعد الحوار والتواصل بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وهو ما وضح بشكل قوي فى مخرجات المرحلة الأولى، كما أن الرئيس السيسى اعتبر الحوار الوطني حالة خاصة، للتوصل إلى حلول شاملة للتحديات الراهنة، وذلك من خلال الاستماع إلى آراء وحلول مختلف الأطراف، ما يعكس التزام القيادة السياسية بتحقيق التنمية المستدامة وبناء مصر الحديثة، التي تستند الديموقراطية وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية ومشاركة المواطنين في صناعة القرار، وإضفاء مزيد من الثراء على الحياة السياسية في مصر، والبناء على ما خلقته الانتخابات الرئاسية من مناخ ديمقراطي.

عندما تحدث الرئيس السيسي، بشكل واضح وصريح، مخاطبا الشعب المصري كافة، بعد الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية، قال: "سأكون صوتهم جميعًا مدافعًا عن حلمهم لمصر، وسنستكمل حوارنا الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية، مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التي شهدتها العملية الانتخابية وهو ما أفرز تنوعًا في الأفكار والرؤى، ناتجًا عن تنوع المرشحين واتجاهاتهم السياسية"، أوضح خطابه مدى حجم المسؤولية الأدبية والسياسية التي وضعت عاتق الحوار الوطني، من العمل على جمع شمل المصريين وتعزيز مناخ التشاركية في الجمهورية الجديدة، وتغيُر المشهد السياسي المصري وضرورة التوافق وطرح رؤى عميقة لجميع الملفات المتبقية على مائدة الحوار الوطني، وطرح كافة الآراء العملية التي تبني وتساعد في دفع عجلة التنمية، انطلاقا من مبدأ أن الجميع شركاء في بناء الجمهورية الجديدة، من خلال القوى السياسية والوطنية والمجتمع المدني وخبراء الاقتصاد والمتخصصين، وطرح تصوراتهم ورؤياهم في ظل التحديات الجسيمة، على المستويين الداخلي والخارجي التي يواجهها الوطن في هذه المرحلة الدقيقة والهامة من عمر الوطن، ليواصل الجميع الجلوس على مائدة حوارٍ جاد وفعال، أنتج حياة سياسية مفعمة بالحيوية ومشهد ديمقراطي حافل بالأفكار المتنوعة لرسم صورة مستقبل الدولة المصرية في الجمهورية الجديدة.

وعكست الانتخابات الرئاسية نضج الحياة السياسية في مصر، بعدما خاض السباق الرئاسي ثلاثة مرشحين، من الأحزاب أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان للحوار الوطني دور في خروج الانتخابات الرئاسية بهذا المشهد الحضاري، الذي نال احترام العالم والمنظمات الدولية التي تابعت العملية الانتخابية، فقد كان بمثابة تمهيد لممارسة ديمقراطية ومناخ إيجابي يمارس فيه المرشحون في الانتخابات الرئاسية حقهم في الترشح، ويمارس فيه المواطنون حقهم في الانتخاب.

وعقب إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات فوز الرئيس السيسي بولاية جديدة بنسبة 89.6% من مجموع الأصوات الصحيحة، رسم الرئيس مشهدًا حضاريًا في اليوم التالي لإعلان النتيجية بعدما التقى بالمرشحين المنافسين له على مقعد رئاسة الجمهورية، حيث أثنى على أدائهم ودورهم الذي عكس شكل المنافسة الديمقراطية، واستمع الرئيس السيسي - خلال اللقاء - لرؤى رؤساء الأحزاب حول كيفية تعزيز جهود التنمية الوطنية خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً أن الحوار بين مختلف الأطياف السياسية في المجتمع يعد مكوناً جوهرياً لتطور المجتمع، وسمة أساسية للجمهورية الجديدة.

دلالات هذا اللقاء تؤكد أن الدولة بدأت مرحلة جادة من البناء السياسي خاصة بعد تأكيد الرئيس السيسي بعد فوزه على استمرار الحوار الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التي شهدتها العملية الانتخابية والتي أفرزت تنوعا في الأفكار والرؤى تخدم مصلحة الوطن وأهداف الجمهورية الجديدة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة