لا أحد على رأسه ريشة..

النواب يتحدث بلسان الشارع ويهدد بمحاسبة المخطئ «أيا كان» ورسالته: نعيش في دولة يسودها القانون

السبت، 20 يناير 2024 07:00 م
النواب يتحدث بلسان الشارع ويهدد بمحاسبة المخطئ «أيا كان» ورسالته: نعيش في دولة يسودها القانون

- البرلمان يرفع الحصانة عن نائب ويحيل أخرى للتحقيق ويواجه وزير التموين بـ98 أداة رقابية.. وسياسيون: انحياز لدولة القانون والدستور

- جبالي للنواب: الحصانة لن تكون عقبة تعترض طريق المساءلة..وليست مهمة النائب أن يكون محاميا عن الحكومة

 
سامي سعيد
 
ما بين الأحد 14 يناير، والثلاثاء 16 يناير الجارى، سطر المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، مجموعة من الرسائل المهمة، وجهها مباشرة إلى أعضاء المجلس، ثم إلى الحكومة، مؤكداً في الوقت نفسه أن البرلمان المصرى هو نبض الشارع، وأنه ضد الفساد أيا كان مصدره، فلا أحد على رأسه ريشة، وان الحساب سيطال المخطئ أيا كان، لأننا نعيش في دولة يسودها القانون.
 
يوم الاحد، وفى الجلسة العامة، قال المستشار الدكتور حنفى جبالى، إن المشرع خط فى الدستور المصرى الضمانات التى تكفل بها لأعضاء مجلس النواب الحماية اللازمة لأداء المهام المنوطة بهم، إذ كفل لهم الحصانة فيما يبدونه من آراء تتعلق بأداء أعمالهم فى المجلس أو فى لجانه، وحصانة إجرائية فى غير حالات التلبس، ولضمان عدم الكيد أو الترصد لهم، وأن تلك الحصانة من المُحال أن تكون عقبة تعترض طريق مساءلتهم تأديبيًا أو جنائيًا حال خروجهم على النظام العام، أو إتيانهم أعمالًا من شأنها أن تؤثر فى هيبة السلطة التشريعية أو تنتقص من ثقة أفراد الشعب فى القائمين عليها، وإنما يتعين أن تظل الحصانة وثيقة الصلة بمقاصدها، فتلازم أعضاء المجلس دومًا طالما ظل سلوكهم موافقًا لواجبات العضوية ومتطلباتها، ونائيًا عن الشبهات، وإلا حقت مساءلتهم؛ إعلاء لدولة القانون، إذ أن مساءلة العضو عن أفعاله المخالفة مردها أن النيابة عن الشعب قوامها الثقة والاعتبار والالتزام بما يفرضه الدستور واللائحة الداخلية للمجلس من سلوك وواجبات.
 
وعرض رئيس المجلس على الأعضاء، ما ورد من المستشار النائب العام بتاريخ 10 ديسمبر 2023 بشأن طلب الإذن برفع الحصانة عن النائب مجدى صادق محمد ذكى الوليلي؛ لاتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية ضده؛ فى واقعة إصدار شيك بدون رصيد محل تحقيقات النيابة العامة فى القضية رقم 351 لسنة 2022 إدارى باب شرق؛ حيث عُرض الأمر على مكتب المجلس، وقرر إحالته إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية؛ والتى انعقدت بدورها لنظر الموضوع بحضور النائب المذكور؛ وقررت منحه أجلًا لتسوية الأمر، على أن يقدم للأمانة العامة ما يفيد إتمام التسوية فى موعد أقصاه التاسع من يناير الجاري؛ وهو الموعد المحدد لرفع الحصانة عنه، وقال رئيس المجلس، إن النائب لم يقدم تلك الإفادة؛ ومن ثم تكون الحصانة البرلمانية قد رفعت عن النائب المذكور بقوة القانون أعمالًا للمادة (361) من اللائحة الداخلية للمجلس؛ وللنيابة العامة اتخاذ الإجراءات الجنائية قِبله فى القضية سالفة البيان.
 
وفى ذات الجلسة أعلن المستشار الدكتور حنفى جبالى، إحالة النائبة نشوى رائف عضو مجلس النواب، للجنة القيم للتحقيق معها، وقال: "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية أنباء عن قيام النائبة نشوى محمد رائف، بارتكاب واقعة غش أثناء تأديتها امتحانات الفصل الدراسى الأول للفرقة الثالثة بكلية الحقوق (انتساب) – جامعة الوادى الجديد، ولما كانت الواقعة - أن ثبتت - تمثل مخالفة لأحكام القانون رقم 205 لسنة 2020 فى شأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات؛ ومن ثم مخالفة لواجبات عضوية مجلس النواب؛ فقد انعقد مكتب المجلس صباح اليوم -الأحد- بحضور النائبة المذكورة؛ لسماع أقوالها فيما نسب إليها؛ وذلك أعمالًا لحكم المادة (30) من اللائحة الداخلية للمجلس؛ وقرر إحالتها إلى لجنة القيم للتحقيق معها فيما نسب إليها من وقائع؛ وإعداد تقرير للعرض على المجلس".
 
ما قاله "جبالى" في هذه الجلسة كانت رسالة شديدة الوضوح لأعضاء المجلس، وأيضا للشعب المصرى عامة، أنه لا تستر على أحد، حتى ولو كانت الحصانة تحميه، لان البرلمان لا يسمح بأن يسئ أحد استغلال هذه الحصانة.
 
ويوم الثلاثاء، ومع بدء مجلس النواب مواجهة الدكتور على مصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية بنحو 98 أداة رقابية شملت 91 طلب إحاطة، وأسئلة حول سبل رقابة الوزارة على الأسواق لمواجهة الاحتكار وارتفاع الأسعار ونقص بعض السلع، حذر رئيس مجلس النواب، جميع أعضاء المجلس من فكرة الدفاع عن الحكومة أثناء الجلسات العامة، وقال في رسالة واضحة: لا يجب أن ينبرى نائب للدفاع عن الحكومة ويجب الالتزام باللائحة الداخلية، فليست مهمة النائب أن يكون محاميا على الحكومة، لكى ينبرى عضو منكم ليقول أن الوزير يريد أن يتكلم فهذا يخل بهيئة ووقار المجلس. الوزير يدافع عن نفسه، لأن دفاع النائب عن الوزير يثير الشبهة.
 
وأكمل "جبالى" حديثه للنواب بقوله: الدستور وهو أعلى قاعدة قانونية فى الدولة أوجب علينا أن نكون فى مواجهة الحكومة عند اللزوم لمصلحة الشعب، ليس مطلوب من أحدكم أن يدافع أحد النواب عن الحكومة، الحكومة تدافع عن نفسها.
 
وفى هذه الجلسة واجه النواب وزير التموين الدكتور على مصيلحى بـ 98 أداة رقابية، حيث تضمنت الجلسة انتقادات حادة لعدم انضباط السوق.
 
ورحب عدد من النواب والقوي والأحزاب السياسية بتحركات مجلس النواب سواء فيما يتعلق بالدور الرقابي أو فيما يتعلق بإعلاء القانون ورفع الحصانة عن النائب مجدى الوليلى، كذلك قرر المجلس إحالة النائبة نشوى رائف للجنة القيم بعد اتهامها في واقعة غش أثناء تأديتها الامتحانات، وقال المستشار بهاء أبو شقة الفقيه الدستوري، ووكيل مجلس الشيوخ أن الدستور المصري نظم آليات التعامل مع النائب في حالة اتهامه بأي تهمة وذلك في غير حالات التلبس، حيث نصت المادة 113 أنه في غير حالات التلبس يتم استأذن المجلس، ويتم تحويل الامر إلي اللجنة التشريعية والدستورية ومناقشته وبعد ذلك تحيله إلى لجنة القيم بالمجلس وتعد تقرير ويتم عرض القرار في الجلسة العامة وذلك في حالات رفع الحصانة أو في حالة اسقاط العضوية، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تطبق على مجلسي النواب والشيوخ ومنصوص عليه في اللائحة الداخلية للمجلسين، موضحاً أن الهدف من الحصانة هو توفير حماية للنائب لممارسة عمله النيابي والرقابي، وفي غير ذلك يعامل النائب كأي مواطن ويطبق عليه القانون اذا ارتكب أي مخالفة، حيث تعد الحصانة لطبيعة منصبه وليس حق شخصي وفي غير ذلك يطبق القانون والدستور على الجميع دون تمييز.
 
  وقال النائب فريدي البياضي عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، إن قرار رفع الحصانة يعزز دولة القانون ويعمل علي تطبيق الشفافية والنزاهة على أداء مجلس النواب، مشيراً لـ"صوت الأمة" إلى أن الحصانة هدفها توفير بيئة مناسبة للنائب للمهام البرلماني سواء التشريعي او الرقابي، ونحن حاليا أمام حالتين الاولي هي رفع حصانة والأخر تحويل نائبة للتحقيق، وهو ما يؤكد توجه الدولة نحو اعلاء دولة القانون وتطبيقا لما نص عليه الدستور.
 
وقال الدكتور هشام عنانى، رئيس حزب المستقلين الجدد، إن قرارات مجلس النواب برفع الحصانة عن أحد النواب وإحالة نائبة للجنة القيم، تمثل ثمرة من ثمار الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 23/30 والتي تعتبر استمرارا وتطويرا لتلك الإستراتيجية التي بدأت عام 2014 والمبنية علي مبدأ أن القضاء علي الفساد هو أحد أهم دعائم التنمية المستدامة.
 
وأشاد "عنانى"، بسرعه استجابة البرلمان لطلب رفع الحصانة ليكون بذلك مثالا يحتذي لكل المؤسسات في إطار سعي الدولة للقضاء علي الفساد، موضحاً أن ما اتخذه البرلمان من إجراءات رسالة واضحة لكل مواطن بأن القانون نافذ علي الجميع بما فيهم أعضاء السلطة التشريعية، مؤكداً أن مثل هذه الإجراءات تحمى البرلمان من شبهات هو في غني عنها كأحد السلطات الحاكمة في الدولة المصرية، والممثلة للشعب المصري للقيام بالدور التشريعي والرقابى.
 
من جانبه أكد الدكتور صلاح فوزي، الفقية الدستوري، أن قرارات مجلس النواب بشأن رفع الحصانة عن النائب مجدى الوليلى بسبب شيك بدون رصيد، وإحالة النائبة نشوى رائف  للجنة القيم للتحقيق معها، تأكيد على حرص البرلمان العمل بنص القانون وإرساء المساواة بين الجميع، لافتا إلى أنها رسالة للشارع المصري بأن الحصانة الإجرائية لا تمثل عقبة أمام عمل النيابة العامة أو مواجهة أي قضية يمكن أن تحمل شبهة فساد، كما أنها لا تعترض المساءلة الجنائية والتأديبية.
 
وقال ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل، أن المجلس حريص على إعلاء سلطة القانون وانه لا يوجد أحد فوق القانون، فيما أكد المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب "المصريين"، أن مجلس النواب حريص كل الحرص على مواجهة الفساد والمحسوبية وعدم الصمت عليه بأي حال من الأحوال، وقال إن الدولة المصرية لا يوجد بها أحد فوق المساءلة القانونية والجميع سواسية أمام القانون، موضحاً أن الدولة المصرية بجميع مؤسساتها تحترم القانون والدستور وتؤكد أنه لا يوجد أحد فوق طائلة القانون والمساءلة القانونية، لذلك فإن ما فعله مجلس النواب وما اتخذه من قرارات يقدم نموذجا حقيقيا لمؤسسة تشريعية رقابية تحترم الدستور والقانون وتطبقه على أعضاءها بمنتهى الشفافية.
 
وأكد حزب الحرية المصري، أن الفساد غير مقبول بجميع أشكاله وانماطه، وهذا ما نوه عنه الرئيس السيسي، فلا أحد فوق القانون وعلى جميع المسئولين تحمل مسؤولياتهم أمام المجتمع، وهذا وضح بشكل كبير في رفع الحصانة عن النائبين في حالة وجود شك أو ريبة تحيط بعملهم وسلوكهم تجاه الآخرين، مشدداً على أن مصر بلد كبير تعيش اليوم أزهى عصور تحقيق العدالة واعلاء كلمتها من أجل تحقيق الديموقراطية وارساء مبدأ المساواة للجميع، مؤكدا أن  أعضاء مجلس النواب يحظون بالحصانة من أجل الدفاع عن حقوق الشعب وليس من أجل التلاعب على القانون أو استغلاله لتحقيق مصالح أو منفعة شخصية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة