شراكة وليست بيعا..

«رأس الحكمة».. الحقائق تخرس الكذابين: الدولة تحصل على 35% من الأرباح.. والمستثمرون المصريون موجودون

السبت، 02 مارس 2024 09:00 م
«رأس الحكمة».. الحقائق تخرس الكذابين: الدولة تحصل على 35% من الأرباح.. والمستثمرون المصريون موجودون
محمد فزاع

المدينة بداية جديدة للاقتصاد وترجمة حقيقية لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وتحقق التكامل والترابط بين المحافظات الساحلية
 
استثمار أم بيع أصول؟، لماذا أنفقت الدولة مليارات على البنية التحتيه؟، أين المستثمرون المصريون من الصفقة؟.. 3 أسئلة كانت الأكثر ترددا فى أعقاب إعلان مجلس الوزراء عن توقيع مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة، باستثمارات بلغت 24 مليار دولار بشراكة مصرية إماراتية.
 
وبمجرد توقيع الصفقة، حرص الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، على توضيح الحقائق كاملة لقطع الطريق على المتربصين، ومنع الشائعات من أصحاب القلوب السوداء، ممن لا يريدون خيرا لمصر، وأجاب عن الأسئلة المحيرة فى أذهان الجميع عقب الإعلان عن أكبر صفقة استثمار مباشر فى مصر مع دولة الإمارات.
 
وبلغة الأرقام، ستستفيد مصر من مشروع تطوير رأس الحكمة، إذ أكد أنه سيدخل للدولة 35 مليار دولار خلال شهرين، مقسمة إلى دفعتين، الدفعة الأولى فى غضون أسبوع، بإجمالى 15 مليار دولار، والدفعة الثانية بعد شهرين بإجمالى 20 مليار دولار، مؤكدا حرص مصر على جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، مشيرا إلى أن الدولة المصرية، سيكون لها 35% من أرباح تنفيذه طوال مدة المشروع، بجانب ضخ 150 مليار دولار من الجانب الإماراتى كاستثمارات.
 
وبشكل قاطع وصريح، قال رئيس الوزراء، إن استثمار الأصول الموجودة بأى دولة، هو أمر مهم للغاية، ويحدث فى كل دول العالم، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يقاس نجاح أى دولة بقدرتها على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لافتا إلى أن هذا المشروع ترجمة حقيقية لتنفيذ ما جاء بوثيقة سياسة ملكية الدولة، رغم ما يثار فى أحيان كثيرة، أن الحكومة لا تأخذها على محمل الجدية.
 
وعن أهمية المشروع فى الوقت الحالى، أوضح أن مثل هذه المشروعات تعتبر أحد الحلول المهمة لمسألة عدم توافر العملة الصعبة، ولاسيما أن مصر، لا تتمتع بثروات طبيعية كبيرة، وبالتالى أحد مظاهر النجاح، هو كيفية تعظيم الاستفادة من الأصول الاستثمارية لدينا. 

عوائد الصفقة على المواطن البسيط
 
كما كشف «مدبولى» ما كانت تخطط له جماعات الشر بالترويج لبيع الأصول، مؤكدا أن «هذا المشروع لا يمثل بيعا للأصول وإنما شراكة، تحصل مصر بمقتضاها على جزء من المبلغ فى البداية، وتشارك المطور طوال مدة المشروع بنسبة من الأرباح، وهذا من أعظم الطرق، لتعظيم الاستفادة من أصول الدولة».
وردا على تساؤل بشأن ما الذى يمكن أن يجنيه المواطن المصرى البسيط من تلك الصفقة، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، أن هناك حجما كبيرا من الأموال والنقد الأجنبى، الذى سيتدفق إلى مصر جراء الصفقة، والذى سيسهم فى حل أزمة السيولة الدولارية التى نشهدها، وبالتالى تحقيق الاستقرار النقدى، ومن ثم كبح جماح التضخم وخفض معدلاته، خاصة من خلال خطة الإصلاحات الهيكلية، التى تقوم بها الدولة.

القضاء على السوق السوداء
 
«هل تقضى على وجود سعرين للعملة فى السوق المصرية؟»، سؤال رد عليه رئيس مجلس الوزراء موضحا أنه فى ظل حجم الاستثمارات الممثل فى ذلك المشروع الضخم، سيتم خلق ملايين من فرص العمل؛ حيث تحتاج مصر إلى أكثر من مليون فرصة عمل جديدة سنويا؛ لذا تحتاج الدولة إلى تكرار مثل تلك المشروعات، لافتا إلى أن المشروع من شأنه وضع مصر على خريطة السياحة العالمية، وضمان السياحة كمصدر مستدام للعملة الأجنبية.
 
وبشأن العوائد من الاتفاق الوشيك مع صندوق النقد الدولى، وكيفية تأثير ذلك على استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى، والانعكاسات المباشرة على الواقع الاقتصادى، أوضح رئيس الوزراء، أنه فى ضوء المناقشات ودراسة الموضوع من خلال محافظ البنك المركزى، ووزير المالية، وكذلك إلى جانب المناقشات على هامش قمة دبى للحكومات، وكذلك اللقاءات التى تمت مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الولى، وكذا البنك الدولى والاتحاد الأوروبى، وكل شركاء التنمية، نستطيع أن نقول إننا أنجزنا أو نحن على خطوات قليلة جدا من إتمام الاتفاق مع الصندوق ومع البنك الدولى والاتحاد الأوروبى، وأكد أن كل هذا، بالإضافة إلى هذه الصفقة، يوفر القدر الكافى من العملة الأجنبية للدولة المصرية، حتى نتجاوز هذه الأزمة، وتكون بداية جديدة للاقتصاد المصرى فى ظل الأزمة العالمية غير المسبوقة التى تواجهنا.
 
وبشأن الحوافز الكبيرة المقدمة للمستثمرين من خارج مصر، وماذا يمكن أن تقدم الحكومة للمستثمر المحلى؟، أكد أن الصفقة تتم فى إطار القوانين المصرية، حيث أن شركة أبو ظبى للتنمية القابضة تستفيد من نفس قوانين الاستثمار والحوافز التى وضعتها الدولة المصرية للمستثمرين المحليين، لافتا إلى أن الدولة خلال العامين الماضيين، حققت نقلة نوعية كبيرة جدا فى تحسين مناخ الاستثمار، حيث تم إجراء تعديلات تشريعية كبيرة جدا، وتم إعطاء أولوية لقطاع الصناعة وتخصيص الأراضى، وعمل مجموعة من الحوافز.
 
لكن ماذا عن المستثمرين المحليين؟، فعلق الدكتور مصطفى مدبولى، مؤكدا أن الدولة عملت على تغيير أشياء كثيرة جدا، حيث تم إطلاق الرخصة الذهبية لكل المشروعات، وتيسير الإجراءات وتخصيص الأراضى، مضيفا: «نحن نؤكد أن المستثمر المحلى له نفس القيمة، ونفس الأهمية للدولة المصرية، مثل المستثمر الأجنبى، بل على العكس تماما، نحن نرحب بكل أنواع الاستثمار، وهذه دائما رسالتنا فى هذا الشأن».
 
هل تتبعها صفقات أخرى؟
 
ورد رئيس الوزراء على سؤال بشأن عوائد الصفقة، وما قد يستتبعها من صفقات أخرى، وهل يمكن أن نرى عائدا مباشرا لتلك الصفقات على قطاعى الصحة والتعليم، وكانت الإجابة واضحة بأن الحكومة ناقشت مؤخرا خطة الدولة للعام المالى ٢٠٢٤ - ٢٠٢٥، وناقشت ترشيد الإنفاق وكيفية تخطى الأزمة الاقتصادية، والتركيز فى البعد الاستثمارى للخطة الجديدة على فقط قطاعى «الصحة، والتعليم»، ومشروع «حياة كريمة»، موضحا أن «الصحة والتعليم» لهما الأولوية الكبرى الفترة القادمة، بالإضافة إلى مشروع «حياة كريمة»، الذى يخدم  ٦٠ مليون مواطن من شعب مصر، والذى يعتبر من أهم المشروعات القومية التى تنفذها الدولة المصرية، مضفا أن قطاعى «الصحة والتعليم» مع توفير تلك الموارد سيكونان هما المستفيد الأكبر.
 
لم يترك رئيس الوزراء تساؤلا إلا وأجاب عنه بكل وضوح، وعندما وجه له سؤالا بشأن مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة، مقدمة لصفقات أخرى، وما إذا كان من الممكن التعرف على ملامح هذه الصفقات، قال إن مصر تتمتع بسواحل كبيرة للغاية سواء على ساحل البحر الأحمر أو البحر المتوسط، ونحن نرسى بهذه الاتفاقية الاستثنائية التاريخية غير المسبوقة آلية واضحة لأى استثمار أجنبى مباشر، يرغب فى تكرار نفس النموذج، لأنه يحقق استفادة مشتركة.
وأضاف «مخطط التنمية العمرانية، حدد مجموعة من المدن والتجمعات سواء على ساحل البحر الأحمر أو ساحل البحر المتوسط، والتى من شأنها أن تكون تكرارا لمثل هذه النوعية من المشروعات، هذا إلى جانب مجموعة أخرى من المشروعات التى تقوم الدولة بالتجهيز لطرحها فى طرح عالمى، وجميعها من المشروعات ذات مستوى من العيار الثقيل». 

لماذا رأس الحكمة مستقبل الاستثمار؟
 
وعملت الدولة المصرية على تهيئة المنطقة للاستثمار ببنية تحتية قوية، وكون المستثمر الإماراتى صائد فرص وماهر وشريك أمين، يحقق نجاحات لنفسه وشركائه، جاءت الصفقة رابحة لمصر من جانب، وشركة «ADQ» الإماراتية من الجانب الآخر، لعدة أسباب، منها: تطوير طريق فوكا الجديد، الذى يربط بين القاهرة والساحل الشمالى، والشريط الساحلى بطول 50 كيلو متر، ويقع بين مدينة الضبعة إلى مرسى مطروح، كما توجد أنماط متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالى الغربى لنحو 400 كم من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية للجمهورية.
 
وتوجد مقومات للسياحة الثقافية والتاريخية التى تظهر فى مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، ويشجع هذا النمط من السياحة على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات فى تلك المناطق، استرجاعا للأحداث التاريخية التى اتخذت مواقعها فى هذه المناطق.
 
وتؤكد تقارير حكومية، أن قطاع «الجراولة - رأس الحكمة»، يستهدف تحقيق التكامل والترابط بين جميع محافظات ومناطق النطاق الساحلى ومنها، الإسكندرية والعلمين والضبعة ومرسى مطروح وسيدى برانى والسلوم.
 
تتميز تلك المنطقة بمقومات تنموية شاملة وعديدة، بما يجعلها منطقة رائدة سياحيا واستثماريا وعمرانيا، إذ تتمتع بوجود عدد كثير من المحميات الطبيعية والمناطق الأثرية والخلجان والرءوس البحرية والكثبان الرملية، إضافة إلى توافر بيئة طبيعية مناسبة لجميع أنواع الأنشطة السياحية، سواء البحرية أو الشاطئية أو التاريخية أو سياحة السفارى والأنشطة الصحراوية المتنوعة، علاوة على وجود نواة أولية للتنمية السياحية من طاقة فندقية مميزة ومراكز للمنتجعات والمؤتمرات متكاملة الخدمات والمرافق لتنمية السياحة المحلية والدولية معا ولضمان استغلال الشاطئ على مدار العام.
 
كما تتميز المنطقة بمقومات تسهم فى تعزيز التنمية الزراعية والصناعية، وتسمح بإقامة صناعات غذائية متنوعة، كتعبئة التين والتمور ومصانع استخلاص الزيوت واستغلال النباتات الطبية والعطرية، إضافة إلى استغلال المخلفات الزراعية فى تصنيع الأعلاف.
 
ويعتبر الساحل الشمالى الغربى من المناطق الصالحة للتنمية العمرانية والسياحية، كما يشتمل على أنشطة زراعية، وأخرى صناعية؛ منها أنشطة التعدين بالظهير الصحراوى، إلى جانب عدد من الأنشطة الحرفية والصناعات الصغيرة والبدوية فى التجمعات العمرانية.
 
جزء من استراتيجية الدولة
بدأت تنمية منطقة الساحل الشمالى الغربى، بصدور القرار الجمهورى رقم 361 لسنة 2020، بإعادة تخصيص قطع الأراضى فيما بعد ناحية الساحل الشمالى الغربى بإجمالى مساحة 707.2 ألف فدان تقريبا لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لاستخدامها بإقامة مجتمعات عمرانية جديدة.
وضعت الحكومة مخطط لتنمية الساحل الشمالى الغربى، وفقا لأسس ومعايير تخطيطية، تضمن الاستغلال الأمثل للأراضى، وجذب الاستثمارات المحلية والدولية، وتوفير فرص عمل جديدة، مستهدفة استيعاب الزيادة السكانية، وتقدر بحوالى 34 مليون نسمة، وخططت لتولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو 11 مليون فرصة عمل، حتى 2052.
وينظر لتنمية مدينة رأس الحكمة، ضمن مخطط الدولة المصرية 2052 لتنمية الساحل الشمالى، وجعل المدينة على خريطة السياحة العالمية، كما لا يعد المشروع أمرا مفاجئا حيث يأتى فى إطار تخطيطى عمرانى للمنطقة، كما يأتى فى إطار الشراكة بين القطاعين الحكومى والخاص.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق