تدفق الاستثمارات والقضاء على السوق السوداء.. ماذا يعني تحديد سعر عادل للجنيه؟

الأربعاء، 06 مارس 2024 11:36 ص
تدفق الاستثمارات والقضاء على السوق السوداء.. ماذا يعني تحديد سعر عادل للجنيه؟

اضطرابات متتالية شهدها السوق المصرفي الفترة الأخيرة نتيجة المضاربات في الدولار بالسوق الموازية، ما تسبب في ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات، وزيادة الضغوط على الجنيه المصري.
 
وعقب توقيع اتفاقية مشروع تطوير رأس الحكمة، بدأت الأمور في الهدوء بشكل نسبي، خاصة بعد توفر الدولار لدى البنك المركزي كحصيلة استثمارية من مشروع تطوير رأس الحكمة، إضافة إلى نجاح الحملات الأمنية التي نفذتها الحكومة المصرية لضبط أرباب الإتجار في العملة بالسوق الموازية، الأمر الذي أدى لتراجع سعر الدولار بالسوق السوداء لما يزيد عن 25 جنيها، وهو ما يؤكد أن سعر الدولار في السوق غير المصرفي لم يكن يعبر عن أي سعر حقيقي.
 
وأصبح هناك تقاربا كبيرا بين سعر الدولار في السوق الموازي وفي البنوك والفارق أصبح أقل من 10 جنيهات، وهو ما سمح باتخاذ قرار تحرير سعر الصرف الآن ليكون معبرا عن القيمة الحقيقية للجنيه المصري.
 
والتسعير العادل للجنيه الآن بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وبعد صفقة رأس الحكمة، لن تكون له أي تأثيرات على الأسعار في الأسواق، لأن هناك انخفاض كبير في أسعار جميع المنتجات خاصة المواد الغذائية، خاصة مع توجيه الرئيس للحكومة للإفراج عن المنتجات المحتجزة في الموانئ كالمواد الغذائية والأدوية ومدخلات الإنتاج الصناعي، كما أن السعر العادل للجنيه سيساهم في انخفاض الأسعار بشكل أكبر وسيسهل توفير الدولار من البنوك للمستوردين والمصنعين للإفراج عن باقي المنتجات الموجودة في الموانئ، وهو ما ستكون له آثار إيجابية على انخفاض كل السلع والمنتجات.
 
وسينتج عن التسعير العادل للجنيه، القضاء نهائيا على السوق الموازي، وتدفق كبير للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وسيساعد في حسم برنامج التمويل المتوقع مع صندوق النقد الدولي، وهو ما سيزيد من عوامل الثقة في الاقتصاد المصري على مستوى العالم.
 
والمتابع للقرارات يعلم جيدا أن هذه القرارات لم تتخذها القيادة السياسية إلا عندما بدأ الاقتصاد المصري في التعافي بل ويتحرك في مسار أكثر تعافيا واستقرارا، وكل قطاعات المجتمع بدأت تشعر بذلك فعليا من بدء تراجع الأسعار في الأسواق.
 
وما يؤكد ذلك أن القيادة السياسية حين رفضت منذ 9 أشهر تحرير سعر الصرف بناء على طلب من صندوق النقد الدولي، كان وفق قناعة تامة أن الاقتصاد المصري غير مؤهل فعلا لاتخاذ هذه الخطوة في ظل النقص الدولاري الذي كان موجود، لكن مع توافر المدخلات الدولارية بشكل كبير ومع اتخاذ حزمة كبيرة وواسعة من إجراءات الحماية الاجتماعية، وتقارب سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق السوداء مع سعر الصرف الرسمي ومع التراجع الملحوظ الذي بدأ نشهده في أسعار المنتجات، لن يكون لتحرير أو تحريك سعر الصرف أي آثار سلبية على الأحوال المعيشية للمواطن المصري.
 
ولذلك فإن وضع سعر عادلللجنيه سينتج عنه عودة تدفقات تحويلات المصريين في الخارج من العملات الأجنبية وزيادة تدفقات النقد الأجنبي رسميا للسوق الرسمي في البنوك، وتحسن التصنيف الائتماني لمصر بما يساهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سيسرع من إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بما قيمته من 15 إلى 20 مليار دولار .
 
كما سيكون له أثر إيجابي على زيادة حجم الصادرات المصرية، من المنتجات السعية وغير السلعية، وسيساهم في زيادة الطلب على المنتجات المصرية لأنها تكون أرخص من مثيلاتها، وسيساهم ذلك في تحقيق مستهدفات الدولة في هذا الدعم والتمويل.
 
وسيؤدي السعر العادل للجنيه إلى استقرار ميزان المدفوعات المصرية في الوصول بالصادرات المصرية الى 145 مليار دولار خلال الست سنوات القادمة وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري،  وسيكون له أثر إيجابي على زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر حيث يساهم في تحديد الجدوى الاقتصادية للمشروعات التي ينوى المستثمرين ضخ استثماراتهم فيها داخل الاقتصاد المصري والمساهمة في تحقيق المستهدف وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري (2024-2030).
 
وسيكون للقرار أثر إيجابي على زيادة خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة نتيجة الى زيادة حجم الإنتاج المدفوع بزيادة حجم الصادرات المصرية إلى جانب زيادة حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة في إقامة مشروعات إنتاجية أو خدمية جديدة وبالتالي زيادة الطلب على العمالة وتوفير فرص عمل تساهم في تراجع معدل البطالة وبالتالي ايجاد دخول مناسبة للمواطنين تساهم في تحسين حياتهم المعيشية. 
 
كما سيكون له أثر إيجابي على قطاع السياحة حيث أن انخفاض قيمة العملة الوطنية يساهم في زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر للاستمتاع بكافة الخدمات السياحية والفندقية بتكلفة أقل عن مثيلاتها في أي دولة أخرى، وبالتالي يساعد في الوصول إلى تحقيق المستهدف في ايرادات قطاع السياحة وفقا لوثيقة التوجهات سيكون له أثر إيجابي على قطاع السياحة حيث أن انخفاض قيمة العملة الوطنية يساهم في زيادة أعداد السائحين الوافدين الى مصر للاستمتاع بكافة الخدمات السياحية والفندقية بتكلفة أقل عن مثيلاتها في أي دولة أخرى، وبالتالي يساعد في الوصول إلى تحقيق المستهدف في إيرادات قطاع السياحة وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال الست سنوات القادمة الى 45 مليار دولار في عام 2030.
 
وسيعمل تحرير سعر الصرف سيكون على زيادة حجم الاحتياطي النقدي والأجنبي لدى البنك المركزي المصري نتيجة لزيادة تدفقات إيرادات الصادرات المصرية وإيرادات قطاع السياحة وارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يعطى الأريحية والملاءة المالية القوية للاقتصاد المصري في الوفاء بالتزاماته وتعهداته الدولية من فوائد واقساط الديون وبالتالي تعزيز سمعة وثقة الدولة المصرية أمام المؤسسات المالية والدولية وارتفاع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري مما يعنى ثقة أكبر في قوة ومرونة الاقتصاد المصري على قدرته على توليد إيرادات مستدامة واقتصاد متنوع ينمو ويزداد وبالتالي ثقة أكبر للمستثمرين في مناخ الاستثمار في مصر.
 
تنفيذ سياسة تحرير سعر الصرف سيكون له أثر إيجابي وحاسم في القضاء على السوق الموازي للدولار وبالتالي التحكم بشكل أكبر وفعال في ارتفاع الأسعار والتي بدأت بالفعل في التراجع، وبالتالي المساهمة في تراجع معدل التضخم وعدم تأكل القوة الشرائية للمواطن المصري في ظل اهتمام الدولة المصرية في تخفيف الأعباء التضخمية وأخرها حزمة القرارات الاجتماعية من زيادة الأجور والمرتبات وزيادة المعاشات وتكافل وكرامة ورفع حد الإعفاء الضريبي وكلها أمور تزيد من النقد المتاح لدى المواطنين لتوجيهه نحو الاستهلاك في الاسواق وبالتالي انتظام الدورة الاقتصادية.
 
وتراهم القيادة السياسية على ظهيرها الرئيسي وهو الشعب المصري وهي علي قناعة بأن هذا الشعب العظيم سوف يكون دائما على مستوي المسئولية وأن يحافظ على بلده ويكون على ثقة تامة بأن القادم أفضل وأن مصر تسير في طريق صحيح نحور النمو والازدهار.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق