يوسف أيوب: الأكاذيب لن تصنع للإرهابيين والمخربين والأفاقين مجدا.. والتاريخ لن ينسى من أعادوا مصر للمصريين

السبت، 16 مارس 2024 08:00 م
يوسف أيوب: الأكاذيب لن تصنع للإرهابيين والمخربين والأفاقين مجدا.. والتاريخ لن ينسى من أعادوا مصر للمصريين

- توثيق الفوضى والإرهاب التي عاشتها الدولة ودروس الانتقال الصعب ومواجهة الصعاب أصبحت ضرورة 

- الشعب يدرك جيداً من تحمل المسئولية بوطنية وتخطى كل العقبات لتتحول مصر إلى "دولة قادرة" وليست فوضى 
 
نعم، أزمة الدولار أصبحت "تاريخ"، كما أن الإرهاب بات ماضى، لكن هذا لا يعنى أن ننسى ما حدث، وكأنه لم يحدث، فلا يجب أن تكون ذاكرتنا مثل ذاكرة السمك، بل الواجب على كل مصري أن يظل يتذكر ما عانته الدولة طيلة السنوات الماضية، ليستقى منها الدروس والعبر، وتكون برهاناً أمامه في المستقبل، حتى لا نكرر الأخطاء، ولا ننخدع مرة أخرى في أشخاص أرادوا للبلد الخراب والدمار، لولا الوقفة القوية لمؤسسات الدولة ومن خلفها المصريين.
 
في الندوة التثقيفية الـ39 للقوات المسلحة، السبت الماضى، احتفالا بـ"يوم الشهيد"، قال الرئيس السيسى جملة غاية في الأهمية، تحتاج منا جميعاً الوقوف أمامها طويلاً، لنعرف أين كنا، وماذا أصبحنا اليوم.
 
الرئيس السيسى ‏قال: "والله العظيم انا مالقيت بلد، انا لقيت أي حاجة وقالولي خد دي.. إمكانياتنا مش كتير قوى، كمنا قاعدين على 6% والباقى صحراء، لحد ما البلد بقت صعبة علينا كلنا، وكان ممكن ما نمشيش المسار ده، أو نتحرك بفاعلية وقوة ويمكن نعانى".
 
أهمية هذه الجملة أنها تضعنا جميعاً أمام مقارنة واقعية وفعلية لشكل الدولة قبل 2014 وبعدها، وهى مقارنة أعتقد أنها حتمية وضرورية، ليس فقط اليوم وإنما كل يوم مستقبلاً، لندرك جميعاً مقدار ما تحقق على أرض الواقع، وكيف كانت الدولة المصرية بفعل فاعل كانت في مهب الريح، لكن اليوم وبفعل فاعل أيضاً عادت إلى الحياة مرة أخرى، واستنشقت ربيع الأمل والحرية، وباتت دولة حقيقية.
 
نعم، فمصر قبل 2014 كانت عبارة عن شبه دولة، كل ما فيها منهار، بنية أساسية منعدمة، وخدمات غير موجودة، ومؤسسات تعانى، حتى الأخلاق تخلينا عنها.
 
اقتصادياً كان الاحتياطي النقدي الموجود في البنك المركزى 13 مليار دولار فقط بعدما كان قبل 2011 أكثر من 34 مليار دولار، والوصول بالاحتياطى إلى هذا الرقم المتدنى "14 مليار" كان يعنى عمليا ونظرياً أن مصر على وشك الإفلاس، فهذا المبلغ غير كاف لتلبية الاحتياجات الأساسية وسداد التزاماتنا الخارجية، ناهيك عن رفع كفاءة الخدمات التي كانت غير موجودة اساساً!
 
الكهرباء كانت تعمل بحد أقصى خمس ساعات يومياً، والطوابير امام محطات البنزين تمتد لساعات وربما في أماكن أخرى لأيام، والمستشفيات والمدارس والجامعات تحولت إلى ما يشبه "الخربات"، حتى المؤسسات الأمنية خاصة الشرطة كانت تعانى الكثير، بسبب الانفلات الامنى الذى تعمدته جماعة الإخوان الإرهابية، بالإضافة إلى إرهاب في كل مكان، ومساجد تحت سيطرة الفكر الداعشى، وكنائس مستباحة من الإخوان، واغتيالات في كل مكان، حتى سيناء الحبيبة التي دفع المصريين دمائهم لاسترداها، قدمتها الجماعة الإرهابية هدية لتنظيمات وميليشيات إرهابية تابعة لها، كما أن حدودنا كلها ملتهبة ومشتعلة.
 
حدث ذلك، والكل يراقب دون أن نرى من يتقدم ليعترض على هذا الوضع المأساوى، ويحاول أنقاذ الدولة.
 
والحق أنه لولا ثورة 30 يونيو 2013، لظلت الدولة المصرية في حالة الانهيار، ولزاد انهيارها، لولا انتفاضة الشعب ضد الفاشية الإخوانية، ووقوف القوات المسلحة بجانبه، فمنذ هذه اللحظة بدأت الدولة تستعيد عافيتها، فقد استفاق الشعب، وعرف الشخص القادر على قيادة الدولة مستقبلاً لتستعيد معه عافيتها، وهنا جاء تكليف المصريين للرئيس عبد الفتاح السيسى لتولى المسئولية بداية من 2014، لتبدأ معه مصر مهمة العودة إلى الحياة.
 
ما سبق كله كان ضرورياً، لنفهم ونعى جيداً ما حدث، وما يحدث حالياً، علنا نصل إلى الفهم الصحيح والإدراك السليم لما كان يحاك لنا، وكيف أستطاعت الدولة بمؤسساتها ورجالها وخلفهم الرئيس الوطنى ان يقفوا وقفة صلبة لتعود مصر التي كانت مختطفة.
 
دعونا هنا نعود إلى ما قاله الرئيس السيسى في الندوة التثقيفية، لأن فيه الكثير الذى يجب أن يقال ويظل في وجداننا حتى لا ننساه.
 
الرئيس السيسى قال إنه بإخلاص ودماء الشهداء استطاعت مصر الوصول إلى ما هي عليه من أمن وسلام في ظل أوضاع غير مستقرة تشهدها المنطقة، وإن مصر خاضت حربا ضد الإرهاب استمرت 10 سنوات واجهت فيها فكرا متطرفا كان يهدف إلى تخريب الدولة، ولولا تضحيات رجال مصر من أجل استمرار الدولة لما بقيت آمنة وسالمة.
 
ونبه الرئيس السيسى إلى أن كل هذه التضحيات تضع المسؤولية على عاتق الجميع لاستكمال المسيرة والدفاع والحفاظ على مصر من أجل استمرار تطورها.
 
كما قال الرئيس السيسي "إن مصر عاشت أزمة كبيرة منذ أكثر من أربع سنوات جراء جائحة كورونا والتي استمرت لمدة عامين إلى الحرب الروسية- الأوكرانية والمستمرة منذ ثلاثة أعوام وبعد ذلك الحرب في غزة بكل ما يعنيه هذا الأمر من تهديد وتحد كبير جدا لنا كمصريين وحتى لمنطقتنا أيضا"، وأشار إلى أن الظروف السابقة والضغط الذي تحمله المصريون خلال السنوات الأربع الماضية والذي زاد في السنة الأخيرة أكثر مع ارتفاع الأسعار، يتطلب بذل المزيد من الجهود والصبر والعمل من أجل الحفاظ والاعتناء بالبلاد.
 
وأضاف: "تعداد سكان مصر 106 ملايين نسمة وهناك 9 ملايين من اللاجئين متواجدون على الأراضي المصرية ، والتحديات والمشاكل تحيط مصر من كل الاتجاهات ولها تأثيرات علينا، ونحن دولة مقوماتها ليست كثيرة، مشيرا إلى أن 10 سنوات من القتال ومكافحة الإرهاب لها تكلفتها، وماحدث في 2011 له تكلفته، وبعدها في 2013 لها تكلفة أيضا، مؤكدا أن هذه التكلفة لن يستطيع شخص واحد تحملها، وقال: أنا لا استطيع حملها بمفردي ولا أيضا الحكومة تستطيع، لكن نستطيع كلنا مع بعض أن نحملها أولا بفهمنا.
 
وتابع الرئيس السيسي: "الأمور بدأت في التحسن وأقول ذلك حتى أسجل موقفي لكم جميعا، أنا لم أغامر بكم، ولم أتخذ قرارا أضيّع به مصر، ولا الحكومة.. ونحن لم نغامر، ولم يكن هناك فهم خاطئ أو منقوص، اتخذنا به قرارا يضيّع مصر"، مؤكدا "نحن لم نكن فاسدين وأخذنا أموالكم وضيعناها بفساد، فهذا لم يحدث"، مشددا على أن ما تم من انجازات على أرض مصر يستطيع أي أحد رؤيته، وأضاف: "أقول ذلك كتسجيل من انسان اخترتموه لتولي المسئولية.. وأنا قلت لكم تعالوا نتولى المسئولية معا".
 
وقال الرئيس السيسي إنه لم يقدم نفسه أثناء فترة الترشح لرئاسة الجمهورية على أنه "المُخلّص"، مشيرا إلى أن حديثه ووعوده للمصريين لم تتغير، والسبب في ذلك أن الظروف والواقع لم يتغيرا، مشددا على أن "الحل لما نحن فيه يكمن في المصريين أنفسهم، فبالعمل والصبر تستطيع البلاد أن تتجاوز الظروف الراهنة، مجددا التأكيد على ضرورة التكاتف وبذل المزيد من الجهود للتغلب على تداعيات الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم، وأضاف: "الظروف الصعبة التي نمر بها لم نختلقها نحن، ولم نغامر بالبلاد رغم أن هناك من طالب بتحرك الجيش المصري ولكننا لم نفعل ذلك، بل نتحمل ونساعد في حل الأزمات على قدر المستطاع، في وقت تتطلب فيه التحديات، التي تحدق بالأمن القومي وخاصة من الاتجاه الجنوبي والاتجاهات الإستراتيجية الأخرى، أن يكون الجميع على قدر المسؤولية واليقظة".
 
وشدد الرئيس السيسي، على أن الادعاءات بسيطرة مسؤولين في الدولة على مبلغ يتراوح ما بين 10 إلى 12 مليار دولار وخروجها إلى الخارج "غير صحيحة"، مضيفا "هذا الأمر لم يحدث ولن يحدث بفضل الله سبحانه وتعالى، فكل جهدنا وإمكانياتنا كانت داخل البلد"، وقال: "لا أريد أن أسيئ في كلامي لأحد قبل ذلك، لأنني اعتبر ذلك ليس من الصفات الطيبة، لكن الوضع في مصر كان بعيدا تماما عن مفهوم وجود دولة".
 
وأكد الرئيس" أن إمكانياتنا ليست كبيرة فنحن جميعا نعيش حاليا على 10 إلى 12% من مساحة مصر، قياسا بـ6% فقط في السابق، ووقتها كانت تشهد تلك المساحة تكدسا سكانيا كبيرا من أسوان إلى الإسكندرية، حتى أصبح الوضع في البلاد صعبا علينا في كل شيء"، مضيفا "كان من الممكن ألا نسير في هذا المسار الذي سلكناه بالتوسع العمراني، بحجة أننا لا نمتلك الإمكانيات أو أن نتحرك بفعالية وقوة في وقت نعاني فيه من الأزمات".
 
وشدد الرئيس السيسي،على أن الدولة اختارت الطريق الصعب، يتحمل خلاله الجميع الظروف الصعبة والمعاناة، لكي تتحول مصر إلى "دولة قادرة"، ومن ثم تنطلق نحو المستقبل، واستطرد قائلا: "كنت أتحدث منذ نحو 8 شهور عن مسألة تحرير سعر الصرف (التعويم)، وأكدت أنني سأقف أمام هذا الأمر لأنه يمس الأمن القومي المصري، لأن تقديرنا الاقتصادي في ذلك الوقت كان أننا لا نستطيع الإقبال على تلك الخطوة، إلا في حال تواجد أموال ضخمة نستطيع من خلالها تنظيم السوق وكنا نتحدث عن ضرورة توفير 80 إلى 90 مليار دولار.. استطعنا توفير مبلغ يتراوح ما بين 45 إلى 50 مليارا من خلال مشروع رأس الحكمة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي إلى جانب موارد أخرى، وفي ضوء ذلك أقدمنا على تطبيق سعر الصرف المرن طبقا للطلب".
 
وقال الرئيس السيسي إنه لم يتوجه بالعتاب أو اللوم إلى أحد خلال الفترة الماضية التي شهدت ارتفاعات في أسعار السلع استنادا إلى أسعار غير حقيقية للدولار، ولم يُتخذ إجراء حادا تجاه أي أحد، لأن فكرة اتخاذ إجراء في تلك الفترة كانت ستعقد الأمور أكثر من اللازم، بل كان الأمر يتطلب حل المسألة بدون اللجوء لتلك الإجراءات، موجها حديثه للجميع قائلا: "من الممكن أن نتحمل قليلا.. لكن لا تديروا ظهوركم إلى بلدكم".
 
وأشار الرئيس السيسي إلى أن ما شهدته مصر خلال السنوات العشر الماضية من بناء لم يكن ليحدث أبدا في ظل ظروفنا الصعبة، وتساءل: "هل يمكن أن تحل الأزمة والبلاد تأخذ مكانها وسط الأمم في خلال 10 سنوات فقط؟.. ووجه الرئيس حديثه للمفكرين والمثقفين ورجال الإعلام قائلا: "إن الدول تأخذ 75 عاما حتى تكون ذات شأن، وهناك دول عاشت سنوات في مجاعات وكانت تفقد كل سنة من 3.5 إلى 4 ملايين شخص، خلال الفترة من عام 1952 إلى عام 1968 حيث تم فقد 45 مليون شخص ولم يقوموا بهدم بلادهم، واليوم أصبحوا في مكانة أخرى".
 
وأضاف الرئيس السيسي: أنا لم أعدكم أن الموضوع سوف ينتهي في عام أو اثنين ولا 10 سنوات، لم أعد بذلك، وعندما تتحسن الأمور سيتم التحدث عن ذلك حتى نأخذ الدرس ونتعلم ويكون ذلك ذخيرة للقادم.
 
وضرب الرئيس السيسى مثالاً بمسألة إعادة إعمار قطاع غزة، وقال إنه طلب من المؤسسات عمل تقدير لتكلفة إعادة إعمار القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة، "فوجدنا أن التكلفة تتجاوز الـ90 مليار دولار، لكي تعود غزة إلى بنيتها الأساسية وتصلح للعيش من جديد"، وتابع: "أن هناك من طرح فكرة أن تستقبل مصر نحو 2 مليون فلسطيني من قطاع غزة في سيناء بحجة أن مساحتها كبيرة، وبذلك تُحل المشكلة.. ولكن كيف لمصر أن تخون القضية الفلسطينية وتخون كل تلك الدماء التي سالت من أجلها.. وفي نفس الوقت فإن أرض سيناء هي جزء من أرضنا ونحن المسؤولون عنها وحمايتها.. وهذه حدودنا منذ آلاف السنين ولن يفرط أحد بفضل الله فيها".
 
ما قاله الرئيس السيسى في هذه الندوة يستحق منا التوثيق، لأنه بالفعل سرد حقائق لواقع كنا نعانى منه، وعرضً لحاضر نعيشه اليوم في أمن واستقرار، حققه المصريين الذين قال عنهم الرئيس السيسى: التاريخ سيتوقف طويلا أمام معجزة كبرى حققها المصريون خلال السنوات الماضية، حيث أنقذوا وطنهم العريق من السقوط في براثن الإرهاب، وجماعات الشر والتطرف وصمدوا في وجه إعصار التمزق والانهيار والفوضى، الذي ضرب جميع أرجاء الإقليم، الـذي نحيا فيه، وفي ذات الوقت، شيدوا وعمروا بلادهم، ووضعوا أساسا لاقتصاد وطني، قادرا على التصدي للأزمات ولن يمضى وقت طويل "بإذن الله".. حتى ينعم المصريون بحصاد جهدهم واستثمارهم في مستقبل هذا الوطن.
 
 ما سبق هو جزء من حكاية وطن نعيش فيه، ونراقب كل ما حدث ويحدث به، ورصد وتوثيق لحالة شعب بطل استطاع أن يواجه الإرهاب والفوضى، ويخرج ببلده سالمة، نعم كانت هناك عثرات وصعوبات، لكنه تغلب عليها بالصبر، ومن هنا تستحق كل دقيقة عاشها الشعب طيلة السنوات السابقة أن توثق لنعرف أين كنا وكيف أصبحنا اليوم، ونعلم من وقف معنا ومن وقف ضدنا، لان الماضى ملئ بالدروس والعبر التي لا يجب أن تمر مرور الكرام.
 
في النهاية تبقى كلمة واحدة، وهى إن الأكاذيب لن تصنع للإرهابيين والمخربين والأفاقين مجداً، كما أن التاريخ لن ينسى من أعادوا مصر للمصريين.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق