يوسف أيوب يكتب: إفلاس إسرائيلى متوقع هرباً من فشل استخباراتى وفساد مستشرى في قلب تل أبيب

الإثنين، 22 أبريل 2024 03:44 م
يوسف أيوب يكتب: إفلاس إسرائيلى متوقع هرباً من فشل استخباراتى وفساد مستشرى في قلب تل أبيب
أحداث غزة

في 29 يناير الماضى، وجهت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية ضربة قوية لإسرائيل، حينما نقلت عن مسئولين عسكريين وعناصر في الاستخبارات الإسرائيلية، قولهم إن عددا كبيرا من الأسلحة التي استخدمتها حماس في هجمات 7 أكتوبر، وفي المواجهات مع الجيش الإسرائيلي خلال الحرب في غزة، جاءت من مصدر غير متوقع، وهو الجيش الإسرائيلي نفسه.
 
ما قالته الصحيفة الأمريكية حينها كان بمثابة القنبلة التي انفجرت في وجه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي لم تجرد منفذاً للهروب من هذه القنبلة سوء البحث عن شماعة تعلق عليها فشلها، فكانت هذه الشماعة هي مصر، من خلال الدفع بعدد ممن تسميهم المحللين الاستراتيجيين، والمسئولين السابقين في الموساد، للترويج لنظرية خيالية، مفادها أن السلاح الحمساوى مهرب إليها من مصر، ولا مانع لديهم من ترويج آكاذيب أخرى، لإحكام الكذبة، بالقول على سبيل المثال أن الدولة المصرية لا تسيطر على الوضع في سيناء، وأنها لا تتعامل بقوة في إحكام السيطرة على الحدود، رغم يقين كل هؤلاء كذب ما يقولونه، لكنهم كما التاجر المفلس، يبحثون في أوراقهم القديمة، علهم يجدون باباً يستطيعون من خلاله الرد ولو بشكل غير مباشر على التقارير الموثقة التي أكدت وجود عمليات سرقة وفساد داخل الجيش الإسرائيلي كان من نتائجها تورط عسكريين إسرائيليين في بيع وتهريب السلاح إلى حماس، وأيضاً للتغطية على الفشل الاستخبارى الإسرائيلي الذى لم يتوقع ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر، لذلك كان البديل لدى تل أبيب، هو القاء المسئولية على طرف أخر، ولتكن هذه المرة مصر.
 
"نيويورك تايمز" الامريكية قالت في تقريرها نقلاً عن محللين إسرائيليين، إن المعلومات الاستخباراتية الأخيرة أظهرت مدى قدرة حماس على تصنيع العديد من صواريخها وأسلحتها المضادة للدبابات، من الذخائر "غير المتفجرة"، التي أطلقتها إسرائيل على غزة، كما أشارت إلى أن حركة حماس تقوم بتسليح مقاتليها بأسلحة تم الاستيلاء عليها من قواعد عسكرية إسرائيلية، وكذلك كشفت المعلومات الاستخبارية التي تم جمعها خلال أشهر من القتال، أن الأسلحة نفسها التي استخدمتها القوات الإسرائيلية لفرض الحصار على غزة على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية، تُستخدم الآن ضدها، ونقلت عن مايكل كارداش، النائب السابق لرئيس قسم إبطال مفعول القنابل في الشرطة الإسرائيلية قوله إن "الذخائر غير المنفجرة هي المصدر الرئيسي للمتفجرات بالنسبة لحماس.. إنهم يقومون بتشريح وإعادة تركيب قنابل قادمة من إسرائيل، ويتم إعادة استخدام الكثير منها بالطبع، لمتفجراتهم وصواريخهم"، كما نقلت عن خبراء الأسلحة قولهم إن ما يقرب من 10% من الذخائر عادة لا تنفجر، ولكن في حالة إسرائيل، قد يكون الرقم أعلى.
 
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها إن السلطات الإسرائيلية تدرك وتعلم أن مستودعات الأسلحة الخاصة بها كانت عرضة للسرقة، وأشارت إلى تقرير عسكري صدر في أوائل 2023 أوضح أن آلاف الرصاص ومئات الأسلحة والقنابل اليدوية قد سُرقت من قواعد لم تتم حراستها بشكل جيد، ومن هذه المعلومات، قال تقرير عسكري إسرائيلي: "نحن نزود أعداءنا بأسلحتنا الخاصة"، هكذا جاء في سطر واحد من التقرير، الذي اطلعت عليه صحيفة نيويورك تايمز.
 
هذه هي الحقيقة التي تخشاها إسرائيل، فبجانب الفشل الاستخبارى الذى منيت به دولة الاحتلال في السابع من أكتوبر، التي قضت على ما تبقى من نظرية الأمن الإسرائيلية، فإنها أيضاً كشفت عن حجم الفساد المستشرى في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، لدرجة أن السلاح الإسرائيلي أصبح اليوم في يد حماس!.
 
ولكن لإن إسرائيل هي دولة قائمة على الكذب والبحث الدائم عن شماعات تعليق الفشل عليها، فإنها لا تألوا جهداً للعمل على لى الحقائق، لكن الحقائق دوماً تبقى ناصعة في وجه الكذابين.
 
والحقائق في هذه الجزئية تحديداً، والمتعلقة بسلاح حماس، بل وعلاقة حماس بإسرائيل معروفة للجميع، ولا سبيل لإنكارها، فالوقائع كلها تؤكد أن إسرائيل هي أكثر من قدم المساعدة إلى حماس سواء بشكل مباشر او غير مباشر، لتبقى الحركة قوية في قطاع غزة، ولتواصل إحداث الفتنة بين الفصائل الفلسطينية، ولتبقى الخلاف موجوداً دوماً بما يحافظ على أمن واستقرار إسرائيل، وهى نظرية عملت تل أبيب على تنفيذها لسنوات ظناً منها إنها مفيدة لها ولأمنها، إلى ان جاءت أحداث 7 أكتوبر لتثبت لها فشل هذا التفكير وهذه الاستراتيجية.
 
ولنكن أكثر دقة، فلنا أن نتسأل عن السبب الذى جعل إسرائيل توافق بل تدعم آلية الامداد الشهرى لحركة حماس بـ35 مليون دولار، كانت تصل إلى الحركة في حقائب عبر معبر إيريز؟.. ألم تدرك إسرائيل وهى توافق على إدخال هذه الأموال شهرياً أنها تدعم حماس بهدف إضعاف السلطة الفلسطينية؟!
 
ألم تسأل الحكومة الإسرائيلية نفسها، من سمح لحماس ببناء الأنفاق بهذا الحجم وتأثيرها الضار علي مصر طوال الخمسة عشرة عاما الماضية؟.. ولمصلحة من تتجاهل تل أبيب ما بذلته مصر خلال السنوات الماضية من تضحيات من جراء الإرهاب وتهريب السلاح والارهابيين من غزة إلي سيناء تحت مرأى ومسمع من إسرائيل، إلى أن استطاعت الدولة المصرية أحكام السيطرة وتنظيف سيناء بالكامل من الإرهاب وكل المخططات التي كانت تستهدف تحويل سيناء إلى إمارة إسلامية.
 
هناك الكثير من الأسئلة المطلوب أن تجيب عليها إسرائيل قبل أن تلقى بفشلها على الآخرين، وقبل الإجابة على هذه الأسئلة على حكومة نتانياهو أن تواجه الحقيقة المرة داخلهم، المتمثلة في الفساد المستشرى في اجهزة الحكم الإسرائيلية، خاصة الجيش المتهم الأول ببيع السلاح إلى حماس في قطاع غزة.
 
إن مصر دولة قوية، واستطاعت لاكثر من 40 عاماً أن تحافظ على حالة السلام مع إسرائيل، رغم الكثير من المنغصات، والمحاولات الإسرائيلية المتكررة لتجنيد جواسيس وعملاء، لكن الدولة المصرية لإنها دولة قوية ومسئولة كانت تواجه كل هذه المحاولات ولاتزال، وتفشلها في حينها، وفى نفس الوقت تحافظ على سلامة واستقرار أراضيها، ولن يثنيها عن ذلك أية آكاذيب تروج لها تل أبيب، لأن القاهرة تدرك جيداً أن الحكومة الإسرائيلية أصبحت مثل التاجر القديم المفلس الذى يبحث في دفاتره القديمة، علها تفيده في مآزقه.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق