يوسف أيوب يكتب: توطين الصناعات الاستراتيجية وتأهيل العمالة المدربة.. هدفان نجحت الدولة فى تحقيقهما

السبت، 04 مايو 2024 08:00 م
يوسف أيوب يكتب: توطين الصناعات الاستراتيجية وتأهيل العمالة المدربة.. هدفان نجحت الدولة فى تحقيقهما

- «صُنع فى مصر» تظهر فى الأسواق العالمية على التكيفات المركزية والمنزلية وغسالات الملابس.. والمشروعات القومية والبرامج التدريبية خفضت نسب البطالة
 
توطين الصناعات الاستراتيجية، بما يسهم فى تعزيز وصون وحماية الأمن القومى المصرى، فضلا عن خلق وفتح أبواب واسعة لمسألة تعزيز الاستثمار المحلى والأجنبى فى الصناعات الوطنية، وتوفير احتياجات سوق العمل، وفق المتغيرات الجديدة، التى تقتضى وجود عمالة فنية مدربة ومؤهلة، هدفان كانا أمام القيادة السياسية منذ 2014، لإدراكهم ان النهضة الاقتصادية لن تتحقق الا بهما، لذلك فإنها عملت على مدار السنوات الماضية، فى الملفين بكل قوة، وصولا اليوم إلى تحقيق نجاح كبير فيهما.
 
ملف توطين الصناعة، هو الملف الأبرز فى توجهات الدولة، والذى دوما ما يتحدث عنه الرئيس السيسى، وحث الحكومة على بذل الجهد للوصول إليه، وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، بدأن نرى ثمار هذا الجهد، والتى كان آخرها افتتاح مجمع «هاير - مصر» الصديق للبيئة، تزامنا مع احتفالات عيد العمال، والذى يعد ترجمة حقيقية لجهود الدولة فى توفير المناخ الجاذب للاستثمار، كما أنه صرح صناعى ضخم يحصل على رخصة ذهبية، وفى أقل من عام من إنشاء وتشغيل وإنتاج وتلبية للسوق المحلى والإقليمى، حيث يسعى هذا الصرح الصناعى العملاق، إلى توطين تكنولوجيا الإنتاج وتعظيم القيمة المضافة للمواد الخام المحلية وفرص عمل مباشرة وغير المباشرة.
 
والمجمع ينتج اليوم التكييف المنزلى والمركزى ذات القدرات المنخفضة والمتوسطة وغسالات الملابس بنوعيها ذات التحميل العلوى والأمامى بطاقة إنتاجية مليون وحدة سنوية، وبنسبة مكون محلى من 40% إلى 60% تصل إلى 70% فى الفترة المقبلة، وحصة تصديرية تصل إلى 30%، كما يوفر أكثر من 3000 فرصة عمل، كلها تحت شعار «صُنع فى مصر».
 
وتشمل المرحلة الثانية من المجمع، إنتاج مصنعى الفريزر والثلاجة والصناعات المغذية لها باستثمارات تبلغ 60 مليون دولار وبحجم إنتاج يصل إلى أكثر من نصف مليون وحدة سنويا، وهى فى طور التنفيذ؛ كما يضم المجمع الصناعى أيضا مصنعا لتشكيل المعادن وحقن البلاستيك والدهانات، للتحكم فى جودة مدخلات الإنتاج ولضمان الحصول على منتج نهائى عالى الجودة وبسعر مناسب.
 
هذا المجمع الذى يمثل شراكة مصرية صينية، باستثمارات 135 مليون دولار، وهدفه تحويل مصر إلى مركز لصناعة الأجهزة المنزلية وتصديرها لأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، كما أنه يعد أول مجمع رقمى صديق للبيئة للصناعات المختلفة بالشرق الأوسط وإفريقيا، وشملت المرحلة الأولى من المجمع صناعة خط إنتاج تكييف وغسالة وتلفزيون، ويبلغ إجمالى الطاقة الإنتاجية ما يقرب من مليون وحدة، كما أنه ساهم فى خلق أكثر من 2000 فرصة عمل محليا، حيث يعمل المجمع بتقنيات الصناعة الذكية الرائدة، وأنه تم تدريب الكوادر ذوى القدرات الفائقة على هذه التقنيات، كما أنه سيؤدى إلى ترقية ذكية لسلسة صناعة الأجهزة المنزلية بأكملها فى مصر، كما أنه سيلبى احتياجات السوق المصرية فى مصر وتحويلها لقاعدة تصديرية تغطى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق أفريقيا والسوق الأوروبية.
 
الملف الثانى والذى لا يقل أهمية عن الأول، والمتمثل فى تدريب العمالة المصرية، لتكون مهيأة لسوق العمل، وهو الامر الذى انتبهت له الدولة مبكرا، وعملت فى عدة مسارات متوازية لتأهيل العمالة لسوق العمل المحلى والعالمى أيضا، من خلال إطلاق مبادرات متعددة، وأيضا توفير بيئة تدريبية وتعليمية قادرة على تخريج آلاف الخريجين القادرين على العمل وفق الأساليب الحديثة، التى تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا.
 
نعم لدى مصر عمالة فنية وماهرة، ومشهود لها بالكفاءة، لكن هذه المهارة والكفاءة ليست كافية فى ظل الاعتماد بشكل كبير على التكنولوجيا فى الصناعة، حتى أن الكثير من الصناعات الحرفية تشترط اليوم عمالة مدربة تكنولوجيا، لذلك وجه الرئيس السيسى بقيام وزارة العمل بتعظيم دورها فى تنمية المهارات والموارد البشرية لتلبية احتياجات سوق العمل بالداخل والخارج، والاستمرار فى تطوير منظومة التدريب المهنى لتوفير العمالة المصرية الماهرة، وإنشاء مركز تدريب متكامل لتدريب الشباب على المهارات اللازمة لسوق العمل وفقا للمعايير العالمية المطلوبة، وإعداد استراتيجية وطنية متكاملة للعمل على نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية وضمان تحقيق اشتراطاتها وتأمين بيئة العمل بين أصحاب الأعمال والعمال لضمان حماية كافة المواطنين عمالا وأصحاب عمل وجمهور، واستمرار العمل على زيادة معدلات تشغيل ذوى الهمم ودمجهم فى سوق العمل وزيادة معدلات تشغيل النساء وتمكينهم اقتصاديا، وتحقيق الحماية القانونية الواجبة للعمال من خلال زيادة معدلات التفتيش على منشآت الخاضعة لقانون العمل لضمان إنفاذ أحكام القانون وتطبيق الحد الأدنى للأجر.
 
الوزير حسن شحاتة، وزير العمل، من جانبه أكد أنه تم التنسيق مع شركات القطاع الخاص لتوفير احتياجاتهم من فرص العمل، وكذلك توفير فرص عمل عن طريق مكاتب التنسيق العمالى التابعة للوزارة فى الخارج، ما يساعد على زيادة معدلات التشغيل، مشيرا إلى إطلاق الوزارة الأسبوع الماضى، 8 وحدات تدريب مهنى متنقلة إلى 8 محافظات، للمشاركة فى خطة التدريب المهنى وتأهيل الشباب على المهن التى يحتاجها سوق العمل، فى نطاق مدن وقرى المبادرة الرئاسة «حياة كريمة»، لتنضم إلى 27 وحدة تدريب متنقلة، سبق إطلاقها فى المحافظات، لتدريب الشباب على مهن «صيانة الحاسب الألى، صيانة المحمول، اللغات، التبريد والتكييف، إعداد المأكولات السريعة، والتفصيل والخياطة، حيث تستهدف الوحدات الجديدة تدريب 3000 شاب وفتاة عن طريق 96 دورة تدريبية خلال عام.
 
وتمتلك وزارة العمل 75 مركز تدريب مهنى ثابت ومتنقل، وتضع تطوير منظومة التدريب المهنى هذه على رأس أولوياتها، حيث أطلقت منتصف يناير الماضى مشروع «مهنى 2030»، بالتعاون مع القطاع الخاص لتفعيل أحكام قانون العمل المتعلقة بإصدار تراخيص لمراكز التدريب التابعة للقطاع الخاص، واعتماد برامجها التدريبية، واعتماد المدربين، والشهادات التدريبية وفقا لأحكام المواد «135، 136، 137، 138»، من قانون العمل الصادر برقم 12 لسنة 2003،و كذلك الارتقاء بالمستوى المهارى للشباب إلى المستوى المطلوب فى سوق العمل العالمى، وتلبية الاحتياجات اللازمة لسوق العمل الداخلى، القضاء على قياسات مستوى المهارة غير الحقيقية، واعتماد شهادات التدريب من المؤسسات الدولية المعتمدة بعد اعتماد المعايير التى يقوم عليها التدريب.
 
مجمل ما سبق من جهود لرفع كفاءة العمالة المصرية، ساعد فى انخفاض أرقام البطالة، التى تراجعت من 13% عام 2014 إلى 6.9% عام 2024، وكان للمشروعات القومية العملاقة على كل شبر من أرض مصر دور مهم فى انخفاض البطالة، وأيضا منح العمالة المصرية الخبرة العملية الكافية.
 
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن الاهتمام بتطوير مهارات العمالة المصرية، دوره إيجابى فى النهضة الصناعية التى تعتمده الدولة فى الوقت الراهن كخطة استراتيجية، سواء لتغطية احتياجات السوق المصرى، حيث تم إنشاء أكثر من 17 مجمعا صناعيا فى 15 محافظة، فضلا عن تطوير الصناعات الاستراتيجية، والنجاح فى جعل شعار «صنع فى مصر» يتداول فى الأسواق العالمية، وكانت النتيجة على الأرض معبرة عن هذا الجهد، فقد استطاع القطاع الصناعى أن يسهم بنسبة 16.8% من إجمالى الناتج المحلى المصرى، فضلا عن قدرته على توفير أكثر من 7.5 مليون فرصة عمل خلال 10 سنوات، وساهم فى تحقيق هذه الأرقام أيضا، أن القيادة المصرية حرصت على تدريب الأيدى العاملة وتأهيلهم على مواكبة التطور الهائل فى المعدات الصناعية من خلال تدشين أكثر من 43 مركز تدريب مهنى وتنفيذ 876 برنامجا تدريبيا.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة