حمدي عبدالرحيم يكتب: قنابل دخان في معركة كبرى

السبت، 18 مايو 2024 09:00 م
حمدي عبدالرحيم يكتب: قنابل دخان في معركة كبرى

- مع توحش العدوان الإسرائيلى وتدميره لكل غزة بدأ التململ يعرف طريقه إلى الموقفين الأوروبى والأمريكى ثم سرعان ما تحول التململ إلى رفض للعدوان 
 
عندما بدأ العدوان الإسرائيلى على غزة، قالت معظم دول أوروبا الكبرى ومعها، بل قبلها الولايات المتحدة الأمريكية: «من حق إسرائيل الرد على عملية السابع من أكتوبر، والقانون الدولى يكفل لها حق الدفاع عن النفس!».
 
ثم مع مضى الأيام والشهور، ومع توحش العدوان الإسرائيلى وتدميره لكل غزة، بدأ التململ يعرف طريقه إلى الموقفين الأوروبى والأمريكى، ثم سرعان ما تحول التململ إلى رفض لعدوان جيش الاحتلال حتى ولو كان خافتًا، والآن لم تعد هناك دولة يحسب لها حساب إلا وتطالب دولة الاحتلال بالكف عن نحر المدنيين العزل.
 
وفى سياق إجبار دولة الاحتلال على وقف المذابح والإبادة الجماعية بذلت دول جهودًا جبارة لإبرام صفقة تنهى العدوان، وتقدمت الدولة المصرية قائمة الدول التى بذلت الجهود، وقامت الدولة المصرية بتقديم ورقة حازت على موافقة كل الأطراف المعنية، خاصة الطرف الفلسطينى الذى يقاوم ويدفع ثمن مقاومته دمًا.
 
الطرف الوحيد الذى لم يوافق على الورقة المصرية كان دولة الاحتلال، التى راوغت وكذبت ودلست كعادتها، وعملت ليل نهار على إفشال مفاوضات القاهرة.
هاج العالم كله وماج رفضًا لتعنت دولة الاحتلال، ولكن الرفض العالمى لا يعنى شيئًا عند رأس نظام الاحتلال، أعنى نتنياهو الذى تحدث فى ظهير يوم الاثنين الثالث عشر من مايو الجارى فقال كلمات بسيطة قطع بها قول كل خطيب، قال نتنياهو: «الذين راهنوا على أننا قد نتوقف قبل تحقيق أهدافنا لم يفهموا أنها معركة من أجل إعادة تثبيت الدولة هى ببساطة حرب 1948 فى ثوب جديد».
 
تصريحات نتنياهو القاطعة حددت الهدف النهائى والاستراتيجى لعدوانه، الرجل لا يريد تحرير الأسرى ولا القضاء على قيادات المقاومة، ولا يريد إبرام صفقة من أى نوع.
 
هو يتحدث عن تأسيس دولة!
 
هو سيبدأ من نقطة الصفر، وكأن ما كان لم يكن!
 
هو الآن عاد إلى ما قبل مايو من العام 1948، يعلن تأسيسًا جديدًا لإسرائيل جديدة، هو يعترف أن أركان الدولة قد تزلزلت، فضربة حماس يوم السابع من أكتوبر 2023 هدمت كل أركان الدولة، ولكى تعود الدولة لما كانت علية فلن يكفيها قتل وإصابة قرابة المئة وخمسين ألف فلسطيني، ولا حتى مليون ونصف فلسطيني.
 
هو يريد « النصر المطلق» والنصر المطلق عنده يعنى تحقيق خطوات محددة بدقة:
 
 • تهجير كل غزة والضفة، إلى أين؟ هذا لا يشغله ولا يهمه، فقد سبق له أن قال» دول العالم كثيرة، فلماذا لا تتقاسم الفلسطينيين؟».
 
التهجير سيكون بأن يجعل الحياة فى غزة والضفة مستحيلة، بالمعنى الحرفى لمصطلح الاستحالة، بحيث أن الفلسطينى نفسه سيجد أن تمسكه بالبقاء عبث، فيطلب هو الخروج ومغادرة الأرض، أما قصة تدمير الأنفاق والمبانى، فهى قنابل دخان لإخفاء الهدف الحقيقى وهو، القضاء على الحياة بمعناها الواسع والعام.
 • إعادة «ترعيب الوعى المقاوم» وترعيب الوعى نحت لصاحبه الكاتب الأستاذ نظير مجلى، ومعناه شل قدرات المقاوم من مجرد التفكير فى أن يقاوم ولو بقذف دبابة بحجر صغير! 
 
لقد نامت دولة الاحتلال على «هدوء مطلق» وصحت لتجد نفسها محاصرة بفصائل مقاومة تنطلق من قلب فلسطين ومن لبنان ومن سوريا ومن العراق وصولًا إلى اليمن!
 
فصائل المقاومة لم تعد تخاف جيش الاحتلال، وكلنا رأينا الاشتباك من المسافة صفر، ففى كل يوم تقنص المقاومة لو محاربًا واحدًا، وتدمر ولو دبابة واحدة، وتطلق لو قذيفة هاون واحدة، هذا الإصرار وهذه الشجاعة زلزلت دولة الاحتلال، فمن الهدوء المطلق إلى المواجهة الدامية.
 
ثم القتال الآن يدور فوق أرض ظن الاحتلال أنه قد سيطر عليها سيطرة تامة كاملة شاملة نهائية، فإذ بهذه الأرض حبلى بمئات الكيلو مترات من الأنفاق التى تلد مقاومين لا ينتهون.
 
 • أن يصبح لكيان الاحتلال الكلمة الوحيدة والنهائية على كل دول الجوار، بحيث تختفى حتى المعارضة الشفهية، فما يقوله كيان الاحتلال يقابل بكلمة «آمين».
هناك دراسة قدمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ونشرها تحت عنوان» توجيهات لاستراتيجية الأمن القومى الإسرائيلى «وقد كتبها غادى آيزنكوت غابى سيبونى، وفى تلك الدراسة تفصيل مرعب لما يؤمن الإسرائيلى أنه يمثل أمنه القومى!
 
وبعدُ فمتى ستتوقف الحرب؟
 
بحسب نتنياهو لن تتوقف إلا بإعادة تثبيت أركان الدولة!
 
ولكن لأن مصير الأمم وحاضرها لا يقرره جزار، فهناك فرصة متاحة لإيقاف العدوان ولإنقاذ المستقبل العربى من هيمنة إسرائيلية لن يقف فى وجهها شىء.
تلك الفرصة هى فى تحول الحرب إلى صراع إقليمى يضرب العصب الداخلى لدولة الاحتلال، وبغير هذا الصراع سنعود إلى ما قاله ماكرون رئيس فرنسا الذى قال: «إن القضاء على حماس بمفردها سيحتاج إلى عشر سنوات!».
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة