كل المؤشرات تؤدي للتصعيد.. فورين بوليسي: حرب حزب الله ستكون التحدي الأكبر أمام إسرائيل منذ عقود
الجمعة، 02 أغسطس 2024 12:05 م
تبدو المؤشرات في منطقة الشرق الأوسط، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ومن قبله قيادي حزب الله في لبنان، تشير إلى أن التصعيد بات حتميا، وأن المنطقة على بعد خطوات من اندلاع حرب كبيرة بين حزب الله اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أن اغتيال «إسرائيل» لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في الحادي والثلاثين من يوليو 2024، وضربتها فى الثلاثين من الشهر نفسه التي استهدفت القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في بيروت قد تنذر بتفاقم الصراع بين «إسرائيل» ولبنان.
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن هذه العمليات جاءت بعد أن تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفرض «ثمن باهظ» على حزب الله بسبب هجوم صاروخي أسفر عن مقتل 12 طفلا فى ملعب لكرة القدم فى مجدل شمس، وهى بلدة درزية في هضبة الجولان التى تسيطر عليها «إسرائيل». ولفتت المجلة إلى أن تراجع الجانبين عن المزيد من التصعيد أمر غير مضمون، رغم أن الحرب والتصعيد سيكون كارثيا لكلا الجانبين.
وأوضحت المجلة أنه منذ هجوم حماس فى السابع من أكتوبر2023، أطلق حزب الله آلاف الصواريخ والقذائف على «إسرائيل»، فضلا عن إطلاق صواريخ موجهة مضادة للدبابات على أهداف على طول الحدود، وردت «إسرائيل» بضربات جوية ومدفعية على مواقع لحزب الله فى لبنان، فضلا عن اغتيال قادة من الحزب، حيث بلغ عدد القتلى نحو 350 مقاتلا من حزب الله و100 مدنى لبناني، إلى جانب 23 جنديا إسرائيليا و17 مدنيا. وقد أدى القتال المستمر تقريبا إلى نزوح 60 ألف إسرائيلى من شمال «إسرائيل» ونحو 100 ألف شخص من الجانب اللبناني من المناطق الحدودية.
وحذرت المجلة من أنه إذا اتسع نطاق الصراع، فإن ترسانة حزب الله الصاروخية الضخمة وقواته العسكرية المتمرسة ستشكل تهديدا كبيرا لـ «إسرائيل»، ومن المرجح أن يكون الارتباك أكبر بكثير مما شهدته «إسرائيل» منذ عقود، حتى بما فى ذلك هجوم السابع من أكتوبر الماضي. ومع ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي يستعد منذ فترة طويلة لهذه الحرب، ومن المرجح أن تكون عملياته أكثر احترافية ووحشية، وقد تؤدي إلى تدمير لبنان وكذلك حزب الله.
وهناك مخاوف - وفقا للمجلة - أن تمتد الحرب أيضا إلى سوريا والعراق القريبتين، وكلاهما لديه قوات على صلة بإيران ومتحالفة مع حزب الله، ولديهما قدرات صاروخية وطائرات بدون طيار يمكنها الوصول إلى «إسرائيل»، كما يمكن للحوثيين في اليمن دعم حزب الله فى الصراع ومواصلة الحرب ضد «إسرائيل»، حتى لو توقف القتال في غزة.
وعلى الرغم من أن الحرب الكبرى ستكون مدمرة، إلا أنها قد تأتي على أي حال، خاصة وأن الضربات الانتقامية الحالية قد تخلق دائرة خطيرة من الصراع، ويجب هنا الانتباه إلى أن الحكومة الإسرائيلية ومواطنيها بعد السابع من أكتوبر ليسوا في وضع يسمح لهم بالتسامح مع التهديدات المحتملة على طول الحدود، وأنه نظرا لخطر الحرب وعواقبها، يتعين على الولايات المتحدة أن تواصل جهودها للتوسط في وقف إطلاق النار، والاستعداد في الوقت نفسه لاحتمال فشل هذه الجهود.
وترى «فورين بوليسي» أن حزب الله، وهو أحد أكثر الجماعات غير الحكومية تسليحا في العالم، يشكل تهديدا جويا أكثر خطورة على «إسرائيل» من حماس، فبفضل المساعدات الإيرانية والمساعدات الفنية، يمتلك حزب الله ترسانة أسلحة تتراوح بين 120 و200 ألف صاروخ وقذيفة، ومن المرجح أن تكون أغلبية هذه الترسانة طائرات بدون طيار وصواريخ قصيرة وطويلة المدى غير موجهة، مثل صواريخ «بركان» و«فجر 3» و«فجر 5»، إلى جانب صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى أكثر فتكا، مثل «زلزال 1» و«زلزال 2»، وصواريخ «سكود» من طراز (بى وسى ودي).
كما أن أخطر الصواريخ التى يمتلكها الحزب هى صواريخ «فاتح-110 إم-600» قصيرة المدى الموجهة، وهى ذخائر موجهة بدقة، تستخدمها روسيا حاليا فى حربها على أوكرانيا، ويبلغ مداها من 250 إلى 300 كيلومتر، وهى قادرة على الوصول إلى جميع المناطق المأهولة بالسكان فى «إسرائيل»، كما أنه بالإضافة إلى ترسانة الصواريخ والقذائف الهائلة، يمتلك حزب الله بعضا من أكثر المقاتلين مهارة فى الشرق الأوسط، فمنذ نشأته فى أوائل الثمانينيات، قاتل حزب الله الجيش الإسرائيلي، وفى النهاية طرده من لبنان فى عام 2000 بقوة السلاح، وبعد ست سنوات، خاضت «إسرائيل» وحزب الله حربا استمرت 34 يوما وانتهت دون منتصر، وبدا الجانبان حينها أنهما غير راغبين فى تكرار التجربة.
وواصلت «فورين بوليسي» تناولها لخبرات حزب الله القتالية المكتسبة بالإشارة إلى أنه تدخل منذ البداية فى الحرب الأهلية السورية فى عام 2011، وعمل مع إيران والحكومة السورية لإبقاء نظام الأسد فى السلطة، كما عملت قوات حزب الله على التنسيق مع القوات الجوية الروسية بعد تدخل موسكو فى سوريا عام 2015، وعملت بشكل وثيق مع فيلق القدس الإيراني، الذى لعب دورا حاسما فى دعم الحكومة السورية، وتتمتع هذه القوات المتمرسة (حزب الله) بالمهارة، وبمستوى عال من الروح المعنوية، والقدرة على تنفيذ عمليات معقدة ويمكنها الاستمرار في القتال حتى فى مواجهة صراع وحشي.
وترى المجلة الأمريكية أنه فى حين أن الخسائر الكبيرة التى تكبدها حزب الله تجعله حذرا من حرب أخرى، إلا أنه إذا اندلعت الحرب، فسوف يكون مستعدا لها، وسوف يقاتل مقاتلوه بشكل دفاعي من مواقع معدة على أرض يعرفونها جيدا. كما يمتلك مقاتلو حزب الله كذلك صواريخ موجهة مضادة للدبابات، وأنظمة دفاع جوى محمولة، وأنظمة صواريخ أرض جو، بالإضافة إلى متفجرات متطورة، بما فى ذلك القنابل الخارقة للدروع التي استخدمتها الجماعات المدعومة من إيران فى العراق ضد القوات الأمريكية والقادرة على اختراق ناقلات الجنود المدرعة والدبابات.
ودللت «فورين بوليسي» على ما ساقته حول قدرات حزب الله، بالإشارة إلى حرب عام 2006، حينما احتفظ حزب الله بأسلحة متطورة مثل صواريخ كروز المضادة للسفن، واستخدمها لضرب سفينة حربية إسرائيلية بنجاح، ومنذ ذلك الحين، وسع حزب الله ترسانته من الصواريخ المضادة للسفن بمساعدة روسية. وفى عام 2006 أيضا، أظهر حزب الله أنه يمتلك شبكة أنفاق ضخمة، واستمر هذا فى السنوات التى تلت ذلك. وفى عام 2019، عثرت «إسرائيل» على نفق تابع للحزب يبلغ عمقه 22 طابقا، وبلا شك، فإن هذه الانفاق تشكل كابوسا للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
وفى المقابل، تتمتع إسرائيل بجيش متمرس فى المعارك وميزة كبيرة فى القدرات التكنولوجية، من طائرات الجيل الخامس الشبحية «إف 35 Lightning II» إلى واحدة من أكثر مخزونات الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة تطورا في الشرق الأوسط، كما سيدخل الجيش الإسرائيلى لبنان بقوة نيران ساحقة وسيحطم بسرعة أي مقاومة واسعة النطاق لحزب الله؛ مما سيجبر الحزب على القتال إلى حد كبير في وحدات صغيرة أو يتبع حرب العصابات، وهو ما استعد له على الأرجح، كما أن «إسرائيل» تدربت بشكل دوري على محاربة حزب الله الذى تحترم قدراته، وذلك على عكس حماس، التى قللت «إسرائيل» من شأنها بشدة قبل السابع من أكتوبر.
وشددت فورين بوليسي، على أن أحد الأسئلة المهمة المطروحة حاليا هو كيف يستخدم كل جانب حرب الطائرات بدون طيار، خاصة وأن حرب روسيا وأوكرانيا أظهرت كيف أن استخدام هذه الطائرات يمكنه تغيير مسار الحرب، لاسيما عندما تستخدم فى عمليات الأسلحة المشتركة. وفى هذا الصدد، أوضحت المجلة أن «إسرائيل»، الرائدة في استخدام الطائرات بدون طيار، تستخدم هذه الطائرات فى جميع جوانب عملياتها الجوية تقريبا، فى حين يستخدم حزب الله أيضا الطائرات بدون طيار للاستطلاع ومهاجمة «إسرائيل» وربما يمتلك حزب الله 2000 طائرة بدون طيار، معظمها من إيران، وفقا لما ذكرت «فورين بوليسي».
وترى المجلة الأمريكية أن «إسرائيل» تستعد لهذا الصراع المحتمل منذ عام 2006، ومن المرجح أن جيشها جمع قدرا كبيرا من المعلومات الاستخباراتية، وطور مفاهيم العمليات المناسبة لجنوب لبنان. لكن حزب الله هو الآخر ليس لاعبا جامدا، وبمساعدة إيران وربما روسيا، استعد هو أيضا لجولة أخرى من الحرب مع «إسرائيل». وأكدت المجلة أن هذه الحرب -حال وقوعها- ستكون خارج التنبؤات بالنسبة لطبيعتها ونتائجها، حيث ما زال من غير المعروف ما إذا كان حزب الله قادرا على مقاومة الهجوم الإسرائيلي، ومدى المعاناة التى يستعد لتحملها.
وعليه، ينبغى على الولايات المتحدة - وفقا للمجلة الأمريكية- أن تحاول تعزيز السلام مع الاستعداد فى الوقت نفسه لصراع موسع، وفى حين أن جهود آموس هوكشتاين، المبعوث الأمريكى الخاص إلى لبنان، لتأمين وقف إطلاق النار جديرة بالثناء وينبغى أن تستمر، إلا أنه يجب على واشنطن أن تستعد أيضا لمواجهة أي مشاركة إيرانية أكبر، أو مشاركة لوكلائها في العراق وسوريا، وأن توضح بشكل لا لبس فيه لحزب الله أنه إذا تصاعدت الأمور أكثر، فإن الولايات المتحدة ستدعم «إسرائيل» بقوة.