محمد الشرقاوي: كلمة مصر أمام مجلس الأمن أعادت التذكير بدور القاهرة المتوازن في محيط مضطرب
الأربعاء، 18 يونيو 2025 07:14 م
قال الكاتب الصحفي محمد الشرقاوي، المتخصص في العلاقات الدولية، إن رسائل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك خطابه إلى الداخل الايرانى جاءت في توقيت بالغ الحساسية، وتعكس أبعادًا استراتيجية مركبة تُخاطب الداخل والخارج معًا.
وأوضح الشرقاوي، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "اليوم"، أن الرسالة الموجهة إلى واشنطن حملت تحذيرًا مبطنًا مفاده أن أي تدخل مباشر سيُقابل برد مؤلم، وهو خطاب يُحاكي منطق الردع أكثر من كونه تمهيداً لحرب، ويعكس إدراك طهران لمحدودية قدرتها على خوض مواجهة مفتوحة مع قوة عظمى.
أما الرسالة لإسرائيل، فأشار إلى أنها صيغت بصيغة كلاسيكية تؤكد أن "العدوان لن يمر دون ثمن" وهي رسائل متكررة شهدناها خلال الأيام الماضية، في محاولة لاستعادة التوازن دون توسيع الجبهة، وداخليًا، اعتمد خامنئي – بحسب الشرقاوي – خطابًا تعبويًا لتجديد الثقة بمؤسسات الثورة، وطلب الصبر من الشعب، في وقت أربكت فيه الضربات الإسرائيلية النظام الإيراني سياسيًا وعسكريًا.
وأضاف الشرقاوي أن هذه الرسائل تكشف أزمة توازن حقيقية يعيشها النظام الإيراني، بين الحاجة إلى الرد، والرغبة في الحفاظ على حد معين من الاشتباك يمنع الانفجار الشامل.
وفي سياق متصل، اعتبر الشرقاوي أن التحذير الروسي للولايات المتحدة بشأن التصعيد في الشرق الأوسط لا يعكس نية لمواجهة مباشرة، بل يُعد ورقة ضغط دبلوماسية تستخدمها موسكو كلما حاولت تقليص النفوذ الأمريكي في الساحات الإقليمية.
وأكد أن روسيا لا تدعم إيران بشكل كامل رغم وجود اتفاق شراكة بينهما، لكنها ترفض أي تحرك أمريكي يعيد تشكيل النظام الأمني في الشرق الأوسط خارج مصالحها"، مضيفًا أن موسكو تُجيد "اللعب على الحافة"، حيث تُبقي خطوطها مفتوحة مع طهران، وتحافظ على تنسيق أمني مع تل أبيب، وتستخدم مواقفها الرمادية للتفاوض على ملفات أكبر مثل العقوبات والطاقة.
وفي ما يتعلق بكلمة مندوب مصر في مجلس الأمن، قال الشرقاوي إنها جاءت متسقة مع ثوابت السياسة الخارجية المصرية التي أكد عليها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، المرتكزة على رفض أي عدوان على سيادة الدول، والتشديد على خطورة الانزلاق إلى مواجهات إقليمية أوسع، والدعوة لضبط النفس والاحتكام إلى القانون الدولي، والتي تتوافق مع ميثاق تأسيس الأمم المتحدة.
واستطرد أن ما يُميز هذه الكلمة تحديدًا هو أنها صدرت في لحظة تشهد فيها المنطقة تصعيدًا مباشرًا بين قوتين إقليميتين، وبالتالي فإن صدى الموقف المصري لم يكن رمزيًا فقط، بل يحمل رسالة مزدوجة، أولها أن القاهرة ترفض القاهرة أي تجاوز للحدود الدولية بما يهدد استقرار المنطقة، ويذكر الجميع بأن الأمن الإقليمي لا يُبنى بالقوة بل بالحوار.
وأوضح أن الكلمة أعادت التذكير بالدور المصري المتوازن في محيط مضطرب، وطرحت – بشكل غير مباشر – مصر كطرف مؤهل للوساطة في لحظة يفتقد فيها الإقليم لأصوات العقل.