لا مضار من قانون الإيجار القديم
السبت، 16 أغسطس 2025 11:50 م
الدولة ملتزمة بتوفير سكن بديل فى حال عدم التوافق بين المالك والمستأجر
الإسكان تحسم الجدل: منصة رقمية لتسجيل بيانات المستأجرين وتقديم الدعم.. وإنشاء صندوق لتوفير حلول سكنية مناسبة
المنصة الإلكترونية ومكاتب البريد تبدأ اول أكتوبر استقبال طلبات المستأجرين المنطبق عليهم القواعد للحصول على وحدات بديلة
مخاوف كثيرة وعلامات استفهام تطل برأسها تحتاج لطمأنة الشريحة المستحقة، وآخرون ينتظرون عودة حقوقهم وأملاكهم المجمدة لدى الغير، عقب نشر الجريدة الرسمية تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى، على قانون الإيجار القديم، بعد إقراره من مجلس النواب.
وينص القانون الجديد على تطبيق فترة انتقالية قبل إنهاء عقود الإيجار القديمة، حُددت بسبع سنوات للوحدات المؤجرة لغرض السكن، وخمس سنوات للوحدات المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكن، وذلك تمهيداً لتحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، بانتهاء الفترة الانتقالية، يُلزم المستأجر بإخلاء الوحدة المؤجرة وردّها إلى المالك، مع التأكيد على إلغاء جميع القوانين المنظمة للإيجار القديم عقب انتهاء هذه المدة، ليخضع بعدها أى عقد إيجار جديد لأحكام القانون المدني، بما يضمن حرية التعاقد بين الطرفين.
وكان مجلس النواب قد وافق بشكل نهائي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل قانون الإيجار القديم، فى محا ولة لمعالجة الأوضاع القانونية والاقتصادية المرتبطة بالعقارات المؤجرة بنظام الإيجارات القديمة.
وتضمن التعديل مراجعة القيمة الإيجارية للوحدات المؤجرة، وفق القانون القديم، حيث ستشهد الوحدات السكنية زيادة تصل إلى 20 ضعف القيمة الحالية فى المناطق المتميزة، على ألا تقل الزيادة عن 1000 جنيه شهريًا، وفى المناطق المتوسطة، تُحدد الزيادة بعشرة أضعاف على الأقل، وبحد أدنى 400 جنيه، بينما تزداد فى المناطق الاقتصادية لتصل إلى 250 جنيهاً على الأقل.
وفيما يتعلق بالأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكن، فتُرفع القيمة الإيجارية إلى 5 أضعاف القيمة الحالية ،ونص القانون كذلك على تطبيق زيادة دورية سنوية خلال الفترة الانتقالية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية، سواء للوحدات السكنية أو غير السكنية.
وفى الوقت الذى أثار تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم، حالة من التخوف لدى ملايين المستأجرين، حسمت الحكومة الجدل، وقال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء، إن الدولة لن تتخلى عن أى مواطن مصرى بعد إصدار قانون الإيجارات القديمة، والتصديق عليه، مشددًا على أن الدولة ستوفر سكنًا بديلًا للمواطنين المتضررين، كما أوضح الحمصاني، أن الدولة سترعى المواطنين المتأثرين بهذا القانون فى مختلف محافظات الجمهورية، وأن المسئولية لا تتعلق فقط بالحكومة الحالية، بل هى التزام دائم من الدولة بتوفير وحدات سكنية مناسبة، وقال أن الدولة ستكون ملتزمة بتوفير السكن البديل فى حال عدم التوافق بين المالك والمستأجر، من خلال منصة تابعة لوزارة الإسكان، مشيرًا إلى أن هذه الوحدات مخصصة لمحدودى الدخل، مع مراعاة ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، وأن ثمة أولوية فى التخصيص لأصحاب الإيجارات القديمة، مشددًا على أن القانون ينص على إعادة الوحدة للمالك فى حال عدم الاتفاق على الأجرة الجديدة.
وأكد المتحدث باسم مجلس الوزراء أن إخلاء الوحدة السكنية ليس أمرا إلزاميًا، وستكون هناك فرصة للتوافق بين المالك والمستأجر حول قيمة الإيجار الجديدة، وعند الاتفاق لن يتم الطرد، ولكن فى حالة عدم التوافق، ستعمل الدولة على توفير وحدات سكنية للمستأجر.
وزير الإسكان، شريف الشربيني أكد بدوره أن الدولة لن تطرد المستأجرين المتأثرين بقانون الإيجار القديم، وسيتم إطلاق منصة رقمية لتسجيل بيانات المستأجرين ودراستها لتقديم الدعم اللازم لهم، كما سيتم إنشاء صندوق لدعم المستأجرين، شبيه بصندوق الإسكان الاجتماعي، لتوفير حلول سكنية مناسبة لهم.
وبحسب تصريحات المستشار محمود فوزى، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، فإن تطبيق قانون الإيجار القديم نافذ بدءا من 5 أغسطس، والقاعدة العامة أن الأجرة ستكون 250 جنيها (5.15 دولار) اعتبارًا من أجرة سبتمبر المقبل، لكن بعض العقود المحدد فيها استحقاق الأجرة بعد يوم 5 فى الشهر، سيكون استحقاق الأجرة فيها ابتداء من أغسطس.
لجان حصر المناطق
والأربعاء الماضى، وخلال اجتماع الحكومة، وافق مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن قواعد ونظام عمل لجان حصر المناطق التي بها أماكن مؤجرة لغرض السكنى.
وتضمنت المادة الأولى في مشروع القرار تعريف بعض الكلمات والعبارات في هذا القرار، وهي: الأماكن المؤجرة، والتي تعني الأماكن المؤجرة لغرض السكنى الخاضعة لأحكام القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بالإضافة إلى عبارة حالات تعارض المصالح، وهي الحالات التي يكون فيها رئيس لجنة الحصر، أو أحد أعضائها، أو أحد أقاربهم حتى الدرجة الأولى نسبا أو مصاهرة، مالكا أو مستأجرا، أو ممن امتد له عقد الإيجار في الحيز الجغرافي لعمل اللجنة، أو أن يثبت فيها أن لرئيس لجنة الحصر، أو أعضائها مصلحة مالية، أو تجارية، أو شخصية أخرى قد تتعارض مع المهام والالتزامات التي كُلف بها ضمن اللجنة المذكورة.
كما تضمنت المادة الأولى عبارة التقييم بنظام النقاط، وهو نظام يتم فيه تحديد درجة معينة لكل معيار من معايير وضوابط التقسيم الرئيسية، بالإضافة إلى كلمات المناطق المتميزة، وهي المناطق الحاصلة على درجات أكثر من 80 في درجات التقييم، والمناطق المتوسطة التي حصلت درجات إجمالية من 40 إلى 80 درجة، والمناطق الاقتصادية وهي المناطق الحاصلة على درجات إجمالية أقل من 40 في درجات التقييم بنظام النقاط.
ونصت المادة الثانية من مشروع القرار على أن يصدر المحافظ المختص قرارا بتشكيل لجنة حصر، أو أكثر، برئاسة أحد شاغلي الوظائف القيادية بالمحافظة، وعضوية فنية وقانونية من ذوي الخبرة والكفاءة، من بينهم ممثلون عن كل من وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والهيئة المصرية العامة للمساحة، ومصلحة الضرائب العقارية.
وتنص المادة الثالثة على أن تباشر اللجنة أعمالها يوميا عدا الإجازات والعطلات الرسمية، ولا يكون انعقادها صحيحا إلا بحضور أغلبية أعضائها.
وتلتزم لجان الحصر بإعداد محاضر ورقية باجتماعاتها على أن تتضمن بيانا تفصيليا ودقيقا لأعمالها، وفقا للمادة الرابعة.
ونصت المادة الخامسة على أن تتولى لجان الحصر تقسيم المناطق الكائن بها أماكن مؤجرة إلى مناطق (متميزة – متوسطة - اقتصادية)، على أن يراعى في التقسيم عددا من المعايير والضوابط تتمثل في الموقع الجغرافي ويشمل طبيعة المنطقة والشارع الكائن به العقار، كما يراعى مستوى البناء ونوعية مواد البناء المستخدمة ومتوسط مساحات الوحدات بالمنطقة، وكذا المرافق المتصلة بالعقارات بكل منطقة من مياه وكهرباء وغاز وتليفونات وغيرها من المرافق، بالإضافة إلى شبكة الطرق ووسائل المواصلات والخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية المتاحة.
كما تشمل المعايير القيمة الايجارية السنوية للعقارات المبنية الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنه 2008 الكائنة بالمنطقة.
ويتعين على هذه اللجان أن تنتهي من أعمالها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 164 لسنة 2025، ويصدر قرار من المحافظ المختص بما تنتهي إليه اللجان يتم نشره في الوقائع المصرية ويعلن بوحدات الإدارة المحلية في نطاق كل محافظة.
وأشار المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إلى أنه سيتم بدء تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم القواعد والشروط والإجراءات اللازمة في الحصول على وحدات بديلة تطبيقاً للمادة رقم 8 من القانون بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، في أول أكتوبر المقبل من خلال منصة إلكترونية أو مكاتب البريد على مستوى الجمهورية، ولمدة ٣ أشهر؛ حيث سيتمكن المواطنون عبر تلك المنصة من التقدم واستيفاء الطلبات وجميع الإجراءات المطلوبة للحصول على الوحدات البديلة.
كما أشار وزير الإسكان إلى أنه سيتم تقديم الطلب على المنصة الإلكترونية الموحدة، من خلال إنشاء حساب إلكتروني، يمكن من خلاله متابعة حالة الطلب، واستكمال المستندات عند الحاجة، وإدخال البيانات المطلوبة وفقًا للنموذج الإلكتروني للطلب والذي يحدد بصفة رئيسية الاختيار من إحدى الفئات.
وبالنسبة للوحدات السكنية: يكون التقديم من خلال المستأجر الأصلي الذي تحرر له عقد الإيجار من المالك أو المؤجر ابتداء، وكذلك زوجه الذي امتد إليه العقد قبل العمل بأحكام هذا القانون، والمستأجر الذي امتد إليه عقد الإيجار.
أما بالنسبة للوحدات غير السكنية: يتقدم المستأجر الأصلي أو من امتد إليه عقد الإيجار، كما يتضمن الطلب تحديد عنوان العقار وفقاً للتوزيع الجغرافي، ونظام التخصيص المطلوب (إيجار مدعوم / إيجار تمليكي / تمليك عن طريق التمويل العقاري)، وتحديد النطاق الجغرافي للوحدات المطلوب تخصيصها.
احصائيات الوحدات السكنية التى تخضع للقانون
وجاءت محافظة القاهرة في مقدمة المحافظات الأعلى فى الشقق المؤجرة بنظام القانون القديم، بعدد وحدات (1.099.426) مليون وحدة، وبنسبة 36%، والجيزة، بعدد وحدات (562.135) ألف وحدة، وبنسبة 19%، والإسكندرية، بعدد وحدات (269.403) ألف وحدة، وبنسبة 9%.
ووفق بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد الأسر بالوحدات الـمؤجرة إيجار قديم بتعداد عام 2017 (23.455.079) مليون أسرة، وإجمإلى عدد الأفراد (94.694.016) مليون فرد، فيما بلغ عدد الأسر التى تقيم فى وحدات مؤجرة إيجار قديم بتعداد 2017 (1.642.870) مليون أسرة، بواقع 7% من إجمإلى عدد الأسر، وبلغ عدد أفرد تلك الأسر (6.133.570) مليون فرد، بواقع 6.5% من إجمإلى عدد الأفراد، ويسكن 82% من هذه الأسر فى أربع محافظات، وتوزيع هذه الأسر كالآتي: "القاهرة، بعدد أسر (670,857) ألف أسرة، وبنسبة 41%، الجيزة، بعدد أسر (308,091) ألف أسرة، وبنسبة 18.7%، الإسكندرية، بعدد أسر (213,147) ألف أسرة، وبنسبة 12.9%، القليوبية، بعدد أسر (150,961) ألف أسرة، وبنسبة 9%.
ويوجد فى مصر نصف مليون وحدة سكنية بنظام الإيجار القديم مغلقة للسفر أو لوجود مسكن آخر، بخلاف 575 ألف وحدة تستخدم للعمل بدلًا من السكن، ونحو 21 ألف وحدة تحتاج لترميم أو صدر بحقها قرار إزالة.
شائعات حول القانون وشقق وسط البلد
وحسم المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والاتصال السياسي، الجدل المُثار على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بأن اهتمام الدولة والحكومة بالآنتهاء من مشروع قانون الإيجار القديم سببه رغبتها فى تطوير منطقة وسط البلد، أو وجود مستثمرين لتفريغ العمارات، وقال: «ننفى هذا الكلام، وما يُقال على السوشيال ميديا، يُرد عليه فى السوشيال ميديا، ولكن كلنا عارفين أن الإيجار القديم مشكلة مزمنة فى المجتمع المصري، وكافة الدول تعاملت معه وقامت بتصفيته".
وأكد فوزي، أن مجلس النواب تحلّى بالشجاعة والموضوعية فى التصدى لعدد من الملفات الشائكة، وفى مقدمتها ملف الإيجار القديم،ولم يكن لهذه الحكومة أو مجلس النواب دور فى صنع هذه المشكلة، بل صنعتها الظروف وتفاقمت على مدار عقود طويلة، مشيراً إلى أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها فى نوفمبر 2024 بعدم دستورية تثبيت الأجرة، والحكومة عملت على معالجة هذه الإشكالية ضمن مشروع القانون، بعد حوار مجتمعى شارك فيه الجميع، دون فرض آراء أو مصادرة على أحد، وبمراعاة التخصص والدقة، مؤكدا أن الحوار المجتمعى كشف عن الحاجة إلى إعادة النظر فى الفترة الآنتقالية، ما دفع الحكومة إلى الفصل بين الحالات السكنية وغير السكنية، وزيادة الفترة الآنتقالية للإيجارات السكنية إلى سبع سنوات بدلاً من خمس، بما يراعى البعد الاجتماعى للمستأجرين.
وشدد المستشار محمود فوزي، على أن الحكومة والبرلمان لا ينحازان إلى طرف دون آخر، وأن هذا المشروع لا ينحاز لا لمالك ولا لمستأجر. إنها مشكلة اجتماعية تراكمت لعقود طويلة، وكان لا بد من التصدى لها.