الأمراض تحارب السودانيين.. معارك السلاح وهجمات الأوبئة تثقلان كاهل القطاع الصحى المتهالك
الأحد، 24 أغسطس 2025 01:24 م
أصبح مشهد استهداف البنى التحتية والمنشآت الطبية فى السودان مألوفا، وهو ما أدى إلى انهيار كبير فى الخدمات الصحية المقدمة للمدنيين المحاصرين، وخاصة فى إقليمى دارفور وكردفان، اللذين يعانيان من تفش كبير لوباء الكوليرا القاتل.
انهيار الخدمات الصحية فى السودان، أدى لانتشار عدد من الأمراض والأوبئة، وأبرزها حمى الضنك والملاريا، والإسهالات المائية، والكوليرا الذى تحول لمصيدة موت لأرواح السودانيين، ويواصل حصد أرواح المدنيين، الذين ليس لديهم وصول للقاحات اللازمة خاصة فى المناطق المحاصرة، والتى تقع تحت سيطرة ميليشيا الدعم السريع.
شبكة أطباء السودان، وهى كيان مدنى مكون من عدد كبير من الأطباء السودانيين، حذرت فى تقرير سابق لها، من انهيار وشيك للقطاع الصحى فى ولايات دارفور وكردفان بشكل خاص، وأوضحت أن النزاع القائم بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع، دمر 90% من المرافق الطبية.
وفى مطلع يوليو الماضى، حذرت الشبكة من انهيار شبه شامل للنظام الصحى فى إقليم دارفور وولايات كردفان، وأكدت فى تقرير لها، أنه فى حال لم يتم التحرك الآن، فإن ما تبقى من النظام الصحى فى مناطق الصراع قد ينهار كليًا خلال أسابيع، مما سيعرض ملايين المدنيين للخطر، خصوصًا الأطفال والنساء وذوى الأمراض المزمنة.
ووثقت الشبكة، وقوع 136 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية منذ اندلاع الحرب فى 15 أبريل 2023 إلى نهاية العام، أسفر عن مقتل 238 شخصًا وإصابة 214 آخرين، فيما وقع 13 هجومًا على المنشآت الطبية خلال النصف الأول من عام 2024، مما أدى إلى مقتل 16 فردًا وإصابة 148 آخرين، وفقًا لمنظمة إنقاذ الطفولة.
وحذر التقرير من قرب الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية فى مواقع سيطرة الدعم السريع، بسبب استمرار خروج غالبية المرافق الطبية عن الخدمة، وتوقف المستشفيات، ونزوح آلاف الكوادر الطبية من البلاد.
وأوضح أن التقارير الميدانية الواردة من مختلف ولايات السودان تُشير إلى أن النظام الصحى يمر بأسوأ مراحله منذ بدء الصراع، حيث أصبحت معظم المناطق خارج التغطية الصحية الفعلية، فى ظل غياب شبه تام للخدمات الأساسية، ونقص حاد فى الإمدادات، وفقدان القدرة على الاستجابة للحالات الطارئة أو الأمراض المزمنة أو الوبائية.
ووفقًا للأرقام التى تم رصدها عبر فريق شبكة أطباء السودان من الميدان، فإن المرافق الصحية بولاية الخرطوم معطلة بنسبة تتراوح بين 75-85%، فيما تم تدمير أو إغلاق أكثر من 90% من المرافق الصحية فى بعض ولايات دارفور، خصوصًا فى غرب وجنوب وشمال دارفور.
وكشف التقرير عن تضرر مستشفيات وإغلاق ما يصل إلى 60% من المرافق الطبية بولاية الجزيرة، فى وسط السودان، بينما توقفت نصف المرافق أو خفّضت عملها بقدرة منخفضة جدًا فى ولايات كردفان، وأفاد التقرير بأن المرافق الصحية فى الولايات الشرقية تواجه ضغطًا هائلًا على البنية الصحية نتيجة للنزوح الواسع للمدنيين من مناطق النزاعات.
ومن جهة أخرى، يرزح النظام الصحى فى السودان، تحت وطأة انتشار كبير لعدد من الأوبئة أبرزها الكوليرا وحمى الضنك، وكشفت وزارة الصحة السودانية، تزايد انتشار أمراض الكوليرا وحمى الضنك والحصبة على نطاق واسع، وسط نقص فى الأدوية والمستلزمات الطبية.
إذ كشف تقرير حديث للأمم المتحدة، أنه وبعد عام واحد من بدء تفشى الكوليرا فى السودان، وصلت الكوليرا إلى كل ولايات السودان تقريبا، وأكدت الأمم المتحدة أنه منذ بداية 2025، تم الإبلاغ عما يقرب من 50 ألف إصابة وأكثر من ألف وفاة، مع معدل وفيات مرتفع يبلغ 2.2%، وهو ما يتجاوز عتبة 1% التى تشير إلى فعالية العلاج.
وأشارت الأمم المتحدة، أن الحالات بدأت فى الاستقرار والانخفاض فى بعض المناطق بما فيها الخرطوم، إلا أنها آخذة فى الارتفاع فى إقليم دارفور بشكل خاص، وتؤثر على دولة تشاد المجاورة.
ففى محلية طويلة بشمال دارفور، تضاعف عدد النازحين بمعدل أربع مرات من 200 ألف إلى 800 ألف، مما يضع ضغطا هائلا على أنظمة المياه والصرف الصحى، ويحصل الأشخاص على ما لا يزيد على 3 لترات من الماء يوميا فى المتوسط، للشرب، والطهى، والغسيل، والتنظيف.
وفى تشاد المجاورة، حيث تم الإبلاغ عن الحالة الأولى قبل ما يزيد قليلا عن شهر واحد، تم تسجيل ما يزيد قليلا على 500 حالة و30 وفاة فى كل من المخيمات والمجتمعات المضيفة فى محافظة ودّاى الحدودية.
ومن جهتها كشفت عزة الأزرق، السكرتير الأول بسفارة السودان فى القاهرة، فى تصريح خاص لـ«اليوم السابع»، أن فترة الحرب الأولى شهدت خروج ما يقرب من 70% من النظام الصحى عن العمل، وتوقف العملية التعليمية لأشهر طويلة منذ اندلاع الحرب فى 15 أبريل 2023، مشيرة إلى تحسن الأوضاع حاليا مع استعادة القوات المسلحة السودانية الأمن فى ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار ومناطق فى كردفان.
وفيما يخص الوضع الصحى، كشفت السكرتير الأول لسفارة السودان فى القاهرة، أن هذه الولايات قد عانت من تفشى الأوبئة والأمراض المعدية، كحمى الضنك والتهابات العيون، والكوليرا التى انحسرت بعد جهود وزارة الصحة وحكومة الولاية والتى اتخذت تدابير صحية وحملات تطعيم واسعة النطاق، وقد حصدت الكوليرا أرواح 2100 شخص فى الخرطوم، بينما تأكدت إصابة ما يفوق 83000 شخص بها حتى يونيو الماضى.
وكانت وزارة الصحة فى السودان، قد أكدت يوليو الماضى، ارتفاع حالات الكوليرا إلى 85,531 حالة، تتضمن 2,145 وفاة، فى 110 محليات تقع فى 17 من أصل 18 ولاية.