تضع الصناعة المصرية على الخريطة العالمية.. معرض تراثنا أهم خطوات الدولة لترويج المنتجات.. وإطلاق الاستيراتيجية الوطنية للحرف اليدوية لها مردود اقتصادي كبير
الأحد، 05 أكتوبر 2025 05:09 م
هبة جعفر
اشتهرت مصر، بالحرف اليدوية وصناعة الخزف والأواني الفخارية والملابس المطرزة يدويا والحلي..إلخ، وكانت جزء أساسيا من حياة المرأة المصرية، والتي ساهمت بشكل كبير، في صنع هوية المجتمع المصري وثقافته، وعبرت بشكل واضح عن كل بيئة تنتمي إليها، ففي سيوة والواحات، ازدهرت صناعة الأواني الفخارية المعتمدة علي الملح البلوري، وكذلك تطريز الملابس السيوية وصناعات الجريد، أما أسوان والنوبة، فقد عبرت سيداتها عن حبها للطبيعة، من خلال صناعات طبيعية تميزت بالطابع الأسواني، واستمدت جمالها من روح الحضارة المصرية القديمة.
الحرف اليدويه
ولم تكن الحرف اليدوية وصناعة الخزف مجرد هواية أو تعبير عن الثقافة، بقدر ما كانت جزء أساسي من الاستقرار الاقتصادي، فقد ساهمت في تحقيق الجودة والأصالة وزيادة الإنتاج، وأصبحت جزء أصيل من الثقافة المصرية، فحرص السائحين على اقتناء القطع المصنعة يدويا والاحتفاظ بها، لما تتمتع بيه من جودة وإبداع وأصالة، وتعبير عن الروح المصرية القديمة، لذا باتت قطاع إنتاجي يسهم في توفير فرص العمل وزيادة الدخل القومي وتعزيز الصادرات.

صناعه النسيج
ويعد هذا القطاع من أكثر المجالات قدرة على استيعاب العمالة، خاصة في القرى والمناطق الريفية، حيث تمثل الصناعات الصغيرة والحرفية مصدر رزق أساسي لآلاف الأسر، الأمر الذي دفع الدولة إلي إعادة تقديمها بصورة أفضل واكبر وبشكل منتظم، من خلال منح الدعم والتمويل والدراسات الحرف اليدوية الصغيرة في القري الريفية، ومساعدتهم علي الخروج بمشروعاتهم للنور وتطويرها، حتي تصل إلى منتج نهائي متقن يجمع بين الأصالة والحداثة، وبأدوات متطورة، تساهم في الوصول بالمنتجات المصرية إلى الأسواق العالمية.

صناعه الخزف
ومعرض تراثنا، يعتبر من أهم خطوات الدولة للترويج للمنتجات والحرف اليدوية والتراثية، والذي انطلق في 2020 ليستمر كل عام، حيث يروج للحرف التراثية والفنية، ويشجع على تبادل الخبرات بين الحرفيين من ناحية، وأيضًا الشباب الراغب في تعلم الحرف اليدوية للبدء في مشروعاتهم الخاصة، وذلك من خلال العروض الحية عن الحرف اليدوية داخل المعرض، للحفاظ على هذه المهن من الاندثار، ونشر الثقافة الفنية بين مختلف أجيال مصر.
وقال لدكتور عز حسانين، استاذ التمويل والخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ «صوت الأمة»: «عالميا، يبلغ حجم صناعة وسوق الحرف اليدوية تقريبا، 1.2 تريليون دولار، وتستحوذ منطقة أسيا والمحيط الهادي، بحصة تصل إلى 36%، من السوق العالمي حتي 2024، وإطلاق الاستيراتيجية الوطنية، للحرف اليدوية لها مردود اقتصادي كبير، حيث المبيعات للسياح الوافدين لمصر، وكذلك للتصدير مما يوفر مورد للعملة الأجنبية، ويخلق فرص عمل ويساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي، فالاستيراتيجية الوطنية للحرف اليدوية 2025 -2030، تستهدف الوصول إلى صادرات 450 مليون دولار، بالإضافة إلى المردود الاقتصادي، هناك أخر اجتماعي ثقافي، يخدم تعميق هوية الدولة وتراثها المتوارث جيل من بعد جيل».

صناعه الكليم
من جانبه قال الدكتور عز حسانين، استاذ التمويل والخبير الاقتصادي، إن الحرف اليدوية في مصر، قديمه قدم التاريخ المصري، كما تتميز بتنوع هائل في هذه الصناعة التراثية، التي تعكس عمق تاريخها وحضاراتها المختلفة.
وأوضح أن هذه الحرف، تتوزع عبر محافظات مصر المختلفه، حيث تختص كل منطقة بمنتجات فريدة، فعلي سبيل المثال نجد العريش تتميز بالسجاد والنسيج اليدوي والمشغولات، وقرية قراموص بالشرقية تشتهر بأوراق البردي، ومنطقة النوبة في أسوان، معروفة بالتطريز والفخار، وغيرهم الكثير من محافظات مصر المختلفه.
ابناء سيناء
وافتتح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فعاليات الدورة السابعة لمعرض المنتجات والحرف اليدوية والتراثية "تراثنا 2025"، واعلن عن إطلاق الاستراتيجية القومية للحرف اليدوية (2025–2030)، التي قام جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بإعدادها بالتعاون مع مختلف الوزارات والجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارات: التضامن الاجتماعي، والصناعة، والثقافة، والتنمية المحلية، وغيرها، وبمشاركة شركاء التنمية والخبراء والمتخصصين؛ تهدف لضمان تطوير هذا القطاع الحيوي وتعزيز قُدراته التنافسية محليًا وعالميًا.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن الاستراتيجية القومية للحرف اليدوية، جاءت استجابةً للتغيرات في أسواق التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، والتوجهات الجديدة للمشترين، وكذلك الالتزامات المتزايدة بمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية، كما تحرص الدولة على أن تتضمن تلك الاستراتيجية خطط عمل واضحة ومحددة، تحدد الأدوار والمسئوليات ومصادر التمويل ومؤشرات الأداء، بما يضمن التنفيذ الفعال والمتابعة والتقييم المستمر.

حرف النوبه
وتستهدف الاستراتيجية تحقيق أهداف طموحة، من بينها رفع قيمة صادراتنا من الحرف اليدوية إلى 600 مليون دولار بحلول عام 2030، مع زيادة حصة المنتجات اليدوية المصرية لتصل إلى 70% من السوق المحلية، بالإضافة إلى توفير 120 ألف فرصة عمل جديدة، مع الحفاظ على استدامة فرص العمل القائمة، فضلا عن تنمية 15 تكتلًا حرفيًا طبيعيًا على مستوى الجمهورية، علاوة على زيادة المشروعات الرسمية العاملة في القطاع بنسبة 10% سنويًا.

حرف سيناء
وتم إنشاء "لجنة التسيير المؤقتة"، برئاسة وزيرة التضامن الاجتماعي، وبعضوية الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات مقرراً للجنة ، وستبدأ اللجنة فورًا في متابعة خطط العمل خلال عام التأسيس 2025–2026، وصولًا إلى إنشاء "المجلس القومي للحرف اليدوية"، الذي سيقود هذا القطاع ويضعه في مكانته التي يستحقها.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن دعم الحرف اليدوية ليس فقط دعمًا للتراث، وإنما هو استثمار في مستقبل أبنائنا، وفي اقتصاد وطني متنوع ومستدام، داعيا الجميع – من مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني – إلى المساهمة الفعالة في إنجاح هذه الاستراتيجية؛ ليظل تراثنا حيًا نابضًا، وليظل الإبداع المصري حاضرًا في كل بيت داخل مصر وخارجها.