6 أكتوبر.. أبطال الظل من "الهجان" إلى "مروان"!

الثلاثاء، 07 أكتوبر 2025 08:23 م
6 أكتوبر.. أبطال الظل من "الهجان" إلى "مروان"!

«حبيبتي فالتراود، عندما تقرأين هذه الكلمات سيكون قد مضى وقت طويل منذ أن تركتكم، ربما تكونين الآن قادرة على قبول الحقيقة، أعرف قسوة الألم الذي تشعرين به، لن تعرفي ما كنت أعانيه من عذاب، بسبب كذبة اضطررت أن أعيشها، أرجوكِ لا تستبقي الحكم عليَّ، فأنتِ تعلمين أنني لم أحب أحداً أبداً أكثر منكِ». العبارات السابقة من مذكرات رفعت على سليمان الجمال أو "رأفت الهجان" خطها بيده كدليل على كونه ليس يهوديا بل مصريا ومسلما.
 
ضحى "الهجان" بهويته المصرية وأخفى ديانته، وعانى نفسيا وهو يعيش فى دور رجل الأعمال اليهودي جاك بيتون الذي تخفى خلف شركة سياحية إسرائيلية، وخلال سنوات كثيرة وعمليات معقدة وتجنيد لعناصر قريبة من الجيش الإسرائيلي ومجتمع المال والأعمال والسياسة داخل تل أبيب استطاع نقل خرائط مُفصلة لخطّ بارليف العائق المنيع من وجهة نظر الجيش الإسرائيلي وقتها، إلى القيادة المصرية التى درست كل تفصيله بشأنه قبل اتخاذ قرار العبور فى 6 أكتوبر 1973.
 
وسارع الموساد إلى الترويج إلى رواية تزعم أن "الهجان" كان عميلا مزدوجا وهى الفرضية التى رد عليها محمد نسيم، أحد أبرز ضباط المُخابرات المصرية بقوله : «تتحرك إسرائيل كردّ فعل لما أحدثه نشر قصة رأفت الهجان، ذلك البطل المصري الرفيع الكفاءة والمستوى، الذي عاش في إسرائيل 20 سنة دون أن يفتضح أمره، إلا بعد إذاعة المخابرات المصرية للقصة بنفسها" يواصل: "ولو كان الهجان عميلاً مزدوجاً كما يدعون، فلماذا ظلَّ في إسرائيل؟ ولماذا لم ينتقل للإقامة في مصر أو في إحدى الدول العربية؟ كيف يكون عميلًا للموساد وهو يعيش في إسرائيل؟".
 
تضحية "الهجان" هى ذاتها تضحية العميل المصري أشرف مروان "الملاك" مع اختلاف الملابسات والتفاصيل، ومع ذلك فقد طالت أقلام عديدة سمعة الرجل - البطل- بعد رحيله واتهموه بالعميل المزدوج تارة، وباستغلال قربه من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تارة  أخرى إذ كان زوج إبنته لبيع معلومات حساسة إلى الجانب الإسرائيلي، مقابل أموال طائلة تحصل عليها وهو الدور الذى أستمر بعد رحيل "ناصر" إذ عمل "مروان " مديرا لمكتب الرئيس الراحل محمد أنور السادات!
 
ولأن الزمن كفيل بكشف الحقائق فقد فضحت وثائق أفرجت عنها إسرائيل بشأن حرب أكتوبر 1973 وبعد مرور 52 عاما على اندلاعها تفاصيل خطة الخداع التي مارسها أشرف مروان تجاه جهاز الموساد والتلاعب بالحكومة الإسرائيلية برئاسة جولدا مائير حول موعد اندلاع الحرب والاستعدادات المصرية.
 
واعترفت إسرائيل بدور أشرف مروان البطولي إذ قالت صحيفة يديعوت أحرونوت أن أشرف مروان المعروف بـ "الملاك" لعب دورا محوريا في خداع إسرائيل خلال سنوات طويلة، مؤكدة أن "مروان"  لم يكن أفضل جاسوس إسرائيلي على الإطلاق، بل كان رأس حربة خطة خداع تحضيرًا لهجوم "يوم الغفران" في أكتوبر 1973، لافتة إلى نشرها عدة وثائق من آلاف الصفحات في الملفات السرية للرجل الذي تلاعب بالموساد ودولة إسرائيل بأكملها.وأكدت الصحيفة أن رئيس الموساد "كان مستدرجًا كالأبله من قبل أشرف مروان".
 
 الجنرال شلومو جازيت، رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، وخلال شهادة نشرت بعد رحيله قال: "كان مروان مُغروسًا في أعماق الاستخبارات الإسرائيلية، يغوي رئيس الموساد زامير ببراعة، ويتلاعب به كما يشاء، كان هو المحرك الرئيسي في خطة الخداع المصرية".
 
تحية إلى أبطال الظل، الذين خدعوا العدو ومهدوا لحرب 6 أكتوبر العظيمة التى استرجعت الأرض ولقنت الجيش الإسرائيلي درسا لن ينساه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق