إطفاء نيران الحرب

السبت، 18 أكتوبر 2025 08:00 م
إطفاء نيران الحرب
محمود على

 

اتفاق شرم الشيخ تأكيد على مكانة مصر كقوة إقليمية قادرة على فرض كلمتها وقدرتها في جمع الأطراف على مائدة واحدة

وثيقة السلام تتجاوز الاتفاقات التقليدية وأغلقت فصل مؤلم من تاريخ الشرق الأوسط والعالم فقدت فيه البشرية الكثير من إنسانيتها

الرئيس السيسى وضع تصور استراتيجي شامل لإعادة بناء الثقة وتحقيق الاستقرار الدائم بضمانات لاستعادة حياة الشعب الفلسطيني بشكل طبيعي

ترامب: من هذه اللحظة فصاعدًا يمكننا بناء وفاق دائم وصلب وأن نؤسس منطقة قوية موحدة في رفض طريق الإرهاب

 

 

من أرض مصر، وكما أعتاد العالم دوماً، أشرقت من جديد شمس السلام على الشرق الأوسط، حاملةً معها بشائر الأمن والطمأنينة للأشقاء الفلسطينيين، بحدث تاريخى، استضافته مدينة شرم الشيخ الأثنين الماضى، وهو بتوقيع الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على وثيقة شاملة للاتفاق بين حركة حماس وإسرائيل، خلال "قمة شرم الشيخ للسلام"، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي، لتُفتح صفحةٌ جديدة في الإقليم بتعهداتٍ دوليةٍ تؤكد أن القادم أمانٌ واستقرارٌ لا حروبَ ولا دمار، وتزيد أمال وطموحات الأشقاء بقرب حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

على رمال سيناء التى شهدت حروباً في الماضى، واليوم تسطر تاريخاً جديداً من السلام، اجتمع قادةُ العالم، في مشهدٍ تاريخيٍ جسّد وحدةَ الإرادة الدولية وعزمَها على إرساء سلامٍ شاملٍ في الشرق الأوسط، يضع حدًّا للعدوان الإسرائيلي ويؤسس لمرحلةٍ جديدة من إعادة إعمار قطاع غزة، تحت رعايةٍ وضمانٍ دوليين، يرسّخان أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، ليعلنوا أطفاء نيران الحرب على غزة، والتي استمرت لسنتين عصيبتين على الشعب الفلسطيني.

"السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب.. وأقول للشعب الإسرائيلي: مدوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة".. رسالة قوية، بعث بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الإسرائيليين والعالم أجمع، من على منصة "قمة شرم الشيخ للسلام". رسالة جاءت لتعيد التأكيد على ثوابت الدولة المصرية وتصور القاهرة الاستراتيجي لتحقيق السلام العادل، انطلاقًا من أن السلام سيظل خيار مصر الاستراتيجي، وداعيًا إلى المضي قدمًا في إعادة إعمار قطاع غزة باستضافة مؤتمر "التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية" في نوفمبر المقبل.

ما قاله الرئيس السيسى امام قمة شرم الشيخ للسلام، هو امتداد لنهج الدولة المصرية التي "دشنت مسار السلام في الشرق الأوسط قبل ما يقارب نصف قرن، وتحديداً في نوفمبر عام 1977، عندما أقدم الرئيس أنور السادات - رحمه الله – بخطى ثابتة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، وبادر بزيارة تاريخية إلى القدس"، لتبقى مصر على مر العقود الماضية حاملة لرسالة السلام العادل والدائم، وساعية إلى تحقيق أمن واستقرار المنطقة بأسرها.

وكان لافتاً أن القمة كانت تعبير عن الانتقال من الاستقرار الهش المؤقت إلى الاستدامة، فقد تجاوزت القمة الاتفاقات التقليدية، التي تمحورت حول وقف إطلاق النار بين الاحتلال والفصائل، سواء شكلا، في ظل الحضور الطاغي لقادة وزعماء العالم، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي ترأس القمة جنبا إلى جنب مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو مضمونا، في ضوء كونها تضع حدا فاصلا، تتلاشى أمامه دعوات مشبوهة دعت إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، والفصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أن القمة أعادت ضخ الروح مرة أخرى في شرايين السلطة الفلسطينية، التي حضر رئيسها محمود عباس أبو مازن، ودخل في حوار مع ترامب، منهياً خلافاً كان من نتائجه رفض واشنطن منح أبو مازن تأشيرة الدخول لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر الماضى.

وعقب انتهاء القمة، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً قالت خلاله إنه في إطار تكريس مسار السلام في الشرق الأوسط من خلال إنهاء الحرب في غزة والتوصل لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية، وبناء على مبادرة مصرية أمريكية، استضافت مصر ١٣ أكتوبر 2025 "قمة شرم الشيخ للسلام"، والتي رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وشارك فيها رؤساء دول وحكومات الأردن، قطر، الكويت، البحرين، تركيا، إندونيسيا، أذربيجان، فرنسا، قبرص، ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، أسبانيا، اليونان، أرمينيا، المجر، باكستان، كندا، النرويج، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، السعودية، اليابان، هولندا، وبارجواي، والهند، بالإضافة إلى كل من سكرتير عام الأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيس المجلس الأوروبي، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، ورئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق، وتركزت أعمال القمة على التأييد والدعم المطلق لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة، والذي تم إبرامه يوم 9 أكتوبر، وبوساطة كل من مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا.

وأشار البيان إلى الإشادة خلال القمة بقيادة ترامب لجهود إنهاء الحرب من خلال خطته للتسوية، وبالدور المحوري الذي قام به الأشقاء في كل من قطر وتركيا في جهود الوساطة، وقد ثمن القادة المشاركون دور مصر، تحت رعاية الرئيس السيسى، في قيادة وتنسيق جهود العمل الإنساني منذ بداية الأزمة، وفي الوساطة إلى أن تم التوصل لاتفاق شرم الشيخ، وأشادوا بالجهود المصرية لعقد القمة، وتناولت القمة أهمية التعاون بين أطراف المجتمع الدولي لتوفير كل السبل من أجل متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استمراريته، بما في ذلك وقف الحرب في غزة بصورة شاملة، والانتهاء من عملية تبادل الرهائن والأسرى، والانسحاب الإسرائيلي، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة. وقد شهدت القمة في هذا السياق مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم الاتفاق.

تم كذلك التشديد على ضرورة البدء في التشاور حول سُبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة لخطة الرئيس ترامب للتسوية، بدءاً من المسائل المتعلقة بالحوكمة وتوفير الأمن، وإعادة إعمار قطاع غزة، وانتهاء بالمسار السياسي للتسوية.

وتقدمت مصر بالشكر والتقدير للقادة الذين شاركوا في القمة، كما رحبت بالمشاركة رفيعة المستوى التي عكست الدعم الدولي الواضح لجهود إنهاء الحرب، وستستمر مصر في التعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين من أجل إغلاق هذا الفصل المؤلم من تاريخ الشرق الأوسط والعالم، والذي فقدت فيه البشرية الكثير من إنسانيتها، وفقدت فيه المنظومة الدولية القائمة على القواعد الكثير من مصداقيتها، وفقدت فيه الشعوب في المنطقة الشعور بالأمان.

وأضاف البيان: تؤكد مصر التي غرست نبتة السلام في المنطقة منذ حوالي نصف قرن، أنها لن تألو جهداً للحفاظ على الأفق الجديد الذي ولد بمدينة السلام في شرم الشيخ، وسنواصل العمل على معالجة جذور عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى رأسها غياب التسوية للقضية الفلسطينية، وصولاً لتحقيق السلام الشامل والعادل.. لقد عانى الشعب الفلسطيني كما لم يعان شعب آخر على مدار التاريخ الحديث، وتمكن هذا الشعب الشقيق من الصمود والثبات رغم التحديات الجسيمة، وستظل مصر سنداً له، وداعمة لهذا الصمود، ولحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف بما في ذلك حق تقرير المصير، ولحقه في العيش بأمان وسلام، مثله كمثل باقي شعوب العالم، في دولة مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، وعلى أرضه بغزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، تحت قيادته الشرعية وعلى الخطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وفقًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وأنهت رئاسة الجمهورية بيانها بقولها: تتطلع مصر لتحقيق السلام، وستتعاون مع الجميع، لبناء شرق أوسط خال من النزاعات، شرق أوسط يتم بناؤه على العدالة والمساواة في الحقوق، وعلى علاقات حسن الجوار والتعايش السلمي بين جميع شعوبه بلا استثناء.

وفى كلمته بعد توقيع اتفاق إنهاء الحرب على قطاع غزة، أكد الرئيس السيسي أن اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة يغلق صفحة أليمة في تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ويمنح شعوب المنطقة، التي أنهكتها الصراعات، غداً أفضل، مشيراً إلى "اللحظة التاريخية الفارقة التي شهدنا فيها معا التوصل لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة، وميلاد بارقة الأمل في أن يغلق هذا الاتفاق صفحة أليمة في تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ويمنح شعوب المنطقة، التي أنهكتها الصراعات، غداً أفضل"، مؤكداً دعم مصر وتطلعها لتنفيذ خطة ترامب بما يخلق الأفق السياسي اللازم لتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في طي صفحة الصراع والعيش بأمان.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إننا عملنا بكل جهد للوصول إلى هذا اليوم، مبينا أن الأهم ما حققناه معًا سيبقى في الذاكرة إلى الأبد ويكون أمرًا تاريخيًا، وأكمل بقوله: المهم أننا هنا للاحتفال بأكثر من نهاية الحرب في غزة، فبعون الله ستكون هذه بداية قفزة كبيرة في تحقيق السلام والازدهار للشرق الأوسط بأكمله، ومن هذه اللحظة فصاعدًا يمكننا بناء وفاق دائم وصلب وأن نؤسس منطقة قوية موحدة في رفض طريق الإرهاب جملة وتفصيلًا وإلى الأبد، نود التخلص من الإرهاب وأن نبدأ في النظر في أمور أهم.

ولفت ترامب إلى مجلس السلام، وقال إن سلام الشرق الأوسط يستحق التضحية بالوقت، موضحاً أنه سيعمل على توسعة المجلس، وقال إنه بالنسبة لسكان غزة، يجب أن ينصب تركيزهم على استعادة أساسيات الحياة الجديدة. سيكون هناك الكثير من المال يتدفق لإعادة البناء، التطهير أولًا ثم إعادة البناء، لافتاً إلى أن "العديد من البلدان ذات الثروة والقوة والعزة تواصلت معي على مدار الأسبوع الماضي قائلة إنها تريد المساعدة في إعادة إعمار غزة وتقديم كل ما هو ضروري من أموال".

وأضاف: اتفقنا جميعًا على أن دعم غزة يجب استخدام الدعم المقدم لغزة لرفع مستوى شعب غزة، وليس لتمويل إراقة الدماء والكراهية والإرهاب كما حدث في الماضي، ولهذا السبب نفسه اتفقنا أيضًا على أن إعادة إعمار غزة تتطلب أن تكون منزوعة السلاح، وأن يكون هناك سماح لقوة شرطة مدنية جديدة ونزيهة يسمح لها باستعادة الأمن والسلامة لشعب غزة. وكما قلت سابقًا، أعتزم أن أكون شريكًا في تأمين هذا المستقبل الأفضل، ولهذا السبب ستعملون مع الولايات المتحدة، وأن يكون الشرق الأوسط مكانًا آمنًا.

وعلى هامش القمة، شارك الرئيس السيسي، في ضم ملك الأردن، ورئيسي فرنسا، وتركيا، وأمير دولة قطر، والمستشار الألماني، ورؤساء وزراء إيطاليا، والمملكة المتحدة، وكندا، ووزير خارجية المملكة العربية السعودية، بهدف التنسيق بين الدول المشاركة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، بما في ذلك جهود إعادة الإعمار، وتقديم المساعدات الإنسانية، حيث أكد الرئيس السيسى، على أهمية عقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في نوفمبر ٢٠٢٥، والبناء على الزخم الذي ولدته قمة شرم الشيخ للسلام.

كما أكد الرئيس السيسى على أهمية قيام الدول الأوروبية بتشجيع كافة الأطراف المعنية على تنفيذ اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، مشيراً إلى أن مصر والأردن يدربان عدداً من أفراد الشرطة الفلسطينية، وأنه من الهام قيام الدول الأوروبية بتقديم الدعم لمصر والأردن في هذا الصدد لمواصلة التدريب وتوسيع نطاقه.

وأكدت الدول المشاركة على أهمية توجيه المساعدات الإنسانية بكميات كافية لقطاع غزة، وضرورة إزالة الركام، وإنشاء آلية للتنسيق فيما بين الدول المشاركة في قمة اليوم للاتفاق على الخطوات المحددة التي سوف يتم اتخاذها تنفيذاً لأهداف هذه المجموعة من الدول.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، والقاهرة تئن بأوجاع أهالي قطاع غزة، وتسعى جاهدة على مدى عامين كاملين، لوقف آلة الحرب الغاشمة في القطاع، والتي أودت خلال تلك الفترة بحسب تقديرات وزارة الصحة في غزة، بحياة أكثر من 67 ألف شهيد، من بينهم عشرات الآلاف من الطفال والنساء، وخلفت أكثر من 170 ألف مصاب، وشاء القدر أن يكون شهر أكتوبر 2025، وهو شهر النصر والعزة للشعب المصري العظيم، أن يكون شاهدا هو الآخر، على نجاح الجهود المصرية بالتنسيق مع الوسطاء الدوليين، في وقف الحرب على قطاع غزة، وإعطاء قبلة الحياة للشعب الفلسطيني الأعزل.

فعلى مدى 733 يوما منذ بداية الحرب على غرة، لم تتوقف مصر لحظة واحدة عن مساعدة ودعم الأشقاء في القطاع، سواء من خلال محاولة الوصول إلى اتفاق سياسي ينهي معاناتهم الإنسانية، أو من خلال إدخال المساعدات المتنوعة عبر قوافل الهلال الأحمر المصري، ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعرضت لمضايقات عدة من الجانب الإسرائيلي لوقفها؛ وذلك انطلاقا من إيمان الرئيس عبدالفتاح السيسي بعدالة القضية الفلسطينية، وكونها قضية العرب المركزية، حيث أكد أكثر من مرة أن السلام هو الحل الوحيد لضمان التعايش الآمن بين شعوب المنطقة، وأن التصعيد والعنف والدمار يؤدون إلى دفع المنطقة نحو حافة الهاوية وزيادة المخاطر سواء إقليمياً أو دولياً.

وكانت أولى لبنات الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، هى إصرار الرئيس السيسي على رفض "التهجير القسري" للشعب الفلسطيني، رغم حجم الضغوط والتحديات التي تم ممارستها على الدولة المصرية في ذلك الاتجاه، إلا أن الرئيس السيسي وقف ضد هذا المخطط بثبات ووطنية وإخلاص، إيمانا منه بأن ذلك التهجير من شأنه تصفية القضية الفلسطينية من جذورها، وإيمانه بحق الشعب الفلسطيني في حل عادل يحفظ له حقوقه التاريخية، ويضمن له إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الاشتباكات في قطاع غزة.. وجه الرئيس السيسي، بتكثيف الاتصالات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك مع جميع الأطراف المعنية بشكل مباشر، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية، لوقف آلة الحرب الغاشمة في قطاع غزة، حيث شاركت مصر بفاعلية في مختلف الاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تناقش القضية الفلسطينية، ودعت مراراً وتكراراً لحل عادل للصراع، وضرورة إقناع الدول الداعمة لإسرائيل، بالضغط عليها لوقف عدوانها على غزة.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على مدى العامين الماضيين، لم تغلق مصر معبر رفح لحظة واحدة؛ لضمان دخول المساعدات إلى أهالي القطاع، والتي توقفت لفترات بسبب إغلاق سلطات الاحتلال للمعبر من الجانب الفلسطيني عقب احتلاله من قِبل آلة القتل الإسرائيلية، وهو ما جرى تعويضه بشكل آخر من خلال عمليات الإسقاط الجوي لعشرات الأطنان من المساعدات بالمناطق التي يصعب الوصول إليها داخل قطاع غزة، بالتعاون مع عدد من دول المنطقة، في محاولة لمسح دموع وآلام الأطفال والنساء جراء الحرب الغاشمة.

وعلى المستوى الميداني، واصلت مصر دورها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية؛ حيث استقبلت بتوجيهات مباشرة من الرئيس الأب عبدالفتاح السيسي، العشرات من الأطفال المبتسرين، بالإضافة إلى استقبال عشرات الآلاف من مختلف الأعمار، وتقديم مختلف أوجه الرعاية الطبية اللازمة لهم بمختلف التخصصات.

وعل المستوى السياسى، بذلت مصر جهودًا كبيرة ولعبت دور الوسيط في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس؛ بهدف التوصل إلى صفقة من شأنها وضع حد للحرب وما خلّفته من مأسٍ، وشهدت المفاوضات خلال الفترات الماضية جولات سلبية وإيجابية، بل وشبه توقفت لفترة عقب العدوان الإسرائيلي على قطر، في إطار استهداف مجموعة من قادة حركة حماس في اجتماع لهم بالدوحة، حتى توجت تلك الجهود بالموافقة على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واتفاق وقف إطلاق النار في مباحثات شرم الشيخ، والتي كان للوسيط والمفاوض المصري دور حاسم خلالها، بالإضافة إلى الوسطاء الآخرين، وهو ما أكده المبعوث الخاص الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، خلال لقائه أمس بالرئيس عبدالفتاح السيسي.

ويأتي نجاح الجهود المصرية، بمشاركة الوسطاء الآخرين في تقريب وجهات النظر بين حركة حماس، والجانب الإسرائيلي خلال مباحثات شرم الشيخ؛ ليكتب فصلا جديدا في التاريخ المشرف لمدرسة الدبلوماسية المصرية، وشاهدا تاريخيا على أن القاهرة كانت وستظل الداعم الأول والحارس الأمين للقضية الفلسطينية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق