في ذكرى «ملحمة الواحات».. يوم كتب أبطال الشرطة سطورًا من نور ومهدوا الطريق للقضاء على الجماعات الإرهابية
الإثنين، 20 أكتوبر 2025 12:13 م
في مثل هذا اليوم من عام 2017، سطّر رجال الشرطة واحدة من أعظم صفحات البطولة في تاريخ المواجهة مع الإرهاب، عندما تصدّوا ببسالة لمجموعة إرهابية شديدة التسليح في منطقة الواحات بالصحراء الغربية.
ورغم قسوة المعركة وصعوبة تضاريس المكان، فإن الشجاعة النادرة التي أبداها أبطال الشرطة ستظل محفورة في الذاكرة الوطنية، رمزًا للفداء والإصرار على حماية الوطن ودحر الإرهاب.
بداية المهمة
في 20 أكتوبر 2017، انطلقت قوة أمنية من قطاع الأمن الوطني وقوات العمليات الخاصة بناءً على معلومات عن وجود وكر إرهابي في منطقة نائية بالكيلو 135 بطريق الواحات البحرية، وكانت المهمة شديدة الصعوبة؛ فالموقع بعيد، والتضاريس وعرة، والظروف الجوية قاسية، لكن الإيمان بالواجب الوطني كان أقوى من كل التحديات.
وأثناء تقدم القوة نحو الهدف، وقعت في كمين غادر أعدّه الإرهابيون مستغلين طبيعة المنطقة المعزولة وتسليحهم الثقيل، ورغم التفوق العددي والتسليحي للعناصر الإرهابية، صمد رجال الشرطة ببسالة نادرة، خاضوا المعركة حتى آخر طلقة، ورفضوا التراجع أو الاستسلام، وسقط منهم عدد من الشهداء الأبطال الذين قدّموا أرواحهم فداءً لمصر.
تحوّلت ملحمة الواحات منذ ذلك اليوم إلى رمز للتضحية ورسالة واضحة بأن مصر لا تفرّط في أمنها ولا تستسلم للإرهاب، فقد كشفت الحادثة عن المعدن الحقيقي لرجال الشرطة الذين جسّدوا معنى البطولة والإخلاص في أبهى صورها.
ويرى خبراء أمنيون أن المعركة مثّلت نقطة تحول مهمة في استراتيجية الدولة لمكافحة الإرهاب.
يقول اللواء دكتور أحمد كساب، الخبير الأمني، إن ملحمة الواحات كانت بداية مرحلة جديدة من العمل الأمني تتسم بالدقة والاحترافية، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية قدّمت الشهداء لكنها في الوقت نفسه وضعت حدًا لخطر الإرهاب ومهّدت طريق الاستقرار.
ويضيف الخبير الأمني اللواء دكتور علاء عبد المجيد، أن رجال الشرطة الذين واجهوا العناصر الإرهابية في الواحات أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، فالمعركة كانت ضد تنظيم مسلح تسليحًا متطورًا وفي منطقة جغرافية صعبة، ولا يخوض مثل هذه المواجهة إلا رجال مؤمنون برسالتهم حتى النهاية.
وأكد أن دماء الشهداء لم تذهب هدرًا، بل كانت الشرارة التي أطلقت سلسلة من الضربات الاستباقية الناجحة، أسفرت عن القضاء على العديد من الخلايا الإرهابية ومنعت تنفيذ عمليات كانت تستهدف أمن الوطن.
مهدت معركة الواحات الطريق أمام ضربات قوية للإرهاب في سيناء والصحراء الغربية وغيرها من المناطق، وأثبتت أن الدولة المصرية قادرة على الصمود والمواجهة.
وبعد مرور ثمانية أعوام، لا تزال ذكرى الشهداء خالدة في وجدان المصريين، وأسماؤهم منقوشة في ذاكرة الوطن الذي لن ينسى من ضحّى من أجله.
تظل قصصهم حية في قلوب أسرهم وزملائهم الذين يواصلون أداء الواجب بروح لا تعرف الخوف.
وفي كل عام، تعود ذكرى ملحمة الواحات لتؤكد أن الاستقرار الذي تنعم به مصر اليوم لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة تضحيات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وواجهوا الموت من أجل أن تبقى مصر آمنة مرفوعة الرأس.