تعرض كريستيز لوحة الفتاة ذات العيون الخضراء (نسخة طبق الأصل) هذا العام، وهي تحفة فنية أعيد اكتشافها للفنان المصري الرائد محمود سعيد، وقد أسر موضوعها الغامض ومصدرها المعقد الباحثين والجامعين على حد سواء.
وكان من المقرر في البداية عرضها في كريستيز دبي في أكتوبر 2007، ولكن تم سحب اللوحة عن طريق الخطأ بسبب الخلط بينها وبين اللوحة الأصلية الفتاة ذات العيون الخضراء (1931)، والتي كانت لفترة طويلة جزءًا من متحف الفن الحديث في القاهرة.أما النسخة المقلدة لعام 1932، والتي كانت ذات يوم ضمن مجموعة تشارلز تيراس، أول مدير للمتحف، فقد تم التحقق من صحتها بشكل قاطع بعد نشر كتالوج سعيد عام 2017، مما حل غموضًا تاريخيًا فنيًا دام عقدًا من الزمان، وهكذا عُرضت لأول مرة في كريستيز لندن عام 2017 (بلغ السعر الذي تم تحقيقه: 175000 جنيه إسترليني).
رُسمت لوحة "الفتاة ذات العيون الخضراء" (نسخة طبق الأصل)،خلال فترة محورية في أعمال سعيد الشخصية في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، وتُجسد النموذج الأصلي للمرأة "المحمود السعيدية" حسية، غامضة، ومُركبة بمزيج من السمات المصرية والمتوسطية الهجينة.
بعينيها الخضراوين اللوزيتين، وشعرها الكستنائي، وبنيتها الجسدية المنمقة، تتجاوز هذه الشخصية فرديتها لتصبح رمزًا للجمال الأنثوي المصري، مشوبًا بغموض مقصود، بتجريدها للموضوع من اسمه المحدد، يُعمم سعيد حضورها، مانحًا إياها هالة من الإغراء والغموض الخالدين اللذين يتكرران في جميع أعماله، في أعمال مثل " دعوة إلى السفر" (1932)، و "حمامات في قاع البحر " (1932)، و "جميلات البحار" (1935) جماليًا وتاريخيًا، تحتل "الفتاة ذات العيون الخضراء" (نسخة طبق الأصل) مكانة حيوية في إرث محمود سعيد، فهي لا تمثل مجرد تكرار للشكل، بل هي فعل واعي للحفاظ على موضوع، ومشاعر، ويد رسام في أوج عطائها.
