تثبيت التهدئة والإعمار.. القاهرة تحشد دولياً للتنفيذ الكامل لأتفاق شرم الشيخ والبدء في إعادة إعمار غزة

السبت، 25 أكتوبر 2025 10:30 م
تثبيت التهدئة والإعمار.. القاهرة تحشد دولياً للتنفيذ الكامل لأتفاق شرم الشيخ والبدء في إعادة إعمار غزة
محمود علي

شهدت المنطقة على مدار الأسبوع الماضى، حراك مصري نشط، بالتوازى مع تحركات من الوسطاء الأمريكيين والقطرين لتثبيت أتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة، وبدء المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ففي الوقت الذى استضافت القاهرة وفداً من حركة حماس برئاسة خليل الحية، أجرى رئيس المخابرات العامة المصرية، الثلاثاء الماضى، عددا من الاجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين، لمناقشة تثبيت وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وإدخال المساعدات، وتذليل العقبات التى تواجه تنفيذ مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما التقى رئيس المخابرات العامة المصرية المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي يزور إسرائيل، وذكرت قناة القاهرة الإخبارية، نقلا عن وكالة رويترز للأنباء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عقد اجتماعًا مع رئيس المخابرات العامة المصرية، تناول دفع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدمًا، إلى جانب مناقشة العلاقات بين مصر وإسرائيل، وسبل تعزيز السلام والتعاون بين الجانبين. 

في الوقت نفسه تواصلت الزيارات الأمريكية المكثفة إلى إسرائيل، بعدما أنضم وزير الخارجية ماركو روبيو، إلى نائب الرئيس جيه دى فانس، لمتابعة تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب على غزة، مع تكثيف واشنطن ضغوطها لتثبيت الهدنة وتشكيل قوة دولية تحل محل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، افتتاح مركز التنسيق المدنى العسكرى فى إسرائيل، ليكون المركز الرئيسى لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتنسيق المساعدات إلى غزة، وقال قائد "سنتكوم" براد كوبر إن المركز يضم قاعة عمليات تتيح للطاقم تقييم التطورات فى غزة لحظة بلحظة لضمان استقرار القطاع.

على جانب آخر، تبنى اللجنة المصرية لإغاثة أهالى قطاع غزة المخيم العاشر لإيواء النازحين الفلسطينيين داخل القطاع، وذلك في إطار الجهود المبذولة من الدولة المصرية لتعزيز أبناء الشعب الفلسطينى على أرضهم وإجهاض أى خطط للتهجير حيث خصصت اللجنة عشرات الشاحنات والحافلات، لنقل العائلات الفلسطينية التى نزحت خلال الحرب الأخيرة من مناطقها فى شمال غزة إلى مناطق الإيواء فى الجنوب، وذلك فى إطار الجهود المصرية المستمرة لإعادة تطبيع الحياة داخل القطاع.

وتواصل القاهرة من جهتها حشد الدعم الدولى لإعمار غزة، ففي نوفمبر المقبل، تستضيف القاهرة مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار قطاع غزة، وبموازة ذلك، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى، الشعب المصري إلى المساهمة الفاعلة في جهود الإعمار، تعبيرًا عن التضامن والمسؤولية والمحبة تجاه الأشقاء الفلسطينيين، وكلف رئيس مجلس الوزراء بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنية بالدولة لدراسة إنشاء آلية وطنية لجمع مساهمات وتبرعات المواطنين في إطار تمويل عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

وأكد الرئيس السيسى، أن الهدف لم يتغير منذ اللحظة الأولى، "من أول يوم كان هدفنا إدخال المساعدات ووقف القتال وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين"، مشددا على أن التحرك المصري كان دائماً من منطلق إنساني ومسؤول تجاه الشعب الفلسطيني وتجاه استقرار المنطقة، وقال الرئيس السيسي: "لقد حاولنا خلال العامين الماضيين وقف الحرب في غزة، ولم تتوقف جهودنا، واستمرت إرادتنا بنفس العزم، واستمرت اتصالاتنا مع كل دول العالم والمعنية بايقاف الحرب في غزة، وأنه بفضل الله تم في أكتوبر الحالي إيقاف الحرب، وشاهدنا فعاليات مؤتمر السلام في شرم الشيخ لإيقاف الحرب في غزة"، موجهاً التحية والتقدير والاحترام للرئيس الامريكي دونالد ترامب، مؤكدا أنه كان لدينا يقين أنه قادر على إيقاف الحرب في غزة وإحلال السلام في المنطقة بإرادته وعزيمته القوية وكان تقديرنا في محله

وأضاف الرئيس السيسى أنه تم إيقاف الحرب في غزة وبدأنا المرحلة الأولى التي تشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين وإدخال المساعدات وباقي الإجراءات الأخرى من المرحلة الأولى ثم المؤتمر الذي سيقعد في القاهرة لإعادة الاعمار في غزة، موضحا أن الجميع سجتمع للمساهمة في إعمار غزة، مشيرا إلى أن من 70 إلى 80 % من المساعدات التي دخلت غزة على مدار العامين الماضيين كانت تقدمها مصر، لافتا إلى أن أكثر من 200 ألف منزل ومنشأة ومدارس ومستشفيات والبنية الأساسية لمياه الشرب والصرف والكهرباء وكل شيء تقريبا تم تدميره، موضحا أن إعادة إعمار غزة سيكلف أرقام ضخمة جدا سيسهم العالم كله فيها، مؤكداً أن مصر ستكون من المبادرين بلا أي تزايد في إعمار غزة، وستتحرك في هذا مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المختلفة والدولة بالكامل بشكل يعكس المسئولية والتقدير والمحبة لأهلنا في قطاع غزة.

وقال ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط فى تصريح لشبكة CBS إن التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار، مؤكدًا أن عملية جمع التمويل ستتم بسرعة بمشاركة دولية واسعة لدعم جهود إعادة الإعمار.

والأسبوع الماضى، واصلت الدبلوماسية المصرية اتصالاتها مع العواصم العالمية، لبحث التحضيرات الجارية لاستضافة المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة فى شهر نوفمبر، حيث أكد الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية أهمية البدء في أقرب وقت في تنفيذ خطط التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة، في إطار رؤية متكاملة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ووفقًا للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، داعيًا الدول الأوروبية إلى المشاركة الفعالة في المؤتمر.

وتواصل مصر تأكيد دورها الريادي في دعم الشعب الفلسطيني من خلال قيادتها لجهود إعادة إعمار قطاع غزة، بعد الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب الأخيرة، وتمتلك مصر شركات مقاولات ومكاتب استشارات هندسية على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة، شاركت في تنفيذ مشروعات قومية كبرى، وكذلك خارج مصر في مختلف البلدان، وهذه الخبرات جعلت من الشركات المصرية قوة إقليمية قادرة على تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بسرعة وجودة عالية، تشمل بناء المنازل والمدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء، بما يضمن عودة الحياة إلى القطاع في أسرع وقت.

وقال المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، إن النقابة شكلت لجنة متخصصة لإعادة إعمار غزة، ووضعت بالفعل مخططًا هندسيًا كاملاً للمشروع، موضحًا أن اللجنة ستبدأ أعمالها فور استقرار الأوضاع، وقال: نمتلك خبرات هندسية فائقة، وقادرون على إعداد وتنفيذ خطة إعمار شاملة لغزة، تبدأ بمرحلة عاجلة لإيواء نحو مليوني مواطن يعيشون الآن بلا مأوى أو خدمات، تليها مرحلة طويلة المدى تعيد بناء المدن الفلسطينية وفق معايير الأمان والجودة الدولية. وأشار إلى أن 120 ألف مهندس مصري من مختلف التخصصات مستعدون للمشاركة في عمليات الإعمار، مؤكدًا أن المشروع سينفذ وفق معايير عالمية تضمن الجودة والاستدامة.

وأكد المهندس محمد سامي رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن الشركات المصرية تمتلك المعدات والكوادر القادرة على تنفيذ الإعمار، مشيرا إلى أن "الدمار في غزة ضخم، حيث يُقدر الركام بنحو 50 مليون طن، ما يتطلب تخطيطًا جديدًا للمدينة وتوفير مواد لوجستية هائلة قبل بدء التنفيذ"، لافتاً إلى أن تمويل الإعمار سيكون دوليًا بمشاركة مانحين من مؤسسات مالية كبرى مثل البنك الأوروبي والبنك الآسيوي والبنك الدولي، مؤكدًا أن الأعمال ستُطرح عبر مناقصات دولية تشارك فيها الشركات المصرية إلى جانب شركات من دول مانحة، وقال إن "الشركات المصرية مؤهلة تمامًا للمنافسة دوليًا، لكن الإعمار سيكون وفق اشتراطات التمويل الدولي، ومن خلال شراكات مصرية – إقليمية – دولية، وليس بجهود مصرية منفردة".

وقال المهندس كمال شاروبيم عضو لجنة إعادة إعمار غزة بنقابة المهندسين، إن النقابة أعدت خطة متكاملة تتضمن مرحلتين: الأولى، مرحلة عاجلة تشمل توفير مساكن مؤقتة ومياه وكهرباء للأهالي المتضررين قبل حلول فصل الشتاء.. والثانية، مرحلة طويلة الأجل تتضمن إعادة تخطيط شامل لغزة، لتتحول إلى مدينة حديثة مبنية على أسس علمية وتكنولوجية متطورة، مشيراً إلى أن "المكاتب الاستشارية المصرية على استعداد للتضحية بجزء من أرباحها، وبعضها سيعمل بالتكلفة فقط دعمًا للشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن الإعمار "ليس مشروعًا اقتصاديًا فحسب، بل مهمة قومية وإنسانية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق