وطن السلام… حين يكون الشرف خيارا استراتيجيا

السبت، 25 أكتوبر 2025 11:39 م
وطن السلام… حين يكون الشرف خيارا استراتيجيا
هشام السروجي يكتب:

اختيار مصر للسلام كخيار استراتيجي، نابع عن ذكاء يستند على عمقها الحضاري والتاريخي وتأثيرها الإقليمي،  وفي كل أزمة تمر بها المنطقة، يتضح للمجتمع الدولي أن خيار القاهرة هو مفتاح الحلول لكل الأزمات شديدة التعقيد.
 
اليوم في احتفالية "وطن السلام" تبث مصر رسالة واضحة المعاني، إن تفاوض وتقاتل بشرف، وأن تكون مبادئك ثابتة ثبوت الأوتاد في مهب الريح العاتية، وأن تتدثر بالإيمان والحق والعدل، وألا تنحني أمام الضغوط الممنهجة التي سعت بكل الطرق للنيل من عزيمتك، وأن تمشي في طريق النور بقلب منير وعقل متيقظ وذراع قوية… إذن أنت تتحدث عن مصر، التي باتت رمزًا للثبات والشرف السياسي والإنساني في زمن انقلبت فيه الموازين.
 
لقد جسدت احتفالية وطن السلام خلاصة هذا النهج المصري المتوازن، وبلورت نجاح الدولة قيادة وشعبًا في حماية الأمن القومي العربي بأسره، وليس الفلسطيني فحسب، فالموقف المصري انطلق من إيمان عميق بأن الأمن العربي وحدة واحدة، وأن نيران القصف الإسرائيلي لم تفرق بين غزة أو الدوحة أو عدن أو الضاحية الجنوبية، وأن استقرار المنطقة لا يتحقق إلا بالعدل، ولا يُبنى إلا على الحق.
 
على مدى عامين كاملين، واجهت القاهرة حملات من المعلومات الزائفة، وحروبًا نفسية وتكنولوجية هدفت إلى تشويه دورها والنيل من مصداقيتها في القضية الفلسطينية. لكن تلك الحملات تحطمت واحدة تلو الأخرى أمام منهجية الشرف والاتزان التي واجهت بها مصر مخطط تهجير الفلسطينيين وتفريغ القضية من مضمونها الإنساني والسياسي إلى الأبد.
 
لقد اختارت مصر طريق الحكمة وسط الجنون والإبادة، فكانت صوت العقل في زمن الصراخ، وركن السلام في محيط من الدماء والدمار، وعتبة الأمان في إقليم يخيم عليه الخوف من أن يكون الهدف التالي لآلة القتل والتدمير. لم تكن مواقف القاهرة مجرد بيانات أو تصريحات، بل كانت مواقف عملية، ترجمتها التحركات الدبلوماسية، والوساطات الإنسانية، والإغاثة المستمرة التي لم تتوقف حتى في أصعب اللحظات.
 
ولذلك لم يكن وصف “وطن السلام” اختيارًا بل كان تجسيدًا لحقيقة الواقع، واقع صنعته مصر بثباتها وصبرها الاستراتيجي، وفرضته على المجتمع الدولي الذي أدرك أن صوت القاهرة هو صوت التوازن والاستقرار والحق في منطقة تموج بالصراعات والمصالح المتضاربة.
 
وهكذا، أثبتت مصر أن السلام ليس ضعفًا، بل قوةً تنبع من شرف الموقف وثبات المبادئ، وأن من يمتلك الشجاعة في الدفاع عن الحق دون أن يتورط في الفوضى، هو من يكتب تاريخه في ضمير الأمة.
مصر كانت وستظل وطن السلام… وقلب العروبة النابض بالكرامة والعقل والحكمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة