إقتصاديات الحروب .. حروب غزة وأوكرانيا تُنعش خزائن السلاح فى العالم ..قفزة كبيرة فى إيرادات شركات السلاح العالمية والولايات المتحدة الرابح الأكبر
الإثنين، 01 ديسمبر 2025 11:11 ص
هانم التمساح
في عالم يمزقه العنف وتتصدر مؤشراتالبحث كلمات "قصف… صواريخ… دمار "، تتوارى خلف دخان المعارك حقيقة أقل ظهورًا وأكثر تأثيرًا ،ففى
الوقت الذي تتسع فيه نيران الصراعات من غزة إلى أوكرانيا، وتزهق فيه الأرواح وتشرد فيه الاسر الآمنة تكشف الأرقام عن طفرة غير مسبوقة في أرباح شركات السلاح العالمية ، فبينما يدفع المدنيون ثمن الحرب دمًا ودمارًا، تحصد كبرى شركات التصنيع العسكري واحدًا من أعلى مكاسبها في التاريخ الحديث.
وكشف تقرير جديد صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" حجم هذا التحول. فبحسب التقرير، ارتفعت مبيعات أكبر 100 شركة أسلحة في العالم خلال عام 2024 بنسبة 5.9% لتصل إلى 679 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تسجله الصناعة منذ بدء تسجيل البيانات ،ويرجع التقرير هذا الارتفاع إلى الطلب المتزايد الناتج عن الحربين في غزة وأوكرانيا، وما تبعهما من سباق تسليح إقليمياً ودولياً.
الولايات المتحدة الرابح الاكبر من الحروب
الولايات المتحدة الرابح الاكبر من الحروب
وحصلت الولايات المتحدة على نصيب الأسد من أرباح شركات السلاح الأمريكية ،فقد سجلت 30 شركة من أصل 39 ضمن القائمة ارتفاعًا في الإيرادات بنسبة 8.3%، ليصل إجمالي ما جنته هذه الشركات إلى 334 مليار دولار ،إذ تعد شركات مثل لوكهيد مارتن، نورثروب غرومان، وجنرال ديناميكس، من أبرز المستفيدين، رغم استمرار المشكلات التقنية والمالية التي تعيق تطوير مشاريع رئيسية، من بينها الطائرة إف–35 التي طالما وُصفت بأنها “الأغلى والأكثر تعقيدًا في العالم”.
الخوف الاوروبيى من روسيا
أما في أوروبا، فقد كان المشهد مشابهًا، حيث شهدت 23 شركة من أصل 26 – باستثناء الشركات الروسية – نموًا لافتًا في الإيرادات بنسبة 13%، لتبلغ 151 مليار دولار ،ويرجع الخبراء ذلك إلى الطلب المتزايد على السلاح منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، وما تبعها من سباق تسليحي تقوده ألمانيا وبولندا ودول الشمال الأوروبي، وسط شعور متزايد بالتهديد الروسي.
غزة…
وعلى النقيض، شهدت بعض شركات السلاح في آسيا انخفاضًا طفيفًا، نتيجة مشاكل داخل قطاع الصناعات الدفاعية الصينية، ما أثر على مساهمتها في النمو العالمي ،ورغم أن الحرب في غزة تجري على رقعة جغرافية صغيرة مقارنة بأوكرانيا، إلا أن تأثيرها على سوق السلاح كان أكبر مما قد يبدو للوهلة الأولى.
فقد أدى الاستهلاك العسكري الكثيف إلى طلب متزايد على الذخائر الموجهة والصواريخ الذكية والطائرات المسيرة، ما انعكس مباشرة على أرباح الشركات الأمريكية على وجه الخصوص.
كما رفعت إسرائيل من مستوى مشترياتها الدفاعية خلال العام، ومعها دول في الشرق الأوسط خشية امتداد الصراع، الأمر الذي خلق موجة إنفاق عسكري جديدة في المنطقة.
من الخسائر البشرية إلى المكاسب التجارية
ويرى محللون أن تزامن الحربين في غزة وأوكرانيا كوّن “بيئة مثالية” لازدهار سوق السلاح، إذ دفعت الحكومات إلى زيادة ميزانياتها الدفاعية وإعادة تقييم جاهزيتها العسكرية ،وبينما تتصاعد الأزمات الإنسانية في مناطق النزاع، تبدو شركات الأسلحة في الاتجاه المعاكس تمامًا: إيرادات قياسية وتوسع عالمي واستثمارات ضخمة في تكنولوجيا القتال الحديثة.
وتكشف الأرقام أن العالم يعيش اليوم مرحلة عنوانها تصاعد العسكرة، حيث تتحول الحروب من مأساة إنسانية إلى فرصة اقتصادية للبعض. ومع استمرار التوترات وانعدام الرؤى السياسية للحلول، تبدو صناعة السلاح في وضع مريح… وربما الأكثر ربحًا منذ عقود.