التصدي المستمر للمخططات التهجير.. القاهرة تقف حائط صد قوى أمام المحاولات الإسرائيلية المتكررة لإخراج الفلسطينيين من غزة
السبت، 06 ديسمبر 2025 11:03 م
تحركات مصرية لبدء مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار ونشر قوة الاستقرار الدولية وتمكين القوات الفلسطينية من تولي مهام إنفاذ القانون في غزة
لاتزال القاهرة تمثل حائط صد قوى ضد مخططات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهى المخططات التي لم تتخلى عنها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، التي أعلنت الأسبوع الماضى، نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام القادمة للخروج من قطاع غزة، وهو الامر الذى ردت عليه مصر بقوة، بتأكيد مصدر مصري مسئول إنه إذا تم التوافق على فتح المعبر، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقًا لما ورد بخطه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نافياً ما تداولته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن التنسيق لفتح معبر رفح خلال الأيام القادمة للخروج من قطاع غزة.
وفى كافة اتصالاتها وتواصلها مع كافة الأطراف الدولية والأقليمية، تشدد القاهرة دوما على مسؤولية المجتمع الدولي تجاه الفلسطينيين لا بد أن تتجاوز حدود التضامن اللفظي إلى إجراءات عملية ملموسة، تشمل توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين في مختلف الأراضي المحتلة، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية ومحاولات الضم الصامت، وإلزام كافة الأطراف باحترام القانون الدولي الإنساني، وإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية تفضي إلى تسوية نهائية عادلة وشاملة، فضلًا عن دعم جهود إعادة إعمار قطاع غزة، وتمكين أهل القطاع من استعادة مقومات الحياة الإنسانية الكريمة، وأيضاً إنصاف الفلسطينيين وإعادة حقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو من عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما تؤكد التحركات المصرية على دعمها الراسخ لحقوق الشعب الفلسطيني، ورفضها القاطع لكل الإجراءات أحادية الجانب التي تخالف القانون الدولي وتقوض حل الدولتين، كما تؤكد على حتمية الحيلولة دون تنفيذ مخططات للتهجير، باعتبار ذلك خطًا أحمر لا يقبل المساومة، حيث تؤمن مصر بأن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، فلا يمكن للعالم أن ينعم بالأمن والاستقرار ما دام هذا الجرح مفتوحًا، وما دامت العدالة غائبة عن شعب فلسطين.
وثمن المجلس الوطني الفلسطيني، دور مصر والأردن في دعم القضية الفلسطينية والتصدي لمحاولات التهجير، وأكد المجلس خلال احتماعه الأحد الماضى، في العاصمة الأردنية، عمان، برئاسة عضو المجلس السفير محمد صبيح، أن مصر والأردن تحملان تاريخا طويلا من الدعم للشعب الفلسطيني، وأن مواقفهما الراسخة تشكل سدا منيعا أمام المخططات الهادفة إلى تفريغ الأرض من أهلها، مشددين على أن هذا الدعم يمثل عنصرا أساسيا في حماية الهوية الفلسطينية وصمود الشعب في مواجهة العدوان، وحذروا من أن الفلسطينيين يمرّون حاليًا بـ"كارثة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا"، حيث لا صحة ولاغذاء ولامياه ولا تعليم في ظل حصار خانق وعدوان متواصل، مشيرين إلى أن نحو 60 شاحنة فقط يسمح بدخولها إلى قطاع غزة، في حين تبقى أكثر من 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة ومنع الجيش الإسرائيلي دخولها، بما يشكل سياسة تجويع واضحة تستهدف المدنيين.
والقاهرة كانت ولا تزال الداعم الأول لحقوق الشعب الفلسطيني والحفاظ على قضيته العادلة منذ اليوم الأول للصراع، وارتباط مصر بالقضية الفلسطينية يستند إلى اعتبارات أخوية وسياسية وأمنية، حيث تعتبرها القاهرة جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهنا فإن الموقف المصري لم يتغير عبر العقود، متمسكاً بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع تقديم كافة أشكال الدعم الإنساني والسياسي، وأظهر العدوان الإسرائيلي على غزة أظهر عمق وقوة الموقف المصري؛ حيث سارعت مصر منذ اللحظة الأولى للدعوة إلى وقف إطلاق النار وفك الحصار، وقادت القاهرة حراكاً دبلوماسياً مكثفاً شمل استضافة قمة القاهرة للسلام، واستقبال عشرات الزعماء والمسؤولين الغربيين، مما ساهم في تصحيح الروايات المغلوطة التي روج لها الاحتلال وتغيير وجهة نظر المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في القطاع.
وأكد الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، أن الفلسطينيين مطالبون بالإسراع في استعادة الوحدة الوطنية وإعادة بناء النظام السياسي على أسس الشراكة والديمقراطية، لمواجهة التحديات الراهنة، مشدداً على أهمية الاتفاق على مرحلة انتقالية تسبق إجراء الانتخابات، لوضع رؤية موحدة للتعاطي مع مجمل التهديدات التي يشكلها ارتفاع منسوب العدوان الإسرائيلي، مؤكداً أن الانقسام السياسي يشكل حجر عثرة أمام التقدم الفلسطيني.
وأشار صلاح عبد العاطي إلى أن إسرائيل تمارس حرب إبادة جماعية في غزة وتواصل انتهاكاتها في الضفة الغربية عبر الاستيطان والإعدامات الميدانية، لافتاً إلى أن دولة الاحتلال بدأت تخسر دولياً وتعيش مزيداً من العزلة، حيث باتت تهدد الأمن والسلم الإقليمي بمشاريعها التوسعية التي تستهدف دول الجوار.
ومن ألمانيا، نقل وزير الخارجية، الدكتور بدر عبد العاطى، تفاصيل الرؤية المصرية لحل الوضع المتأزم في قطاع غزة، حيث أكد في عدد من اللقاءات التي أجراها في برلين، خاصة مع نظيره الالمانى يوهان فاديفول، على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 الخاص بغزة بما يحافظ على وقف إطلاق النار ويضمن نفاذ المساعدات الإنسانية وبدء مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مع التشديد على أهمية نشر قوة الاستقرار الدولية وتمكين القوات الفلسطينية من تولي مهام إنفاذ القانون في غزة.
واكد عبد العاطى، أن الضامن الوحيد للاستقرار فى المنطقة هو تحقيق تسوية سياسية على أساس قرارات الشرعية الدولية ووحدة الأراضي الفلسطينية وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأحييت مصر، الأسبوع الماضى، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وجددت تأكيدها أن هذه المناسبة ليست مجرد ذكرى سنوية، بل محطة تُستعاد فيها قيم العدالة ويتجدد فيها الالتزام الأخلاقي والسياسي الدولي تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الأصيلة، مشددة على أن الحق الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليس مطلبًا سياسيًا فحسب، بل هو استحقاق تاريخي تؤيده الشرعية الدولية ويحرسه ضمير الإنسانية.
وبالتزامن مع هذه الذكرى المجيدة، أكدت مصر ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان التدفق الحر وغير المشروط للمساعدات الإنسانية، تفعيلاً لبنود قرار مجلس الأمن 2803 وتجسيدًا للتوافق الدولي المعلن في قمة شرم الشيخ للسلام، بما يمهّد لإطلاق عملية سياسية شاملة تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، حيث تواصل مصر تنسيقها الوثيق مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين لضمان التنفيذ الكامل لخطة الرئيس ترامب للسلام، ودفع الآليات المرتبطة بها على نحو يحفظ الحقوق الفلسطينية ويخدم استقرار المنطقة، كما تواصل مصر جهودها مع شركائها الإقليميين والدوليين لدعم كل ما من شأنه التخفيف من تبعات الأزمة الإنسانية في غزة، وتهيئة الظروف اللازمة لاستعادة الهدوء والاستقرار وفتح أفق سياسي يعالج جذور الصراع، مشددة على مركزية دور السلطة الفلسطينية ووحدة الأراضي الفلسطينية كأساس لا غنى عنه لأي تسوية قابلة للاستمرار.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد بعث بخطاب إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، أكد فيه على الموقف المصري الثابت والداعم للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيق، كما شدد على أن العالم أجمع يشهد في هذه المناسبة على الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في مواجهة الظلم والطغيان، وأن هذا الشعب البطل لا يزال مرابطاً على أرضه، متمسكاً بحقوقه، ومتشحاً برداء البطولة والعزة.
وأشار الرئيس السيسى، إلى أن معاناة الشعب الفلسطيني لا تقتصر على ما يحدث في غزة، رغم الفظائع التي شهدها العالم هناك، بل تمتد إلى الضفة الغربية والقدس حيث يتعرض الفلسطينيون يومياً لممارسات ممنهجة تشمل تقييد الحركة، والاستيلاء على الأراضي، وحماية هجمات المستوطنين على المدنيين العزل، وغيرها من الانتهاكات التي لم تثنه عن مواصلة حياته رغم صعوبة الظروف، كما أكد أن هذه المأساة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود تفرض على المجتمع الدولي واجباً إنسانياً وأخلاقياً يتمثل في دعم الشعب الفلسطيني بكافة الوسائل الممكنة، مشيراً إلى أن هذا الدعم يمنح الفلسطينيين القدرة على الصمود والأمل في أن قضيتهم لن تُنسى.
ودعا الرئيس السيسى، المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسئوليته في إعادة بناء ما دمرته الحرب في غزة واستعادة الكرامة الإنسانية للشعب الفلسطيني، من خلال المساهمة في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مؤكداً أن دعم السلطة الفلسطينية يظل هدفاً محورياً حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني وتقديم الخدمات العامة له بما يستحق من احترام وتقدير، موجهاً في الوقت نفسه تحية إجلال وإكبار إلى الشعب الفلسطيني البطل، مؤكداً أن مصر كانت ولا تزال وستظل تحمل بإخلاص قضية الشعب الفلسطيني، وتسانده في كافة المحافل وعلى كل المستويات حتى يتحقق حلمه المشروع بإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.