2.4 مليار دولار تنتظر المراجعتين الخامسة والسادسة لبعثة الصندوق
السبت، 13 ديسمبر 2025 06:47 م
أجواء إيجابية تستبق زيارة وفد صندوق النقد الدولى.. معدل نمو 5.3% وارتفاع الاحتياطي الاجنبى لـ50 مليار دولار وزيادة استثمارات القطاع الخاص
البعثة: تقدم ملحوظ في الاستثمار والتجارة وقدرة قناة السويس على إدارة الأزمات.. والرؤية الاقتصادية أصبحت أكثر وضوحًا واتساقًا
تعمل الحكومة بشكل متواصل على كافة محاور الاقتصاد واثبات قدرة كافة المجالات ودعمها على التاثير بشكل قوى فى الناتج المحلي، ومن ثم تثبيت أركان واستقرار الاقتصاد الكلى، ومن القطاعات الهامة التى توليها الدولة اهتماما كبيرا لتشجيعها على القيام بدورها، قطاع السياحة وتشجيع الاستثمار فى القطاع الخاص والتوسع فى التسهيلات الضريبية لتوسيع قاعدة المنضمين وتقليل حجم الاقتصاد غير الرسمي، وقد اثبت الاقتصاد المصرى مرونته خلال الفترة الأخيرة فى امتصاص الصدمات والتعامل مع التقلبات الاقتصادية العالمية وتحقيق صفقات اقتصادية ساهمت بشكل كبير فى انتعاش السوق المصري وتحقيق استثمارات اجنبية هامة، في مقدمتها صفقة "علم الروم" مما ساهم فى ارتفاع الاحتياطي الاجنبي وأيضا استقرار سعر الصرف، وحقق الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الأول من العام المالي 2025/2026 معدل نمو يبلغ نحو 5.3%، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من 3 أعوام، مدعومًا بالقطاعات الإنتاجية وتنمية قطاعات الاقتصاد الحقيقي، وارتفاع استثمارات القطاع الخاص بنسبة 25.9% لاستحواذها على 66% من إجمالي الاستثمارات الكلية.
تزامن ذلك مع زيادة صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزى بزيادة قدرها 2.9 مليار دولار، ليحقق مستويات قياسية جديدة مسجلًا 50.2 مليار دولار في نوفمبر 2025 مقارنة بـ 47.3 مليار دولار في يناير 2025. في وقت توقعت وكالة فيتش في تقريرها الصادر في ديسمبر الجارى أن يواصل صافي الاحتياطيات الدولية ارتفاعه ليسجل 52.6 مليار دولار بنهاية يونيو 2026.
والأربعاء الماضى، خلال اجتماع مجلس الوزراء، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تقريرًا حول تطورات معدلات التضخم خلال شهر نوفمبر 2025، وأوضح التقرير أن معدل التضخم شهد عودة إلى التراجع خلال شهر نوفمبر الماضي، سواء على أساس سنوي أو شهري، بعد الارتفاع الذي سُجل في أكتوبر الماضي، ويعود هذا التراجع إلى انخفاض أسعار مجموعة الطعام والمشروبات، إلى جانب تراجع أسعار عدد من السلع الأساسية، كما أكدت أن التضخم الشهري تراجع بنحو 0.2%، مدفوعًا بانخفاض أسعار مجموعة الطعام والمشروبات، التي تُعد صاحبة الوزن النسبي الأكبر بين المجموعات السلعية الرئيسية، والتي تراجعت بنسبة 2.9% على أساس شهري، وجاء هذا التراجع نتيجة انخفاض أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 15.81%، ومجموعة الطعام بنسبة 3.02%.
وخلال الاجتماع، استعرضت رانيا المشاط مستجدات المرحلة الثانية من إجراءات الإصلاحات الهيكلية ضمن آلية "مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة" المقدمة من المفوضية الأوروبية بقيمة 4 مليارات يورو، كما أوضحت أن الوزارة انتهت من المكون الاقتصادي الخاص بالشريحة الأولى من التمويل، والبالغة قيمتها مليار يورو، وذلك عقب تنفيذ 16 سياسة وإجراء إصلاحيا.
ويتزامن ذلك الانتعاش مع زيادة بعثة صندوق النقد التى وصلت الأسبوع الماضى، من المقرر أن تستمر أعمالها في مصر لمدة 10 أيام، لمناقشة مدى التقدم الذي أحرزته مصر في برنامجها مع الصندوق، وفى حال الموافقة على المراجعتين فمن المقرر صرف مبلغ قيمته 2.4 مليار دولار من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 8 مليارات دولار إضافة إلى الشريحة الأولى من مرفق الصلابة والاستدامة، التي قد تضيف 274 مليون دولار أخرى لتمويل المناخ.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية التي تم عرضها على الرئيس عبدالفتاح السيسي، تأتي في إطار الإصلاحات الكبيرة جداً التي تنتهجها الحكومة في سبيل تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في الدولة المصرية، والتسهيل على القطاع الخاص المصري للانطلاق بقوة خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى وصول بعثة صندوق النقد القاهرة، وبدء المراجعتين الخامسة والسادسة، وقال: "هناك تفاؤل بأن الأمور ستسير في الإطار الجيد في ضوء المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري"، مشدداً على أن "الاقتصاد المصري بحمد الله مؤشراته تسير في إطار ما كنا نأمله، بل إنّ بعض المؤشرات الاقتصادية قد حققت أفضل مما كان مستهدفاً مع الصندوق".
ولفت مدبولى إلى أن الحكومة بصدد تحديث "وثيقة سياسة ملكية الدولة"، نظرًا لأن الإطار الزمني الذي كان محدداً لها هو ثلاث سنوات، والذي ينتهي في شهر ديسمبر الجاري، لافتاً إلى عقد لقاءات عدة مع الجهات والكيانات المعنية بصياغة النسخة الجديدة من الوثيقة، معربًا عن أمله في الانتهاء من الشكل النهائي لها خلال شهر مارس القادم، تمهيداً لطرحها للحوار المجتمعي للتشاور حول الرؤية المحدثة للوثيقة في شكلها الجديد.
كما أشار مدبولى إلى إعلان وزير البترول والثروة المعدنية مؤخرًا عن مجموعة من الحوافز الجديدة في قطاع التعدين أيضاً، بهدف تشجيع الشركات العالمية والمحلية على زيادة الاستثمار في هذا القطاع، لاسيما في المعادن النادرة مثل الذهب وأيضًا المعادن الأرضية، لافتاً إلى أهمية هذه المعادن النادرة والتنافس الدولي القائم عليها اليوم، وأكد إطلاق وزارة البترول والثروة المعدنية لمجموعة من الحوافز الجديدة، وسيكون التركيز خلال الفترة المقبلة على هذا القطاع، مُضيفاً أنه كجزء من توجه الدولة في هذا الشأن، سيتم إطلاق المسح الجيولوجي الجديد لاستكشاف الأماكن الأكثر ثراءً بالمعادن النادرة والمعادن الطبيعية.
ومن المتوقع أن يناقش مسئولى الصندوق خلال المراجعتين الخامسة والسادسة ما حققته الدولة من شروط البنك خاصة بعد مهلة التأجيل التى طلبتها الحكومة بعدما رأت أن المدة الزمنية اللازمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، خاصة فيما يتعلق برفع الدعم عن الوقود وطرح المنتجات البترولية بسعر التكلفة، تحتاج إلى بعض الوقت مراعاة للبعد الاجتماعي وعدم زيادة مستويات التضخم، واستطاعت بالفعل الدولة خلال تلك الفترة رفع اسعار الوقود فى أكتوبر الماضي وايضا زيادة نسبة تواجد القطاع الخاص فى الاستثمارات العامة وأيضا طرحت مصر السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، ويبقي برنامج الاطروحات الحكومية الذي تسعي الدولة إلى اتنجاز ما تبقى فيه من أجل طرحه لتحقيق أفضل العوائد منه.
وأكد أحمد كجوك وزير المالية، أن سياستنا الاقتصادية والمالية تركز على مساندة الإنتاج والتصدير بكل المجالات بما فيها «صادرات القدرات البشرية»، لافتًا إلى أن مصر تفتح أبوابها لجميع المستثمرين حول العالم، بفرص اقتصادية أكثر تنوعًا وتنافسية؛ فالاقتصاد المصري «في وضع جيد، واللي جاي أفضل مع زيادة استثمارات القطاع الخاص»، موضحاً أن زيادة الاستثمارات الخاصة بنحو 73% تعكس تحسن الاقتصاد، وتعد بداية قوية لاستعادة ثقة وشراكة القطاع الخاص، وتحفيزه على قيادة النمو الاقتصادي، مؤكدًا أن القطاع الخاص أثبت تجاوبه السريع والقوى مع مبادرة «التسهيلات الضريبية»، وشجعنا على إطلاق «الحزمة الثانية» منها، حيث زادت الإيرادات الضريبية 600 مليار جنيه خلال العام المالي الماضى دون فرض أعباء إضافية مع تطبيق مسار «شراكة الثقة» مع مجتمع الأعمال.
وأشار كجوك إلى أن هناك أولوية قصوى لخفض المديونية الحكومية وتحسين مؤشراتها، وقال: نجحنا في خفض دين أجهزة الموازنة 10% خلال عامين، وتراجع الدين الخارجي بنحو 4 مليارات دولار، موضحًا أننا نسعى لتحقيق الانضباط المالي، و«عنينا» على تحريك النشاط الاقتصادي بحوافز ترتبط بالنتائج.
وعقد وفد صندوق النقد الدولى عدد من اللقاءات مع مسئوليين مصريين، وفى لقاء مع المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أشاد الوفد بما لمسوه من تقدم ملحوظ في ملفات الاستثمار والتجارة، مؤكدةً أن الرؤية الاقتصادية لمصر أصبحت أكثر وضوحًا واتساقًا، وأن الإجراءات التي يتم تنفيذها تعكس جدية الدولة وحرصها على تعزيز الثقة وجذب الاستثمارات ذات القيمة المضافة، كما أكد مسؤولو الصندوق أن المناقشات تسير في أجواء إيجابية، وأن هناك تقديرًا كبيرًا لوتيرة الإصلاح والتطورات التي تشهدها بيئة الأعمال، وهو ما يبعث على التفاؤل بنتائج المراجعتين الجارية.
وأعرب "الخطيب" عن تفاؤله بمسار المراجعتين، مؤكداً أن الاقتصاد المصري يواصل السير في الاتجاه الصحيح، وأن العديد من المؤشرات تأتي أفضل من المتوقع في ضوء البرنامج المتفق عليه مع الصندوق، بما يعكس قوة الإجراءات التي اتخذتها الدولة خلال الفترة الماضية وقدرتها على تحقيق نتائج ملموسة، كما أشار إلى أن الحكومة تتحرك وفق رؤية إصلاحية واضحة ومحددة، تقوم على سياسات منضبطة تدعم استقرار الاقتصاد الكلي، وتمنح القطاع الخاص مساحة أكبر للنمو، مع التركيز على تحسين بيئة الاستثمار ورفع كفاءة منظومة التجارة باعتبارها جزءًا أساسيًا من معادلة النمو.
وأوضح الخطيب أن مصر تتبنى سياسة تجارية أكثر انفتاحا وفاعلية تستهدف تعظيم القدرة الإنتاجية، وزيادة النفاذ للأسواق، وتعزيز التكامل بين التجارة والاستثمار، بحيث تتحول مصر إلى مركز إقليمي للتصدير وسلاسل الإمداد، بما يدعم جهود خفض العجز التجاري ورفع القيمة المضافة للمنتج المصري، وأكد أن الحكومة تعمل على تنفيذ حزمة من الإصلاحات التي تستهدف تبسيط الإجراءات، وتخفيف الأعباء غير الضريبية، وتعزيز الشفافية، بما يخلق بيئة أعمال مستقرة وجاذبة ويمنح المستثمرين رؤية أوضح للتخطيط والتوسع.
كما التقت البعثة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، التي قدمت عرضًا تقديميًا حول أبرز تطورات الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية ونموذج النمو ضمن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، ومعدلات النمو المحققة في الربع الأول من العام الجاري، وجهود الدولة فيما يتعلق بتمكين القطاع الخاص، وتعزيز حوكمة الاستثمارات العامة، وكذلك تطورات نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي أعلنته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، للربع الأول من العام المالي الجاري والتي بلغت 5.3% متجاوزة التوقعات، موضحة أن أهم ما يميز النمو هو الزيادة المستمرة والتحسن في الإنتاج الصناعي وزيادة معدلات نمو العديد من الصناعات مثل المركبات والمنسوجات والملابس الجاهزة، الأمر الذي يعكس تحول الدولة للقطاعات القابلة للتبادل التجاري ذات إنتاجية مرتفعة.
كما زار الوفد برئاسة إيفانا فلادكوفا هولار، هيئة قناة السويس، والتقوا الفريق أسامة ربيع رئيس الهيئة، للتعرف عن قرب على أنشطة ومشروعات الهيئة المختلفة، والتوقعات المستقبلية لحركة الملاحة بالقناة في ظل عودة الاستقرار إلى منطقة البحر الأحمر، وأكدت رئيس البعثة أن قناة السويس تحظى بأهمية استراتيجية لحركة التجارة العالمية، وأن الخدمات الملاحية واللوجستية المتطورة التي تقدمها القناة، إلى جانب ما تحققه من وفورات كبيرة في الوقت والمسافة، تجعلها عنصرًا رئيسيًا في دعم سلاسل الإمداد والتجارة الدولية، كما أشادت بقدرة قناة السويس على إدارة الأزمات المختلفة والتعامل بمرونة مع التحديات من خلال تحسين كفاءة الخدمات والتواصل المستمر مع العملاء، مؤكدة أن هذه الجهود تسهم في دعم استدامة حركة الملاحة والعمل على استعادة الاستقرار في البحر الأحمر.
وأكد "ربيع" أن قناة السويس تتمتع بأهمية خاصة للاقتصاد المصري حيث تمثل أحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي، مشيرا إلى أن القناة حققت إجمالي إيرادات قدرها 40 مليار دولار في الفترة من 2019 حتى 2024، وشدد على أن قناة السويس نجحت في الصمود أمام العديد من التحديات المختلفة على مدار السنوات الماضية وأبرزها أزمة جائحة كورونا، مرورا بأزمة جنوح سفينة الحاويات إيفرجيفين، ثم أزمة الحرب الروسية الاوكرانية، وأخيرا أزمة البحر الأحمر وذلك من خلال التعامل بمرونة مع متغيرات الاقتصاد العالمي، وتحقيق التواصل المستمر مع العملاء، وتلبية متطلباتهم بانتهاج سياسات تسويقية وتسعيرية مرنة.
وأشار رئيس الهيئة إلى أن قناة السويس نجحت في تقليل تأثيرات أزمة البحر الأحمر عبر تبني استراتيجية طموحة قائمة على تنويع مصادر الدخل وإضافة أنشطة وخدمات بحرية ولوجستية جديدة لم تكن موجودة من قبل أبرزها خدمة إزالة المخلفات من خلال شركة آنتيبوليوشن إيجيبت بالشراكة بين الهيئة وشركة آنتيبوليوشن، وخدمات صيانة وإصلاح السفن، وخدمة تبديل الأطقم البحرية، وخدمة مكافحة التلوث وغيرها، علاوة على تعزيز جهود توطين الصناعات البحرية وفتح أسواق جديدة للتصدير الخارجي، موضحاً أن قمة شرم الشيخ للسلام كانت حدثا مفصلياً هاماً في عودة الاستقرار إلى منطقة البحر الأحمر بعد ما يقرب من العامين من التأثر السلبي نتيجة التخوفات الأمنية، لافتاً إلى أن معدلات الملاحة بالقناة شهدت تحسناً مع عودة الاستقرار مجددا إلى منطقة البحر الأحمر، كما أشار إلى أن إحصائيات الملاحة بالقناة شهدت منذ بداية شهر يوليو الماضي وحتى اليوم عبور 5874 سفينة، بإجمالي حمولات صافية قدرها 247.2 مليون طن، محققة إيرادات قدرها 1.970 مليار دولار، وذلك مقابل عبور 5584 سفينة بإجمالي حمولات صافية قدرها 216.0 مليون طن، وإيرادات قدرها 1.677 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام الماضي، بنسبة زيادة قدرها 5.2% للأعداد، و14.4% للحمولات، و17.5% الإيرادات.
كما استعرض الفريق ربيع إجمالي الإيرادات المتوقعة بالقناة خلال الفترة القادمة حيث تشير التقديرات إلى تحسن إيرادات القناة خلال العام المالي 2025/ 2026، وارتفاعها إلى نحو 8 مليار دولار خلال العام المالي 2026/ 2027 وصولا إلى نحو 10 مليار دولار خلال العام المالي 2027/ 2028.