4 % نمواً متوقعا لبلدان جنوب الصحراء الأفريقية
الثلاثاء، 03 مايو 2016 06:49 ص
رغم التوقعات المتشائمة التي أطلقها البنك الدولي بشأن احتمالات تراجع نمو البلدان الأفريقية جنوب الصحراء جراء الأزمات الاقتصادية العالمية الأخيرة ونقص التدفقات الاستثمارية والأزمات الجيوسياسية، فإن شركات أجنبية كبرى كان لها رأي مغاير في النظر إلى مستقبل بلدان جنوب الصحراء الأفريقية متوقعة أن تتجاوز معدلات نموها 4 في المائة ، وأن يستمر تدفق الاستثمارات إليها بمستويات معتبرة.
بوجه عام ، كانت أفريقيا، على مدار السنوات القليلة الماضية، في صدارة الوجهات الاستثمارية المحببة لدى المستثمرين والشركات العالمية باعتبارها واحدة من الجبهات الأخيرة التي يعولون عليها لإحياء معدلات نمو الاقتصاد العالمي والتنمية، غير أن الشكوك خلال العامين الأخيرين بدأت تحيط بمدى قدرة أفريقيا على الصمود كوجهة استثمارية محببة للمستثمرين الأجانب.
وبدت رياح التشاؤم تطل على القارة في أعقاب صدور تقرير البنك الدولي الذي رسم فيه آفاق النمو المتوقع لبلدان جنوب الصحراء الأفريقية خلال العام الجاري 2016، وهو التقرير الذي قال فيه البنك الدولي إن تلك المنطقة سجلت نموا نسبته 4ر3 في المائة في عام 2015، وهو الأسوأ منذ عام 2009، مشيرا إلى أن معدلات نمو منطقة جنوب الصحراء تراجعت مقارنة بعامي 2014 و2013 الذي سجلت فيهما نموا بلغ 6ر4 و9ر4 في المائة على التوالي.
ورغم نبرة التشاؤم التي استهلت بها منطقة جنوب الصحراء الأفريقية، فإن الشركات الكبرى والمستثمرين كان لهم رأي آخر، حيث أعربت شركة "دي إتش إل" العالمية عن ثقتها في أن منطقة جنوب الصحراء والقارة الأفريقية بوجه عام لازالت تحتفظ بقيمتها كملاذ مهم وجبهة يعول عليها للنمو الاقتصادي، مؤكدة أن اقتصادات القارة ستواصل نموها، مثلما فعلت خلال العقد الأخيرة، بمستويات مرتفعة بفضل وفرة الفرص الاستثمارية غير المستغلة والمتاحة أمام الاستثمار المحلي والأجنبي.
ويرى مدير الشركة العالمية في فرع جنوب الصحراء الأفريقية، هيني هايمانز، "إن الانخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة خلال العام الماضي لن يمنع المستثمرين، فأفريقيا سوف تواصل النضال، رغم، أن وتيرة النمو ستكون أقل مما شهدناه في الفترة السابقة".
وتابع قائلاً "على غرار ما حدث للاقتصاد العالمي- الذي حقق نموا قدره 4ر2 في المائة في عام 2015 بانخفاض 2ر0 على أساس سنوي- فإنه كان عاما شاقا من الناحية الاقتصادية على أفريقيا. وترافق ذلك مع عوامل هبوط الطلب على سلع القارة ما تسبب في تراجع أسعارها، وهبوط في العملات المحلية، واضطرابات سياسية، ظاهرة النينو التي نجم عنها انتشار الجفاف، وجميعها عوامل أدت إلى زيادة تحديات القارة ومصاعبها. وعلى الرغم من كل تلك العوامل السلبية، فإن المنطقة لازالت تتمتع بآفاق نمو طيبة، وتقدم فرص نمو في عام 2016 أمام أولئك الساعين إلى التقاط هذه الفرص".
وأيد القائم بأعمال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي ومحرر تقرير البنك الأخير حول "نبض أفريقيا"، بونام شوهان-بول، الذي أكد في تقريره "من الأنباء الجيدة أن الطلب المحلي مدعوم بالاستهلاك، والاستثمار، والإنفاق الحكومي، سيعمل على دفع النمو الاقتصادي للمنطقة (جنوب الصحراء الأفريقية) إلى الأمام ليحقق نسبة 4ر4 في المائة في 2016، و8ر4 في المائة في 2017".
وأبرز التقرير أيضاً أن هناك مناطق ستحقق معدلات نمو أكبر من غيرها؛ فعلى سبيل المثال فإن كوت ديفوار وموزمبيق ورواندا وتنزانيا ستأتي ضمن قائمة الدول المتوقع لها نموا مستداماً يصل تقريبا إلى 7 في المائة خلال الفترة من 2015 إلى 2017، ويعزى ذلك إلى ضخامة الاستثمارات التي تضخ في مشروعات طاقة نقل، بالإضافة إلى الإنفاق الاستهلاكي، والاستثمار في قطاع الموارد الطبيعية.
ويرى هايمانز، أنه في ضوء الخبرة التي تتمتع بها شركته العالمية "دي إتش إل"، فإن لكل دولة فرصا فريدة للنمو تستطيع أن تحققها قائلاً، "على سبيل المثال، ففي موزمبيق، فإن قطاع التجزئة يقدم فرصاً ضخمة مع تنامي الطبقة المتوسطة وثقافة الشراء، وهو ما يترافق مع الوجود المحدود للسلع الشهيرة، لذا فإن القطاع يقدم فرصاً لكل من الشركات الصغيرة والكبيرة على حد سواء".
وينتقل إلى رواندا قائلا "في ضوء طموح رواندا بأن تصبح منصة إقليمية للاتصالات والتكنولوجيا، يتوافر طلب قوي على أجهزة الاتصالات والمعدات المعلوماتية. وعلى نحو مشابه، نرى تدفقا للإمدادات الطبية إلى البلاد بسبب الانتعاش الذي يشهده قطاع الرعاية الصحية في البلاد".
ويضيف هايمانز أن هناك دولاً كثيرة في المنطقة تكافح من أجل التغلب على رداءة بنيتها التحتية الأساسية والبيروقراطية، مستشهدا بقطاع المناجم في دولة مدغشقر على إذ قال، "إنه يحمل فرصا هائلة وخلاقة أمام المستثمرين بسبب الموارد الضخمة من الفحم والنيكل وخام الإلمينايت، لكن هناك حاجة ضرورية لإصلاحات تشريعية عديدة".
ويؤكد مسؤول الشركة العالمية أن الفرص متاحة في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية، لكن الأمر بحاجة إلى تركيز مستدام طويل الأجل على المنطقة، مشدداً على أن شركته تعتزم مواصلة ضخ استثماراتها في المنطقة من أجل رؤية أفريقيا أكثر انتعاشا ونمواً.