قوانين إيرانية في العراق تعيد استنساخ "دولة الفقيه"

الأحد، 23 أكتوبر 2016 06:21 م
قوانين إيرانية في العراق تعيد استنساخ "دولة الفقيه"
العراق
هشام السروجي

تَدخُل "إيران" المطلق فى الشأن العراقي، لم يقتصر على البُعد السياسي والعسكري فقط، بل إن المهتمون بمتابعة مراقبة المشروع الإيراني فى الشرق الأوسط، تأكدوا منذ الوهلة الأولي من التوغل الفارسي، بأن "طهران" تضع الإستحواذ على "حوزة" النجف، هدف رئيسي، لما تمثله من رمزية شيعية كبرى، والتي تطاول حوزة "قم المقدسة"، لما للمراجع الشيعية من سلطة ملطقة على عوام الشيعة.

وقد تجلي الأمر واضحًا للعيان، مع إقرار البرلمان العراقي، تضمين فقرة تحظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها، ضمن قانون واردات البلديات، ما أثار جدلًا واسعًا فى الشارع السياسي العراقي، الذي اعتبر الأمر إنتهاكًا صارخًا للحريات الشخصية والدينية، التى صوت عليها فى دستور 2005، خاصة وأن العراق دولة متعددة الثقافات والديانات والعقائد، وجديرًا بالقائمون على شؤون المجتمع، أن يحترموا الأقليات العراقية، بدلًا من أن يفرضوا الوصاية الدينية والمجتمعية عليه.

كهنوت

يعتبر قرار البرلمان العراقي، كهنوتي فى المقام الأول- حسب آراء المثقفين_ حيث تناقلت الأوساط النخبوية، أنه صدر نتاج استفحال الجماعة الدينية فى أركان السلطة العراقية، التى تحاول مكافأة إيران على مساندتها القوية لـ"الحشد الشعبي"، والجماعات الأيدلوجية الشيعية، وإمدادهم اللوجستي، لكن الأمر يتخطي تلك الرؤية الضيقة، فدائمًا هناك أسباب معلنة وأخرى خفية وراء كل قرار سياسي.

القرار جاء بمثابة ترسيخ لأقدام "دولة الفقيه" في العراق، وهي الخطوة الأولى الحقيقة فى طريق ضم العراق للإمبراطورية الفارسية، التى تقوم على فكرة "دولة الفقيه"، والتي كانت تعاني من عراقيل مذهبية، وضعتها مراجع أخري، من أشهرها المرجعية "الشيرازية"، والتي اعتبرت أن تأسيس دولة دينية يخالف أسس المذهب الشيعي.

حيث أن فكرة الدولة الإسلامية لدي الروافض أو الإثنى عشرية، تقتصر في قيامها على وجود"المعصومين" وهم الأئمة الاثني عشر عند الشيعة، وفي حالة غيابهم كما هو الحال –حسب المعتقد الشيعي- فإن إقامة دولة دينية هو ابتداع فى الدين وخروج عن صريح النصوص الدينية.

هوية

النقاشات المثارة لا تتناول القرار من ناحية دينية، إنما يقلقهم رمزيته الخطيرة، التي تهدد الهوية العراقية العتيقة، متعددة الثقافات، والتي كانت تتسع لقبول الآخر عرقيًا وعقائديًا.

فقد يفتح الباب أمام الأحزاب الدينية، أن تمرر قوانين أخري مثل فصل الإناث عن الرجال، وفرض ارتداء الحجاب، وتسير العراق فى ركب "قم ومشهد"، ما يتعارض مع طبيعة المجتمع العراقي، التي قد تتصادم مع هذه القوانين، التى رفضتها من قبل عندما سنتها "داعش"، وهو أمر ينذر بصدامات داخلية، فى الوقت التي تستجدى بلاد الرافدين تماسك مجتمعها، أمام ما يهدد وجودها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق