«مان بوت» بورسعيد.. يموت جوعا (صور)

السبت، 10 ديسمبر 2016 12:40 م
«مان بوت» بورسعيد.. يموت جوعا (صور)
نيرمين الزهار

ينظرون بكل أسى إلى الشمندورة التي خلت تماما من المراكب السياحية.. يعيشون في حالة من الضيق والترقب، بعد أن ضرب الكساد مهنتهم في مقتل..ومراكبهم الصغيرة متراصة في البحر على رصيف الميناء السياحي.. يمنون أنفسهم بقدوم مركب سياحى أو تجارى يرسو فى الميناء أو يربط فى شمندورة القنال، ليتجهوا بلانشاتهم إليه يبيعون كل شىء ويشترون أى شىء على المركب.. هذه هى مهنة تجار البحر «البمبوطية»، في بورسعيد، التي تواجه منذ ثورة 25 يناير، مأساة حقيقية.

و«البمبوطي» كلمة إنجليزية تعني رجل القارب «man boat»، وتحرفت من «مان بوت» إلى «بمبوط»، وقد توارثوها أبا عن جد، منذ إفتتاح القناة عام 1869، وتطلق الكلمة على 8 مهن رئيسية، وهي: «بمبوطية ومساعدي بمبوطية، مخلفات بحرية، سائقو لانشات، مخلفات سفن، تموين سفن، شيب شندريه، مهن بحرية، شيالين»، فضلا عن المهن الأخرى التي قد يحتاج إليها السائحين ومرتادي الميناء والبحر، ومنها حلاقين وخياطين ومصورين، يقدمون خدماتهم مقابل بضائع أو نقود، فضلا عن الرقص علي أنغام السمسمية.

ويتقن البمبوطي عدة لغات، رغم أن أغلبهم لم يحصل على شهادات دراسية، وهؤلاء لا يعرفون شيئا سوى البحر والمراكب والتجارة، الآن يعلوا صوتهم بالصراخ: «إحنا عاوزين نعيش».

بداية التقت بوابة «صوت الأمة»، بعادل عبد العليم، نقيب العاملين بالميناء السياحى، ببورسعيد، ونقيب البمبوطية، للتعرف على حياة البمبوطية، ورصد معاناتهم.

يقول«عبد العليم»، إن البمبوطية يعانون من البطالة منذ ثورة يناير2011، وحتى الوقت الحالى، نظرا لاختفاء السياحة من المحافظة، وعدم وجود عمل لهم داخل الميناء.

ويؤكد «عبد العليم»، أن البمبوطي لديه موهبة فى فن البيع، مشيرا إلى أن هناك 3 طرق للبيع وهى عرض البضائع المتمثلة فى سلع خان الخليلى والبازرات على رصيف الميناء، أو إستخدام اللانشات البحرية للوصول لسلم السفينة ويعتلى سطحها وهو حامل بضائعه فى حقيبة جلدية على ضهره، وأخيرا يعرض بضائعه على سطح السفينة، ليتم البيع مقابل الحصول على العملات الأجنبية أو المقايضة بغيرها من البضائع مع طاقم المركب من مختلف الجنسيات.

ويضيف:«احنا اللى علمنا الناس الموضة»، فالبمبوطى معروف بأناقته وشياكته، لأن معظم ملابسه تكون من الخارج، والعطور الفرنسية وغيرها، ففى الماضى كنا نتباهى بمهنة البمبوطى، لأنهم يتقنون عدة لغات يتعاملون بها مع السياح على الرغم من أن الغالبية منهم لم يحصل على أى شهادة، وكنا بنكسب بالعملة الصعبة، فالبمبوطى باختصار متقن البيع والشراء فوق السفن».

ويقول نجيب عوض رمضان، «بمبوطى»: «احنا بدون شغل..وعددنا 2800 بمبوطى، يعني حوالى 10 ألاف أسرة، وليس لنا أى مصدر رزق آخر..وطلبنا من كل الجهات اللى خطبناها أنهم يشوفولنا أى شغل بس للأسف فى تجاهل تام».

ويضيف:«البمبوطى» شغال تحت ايده مهن تانية زى «شيال، مساعد بمبوطى، البحرى»، والبمبوطى بيشتغل ويشغل كل الناس اللى تحت ايده..احنا كلنا عندنا لانشات واقفة فى الميناء لمدة طويلة من غير شغل..وده كان سبب رئيسى فى أنها تعطل والخشب بتاعها يتآكل فتراكم الطحالب يأكل الخشب..واحنا كبمبوطية مش معانا أى فلوس علشان نصلح اللنشات..احنا معدومين وتحت خط الفقر بمراحل».

ويقول أحمد عبده اسماعيل مناع،«بمبوطى»: «مفيش أى مراكب بتدخل البلد مافيهاش أى سياحة واحنا كبمبوطية بنسافر القنال أو بنشتغل على مراكب أو نبيع بضائع للسياح والأجانب، احنا حالنا واقف، البمبوطى متواجد فى بورسعيد والسويس وإسكندرية، وبمبوطى بورسعيد فقط هما اللى عندهم مشاكل ومفيش أى شغل، واحنا مينفعش نطلب مساعدة من نقابة البمبوطية بالسويس، لأن كل نقابة مختصة بنفسها فقط، الضرر على بورسعيد فقط».

ويقول يحيى ريحان، رئيس جمعية بحرية: «احنا بنخاطب الهيئة أنها توفر مراكب للناس، الميناء فيها 38 رباط شمندورة لربط البواخر، والمراكب دى مبتدخلش لأنها بتقف فى الغاطس، بعرض البحر من جوه، واحنا بنطالب أن المراكب تدخل الميناء عشان نشتغل ونجيب رزقنا ولقمة عيالنا».

ويضيف، «أى مركب لما بتقف فى الغاطس اللى بيجبلها طلباتها كلها وبيقدملها خدمات هو التوكيل بتاعها ومكاتب تموين السفن، سواء التوكيل أو المكاتب هما اللى اخدوا رزقنا، واحنا بنخاطب الرئيس عبد الفتاح السيسى، والفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، عشان يساعدونا فى حل مشاكلنا ونلاقى شغلنا تانى من جديد».

ويؤكد، أن مهنته ورثها أبا عن جد منذ حوالى 30 عام وأكثر، وترخيص مهنة البمبوطية الوحيد الذى يورث للأبناء، ولكن توقف الحال، فنحن ليس لدينا معاش ولا تأمين صحى ولا يوجد ضامن إجتماعى بعد مئات السنين من العمل فى هذه المهنة.

وعن دور المحافظة، يقول «ريحان»، وعدنا المحافظ اللواء عادل الغضبان، بتعيين الشباب العاملين بالميناء السياحى فى شركات الهيئة، وتخصيص معاش وتأمين صحى لمن تجاوز السن القانونى «60 عاما»، وحتى وقتنا الحالى لم يتم تنفيذ هذه الوعود، مستنكرا تجاهل المسؤولين لهذه المهنة، على الرغم من أنها قد تكون سببا فى انتعاش السياحة ودخول كثير من العملات الصعبة، متخوفا من انقراض المهنة، خاصة أن من يعمل بها الآن جميعهم من كبار السن، لأن دخلها الضعيف لا يكفى احتياجات الشباب.


ويضيف:«سنصعد الأمر لكبار المسؤولين»، لافتا إلى أن اللجنة النقابية للعاملين بميناء بورسعيد والميناء السياحى، تقدمت بمذكرة لكل من رئيس الجمهورية، ووزير الداخلية، ومدير أمن بورسعيد، ومدير الادارة العامة لشرطة محور تأمين قناة السويس، ومحافظ بورسعيد، لبحث مشاكل البمبوطية وتعديل لوائح العمل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق