ثورة البواخر السياحية والعوامات على وزير الموارد المائية

الخميس، 02 مارس 2017 06:32 م
ثورة البواخر السياحية والعوامات على وزير الموارد المائية
الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى
أحمد سامي

حالة من القلق سادت داخل المياه الراكدة فوق ظهر النيل بعد أن أصدر وزير الموارد المائية قراره برفع مقابل الانتفاع للعوامات والبواخر النيلية السياحية المملوكة لرجال الأعمال، فقد استيقظ أصحاب العوامات على القرار رقم 895 لسنة 2016 برفع المقابل المحصل من الأملاك العامة للبواخر والعوامات لمنافع مجرى نهر النيل وجسوره وتحصيل مقابل 150 جنيها للمتر المسطح سنويًا بعد أن كان المقابل جنيهًا واحدًا، رغم أن القرار لم يرفع مقابل التحصيل بشكل كبير، خاصة أن البواخر السياحية والعوامات تمثل ثورة تقدر بالملايين إلا أنهم قاموا بمقاضاة الوزير للعمل على إلغاء هذا القرار باعتبار أنه يمثل ضغط مالي عليهم في ظل الظروف الاقتصادية المرتفعة وانخفاض حركة السياحة.

وتقدم ما يزيد على 20 مالكا لعوامات إمبابة والكيت كات بدعاوى قضائية للمطالبة بإلغاء القرار المذكور، ومنهم رجل الأعمال أحمد أنيس، صاحب إحدى المطاعم العائمة الشهيرة «السرايا»، دعوى قضائية أمام مجلس الدولة للطعن على قرار وزير الموارد المائية والري، برفع حق مقابل انتفاع عن أملاك العامة لمنافع مجرى نهر النيل وجسوره وتحصيل مقابل 150 جنيهًا للمتر المسطح سنويًا، واختصمت الدعوى، التي حملت رقم 30091 لسنة 71 ق، وزير الموارد المالية ومحافظ القاهرة، وقال المدعي إن القرار السابق نص على أن مقابل الانتفاع كان مائة قرش سنويًا، الأمر الذي يحمل المنشآت السياحية نفقات طائلة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية تستوجب إلغاء القرار، ومن أشهر البواخر النيلية الموجودة بنيل الزمالك، بلو نيل، والباشا، ونيل مكسيم، النيل سيتي، ونيل كريستال، وسكاربية، وجميعها أعلنت عن تضررها من قرار الوزير.

كما أقام 20 من أصحاب عوامات إمبابة دعاوى قضائية، وقال وائل علي عبدالعال، مالك العوامة 46 بالكيت كات إمبابة، في دعواه التي حملت رقم 30795 لسنة 71 ق، أن الوزير أصدر تعديلات للأسعار مبالغ فيها دون مراعاة للأزمة الاقتصادية فبعد أن كانت المبالغ المقررة 35 جنيهًا فخلال سنتين أصبحت 150 جنيها، وأشار في دعواه إلى أن قرار الوزير لم يفرق بين العوامات السكنية والسياحية المملوكة لرجال الأعمال وتكن قيمتها مرتفعة فهي تقع بنيل الزمالك، أما العوامات السكنية فتوجد على طول نيل إمبابة، وأغلبها متهالك وتحتاج صيانة من قبل الدولة، لكنها تركتها لأصحابها يقومون بذلك، وفي النهاية تطالب بزيادة الرسوم.

وقال مقيم الدعوى، إن أسعار العوامات في الوقت الحالي مرتفعة للغاية فأسعارها تتراوح بين 2 مليون إلى ثلاثة ونصف ملايين جنيه للعوامة، مؤكدًا أن السعر لا يتحدد حسب حالة العوامة أو بنائها وتشطيبها، ولكن حسب رخصة المرسى، مشيرًا إلى العوامات المرخص لها بالرسو على نيل العجوزة أغلى من نظيرتها في إمبابة، لافتًا إلى أن بعض العوامات يتم تأجيرها، لكن لمدة لا تزيد على سنة، مشيرًا إلى أن غالبية المستأجرين أجانب، بسبب قيمة الإيجارات المرتفعة، التي تتراوح بين 2000 و7 آلاف جنيه شهريًا للدور الواحد وذلك بمنطقة الزمالك.

كما أكد في دعواه على أن أسعار العوامات التجارية، التي تقام عليها المطاعم ومسارح المنوعات مرتفعة جدًا، وتتراوح بين 7 إلى 15 مليون جنيه، كما أن رسوم إيجار مراسيها أغلى من العوامات السكنية.

وعن تاريخ العوامات فقد رصدت «صوت الأمة» أسرارها، والتي بدأت في ستينات العهد الماضي فكانت تحمل أسرار حياة الفنانين والمشاهير، وأقيمت فيها سهرات لملوك وبشاوات، وتعد عوامة الراقصة حكمت فهمي، من أشهر العوامات، والتي استخدمتها للتجسس على ضيوف عوامتها الضباط الإنجليز الذين يميلون إلى الثرثرة عن تحركات جيش الحلفاء في مصر أثناء الحرب العالمية الثانية، فنقلتها إلى الألمان لكي تصل إلى قائدهم «روميل» وهو في صحراء العالمين.

ومن أشهر ملاك العوامات من شعراء الفن والأدب هم: فريد الأطرش، نجيب محفوظ، منيرة المهدية، ومحمد الكحلاوي، واستمرت في الوجود إلي أن جاء قرار من وزير الداخلية الأسبق، زكريا محيي الدين، الذي كان يمارس رياضة التجديف في النيل كل جمعة، وكانت العوامات تضيق مجرى النيل فأصدر قرارًا بنقل جميع العوامات من الزمالك والعجوزة إلى منطقة إمبابة وظلت العوامات تندثر حتى لم يتبق منها سوى ثلاث وعشرين، تسع منهم فقط حاصلة علي ترخيص من الوزارة.

وللأسف فقد طالت يد الإهمال هذا التاريخ الذي اندثر في قلب النيل والموجود منهم حاليًا مجرد حطام فنجد أن عوامة المطرب فريد الأطرش، التي كانت تتألف من طابقين على الطراز العربي، واعتبرت المكان المفضل له لمقابلة أصدقائه من الفنانين والفنانات وقد توقع البعض أن تتحول هذه العوامة إلى متحف لكن ورثته لم يهتموا بصيانتها والحفاظ عليها بعد وفاته حتى أنهم امتنعوا عن تسديد الرسوم المطلوبة عليها لأجهزة الدولة فتحولت إلى كهف مهجور مما اضطر شرطة المسطحات المائية إلى سحبها من الماء نهائيًا وتفكيكها وبيعها خردة.

كذلك، العوامة رقم «75» كانت ملكًا للفنان نجيب الريحاني، لكنها غرقت بعد أن رفض الورثة إصلاحها، أما العوامة رقم «66» فكانت تملكها الفنانة منيرة المهدية، وقد اشتهرت هذه العوامة بأنها كانت مقصد كبار المسئولين ورؤساء الحكومات في عهود مضت، وبلغ عشق منيرة المهدية لعوامتها أنها باعت فيلتها بمنطقة مصر الجديدة بمبلغ ستة آلاف جنيه وسيارتها وجاءت لتعيش في العوامة لكنها تركت الماء وعادت إلى البر مرة أخرى بعد أن غرقت عوامة جيرانها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق