بعد إهداء تكريمه للجيش المصري.. الساحر لم يمت
السبت، 18 مارس 2017 05:56 م
حب الوطن لا يدانيه أو يطاوله أي حب.. ومن أحب الوطن وتفانى في العطاء خلُد اسمه في ذاكرة الوطن والناس.
وهذا ما كان عليه الفنان الراحل القدير محمود عبد العزيز الذي حملت الدورة السادسة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية اسمه، وفي لفتة انتماء لمصر وبعد تسلمه درع تكريم المهرجان لاسم والده أهدى الفنان والمنتج محمد محمود عبد العزيز درع التكريم للجيش ولمصر متأسيا ً بوالده الذي زرع فيه هو وشقيقه كريم حب الجيش والوطن.
هكذا كان الساحر طوال مشواره الفني محباً لبلده ملتزماً فى فنه عاشقاً لمصر مهما كانت الظروف ويشهد له الجميع بوطنيته التي ظهرت من خلال أعماله سواء السينمائية منها مثل «إعدام ميت» أو الدرامية وفي مقدمتها رأفت الهجان ومحمود المصري.
ما فعله محمد محمود عبد العزيز منذ أيام فى افتتاح مهرجان الأقصر ذكرني بأحد مواقف الفنان محمود عبد العزيز المعبرة عن وطنيته وحبه الكبير لمصر.. ففي عام 2014 وعندما ذهب إلى أحد المهرجانات الدولية في المغرب لتكريمه على مجمل أعماله، حيث كنت معه منذ وصوله الى المغرب، وكانت المرة الأولى التي اقترب منه وأتعامل معه مباشرة لعدة أيام طوال فترة تواجده في المهرجان، التي استمرت خمسة أيام وكان معه صديق عمره رزق شحاته الذي يعيش في باريس وصديق آخر سوري وطوال الرحله كان الساحر يتحدث عن حبه لمصر وعشقه لها وتفضيله لمصر عن غيرها من بلاد العالم.. وأنه لم يكن يرتاح إلا في بلده.
يومها طلب منا أن نلازمه طوال الرحله لكي يشعر إنه فى مصر بوجودنا حوله.. إلى أن جاء حفل الافتتاح وذهبنا معا لحضور الفعاليات في سيارة واحدة، واستقبله المغاربة استقبال مهيب لم أر مثله مع أى فنان آخر مصري أم عربي رغم أننى شاركت في تغطية هذا المهرجان أكثر من مرة ولم أجد هذا الاحتفاء لأي فنان مثلما تم مع الراحل محمود عبد العزيز.. وبعد جلوسه مع الشخصيات الهامة في الصف الأول أشار لي فذهبت إليه.
سألني: أين علم مصر؟ لماذا لم يُرفع العلم وسط الأعلام المرفوعة للدول المشاركة في المهرجان؟ واستفسر عن وجود الوفد المصري ومشاركة مصر في المهرجان بأعمال، فأخبرته أن هناك فيلم مصري في المسابقة فتوتر وطلب مني أن ننسحب فوراً هو وأنا والوفد المصري لعدم التقدير ورفع علم مصر.
وأخبرته أننى سأتحدث مع المسئولين عن المهرجان عن سبب غياب العلم المصرى ولماذا لم يتم رفعه، وذهبت لرئيس المهرجان الذى قال لي أن ما حدث خطأ غير مقصود وأن انسحاب الساحر سيوتر الأجواء خاصة فى ظل وجود مسئولين من الحكومة المغربية، ثم جاء لى صديقه رزق شحاته وأخبرنى بأهمية انسحاب المصريين جميعا لعدم تقدير المغاربه لنا فأخبرته بما قاله لي رئيس المهرجان وقلت له يجب إن نعالج الموقف بشكل أفضل واقترح على أن يتم عزف السلام الوطني المصري قبل تكريم الساحر حتى يرضى بالتكريم ويصعد الى المسرح وتنتهي أجواء التوتر التي وصلت لجميع العاملين في المهرجان والقيادات وبالفعل اقنعه صديقه بالموافقة على عزف النشيد الوطني، واشترط أن يتم ذلك وإلا سيذهب إلى الفندق ويأخذ حقائبه ويعود إلى مصر.
ورضخت إدارة المهرجان لطلبه وعزفت الفرقة الموسيقية المشاركة في العرض السلام الوطني المصري وغنى معهم الحضور جميعا وظل المغاربة والمصريون يهتفون «تحيا مصر»،هذا الموقف أكد لي أنه بالفعل يحب مصر، فقد أثبت ما فعله للجميع أن مصر أم الدنيا ويومها أهدى الساحر التكريم لمصر وجيشها، ولهذا ليس غريباً علينا ما فعله نجله منذ أيام بعد تكريم اسم والده فقد رباهم على حب مصر شعبها وجيشها.
ولهذا عندما قامت المخابرات المصرية بنشر نعياً كبيراً للفنان الراحل فى جريدة الأهرام لم استغرب نهائياً لأنني لمست وطنية الساحر بنفسي، فقد كانت مصر هي أهم شيء في حياته.