«الفضائيات الموجهة».. سلاح مخابراتي جديد في محاولة تركيع مصر

الخميس، 23 مارس 2017 03:03 م
«الفضائيات الموجهة».. سلاح مخابراتي جديد في محاولة تركيع مصر
إعلام - أرشيفية
تحقيق- هناء قنديل

يعد الإعلام أحد الأسلحة القوية في يد الخصوم، يدافع به كل منهم عن نفسه، ويهاجم الآخر، ورغم إدارك الدول لأهمية الإعلام، منذ الحرب العالمية الثانية، حين أطلق وزير إعلام النازي قولته الشهيرة «أعطني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي»، فإن قدرة الدول على الاستفادة من ميزة الإعلام بقيت متفاوتة، ومرتبطة بشكل أساسي بعدد من العوامل، أهمها المال، والخبرة.
 
وخلال السنوات العشرين الماضية، تطورت الآلة الإعلامية بشكل هائل، حتى صارت الوسيلة الأولى، للتأثير على العقول، مستخدمة التقنيات الحديثة، وفي تنفيذ عمليات ممنجهة من الكذب، والتضليل؛ لتحقيق أهداف محددة.
 
وتعد مصر واحدة من الدول التي لم تنجح حتى الآن، في إيجاد الصيغة المناسبة، للاستفادة من الإعلام، سواء في مواجهة الدعاية المغرضة، التي تقودها مخابرات دول معادية، تريد ضرب المجتمع المصري، وإسقاط دولته، وتفكيك جيشه، أو في بث المواد الإعلامية التي تكشف حقيقة الأوضاع على الأرض، وتفضح زيف ما يوجه إلى مصر من سهام قاتلة؛ بغرض تركيعها.
 
وخلال السنوات السبع الماضية، وتحديدا منذ اندلاع ثورة 25 يناير، يمارس الإعلام الأجنبي، عبر قنواته الناطقة باللغة العربية، أو الإعلام العربي الممول من جهات مشبوهة، دورا خطير في سبيل تأجيج الصراع، ونشر الفتنة بين عناصر الأمة المصرية.
 
وزاد هذا الهجوم الممنهج، وكشفت بعض الدول عن وجهها القبيح، ووقوفها الصريح خلف بعض الفضائيات التي تهاجم مصر، وتحيك ضدها الأكاذيب يوميا، منذ ثورة 30 يونيو، حتى أن تركيا، وقطر، يؤيان المطلوبين أمنيا في مصر، ويمولان حملات إعلامية ضخمة تهدف لإسقاط النظام، وإثارة الفتنة.
 
أشهر القنوات
وتقف القنوات الممولة من قطر، وتركيا، ويديرها مصريون، على خط المواجهة، إذ إنها تعد الأكثر هجوما على مصر منذ الثورة، وليس هناك في ذلك سوى استثناء واحد، خاص بقناة الجزيرة، وهو أن من يديرها ليسوا مصريين، وإن كانت تعتمد غالبا على كوادر مصرية من مذيعين، وفنيين، وغيرهم، وتضم قائمة هذه القنوات «رابعة، الشرق، مصر الآن، أحرار 25، الشرعية، ومكملين»، ورغم إغلاق عدد من هذه القنوات، لضعف الأداء، إلا أنها لعبت دورا بارزا في الهجوم على مصر، لا سيما منذ إلغاء قناة الجزيرة مباشر مصر.  
 
الفضائيات الأجنبية
الدراسات العلمية المتاحة في هذا الشأن تشير إلى أن الفضائيات، الأجنبية، وبخاصة الناطقة بالعربية منها- مثل دويتشه فيله - تمتلك، بشكل عام، تأثيرا كبيرا على النُخب، والإعلاميين، والشباب، إذ إن 72 % من الإعلاميين، المصريين، يشاهدون تلك القنوات، ويثقون في مصداقيتها، بينما تشاهد نسبة مماثلة من الشباب القنوات ذاتها، وتتأثر بها أيضا. 
 
القوة الناعمة
تقول الدكتورة هويدا مصطفى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن تلك الفضائيات تعد إحدى الأدوات السياسية، كقوة ناعمة للدول التي أطلقتها، مثل: الإذاعات الموجهة التي كان لها صدى واسعا في الوطن العربي، إذ كان المواطنون يلجأون إليها لمعرفة أخبار بلادهم، في ظل التغطية المحدودة من قبل الإعلام المحلي.
 
وأضافت لـ«صوت الأمة»، أن انتشار الفضائيات، متعددة الاتجاهات والتوجهات، قلل من تأثير الفضائيات الأجنبية، على الشباب، والنخب، والرأي العام الشعبي، لا سيما بعدما انكشفت أبعاد مؤامرة بعض هذه القنوات، ووقوف أجهزة مخابرات معادية.
 
وتؤكد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الثورات العربية، كانت عاملا هاما؛ في زيادة وعي الجماهير، بأهداف تلك الفضائيات، وبعدم حيادها وانصرافهم عنها، لكن يبقي لتلك القنوات تأثير لدى النخب التي تحرص على متابعتها وفق رؤية تحليلية ونقدية، بحسب رأيها.
 
تطور التقنيات
بدوره أكد الدكتور حسن عماد مكاوي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الجماهير العربية لم تعد تلجأ للفضائيات المشبوهة، سوى في أوقات الأزمات، والاضطرابات، والحروب؛ من أجل الاطلاع على مختلف وجهات النظر.
 
ولفت في تصريح لـ«صوت الأمة»، إلى أن مئات القنوات العربية المتنوعة، نجحت في ملء الفراغ الذي كان الإعلام الموجه يشغله، إذ إن الجمهور بطبيعة الحال، يتابع مضمون الوسيلة الإعلامية التي تتفق مع توجهاته، واهتماماته، كما أن تطور تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أتاحت لجميع الجماهير إمكانية الحصول على أية معلومة. 
 
وأشار مكاوي إلى إيجابية في الفضائيات الأجنبية تتمثل في تقديمها برامج جادة ومفيدة بعيدة عن الغيبيات التي تمتلئ بها الفضائيات العربية.
 
استعمار إعلامي
من جانبه وصف الدكتور محمود يوسف، أستاذ العلاقات العامة بجامعة القاهرة، الفضائيات الموجهة بأنها تمثل "استعمارا إعلاميا"، يمارس دعاية دولية ذكية، وتتبع أساليب وتكتيكات يصعب على غير المتخصص في الإعلام أن يستوعبها. 
 
ويشير أستاذ العلاقات العامة أن تلك الفضائيات تحقق أهدافها التي انطلقت من أجلها، بدليل استمرارها والتوسع فيها، لافتا إلى أن الغرب يملك عقلية نفعية، ولا يمكن أن يطلق تلك الفضائيات بميزانيات ضخمة، ويستمر في ذلك دون تحقيق أهداف تخدم مصالحه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة